عضو المكتب السياسي لحركة حماس صلاح البردويل <!--EndFragment-->
يجادل معارضون لحركة المقاومة الإسلامية "حماس" في غزة بتراجع مستوى المشاركة الشعبية في فعاليات الحركة الجماهيرية كدليل على انخفاض شعبيتها بعد خمسة أعوام من حكمها المنفرد للقطاع.
ويقول هؤلاء إن حماس لم تعد معنية كما في السابق بالدعوة لفعاليات جماهيرية في عديد المناسبات خشية ملاحظة الانخفاض في الاستجابة الشعبية لها تأثرا بتداعيات الأزمات المتتالية التي يعانيها سكان القطاع تحت حكم الحركة الإسلامية منذ منتصف يونيو عام 2007.
وتمر هذه الأيام الذكرى السنوية الخامسة لسيطرة حركة حماس بالقوة على الأوضاع في قطاع غزة بعد جولات من الاقتتال الداخلي مع القوات الموالية للسلطة الفلسطينية بزعامة حركة التحرير الوطني الفلسطيني "فتح".
وجاءت سيطرة حماس على قطاع غزة وخضوعه لحكمها المنفرد بعد عام ونصف من تحقيقها فوزا كاسحا في انتخابات المجلس التشريعي.
وبينما مازالت جهود تحقيق المصالحة وإجراء انتخابات جديدة أمرا متعثرا بسبب خلافات حركة التحرير الوطني الفلسطيني "فتح" وحماس المستمرة، فإن معارضي الأخيرة يجادلون بأن وضع الحركة شعبيا لم يعد كما في السابق.
وقال قيادي في فصيل ذو شعبية في غزة طلب عدم ذكر اسمه "نلاحظ باهتمام كيف أن حماس باتت تطلب منا تنظيم تظاهرات مشتركة في أي مناسبة تحصل، برأينا أنها تخشى من عزوف الجماهير عنها كما لم يحصل في أي وقت سابق".
بدوره، قال عضو اللجنة المركزية للجبهة الشعبية اليسارية لتحرير فلسطين جميل مزهر، إن التراجع في شعبية حماس بات أمرا ملاحظا في غزة بالنظر إلى ما انتهجته من سياسات "قامت أساسا على التفرد والقمع".
وأضاف إن "حالة الفقر والبطالة وانسداد الأفق أمام آلاف الخريجين إلى جانب التفرد واحتكار السلطة وإقصاء الآخرين بهذه الطريقة من قبل حركة حماس أسباب توضح طبيعة التراجع الحاصل في شعبيها".
وتخلل حكم حماس في غزة تطورات دامية يقول مراقبون وناشطون في منظمات أهلية، إن سكان القطاع هم من دفعوا ثمنها الباهظ، بداية من الحصار المشدد الذي فرضته إسرائيل على قطاع غزة ردا على حكم حماس، مرورا بعملية "الرصاص المصبوب" العسكرية نهاية العام 2008 وبداية العام 2009 التي خلفت 1400 قتيل فلسطيني، وصولا إلى أزمات نقص الخدمات الأساسية المتكررة، كلها أحداث أثقلت كاهل سكان غزة.
وقال الأكاديمي في الجامعة الإسلامية في غزة وليد المدلل إن "حماس ربما تواجه تراجعا في شعبيتها بفعل هذه الأزمات ومسؤوليتها الإدارية عن حلها، لكنها مازالت حركة منظمة وتحظى بالتفاف جماهيري يمكنها من المنافسة في أي انتخابات".
ويرى المدلل أن تقييم تجربة حماس في غزة قد يفتقد للمواصفات الموضوعية الكاملة عند النظر إلى معضلات الحصار والحرب والمقاطعة الدولية التي واجهتها الحركة. ويقر مسؤولون في حماس تراجع شعبية الحركة لكنهم يقولون إنه انخفاض طفيف.
ويرى عضو المكتب السياسي للحركة صلاح البردويل أن حركته مازالت الفصيل الأول شعبيا على الرغم من تراجع شعبيتها بفعل "ما واجهته من مؤامرات قاسية ومستمرة".
ويقول البردويل إن حركته تمكنت سريعا من إحلال الأمن والاستقرار في كافة أرجاء قطاع غزة، وقدمت نموذجا في الاعتماد على الذات من خلال مشاريع اقتصادية واعدة لا تقوم على المساعدات الخارجية و"الابتزاز" السياسي.
