نجح المنتخب الفرنسي في تحقيق فوز هام أمام صاحب الضيافة أوكرانيا بنتيجة (2-0) في المباراة التي اُقيمت على ملعب "دونباس أرينا" بدونتسك الأوكرانية ضمن الجولة الثانية لحساب المجموعة الرابعة من يورو 2012 الذي يقام في بولندا وأوكرانيا حتى الأول من تموز/يوليو المقبل.
وبهذا الفوز وضع أبناء بلان أنفسهم على الطريق الصحيحة وأثبتوا أن مجيئهم لبولندا وأوكرانيا لن يكون بدافع النزهة وأنهم سيكونون رقماً صعباً في هذا اليورو، في حين يبقى منتخب الدار الأوكراني في وضع حرج على اعتبار أن الخروج بنقاط الفوز أمام الإنكليز في المباراة الأخيرة لدور المجموعات سيكون أمراً حتمياً.
أرقام لها دلالات
فرنسا كانت الأفضل والأحق بنقاط المواجهة
التقى المنتخبان في ست مناسبات لحساب تاريخ المواجهات بينهما، فكانت الأسبقية فرنسية بثلاث انتصارات وثلاث تعادلات، في حين لم تتمكن أوكرانيا من تذوق طعم الفوز أبداً أمام ضيفتها.
من المفارقات الطريفة أن آخر لقاءات المنتخبين قد كانت على نفس أرضية الملعب "دونباس أرينا" بدونتسك قبل عام واحد وانتهت بنتيجة (4-1).
لم تنهزم فرنسا في 23 مباراة متتالية حيث حققت 15 انتصاراً و7 تعادلات، وعقب تحقيقها الفوز أمام بلد الضيافة أوكرانيا نجحت الديوك في معادلة الرقم القياسي للـ"ناسيونال مانشافت" الألماني (23 مباراة).
نجحت فرنسا في فك العقدة التي لازمتها لمدة ست سنوات منذ الدور نصف النهائي لكأس العالم 2006 بألمانيا عندما انتصرت على البرتغال بنتيجة (1-0) آنذاك، وهي الفشل في تحقيق الفوز في أي نهائيات قارية أو مونديالية (كأس أوروبا أو كأس العالم).
منعرج مفاجىء وأفضلية فرنسية
سيناريو مفاجىء !
لم يكن المنعرج المفاجىء إلاّ ذلك الذي أجبر حكم اللقاء الهولندي بيورن كويبرز على إيقاف المباراة مبكّراً وتحديداً بعد مُضي أربع دقائق ونصف، نظراً إلى تعكّر الأحوال الجوية ونزول كميات غزيرة من الأمطار إضافة إلى تواتر العواصف الرعدية، إذ توقفت المباراة حوالي الساعة قبل أن تعود في حدود الساعة الثامنة بتوقيت مكة المكرمة.
سيناريو العودة وعلى عكس برودة الطقس كان نارياً ومشوّقاً رغم أنه يعكس أفضلية فرنسية واضحة بالنظر إلى عدد الفرص التي أتيحت للديوك من أجل فتح باب التهديف.
كانت البداية بطيئة من الجانبين بعض الشيء وأولى المحاولات كانت في قالب جس النبض، فالمبادرة كانت فرنسية الهوية بأقدام الجناح المميز فرانك ريبيري الذي أهدى تمريرة ذكية لجيريمي مينيز كان سينفرد على إثرها بالحارس الأوكراني أندريه بياتوف لولا وضعية التسلل التي سقط في مصيدتها (16)، في حين كانت الإجابة الأوكرانية خجولة بتسديدة لم تسبب عناءً يُذكر للحارس الفرنسي (25).
