محمد شو

العالم بين يديك

أثارت حادثة تحرش بمجموعة من الناشطات في مصر استياء وغضب منظمات حقوقية وشخصيات بارزة اعتبرت أن عودة مظاهر التحرش الجنسي في شوارع القاهرة وسيلة غايتها "إبعاد" المرأة عن المشاركة في الحياة السياسية.

وظهرت هذه المخاوف على إثر الاعتداء الذي تعرّضت له مجموعة من الناشطات يوم الجمعة 8 يونيو/ حزيران في ميدان التحرير وسط القاهرة من قبل مجهولين خلال مسيرة لهن تندد أصلا بالمخاوف التي تثيرها الاعتداءات الجنسية على المحتجات مستنكرة بالتحرش الذي تعرضت له بعض الفتيات في مظاهرة بميدان التحرير أيضا قبل أسبوع، تحت عنوان "بنات مصر خط أحمر".

وقد شاركت المرأة المصرية بشكل ملحوظ في احتجاجات ميدان التحرير وتحدّت الانتهاكات التي تعرضت لها من قبل رجل الأمن كالتعذيب وكشف العذرية والسحل، ووقفت جنبا إلى جنب مع الشباب مطالبة بإسقاط النظام، إلا أن ذلك لم يشفع لها، حسب رأي بعض المراقبين، لتكون عنصرا فاعلا في الحياة السياسية لما بعد الثورة. وأشاروا إلى أن عودة "غول" التحرّش بالفتيات في شوارع مصر خاصة خلال المظاهرات مردّه بالأساس و"طرد" المرأة من معترك الشارع السياسي.

وتقول ناشطات أن التحرش بالمظاهرات والمخاوف التي تثيرها الاعتداءات الجنسية على المحتجات هي وسيلة "لإبعاد" المرأة عن المشاركة في الحياة السياسية.

وتعتبر ظاهرة التحرّش الجنسي في مصر من أكثر المظاهر الاجتماعية مثارا للجدل في السنوات الأخيرة، حيث احتلّت حيّزا هاما من الاهتمام الإعلامي والاجتماعي بعد أن أصبحت أمرا خطيرا تجاوز المعقول في كثير من مظاهره.

وإلى وقت قريب كان مجرّد الحديث عن هذا الموضوع الحساس في المجتمعات العربية نوعا من قذف المحصنات وتشويها لسمعة المجتمع، إلى أن جاءت الفضيحة الكبرى في مصر منذ أربع سنوات تقريبا، وفتحت الباب واسعا للحديث عن "التحرش الجنسي" في المجتمع المصري والمجتمعات العربية عموما.

ويذكر هنا أن صبيحة عيد الفطر عام 2007 أفاقت العاصمة المصرية على حادثة غريبة حيث هجم مجموعة من الشبان على فتيات ونساء في مركز العاصمة ولم يكتفوا باستعمال الكلمات البذيئة والنابية، وإنما امتدت أيديهم لتمزق ملابس المارات، ولم تسلم منهن لا النساء السافرات، ولا المحجبات ولا حتى المنقبات.

وفي دراسة ملفتة أعدها "المركز المصري لحقوق المرأة" تبين أن حوالي ثلثي الرجال المصريين من العينة اعترفوا بتحرشهم بالنساء، بينما أقرت 83 في المئة من نساء العينة، أنهن تعرضن للتحرش مرة أو أكثر. وقد جعلت حادثة شارع جامعة الدول العربية بحي المهندسين مصر في موقف سيء في هذه القضية حيث بات ينظر إليها كأكثر الدول نساؤها يعانين من التحرش الجنسي.

ويميل بعض المصريين إلى نوع من التأييد للتحرش الناتج حسب وجهة نظرهم عما يعتبرونه تصرفات وملابس غير لائقة ترتديها الفتيات والسيدات.

وتشير تقارير إعلامية إلى أن وباء التحرش الجنسي أدى إلى الإضرار بسمعة مصر وجعلها واحدة من أسوأ الدول في الشرق الأوسط والعالم من حيث تعرض النساء لمضايقات. ووفق هذه التقارير فإن حوالي 80% من النساء في مصر يعرضن للتحرش ونصفهن يتعرضن لذلك بمعدل يومي سواء بالألفاظ أو بلمس أجزاء من الجسد.

وفي السنوات الأخيرة ساهمت السينما في تعرية هذه الحوادث التي أفزعت المجتمع المصري المحافظ وكان مسكوت عليها لسنوات طويلة بدعوى أن ما يثار مجرد حوادث فردية لا يمكن اعتبارها ظاهرة. من ذلك فيلم "678" الذي يعتبر أول عمل مصري وعربي يتحدّث مباشرة عن هذه الظاهرة الاجتماعية الخطيرة.

وفي مواجهة صارمة للتصدي لظاهرة التحرش الجنسي دعت نحو 20 منظمة حقوقية وحركة "نسوية" إلى مليونية ما سمته "وقفة حاسمة" ضد التحرش الذي وصفته بـ"العمدي" تجاه النساء في ميادين الثورة.

وأعربت المنظّمات في بيان لها عن قلقها البالغ من ارتفاع "وتيرة العنف ضد المتظاهرين ومعدلات التحرش الجنسي في ميادين الثورة، التي وصلت إلى معدلات غير مسبوقة"، مشيرةً إلى "أن شهود عيان أجمعوا على حدوثها لإقصاء النساء من محيط التظاهر والاحتجاج، وهو ما أدى إلى نجاح هذا المخطط وإبعاد النساء، خاصة أثناء ساعات الليل، التي يقل فيها التمثيل النسائي في الميدان بشكل ملحوظ أكثر من جميع المرات السابقة".

وأضافت أنه في الوقت الذي تنتقد فيه القوى الثورية ممارسات المجلس العسكري والقوات المسلحة من تطبيق كشوف العذرية وانتهاك المتظاهرات جنسيًا وجسديًا في أحداث مجلس الوزراء، فإن بعض "الدخلاء" على الميدان نفسه يمارسون ذات الانتهاكات تحت غطاء الزحام.

واستشهد البيان بما جاء على إحدى المتظاهرات تدعى "نهى"، التي قالت "لقد كان الميدان مزدحمًا جدًا يوم الأحد وتعرضت لحادث تحرش جنسي، ولم أستطع تبين المتحرش نظرًا للزحام، منذ ذلك اليوم لم أتوجه للميدان مرة أخرى ولا أنتوي المشاركة في أي مظاهرة أو مسيرة قادمة، لأني لا أريد أن يتم التحرش بي".

تتفاقم مخاوف المصريات على حقوقهن وحرياتهن منذ تعرض بعضهن لانتهاكات على يد رجل العسكر من جهة والقلق على حقوقهن مع صعود التيارات الإسلامية إلى الواجهة من جهة أخرى، إلا أن المصريات يؤكّدن أنّهن عازمات على مواصلة العمل على تحقيق أهداف الثورة التي تنادي بالحرية والكرامة والمساواة. <!--EndFragment-->

  • Currently 0/5 Stars.
  • 1 2 3 4 5
0 تصويتات / 53 مشاهدة
نشرت فى 14 يونيو 2012 بواسطة mhmadshoo

ساحة النقاش

عدد زيارات الموقع

266,742