وأضاف القيادي في حركة حماس، أن "استمرارها في نهج المقاومة يلقى دعما واسعا من الفلسطينيين في غزة وخارجها فنحن نرفع برنامج بطولي لأول مرة جوهره يد تبني وأخرى تقاوم".
ورغم أن حماس تخلت منذ سنوات عن شن هجمات داخل إسرائيل كما أوقفت عمليا إطلاق القذائف الصاروخية من غزة على جنوب إسرائيل، فإن البردويل قال، إنه "لا يجب نسيان أن عمليات المقاومة مستمرة وهي تنطلق من غزة التي تحكمها حماس".
ويعد الملف الأمني أبرز حجج حماس في الدفع بنجاح تجربتها.
واحتفلت الحكومة المقالة التي تديرها الحركة نهاية الأسبوع الماضي بتخريج 184 ضابطا من أكاديميتها الأمنية.
وخطب رئيس الحكومة المقالة والقيادي البارز في حماس إسماعيل هنية خلال حفل التخريج الذي تضمن عروضا عسكرية قائلا " لن نسمح بعودة الفلتان الأمني بعد اليوم حتى ولو كان على رقابنا".
لكن المحلل السياسي من غزة طلال عوكل اعتبر أن كل ما تحقق منذ بدء الانقسام الداخلي خلال الخمسة أعوام الماضية "ادعاءات فاشلة بالنجاح".
وتساءل عوكل "ماذا يفيد الأمن والناس تحت احتلال ويعانون الحصار الذي جعلهم لا يجدون حياة كريمة؟".
وتابع "حكم الناس على القوى السياسية مرتبط بإنجازاتها على مستوى المشروع الوطني، وهنا واضح للجميع أن الانقسام وحكم حماس المنفرد في غزة أضر هذا المشروع بشدة، وما تحقق مجرد إنجازات ثانوية لا تهم أحدا".
بموازاة ذلك يوجه خصوم حماس انتقادات لها على صعيد حماية الحريات العامة، وهم يعتبرون أن الحركة تدفع تكاليف غامضة من شعبيتها لتنفيذ سياسات لا تحظى بشعبية في قطاع غزة، ويعتبرون أن نظامها الحاكم مجرد تماما من أي آليات للمساءلة.
وقال الكاتب والمحلل السياسي من رام الله في الضفة الغربية خليل شاهين، إن الأزمات المتواصلة في غزة أدت إلى نشوء ضغوط اقتصادية قاسية تزامنت مع ضيق حاد في الحريات العامة مع تراجع حالة حقوق المواطن بسبب طبيعة الإيديولوجية المحافظة التي تفرضها حماس.
واعتبر شاهين أن حماس حرصت فقط على تعزيز مكانتها في الحكم من خلال الاستئثار بمقاليد القرار في القطاع "الأمر الذي يضعف من شعبيتها لدى عامة الشعب الذين يتهمونها بالتسبب في أزماتهم والعمل على ضمان استمرار حكمها فقط".
وحتى الآن لا توجد مؤشرات بشأن مصير الحكم المنفرد لحركة حماس في غزة مع استمرار تعثر جهود تطبيق المصالحة الفلسطينية لإنهاء الانقسام الداخلي الذي فصل القطاع عن الضفة الغربية حيث يؤمل إقامة الدولة الفلسطينية العتيدة عليهما.
وبدأت حماس وفتح أخيرا مشاورات لتشكيل حكومة توافق بينهما برئاسة الرئيس الفلسطيني محمود عباس، غير أن هذه العملية تسير بوتيرة بطيئة فيما لا يزال موعد إجراء انتخابات عامة جديدة مجهولا بسبب خلافات الحركة من جهة وموقف إسرائيل من انتخابات فلسطينية في شرقي القدس من جهة أخرى.
ويخشى على نطاق واسع في الأوساط الفلسطينية أن تمثل النقطة الأخيرة ذريعة لإبقاء الانقسام الداخلي مستمرا إلى ما لا نهاية بحجة عدم إمكانية إجراء انتخابات من دون القدس التي بطالب الفلسطينيون بها عاصمة لدولتهم العتيدة.
وألقى شاهين وعوكل الكثير من الشكوك إزاء مستقبل المصالحة.
وقال عوكل "إن حماس تراهن على تطورات الأوضاع في دول الربيع العربي وتأمل بدعم عربي واسع لها انطلاقا من حكمها لغزة، كما أن جماعات المصالح التي تكونت نتيجة الحكم المنفرد في القطاع ستبقى تضغط لاستمرار الوضع الراهن دون تغييره". <!--EndFragment-->
ساحة النقاش