كانت أفضلية المنتخب الفرنسي جليّة في هذا الشوط حيث استحوذ على الكرة وغيّر من إيقاع المباراة واستغل أسلوب اللعب على الأطراف بشكل جيد، خصوصاً فرانك ريبيري الذي أرهق الدفاعات الأوكرانية بتحركاته الكثيرة التي لا طالما كانت تكتسي صبغة الخطورة في كل مرة، ولعل أبرزها تلك التي مرّر فيها عرضية رائعة تجاوزت كريم بنزيمة في مرحلة أولى قبل أن يضيعها مينيز بشكل غريب ويضع الكرة في أحضان الحارس بياتوف في مناسبة ثانية (29).
غاب الأوكرانيون بعض الشيء في معظم ردهات الشوط الأول قبل أن يسجّلوا استفاقة طفيفة عبر نجمهم الأوحد وهدافهم في هذه البطولة أندريه شيفتشينكو الذي تعرّض إلى حادث بسيط عقب مواجهة السويد الذي أحرز فيها ثنائية الفوز وكانت مشاركته بين الشك واليقين قبل أن يقرّر المدرب أوليغ بلوخين الدفع به كأساسي.
المهاجم القيدوم لكل من ميلان وتشلسي سابقاً أعلن عن وجوده بشكل خطير إثر استغلاله لغفلة على مستوى المحاصرة من دفاع "الزرق"، وينفرد على غثرها وجهاً لوجه مع حامي عرين الديوك هوغو لوريس ولكن الأخير تألق في رد الكرة (34).
الصورة الختامية لهذا الشوط لم تكن مغايرة عن معظم الصور التي شاهدناها، فالمبادرة والأفضلية كانتا سمتان مميّزتان لأداء الفرنسيين الذين واصلوا ضغطهم في الهجوم، وكانوا قاب قوسين أو أدنى من العودة إلى حجرات الملابس متقدّمين بأفضلية الهدف لولا تألّق الحارس الأوكراني بياتوف الذي نجح في تصدّ خيالي لرأسية محترف ميلان الإيطالي المدافع فيليب ميكسيس بعد مخالفة متقنة من سمير نصري.
بنزيمة "صانع الألعاب" !
نجم الديوك بن زيمة لعب الدور الأبرز ؟
حكاية النصف الثاني من موقعة "دونباس أرينا" بين صاحب الضيافة أوكرانيا والضيف ثقيل الظل فرنسا، لم تكن إطلاقاً شبيهة ببداية المباراة حيث شهدنا بداية نارية من الطرفين عبر فرصتين خطيرتين، كانت الأولى بعنوان فرنسي كالعادة حيث تكفّل فيها جناح الفريق الباريسي بمواصلة نشازه -مبدئياً- ليفشل مرة أخرى في مغالطة بياتوف (48).
عناوين رد الإعتبار من جانب أهل الدار كانت دوماً تحمل إسماً فقط ألا وهو العملاق شيفتشينكو الذي برز من جديد كمهدّد رئيسي لمرمى هوغو لوريس بعد تسديدة رائعة تجاوز فيها المدافع عادل رامي، قبل أن تُحاذي الكرة الزاوية التسعين للمرمى الفرنسي رافضة الإنصياع لإرادة "العجوز شيفا" صاحب الـ35 ربيعاً.
شهدت المباراة إثر الفرصتين الإفتتاحيتين صعوداً جلياً للنسق من الجانب الفرنسي الذي نجح أخيراً وبعد اجتهاد كبير من التهديف وفي وقت مبكّر عبر جيريمي مينيز الذي نجح في كسر حاجز النّحس وتجاوز حالة النشاز، ليكسب رهانه الشخصي مع الحارس بياتوف ويغالطه بكرة خادعة في أسفل الزاوية اليسرى تلقاها من صانع الألعاب المميز كريم بن زيمة (53).
