الصديق بودوارة*
"1"
هذه الصورة للهرج والمرج الذي حدث داخل قاعة المحكمة في مصر عندما أعلن القاضي حكمه بخصوص "حسني مبارك وأبنائه وبقية مسؤوليه.. وهي صورة تفرض علينا الآن هذا السؤال، وهو سؤال كبير.. ليس بحجم وطن واحد.. بل بحجم أوطان ثلاثة، ووطن رابع ينتظر.
"2"
سؤال كبير.. يتجول الآن في دول الربيع العربي باحثاً بلا هوادةٍ عن جواب.
"3"
سؤال كبير يقول وبالحرف الواحد: إذا كانت ثورات الربيع العربي قد أطاحت بالحكام الطغاة المتفردين بالسلطة المهيمنين على كل شيء، المتربعين على كراسيهم بلا حساب للزمن ولا اعتبار له أيضاً، إذا كانت هذه الثورات قد أطاحت بهؤلاء، وما كان يمكن لها أن تفعل دون أن تهدم نظرية "الطاعة" لهم.. فهل يمكن لنا أن نتساءل الآن: ألا يجب أن يتوقف هدم أركان هذه النظرية بعد أن نجحت الثورات؟!
"4"
نعم.. ما أسقط حكام الربيع العربي هو أن فكرة "الطاعة" قد تهاوت وسقطت عند أقدام الثائرين، وإذا كانت "الطاعة" قد أصبحت غير واجبة للحاكم المستبد، فهل هذا يعني أنها لم تعد واجبةً أيضاً للدولة وللقانون؟
"5"
هذا هو محور القضية، فالذي يرصد ما يجري من أحداث في مصر وتونس وليبيا، يكتشف أن الطاعة للمسؤول أصبحت سبة وعاراً لا يجوز إلا التنصل منه، والطاعة للقانون أصبحت ترفاً لا حاجة للثوار به، حتى أن الطاعة لنتائج الانتخابات أصبحت بدعة لا يؤمن بها إلا مواطن ذليل من بقايا عهود الاستبداد الطويلة.
"6"
هنا بالذات يقع الخلط.. وعند هذا المفترق الخطير يتربص أعداء هذه الثورات، فهل يجوز لنا الآن أن نقرع ناقوس الخطر؟
"7"
إذا كانت "الطاعة" غير واجبة للحاكم الطاغية، فإنها واجبة للدولة كي لا يعود الطغيان من جديد، ثمة طاعة ينبغي أن تسود، طاعة القانون يجب أن تسود، وطاعة الضبط والربط يجب أن تسود، وطاعة الانضباط والالتزام يجب أن تسود، تماماً كما ينبغي أن تسود هيبة المسؤول، لأنها لازمة ليؤدي هذا المسؤول دوره، فلا دولة بلا طاعة، ولا نظام بلا طاعة، ولا أمن ولا أمان دون طاعة. اللهم بلغت.. اللهم فاشهد!!.
_______
* كاتب ليبي <!--EndFragment-->
نشرت فى 20 يونيو 2012
بواسطة mhmadshoo
عدد زيارات الموقع
271,920
ساحة النقاش