محمد شو

العالم بين يديك

الدكتور سيد علي، أخصائي التغذية والعلاج البديل، يقول: “تزايد الاهتمام بالسمنة لما ينتج عنها من أعراض وأمراض مختلفة، كالصعوبة في النوم وصدور أصوات أثناء النوم “الشخير” وارتفاع ضغط الدم وتصلب الشرايين والجلطات القلبية والدماغية ومرض السكر وزيادة نسبة الإصابة بالسرطان والنقرس وهشاشة العظام وتآكل الغضاريف وتكيسات المبيض وأمراض الجهاز الهضمي والتعب المزمن والأنيميا. وأظهرت الكثير من الأبحاث أن السمنة شائعة أكثر بين أطفال المدن الكبرى، حيث تقل ممارستهم للتمرينات الرياضية، بسبب ندرة الأماكن الآمنة الصالحة لممارسة هذه الألعاب. كما أنها شائعة بين الأسر ذات المستويات المتدنية من التعليم. والسمنة أكثر انتشاراً بين الأسر الصغيرة وبين أسر الأمهات العاملات».

تقاليد وثقافة

يضيف الدكتور علي: «بالرغم من كل ذلك هناك بعض التقاليد القبلية في موريتانيا تقضي بأن لا تتزوج المرأة إلا إذا كانت سمينة جدا. ربما تعتبر هذه التقاليد قديمة نوعا ما ولكنها ما زالت قائمة عند الموريتانيات هذه الأيام. وما تزال تدفع هذه التقاليد بعض الأسر لإرسال بناتها إلى معسكرات التسمين القسري منذ ربيع عمرهن. فالسمنة شرط أساسي من شروط التأهيل للزواج، بمعنى أن الفتاة إن لم تكن على هذه الحالة فإنها تكون ناقصة وغير مكتملة. فهذه الأمور تجعل الأسرة حريصة تمام الحرص على تحقيق ذلك الشرط، حتى تكون ابنتهم مرشحة أو مؤهلة للزواج.

وتعتبر النحافة هاجساً يؤرق حياة اغلب السيدات وخصوصا الصغيرات من الجيل الجديد. ازداد انتشار هذه المشكلة مع ازدياد نحافة المذيعات وعارضات الأزياء على شاشات الفضائيات، مما خلق لديهن حب التشبه بهن. وقد أصبح الجمال مقترناً بالرشاقة، فنجد النساء يتسابقن على تخفيف أوزانهن، واتباع أنواع حميات خاصة، وقد تلجأ بعضهن إلى إجراء عمليات جراحية كحزام المعدة أو عمليات التجميل للتخلص من الدهون الزائدة. وطرق كل الأبواب سعيا وراء إنقاص الوزن بات أمرا واسع الانتشار، فنحن نشهد في الآونة الأخيرة تسارعا غير مسبوق في ابتداع الطرق والوسائل التي تلعب على أوتار حلم الرشاقة، فبدءا من الأدوية والأعشاب، ومرورا بالأجهزة الرياضية وانتهاء بمراكز التنحيف الخاصة. فعلى سبيل المثال أشارت مجلة “أستراليا” الطبية الى أن الاستراليات ينفقن ما يصل إلى 414 مليون دولار أسترالي سنويا لإنقاص أوزانهن. ومن جهة أخرى تصل تكلفة مقاومة البريطانيات لمشكلة السمنة إلى 3 مليارات دولار سنويا».
عادات خاطئة

السمنة مرض مزمن لن نتخلص منه إلا بتغيير العادات الغذائية الخاطئة وإدارة نظام صحي، كتثبيت مواعيد تناول الطعام ونوعياته وتغيير طرق الطهي واكتساب عادات سليمة خلاف تلك المتوارثة منذ أجيال بعيدة. ولن يتم ذلك إلا من خلال طبيب مختص ومعتمد في مجال التغذية، يستطيع أن يقيم الحالة الصحية لكل بدين ويحدد السبب العلمي وراء زيادة وزنه وسبب مقاومة جسمه للعلاج، مع عمل فحوص ضرورية كتحليل محتويات الجسم للكشف عن وزن الدهون والعضلات والسوائل وعمل تحليل للدم لمعرفة مستوى السكر والكوليسترول والغدة الدرقية والكورتيزون وكذلك تحليل الميتابوليزم للتعرف على التمثيل الغذائي. ويجب الأخذ بعين الاعتبار الجوانب الفسيولوجية والاجتماعية والنفسية المرتبطة بالسمنة، مع الاهتمام بتزويد الشخص المصاب بالسمنة بمعلومات حول ممارسة النشاط البدني بما يتناسب مع حالته الصحية وعاداته وتقاليده.