الهدف الافتتاحي لأبناء "الرئيس" بلان أدخل ارتباكاً كبيراً على الأوكرانيين، لم يكادوا يتجاوزونه حتى تلقوا الصفعة الثانية سريعاً بقدم محترف نيوكاسل يونايتد يوهان كاباي الذي وضع كرة أرضية صعبة على متناول الحارس بياتوف من هدية أخرى لكلمة السر في هذا الشوط الثاني بنزيمة في دوره الجديد على مستوى صنع الكرات، ويبقى الأهم أن نجم "الميرينغي" أجاب على منتقديه بتسجيل الحضور البارز ولو كان ذلك من بوابة التمرير لا التهديف.
ما تبقى من هذا الشوط كان فيه منتخب الـ"تريكولور" قادراً على إحراز أهداف أخرى عبر كل من يوهان كاباي الذي كاد يضيف ثالث أهداف منتخبه ويبصم على الثنائية الشخصية لولا القائم الأوكراني الذي وقف مع أصحابه (56)، أو حتى فرانك ريبيري الذي كاد أن يُتوّج مردوده المميّز في هذا اللقاء لولا مخالفته الحرّة التي ابتعدت قليلاً عن أخشاب المرمى الأوكراني.
خلاصة المباراة تُخرج المنتخب الفرنسي في ثوب المستفيد الأكبر لعدّة اعتبارات يبقى أهمّها، تصدّره للمجموعة الرابعة وقتياً وتجاوزه لعقدة تحقيق الإنتصار ضمن المباريات الرسمية في النهائيات القارية (يورو أو مونديال) منذ سنة 2006 تاريخ آخر انتصار له أمام البرتغال في مونديال ألمانيا 2006.
"الرئيس" بلان يكسب الرهان
بلان وفرصة إثبات الذات
مما لا شك في أن لوران بلان أو " الرئيس" كما يُطلق عليه في حضيرة الديوك قد نجح في تقديم عرض فني مرموق من خلال توفّقه في وضع الخطة المناسبة للإيقاع بصاحب الضيافة، كما أن الخيارات الفنية الذي راهن عليها بلان مقارنة بلقائه الأول أمام الإنكليز، والتي تتمثل في الزج بالثنائي غايل كليشي عوضاً عن باتريس إيفرا من جهة وجيريمي مينيز صاحب الهدف الأول مكان فلوران مالودا من جهة أخرى كان لها الفضل البارز في "صيحة الديوك"، ليبرهن بلان مرة أخرى أنه الرجل المناسب في المكان المناسب، لتبقى مساحة التأكيد متروكة لرجل فرنسا الأول في الوقت الحالي ليقول كلمته في مسرح كبار القارة العجوز ويذهب بعيداً بأحلام الفرنسيين في النسخة الرابعة عشرة لليورو.
تشكيلة المنتخبين
أوكرانيا
حراسة المرمى : (12) أندريه بياتوف
خط الدفاع : (2) يافهين سيلين – (3) يافهين خاشيردي – (17) تاراس ميخاليك – (4) أناتولي تيموشوك
خط الوسط : (9) أوليه غوسيف – (11) أندريه يارمولينكو – (18) سيرغي نازارينكو – (19) يافهين كونوبليانكا
خط الهجوم : (7) أندريه شيفتشينكو – (10) أندريه فورونين
المدرب : أوليغ بلوخين
فرنسا
حراسة المرمى : (1) هوغو لوريس
خط الدفاع : (2) ماتيو ديبوشي – (4) عادل رامي – (5) فيليب ميكسيس – (22) غايل كليشي
خط الوسط : (6) يوهان كاباي – (18) أليو ديارا – (11) سمير نصري – (14) جيريمي مينيز
خط الهجوم : (7) فرانك ريبيري – (10) كريم بنزيمة
المدرب : لوران بلان
طاقم التحكيم :
حكم الساحة : الهولندي بيورن كويبرز
الحكمان المساعدان : الهولنديان ساندر فان رويكل، إروين زينسترا
الحكم الرابع : النرويجي توم هارالد هاغن
الحكمان الإضافيان : الهولنديان بول فان بوكل، ريشارد ليزفيلد
ساحة النقاش