|
|||
أوقات الانتخابات لم تؤد إلى خفض اهتمامات الأميركيين بتلقي المعلومات (من المصدر) |
قبل 150 سنة استغرق قطار «بوني إكسبرس» نحو أسبوعين لأجل أن يبلغ السكان القاطنين على الشاطئ الغربي من الولايات المتحدة الأميركية بانتخاب أبراهام لنكولن رئيسا لهم. وحتى عهد قريب كان الإعلاميون يخافون من عدم كفاية المعلومات المتداولة بين الناس. ولكن طفرة المعلومات اليوم لا تعني زوال الخوف والقلق لدى المعنيين من إعلاميين أو غيرهم.
يلفت الصحفي والمعلق مارك هانا في موقع «ميديا شيفت» إلى أهمية هذه الإشكالية خاصة عند أوائل الذين تعلموا أن المعلومات هي عملة الاقتصاد السياسي وأن المواطنين الذين يتم إخبارهم جيدا شرط مسبق لديمقراطية لتعمل بكل طاقتها. وفي عصر التغطية الانتخابية المتلفزة ومعلومات لا تتوقف على مدار الساعة وتتدفق كل لحظة فإن من الأمور ذات القيمة هو القدرة على تصفية المعلومات وتفهمها.
الإعلام السياسي
«يقول هانا لقد نشأنا نحن في بيئة حيث وسائل إعلامنا، وبعد أن يتم تكييفها معنا، تقوم هي الآن بإقناعنا أن نتكيف معها. وبعدما ساعدتنا سابقاً على حل مشكلة نقص المعلومات فإنها تخلق لنا مشاكل جديدة تتعلق بطفرة المعلومات بل وإنها تقترح علينا مزيدا من وسائل الإعلام من أجل حل هذه المشكة الجديدة».
وهانا، الذي سبق له أن شارك في تنظيم حملات انتخابية لمرشحي الرئاسة الأميركية ومستشارا لوكالات علاقات عامة ومؤسسات إعلام ووسائل الاتصال الجديد، يقول «على مر التاريخ اخترعنا تكنولوجيات اتصال متتالية لمساعدتنا على مواجهة مشكلة مزمنة وهي نقص شح وبطء المعلومات». والصحافة المطبوعة سمحت للمعرفة بالانتشار عبر الجماعات والطبقات والبلاد، والكتب الحديثة التي انتشرت بسرعة منذ القرن السابع عشر، سبقت نظام التعليم العام (النظامي) وأسهمت في تصنيف المعرفة وتوزيعها.
وأول مقال صحيفة كتبه مخترع شيفرة التلغراف صموئيل مورس، ظهر في بلتيمور باتريوت وخلص فيه إلى أن «التلغراف» هو فعلا مبيد المسافات». وكان ذلك تعليقا على اقتراع مجلس المندوبين وقبل دقائق معدودة من إرسال الصحيفة للطبع. وقبل التلغراف كانت المعلومات تسافر بسرعة أسرع قاطرة أو مركبة تجرها الأحصنة.
واليوم فقد تم مد كيبل بطول 800 ميل من الألياف الضوئية بين سوق ميركنتل في شيكاجو وبورصة نيويورك تايمز وبتكلفة 300 مليون دولار بحيث يمكن جعل أوقات التبادل التجاري أكثر فاعلية بثلاث أميال من الثانية.
علاج الطفرة الإعلامية
طفرة المعلومات خلقت مشكلة؛ بحسب أستاذ العلوم السياسية شانتو ليونجر الذي يتحدث عن هوة لا تزال تتسع يوميا بعد يوم بين فئات الناس من حيث نوعية اهتمامها بالمعلومات. فقد لاحظ ليونجر لدى حديثه عن «آفاق وسائل الإعلام للقرن الـ21 «، أنه لدى الاستحقاقات الانتخابية تصبح الثقافة الجديدة من المعلومات السياسية - في كل مكان - نعمة ونقمة في آن واحد.
وقال إن الانتشار السريع لوسائل الإعلام أتاح حزمة واسعة من الخيارات الإعلامية موفرا بذلك نوعية أعظم بكثير من حيث محتوى المعلومات. لكن من جهة يكون بوسع المواطن النبيه- بأقل قدر من الجهد- الوصول إلى الصحف والإذاعة والتلفزيون في العالم كله. ومن جهة ثانية فإن بوسع المواطن النمطي (النموذج العادي) الذي لا يكون مهتم نسبيا بشؤون السياسة- أن يتجنب البرامج الإخبارية بالانتقال إلى شبكة أخبار رياضية عبر الكيبل أو برامج متخصصة بالطعام.
وفي أي مجتمع، فإن الهوة في المعرفة هي بشكل رئيس انعكاس للمستويات المختلفة للطلب على المعلومات. وفي ظروف اختيارات المستهلك فإن الهوة المعرفية بين المواطنين الأكثر والأقل اهتماما تشهد اتساعا يتزايد باستمرار.
ويلخص هانا هذا الوضع بالقول «فيما يتعلق بالمعرفة السياسية فإن الغني يصبح أكثر غنى والفقير يصبح أكثر فقراً. لكن تداعيات طفرة الإعلام لا تتوقف على ذلك أو على الصعيد السياسي وحسب وخاصة مع وسائل الإعلام الأحدث، بل يمكن أن تكون أخطر بكثير.
وفق ما يشير له نيكولاس كار في كتابه المميز «ماذا يفعل الإنترنت بعقولنا؟» حيث قدم عددا كبيرا ومقنعا من الدلائل العلمية والاجتماعية والعصبية ليبين أن هذه التكنولوجيا تمنع عقولنا من التفكير بشكل عميق كما تمنعنا من الإبداع.
<!--EndFragment-->
ساحة النقاش