بناء المسجد
◆ هل يجوز أن أقترض مالاً لأبني مسجداً، وأسدد بأقساط شهرية من راتبي؟
◆ إذا كانت عندك القدرة المادية على السداد فلا حرج عليك أن تقترض من أجل أن تبني مسجدا، فقد ورد الترغيب في بناء المسجد ورُتِّبَ عليه الثواب الجزيل، ففي صحيح مسلم وغيره أن النبي صلى الله عليه وسلم قال«من بنى مسجدا لله بنى الله له في الجنة مثله».
وإذا كنت تعلم من نفسك، أنك قد تعجز عن السداد في أي مرحلة من المراحل، وأنك بهذا القرض ستعرض أموال الناس للضياع، وسيجرك القرض إلى أن تخلف المواعيد وغير ذلك من الأمور التي تترتب على عدم القدرة بسبب العجز عن سداد الديون، فإن الذي ينبغي عليك هو عدم الاقتراض من أجل بناء هذا المسجد، فلا يكلف الله نفسا إلا وسعها، والله سبحانه تعالى لا يتقرب إليه بعمل فيه ظلم لأحد، والله تعالى أعلم.
والخلاصة: إذا كانت عندك القدرة المادية على السداد فلا حرج عليك أن تقترض من أجل أن تبني مسجدا، وإذا كنت تخشي عدم القدرة على السداد فإن الذي ينبغي هو عدم الاقتراض من أجل بناء هذا المسجد، لما في الاقتراض حينئذ من تعريض أموال الناس للتلف، وإخلاف الوعد وغير ذلك.
ثواب القرآن
◆ ما هو حكم أن يجتمع أكثر من شخص على قراءة القرآن، و إهداء الثواب إلى ميت؟
◆ الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على أشرف المرسلين سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد..
ففي سؤالك أربع جزئيات
الأولى: الاجتماع للقراءة وهو جائز لأنه من أعمال البر والخير، وهو داخل في عموم قوله صلى الله عليه وسلم«وما اجتمع قوم في بيت من بيوت الله يتلون كتاب الله ويتدارسونه بينهم إلا نزلت عليهم السكينة وغشيتهم الرحمة وحفتهم الملائكة وذكرهم الله فيمن عنده»
وقد ذهب إلى جواز الاجتماع للقراءة أكثر العلماء.
قال الإمام النووي رحمه الله تعالى في شرح مسلم: وفى هذا دليل لفضل الاجتماع على تلاوة القرآن فى المسجد وهو مذهبنا ومذهب الجمهور، وقال في التبيان في آداب حملة القرآن : اعلم أن قراءة الجماعة مجتمعين مستحبة بالدلائل الظاهرة وأفعال السلف والخلف.
الثانية: تقسيم المصحف على الحاضرين بحيث يقرأ كل واحد منهم صفحتين أو أكثر أو أقل فلا مانع منه وقد قال العلامة الصاوي رحمه الله في حاشيته على الشرح الصغير: وَأَمَّا اجْتِمَاعُ جَمَاعَةٍ يَقْرَأُ وَاحِدٌ رُبْعَ حِزْبٍ مَثَلًا ، وَآخَرُ مَا يَلِيهِ وَهَكَذَا فَنُقِلَ عَنْ مَالِكٍ جَوَازُهَا قَالَ بْن وَهُوَ الصَّوَابُ. (قاله البناني)، وقال الإمام النووي في المجموع: (لا كراهة في قراءة الجماعة مجتمعين بل هي مستحبة وكذا الإدارة وهي أن يقرأ بعضهم جزءا أو سورة مثلا ويسكت بعضهم ثم يقرأ الساكتون ويسكت القارئون)
الثالثة: يصل ثواب قراءة القرآن للميت وينتفع بإهداء ثوابها سواء كان ذلك من فرد أو جماعة، قال العلامة الدسوقي رحمه الله في حاشيته على الشرح الكبير: لا بأس بقراءة القرآن والذكر وجعل ثوابه للميت ويحصل له الأجر إن شاء الله.
الرابعة: إهداء الجماعة ثواب ما قرؤوه للميت يعتبر ختمة وتحصل له بركة جميع القرآن المهدى إليه أما بالنسبة للقارئين فيحصل لكل واحد منهم من الأجر على قدر ما قرأ.
الأخت من الرضاعة
◆ ما هو حق الأخت على إخوانها من الرضاعة؟
◆ نسأل الله العلي القدير أن يحفظك ويبارك فيك والأخت من الرضاعة، هي بمنزلة الأخت من النسب، والمطلوب من إخوانها من الرضاعة هو احترامها وتقديرها وصلتها.
وضرب النبي صلى الله عليه وسلم في ذلك أحسن المثل، ففي سيرة ابن هشام في قصة هوازن عندما جاءته الشيماء أخته من الرضاعة فأمها حليمة السعدية، قال ابن هشام: (... فبسط لها رداءه، فأجلسها عليه، وخيرها، وقال: إن أحببت فعندي محببة مكرمة، وإن أحببت أن أمتعك وترجعي إلى قومك فعلتُ، فقالت: بل تمتعني وتردني إلى قومي...فمتعها رسول الله صلى الله عليه وسلم، وردها إلى قومها.)