لماذا الخجل؟

يكمل الدكتور علي: «السمنة من الحالات التي تعرف بصعوبة علاجها، لعلاقتها المباشرة بحياة الإنسان اليومية، ويعتبر الطب عاجزاً عن إيجاد علاج متكامل لها حتى الآن. ومن أّم أسباب هذا العجز إلقاء اللوم بشكل كامل على المصاب بالسمنة واتهامه بأنه لا يلتزم بالحمية دون أن نتذكر أن التنازل عن الطعام وكبح شهوة الأكل ليست مسألة هينة أو سهلة، وإنما ترتبط ارتباطاً وثيقاً بأجهزة الجسم المختلفة واحتياجاتها.

كثيرون يخجلون من التعبير عن شكواهم في أن السمنة تتسبب بصورة سلبية على القدرة الجنسية لطرفي العلاقة الزوجية بشكل مباشر، خصوصاً إذا كان كلاهما يعاني منها. وغالباً ما تسبب العزوف عن هذه الممارسة الطبيعية، مما يؤدي في النهاية إلى أضرار نفسية بالغة.

كثير هي الدراسات والأبحاث الطبية والغذائية تؤكد أن هناك علاقة مباشرة بين السمنة ونقص الكفاءة الجنسية، فكلما زادت السمنة كلما ترسبت الدهنيات في أنسجة الجسم، ومن ثم فإن الدهون الناتجة عن الإصابة بالسمنة تحول هورمون الذكورة “ التستوستيرون” لدى الرجل إلى بعض هرمونات الأنوثة “الإستروجين”، وبالتالي تسبب تزايد هرمون الأنوثة في دم الرجل مما يقلل من رغبته وكفاءته الجنسية!.

هناك بروتين معين يحمل هورمون الذكورة من الدم، وجزء آخر من هذا الهورمون يتمتع بحرية السريان بالدم، وهذا الجزء الحر هو الذي يعمل، فإذا ما أصيب الرجل بالسمنة تتزايد كمية البروتين ويقل الهورمون الحر في الدم، وبالتالي فإن نسبة هورمون الذكورة الحر الذي يقوم بالدور الرئيسي في تنشيط وتحفيز الرغبة الجنسية والقدرة على الأداء الطبيعي، يقل وتزداد نسبة هورمون الأنوثة، وتكون النتيجة الفتور وعدم الرغبة والتباعد والمشاكل.

اختلال هرموني

من جانب آخر، تؤكد هذه المسلمات الطبية أن هناك علاقة غير مباشرة بين الإصابة بالسمنة، واضطراب الدورة الدموية، والقصور الجنسي لدى الرجال، حيث تحدث لديهم اضطرابات في بعض هرمونات الجسم، ويؤدي ذلك إلى عدم استجابة أجسامهم لهرمون الأنسولين الذي يفرزه الجسم، وهنا يكون لديهم استعداد أكثر للإصابة بمرض السكر، ولا يصبح للأنسولين داخل أجسامهم أي دور على مستوى الخلايا، ويبدأ الجسم في التعامل مع الأنسولين الذي يفرزه على أن صاحبه مريض بالسكر نتيجة لمعاناته من رفض مستقبلات الأنسولين للخلايا داخل الجسم، وهذا ما يفسر لنا ازدياد نسبة مرضى السكر بين من يعانون من مرض السمنة، ويصل الأمر في النهاية إلى أن جسم البدين يكون أقل استجابة للعلاج الدوائي من مرض السكر، فضلاً عن وجود علاقة مباشرة بين السكر والأعصاب والأوعية الدموية الطرفية، وبنسبة الهرمونات في الدم، ونتيجة لأن أوعية العضو الذكرى تعتبر من أدق الأوعية الطرفية الدموية بجسم الإنسان فإن ارتفاع نسبة الكوليسترول بالدم قد يصيبها بالانسداد، نتيجة نقص الدم الواصل إليها بدرجة كافية، مما يسبب نقص أو عدم القدرة الجنسية،.

كما أن معظم أدوية السكر وضغط الدم وأدوية تقليل الوزن لا تخلو من الآثار الجانبية المباشرة، ومن ثم نجد أن مرضى السمنة هم أكثر عرضة للإصابة بالاكتئاب ويلجأون لتعاطى أدوية للخروج من هذه الحالة النفسية، مما يزيد “الطين بلة”!

  • Currently 0/5 Stars.
  • 1 2 3 4 5
0 تصويتات / 117 مشاهدة
نشرت فى 20 يونيو 2012 بواسطة mhmadshoo

ساحة النقاش

عدد زيارات الموقع

271,986