محمد شو

العالم بين يديك

لقد كان لسوق عكاظ وغيرها من أسواق العرب تأثير كبير في تهذيب اللّغة العربية، فقد كان كلّ شاعرٍ وخطيبٍ يقدم أحسن ما عنده فيأخذ السامع منها ما يعجبه من المعاني والألفاظ، وكان المسرح الحقيقي الأول للعرب.
فعرض الشعر وغيره يحتاج لمثل تلك المهرجانات الأدبية، ومع تطور وسائل الاتصال والتواصل، عبر الشبكة العنكبوتية ووسائل الاتصال الحي المباشر، إلا أن المنتديات والأمسيات تبقى أرقى وسائل الاتصال المباشر بين الأديب وجمهوره من السامعين، وتبقى الفرصة الأغلى والأجمل للتواصل.
فالمنتديات والمهرجانات ليست مجرد أسواق عرض بضاعة، بل هي وسيلة تواصل ثقافي إنساني بين الثقافات المختلفة لتكوين رؤى وصيغ جديدة للتواصل الإنساني.

عُكاظ أشهر أسواق العرب في الجاهلية وأعظمها، اتُخِذَت سوقاً بعد عام الفيل بخمس عشرة سنةٍ، أي سنة 540م، وعُكاظ نخل بقرب الطّائف في السعودية، فكانت قبائل العرب تقصدها لأنّها في طريقها إلى الحج فيجتمعون في مكانٍ يُقال له “الابتداء” فتعمر أسواقهم بالنّاس فينتهز الشّعراء هذه الفرصة فيعرضون ما قالوه من نخب قصائدهم على نقدة القريض هناك. ويكون لذلك احتفال تشهده الجماهير، فتشيع قصائدهم شيوعاً تاماً ويترنّم بها الرّكبان في كل صقعٍ وفي ذلك غاية ما يتمنّاه شاعر لشعره.

كانت قُريش لقربها من تلك السوق أسبق القبائل لالتقاط كلّ معنى حسن ولفظ فصيح وعبارة شاردة، فنُسِبَ إليها التّهذيب الأخير للغة واستهلّت الشرف العظيم بنزول القرآن الكريم بلغتها واعتبرت لهجتها أخلص لهجات العرب من التّعقيد والتنافر.

وعكاظ من (عكظ). يقول صاحب القاموس: عكظه: يعكظه: حبسه، وعكظه: قهره ورد عليه فخره .. فيتعاكظون أي يتفاخرون ويتناشدون .. والتعاكظ: التجادل والتحاجّ.

فللاسم دلالة واضحة على المسمى، فقد سُمي عكاظُ عكاظاً لأن العرب كانت تجتمعُ فيه فيعكظ بعضهم بعضاً بالفخار أي يدعك.. ويقال: عكظ الرجلُ صاحبه إذا فاخره وغلبه في المفاخرة، فسُميت عكاظُ بذلك.

إذا بنـي القــباب على عكـاظ وقـام البيع واجتمع الألوفُ

تواعــدنا عُـكــــاظ لننزلــنـهُ ولم تشـعر إذن أني خليـفُ

بهاء الدين زهير:

أيا صـاحبي مـا لي أراكَ مفكـراً وَحَـتّامَ قُـلْ لي لا تَـزالُ كَئِيبَا

لقَد بانَ لي أشْـياءُ مِنْكَ تُرِيبُني وهيهاتَ يخفى من يكونُ مريبا

تعــالَ فحـدثني حديثكَ آمــناً وَجَـدْتَ مكـاناً خالِياً وَحَبِيبَا

تعالَ أطارحكَ الأحاديثَ في الهوى فيذكــرَ كـلٌّ منْ هواهُ نصيبا

  • Currently 0/5 Stars.
  • 1 2 3 4 5
0 تصويتات / 35 مشاهدة
نشرت فى 13 يونيو 2012 بواسطة mhmadshoo

ساحة النقاش

عدد زيارات الموقع

272,762