وإن ما أذن به الشرع من جواز المخالطة بسبب الأخوة من الرضاعة يدل بوضوح على أنها من وشائج القربى التي تعتبر صلتها نوع من صلة الرحم، والله تعالى أعلم.
والخلاصة: حقوق الأخت من الرضاعة مشابهة لحقوق الأخت من النسب، وإن ما أذن به الشرع من جواز المخالطة بسبب الأخوة من الرضاعة يدل بوضوح على أنها من وشائج القربى التي تعتبر صلتها نوع من صلة الرحم.
الخادمة غير المسلمة
◆ ما حكم استخدام الخادمة غير المسلمة في بيت المسلم ؟
◆ الخادمة في البيت أجيرة للخدمة، ويجوز استئجار المسلمة وغيرها للخدمة، وقد استأجر النبي صلى الله عليه وسلم غلاماً يهودياً لخدمته، ففي صحيح البخاري عن أنس رضي الله عنه قال: “كَانَ غُلَامٌ يَهُودِيٌّا يَخْدُمُ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَمَرِضَ فَأَتَاهُ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَعُودُهُ، فَقَعَدَ عِنْدَ رَأْسِهِ فَقَالَ لَهُ: أَسْلِمْ فَنَظَرَ إِلَى أَبِيهِ وَهُوَ عِنْدَهُ فَقَالَ لَهُ : أَطِعْ أَبَا الْقَاسِمِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَأَسْلَمَ، فَخَرَجَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَهُوَ يَقُولُ : الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي أَنْقَذَهُ مِنْ النَّارِ.”
ويجوز أن يبدو من المرأة المسلمة أمام غير المسلمة - سواء كانت خادمة أو غير خادمة- ما يبدو عادة عند المهنة، والأعضاء التي تبدو عند المهنة ذكرها عبد الرحمن الشربيني في حاشيته على أسنى المطالب فقال: ما يبدو عند المهنة وهو الوجه والرأس واليد إلى المرفق والرجل إلى الركبة “ ا.هـ .
وأما الرجل فيجب عليه أن يغض بصره وألا ينظر إليها إلا للحاجة الضرورية؛ فيما تدعوه الحاجة للنظر إليه كالوجه، ولْيَتَذَكَّر دائماً قول الله سبحانه وتعالى : {قُل لِّلْمُؤْمِنِينَ يَغُضُّوا مِنْ أَبْصَارِهِمْ وَيَحْفَظُوا فُرُوجَهُمْ ذَلِكَ أَزْكَى لَهُمْ إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا يَصْنَعُونَ} النور30 والله تعالى أعلم .
والخلاصة: يجوز استئجار غير المسلمة للخدمة ولا تبدي المرأة المسلمة أمامها إلا ما يظهر منها عادة في البيت ولا ينظر الرجل إليها إلا للحاجة الضرورية.
قيود العمل
◆ هل يجوز استغلال أحد العمال في تنظيف السيارة أثناء الدوام؟
◆ استخدام أموال الغير بدون إذنهم غير جائز، قال تعالى«لا تأكلوا أموالكم بينكم بالباطل إلا أن تكون تجارة عن تراض منكم»، النساء 29، وروى البيهقي في سننه الكبرى أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال«لا يحل مال امرئ مسلم إلا بطيب نفس منه».
والعامل مستأجر، في فترة الدوام متفرغ في هذه الفترة الزمنية لأجل العمل فيها، يسمى عند الفقهاء بالأجير الخاص، وقال صاحب الدر المختار(6/70):( وليس للخاص أن يعمل لغيره، ولو عمل نقص من أجرته بقدر ما عمل).
وينطبق هذا على حالتك سواء كانت الجهة حكومية أم خاصة، فإن كانت خاصة، وأمكن استئذان صاحبها في هذا العمل جاز إن أذن وإلا فلا، أما إن كانت حكومية فالأمر أصعب لأنه مال عام وملكيته عامة، ولا يمكن الوصول إلى صاحبه للاستئذان منه، ويجدر بالذكر أن إذن المدير أو الناظر غير معتبر، لأنه غير مخول بإباحة المال العام أو جزء منه لا لنفسه ولا لغيره.
وأخيراً أذكّر بالحديث الذي رواه الترمذي رحمه الله: قال رسول اللَّهِ صلى الله عليه وسلم:( لَا يَبْلُغُ الْعَبْدُ أَنْ يَكُونَ من الْمُتَّقِينَ حتى يَدَعَ مالا بَأْسَ بِهِ حَذَرًا لِمَا بِهِ الْبَأْسُ).
والخلاصة: لا يجوز استغلال العامل بالطريقة المذكورة، ولك أن تتعامل معه بعد الدوام.
ساحة النقاش