مع بدايات عام 2011 .. وبداية الثورة والمظاهرات والاعتصامات تزايدت الضغوط العصبية والنفسية والعجز عن توفير مطالب الحياة الاساسية .. وطالت فترة الغموض وانتشار اعمال البلطجة والعنف .. وبعد ان استشعر الجميع راحة نفسية كانت ترتسم على وجوه الكثيرين مع بدء سريان مشاعر الحرية والكرامة فى الايام الاولى للثورة .. عدنا كما كنا .. محلك سر ..وادت طول فترة الانتظار وماراثون الضغوط طويل المدى الى تحول تلك الضغوط الى طاقة تدمير رهيبة للفرد والمجتمع .. وانتشر القلق المزمن والاكتئاب و الإفراط فى الانفعال .. حتى بلغت "العصبية" وسرعة الاستثارة مستوى الأوبئة فى الانتشار .. ! وصلت الى سلوكيات الهياج Agitation و نوبات العنف Violence و العدوانية Aggression و الغضب Anger ولم يعد أحد قادر على الصبر أو التسامح الا من رحم ربى ..ومع طول مدة الضغوط ومشاعر الغموض والاحباط بدأ تحول الانفعالات السلبية الى خلل فى الوظائف والاداء الاجتماعى والرغبة فى العمل والتواصل الاجتماعى ، الى جانب تغيرات مؤسفة فى طباع وسمات الشخصية المصرية ، بل بدأ ظهور اعراض متاعب وامراض جسدية (امراض نفسجسمانية )و شكاوى من نوبات قلبية وارتفاع ضغط الدم وتزايد امراض الحساسية و انهيار المناعة واضطراب الهرمونات وغيرها مما يؤكد أن التغيير وصل الى عمق العمليات البيولوجية .. ( وسوف نتناول ذلك بشئ من التفصيل لاحقا .... ) ونؤكد مرة اخرى أن استمرار طوفان الضغوط وباء ينذر بتغيير وتدهور طباع وسمات الشخصية المصرية .. وهو اهم محور يشير الى تجذر وتعمق هذه الشرور- بدرجات متفاوتة - فى طباع وسلوكيات شرائح غير محدودة من المجتمع .فالشخصية المصرية التى اثبتت الكثير من الدراسات لعلماء النفس و الاجتماع انها تتميز بسمات : الصبر و طول البال و الميل الى الاستقرار و التسامح و الرضا و روح السخرية و الدعابة .كثير من تلك السمات تغيرت بدرجات مختلفة تحت تأثير الضغوط المتراكمة والهموم الثقيلة .ونستعرض هنا بايجاز بعض الجوانب السلبية التي طرأت علي سلوكيات الشخصية المصرية: • العجز عن حل المشكلات : بسبب الفهم الانفعالى الخاطئ والتصرفات الحمقاء الغبية .. والعجز عن حل المشكلات بسبب ما يعرف ب Spiral of despair ويعنى انغماس الفرد فى دوامة من الانفعالات المتواصلة التى تشوه العمليات الذهنية والتى تصل الى حد اليأس فتحول بينه وبين الحل الصحيح للمشكلة .. واثارة انفعالات سلبية اسوأ تدفع الفرد نحو الغرق فى مشاكل اخرى جديدة .. و بالتالى الى تعثر الوصول الى حلول مناسبة وظهور مشكلات ثانوية جديدة كل يوم وبل كل موقف تقريبا..•التمركز حول الذات .. :Ego Centrismالذى يمنع الفرد من فهم الاخر والتواصل معه أو حتى الاستماع اليه ، وعدم اعطاء وجهة النظر الاخرى أى اعتبار هو اضطراب يصيب – كما يقول العالم الفرنسى بياجيه – النمو المعرفى والاجتماعى ، وهذه الظاهرة نلاحظها فى مناقشاتنا حيث نلاحظ عدم الاستماع للاخر وضعف القدرة على تفهم وجهات النظر المختلفة واحترام اصحابها وعاداتهم وانماط سلوكهم .•اخطاء فى التفكير : .. مثل الخطأ فى التفسير وعدم الاستنتاج من معلومات موثوق بها .. الافراط فى التعميم الذى يعكس السطحية وضعف التمييز والتعصب فقد يرى الفرد ان الكل لصوص أو جميع النساء خائنات وكل الرجال منافقين .. الخ . ثم التجريد الانتقائى ومعناه قيام الفرد بالتركيز على جزء من التفاصيل السلبية وتجاهل السياق العام للموقف .. فهو ينتقى من الموقف لحظات عارضه ويركز عليها ويتجاهل الباقى .. -المبالغة ، والشك وسوء الظن وهى ايضا من اخطاء التفكير التى تصيب الكثيرين وتسبب لهم التعاسة وسوء التوافق . وبخلاف الاخطاء والخلل فى التفكير والسلوك ، ونتيجة الاحباط المتكرر اختار البعض التوحد مع نماذج الفساد والثراء الطفيلي وتقليدها واتخاذ رموزها قدوة .. والعودة الي السلبية والإعتمادية والفهلوة .. فانتشرت البلطجة ( السافرة والمعلنة ) بدرجات وانواع لم يشهدها المجتمع المصرى من قبل ..وعادت للناس مرة اخرى ملامح التجهم والاحباط , وعبارات اليأس والكآبة ولجوء البعض الى استخدام الالفاظ الجارحة والتطرف والادمان والبلطجة ، ليظهر الوجه القبيح الذى لم نعهده فى سلوكيات الشخصية المصرية . ان استمرار وباء العنف والبلطجة سينتهي بخسارة فادحة للجميع ..واملنا أن تنتهي فترة الغموض والضغوط حتى يتعافى المجتمع من جديد .
م/مصطفى هاشم
خريج بكالوريوس مكتبات وتكنولوجيا التعليم كلية التربية »
أقسام الموقع
تسجيل الدخول
ابحث
عدد زيارات الموقع
431,469
تحت رعاية م/مصطفى هاشم
رأيت العلم صاحبه كريمٌ......ولو ولدته آباءُ لئِـامُ
وليس يزال يرفعه إلى أن......يُعظم أمره القوم الكرامُ
ويتبعونه في كل حالٍ......كراعي الضأن تتبعه السوام
فلولا العلم ماسعدت رجال......ولاعُرِف الحلال ولا الحرامُ
وليس يزال يرفعه إلى أن......يُعظم أمره القوم الكرامُ
ويتبعونه في كل حالٍ......كراعي الضأن تتبعه السوام
فلولا العلم ماسعدت رجال......ولاعُرِف الحلال ولا الحرامُ