واصلت حملة المرشح الإسلامي للرئاسة المصرية محمد مرسي أمس تبشيرها بفوزه بالرئاسة، فيما بدأت التحليلات والنقاشات تدور حول مدى تأثير صعود الإخوان إلى سدة الحكم في مصر على وجهة السياسة العامة المصرية، خصوصا الخارجية منها، والتي انبنت طيلة عقود على توازنات وتحالفات يصعب فكّها دون التضحية بمصالح حيوية للبلد.
وتبدو كيانات إقليمية آملة في الاستفادة مما تراه انقلابا في السياسة المصرية، ويراه الآخرون تغييرا محدودا طوقته من جهة إجراءات المجلس العسكري التي حدت من سلطات الرئيس وحلت البرلمان الذي يمتلك فيه حزبه الأغلبية، وتطوّقه من جهة ثانية ضغوط الولايات المتحدة وحلفاؤها في المنطقة.
ومن القوى الإقليمية الآملة في تغيير حقيقي بمصر، إيران التي توقّعت على لسان رئیس لجنة الأمن القومي والسیاسة الخارجیة فی مجلس الشورى علاء الدین بروجردي تحسن علاقاتها مع مصر في حال فوز مرشح الإخوان المسلمين محمد مرسي في انتخابات الرئاسة المصرية.
ونُقلت عن بروجردي إشارته إلى "المواقف الایجابیة لمرسی تجاه إيران".
ويتوقع أن تسعى طهران لربط صلات بالإسلاميين في مصر تستنسخها عن علاقاتها المتينة ببعض الفصائل الفلسطينية.
أما عربيا فبينما تؤثر السعودية التكتم واثقة من قدرتها على التأثير في وجهة السياسة المصرية خصوصا عن طريق الورقة الاقتصادية، تبدو قطر على وهمها المتعاظم بدور مؤثر في مصر عبر ورقة الإخوان المسلمين ودعمها السياسي والإعلامي لهم وإيوائها "مفكرهم" يوسف القرضاوي الذي تبنّى المرشح محمد مرسي وبدا مستعدا للعب دور "المرشد" الأعلى لحكم الإخوان في مصر.
ومن أيام الانتفاضة على مبارك حرص القرضاوي على الانغماس في السياسة المصرية مظهرا الدعم لثوار ميدان التحرير.
وعاد أمس معلقا على ما يجري بمصر، معتبرا في تصريح لوكالة الأنباء الألمانية أن تقدم مرسي على منافسه في جولة الإعادة الفريق أحمد شفيق آخر رئيس للوزراء في عهد الرئيس السابق حسني مبارك كان متوقعا، وأوضح :"في الإعادة كان هناك مرشحان: أحدهما يمثل الثورة والآخر من أعدائها، ولذا كان طبيعيا أن يقف الناس إلى جوار ممثل الثورة.. لا أن يأتي الناس القدامى مجددا ليحكموا مصر مرة أخرى .. لن نقاتلهم ولكن عليهم أن يتركوا البلد تنهض".
وبشأن تطويق الشريعة في مصر، قال القرضاوي: الشريعة لا تخيف إذا أحسن فهمها ورجعنا إلى أصولها ومقاصدها ولم نقف عند حرفية النص كما يقف كثير من الناس".
واعتبر القرضاوي أن على المجلس العسكري ورئيسه الذي كان ينحني أمام مبارك أن يعي أن البلد تغيرت ومن لا يدرك التغيير يكون إما جاهلا أو غبيا".
وتابع :"لم أقرأ الإعلان الدستوري المكمل الذي أصدره المجلس العسكري قبل يومين جيدا، وإن كنت أرى أنهم يسعون للتضييق على الرئيس القادم".
ورأى أن حل مجلس الشعب بناء على حكم المحكمة الدستورية العليا "غير موفق تماما"، وأرجع ذلك إلى أن "المجلس جاء بانتخابات نزيهة شهد لها العالم كله.. وإذا كانت المشكلة متعلقة بالحزبيين الذين فازوا بمقاعد من حق المستقلين فلنعد الانتخاب على تلك المقاعد فقط. ولكن من الظلم إعادة انتخاب المجلس كله، فمصر أنفقت أكثر من ملياري جنيه على الانتخابات الماضية، كما أنفقت جهودا وطاقات أجهدت الشعب.. وأرى أن المحكمة الدستورية مدينة بالولاء لمبارك الذي عين أعضاءها، ومن حق الفقهاء الدستوريين أن يناقشوها".
ويبدو كلام القرضاوي الذي لطالما عرض نفسه عالما بشؤون الدين مغرقا في السياسة، ما يوحي بإقبال مصر على دورة جديدة من تاريخها يختلط فيها الدين بالسياسة وتكون فيها للفقيه يدا عليا على السياسي لتكون مصر بذلك المكافئ السني الجديد لولاية الفقيه الشيعية في إيران. <!--EndFragment-->
نشرت فى 20 يونيو 2012
بواسطة mhmadshoo
عدد زيارات الموقع
272,037
ساحة النقاش