تشير العديد من الدراسات التربوية إلى أن لعزل المعاقين عقلياً مساوئ وسلبيات عديدة، منها: الحواجز النفسية بين المعاق والمجتمع، وشعوره بالانفصال عن مجتمعه، كما أن عزل الأطفال المعاقين عقلياً في مدارس ومؤسسات خاصة يمثل اعتداءً على حقوقهم، وحرمانهم من استغلال إمكاناتهم إلى أقصى حدودها. كذلك توجد بعض الأسر التي تسارع بإخفاء الأطفال المعاقين في إحدى الحجرات لحين انصراف الضيف؛ لاعتبارها أنه (عـار) أو وصمة، وكل هذه الممارسات تؤثر سلباً على شخصية الابن المعاق، ولا تؤهله للاندماج في الحياة الاجتماعية واستغلال قدراته أقصى استغلال ممكن لتحقيق التوافق الشخصي والاجتماعي. كذلك فإن هذه الممارسات تدلل على عدم التوافق الذي يسود العلاقات داخل هذه الأسر، وهروب أفرادها من الموقف دون الإقدام على مواجهته بشجاعة، كما يعني عدم تقبلها لهذا الابن ورفضها له؛ مما يؤثر سلباً على تكيفه النفسي والاجتماعي، وشعوره بضعف قيمته ومكانته داخل الأسرة، وأنه طفل غير مرغوب فيه (3).
وتؤكد بعض الدراسات الاجتماعية أن مسألة عزل الطفل داخل مؤسسة داخلية أو داخل أسرته، وإنكار إعاقته، إنما هو مظهر من مظاهر ضغط البيئة الاجتماعية على سلوكيات أسر المعوقين، والرغبة في إخفاء الإعاقة والابن معاً، حيث تعكس سلوكيات الأسرة طبيعة النظرة المجتمعية للإعاقة العقلية؛ مما ينعكس سلباً على الأسرة، التي تعتبر ابنها وصمة اجتماعية لا تتناسب مع مركزها الاجتماعي ومكانتها، حيث توجد نظرة سلبية من المجتمع لهذا النوع من أنواع الإعاقات؛ مما يسبب للأسرة حرجاً اجتماعياً، ولعل التفسير المناسب لهذه النظرة السلبية للمعاق هو انعدام الوعي الاجتماعي والثقافي والصحي حول طبيعة الإعاقة وأسبابها، والخصائص العلمية للمعاقين عقليا (4).
ومن صور عزل الأبناء المعاقين عن المجتمع عزله في مؤسسة داخلية، بعيداً عن الأسرة، الذي يعتبر شكلا سلبيا من أشكال التعامل معه، و يمثل درجة منخفضة من درجات استعداد الأسرة لرعايته والتعايش معه، وهو أمر يتأثر ـ إلى حد كبير ـ بالعوامل الاجتماعية والنفسية المرتبطة بالأسرة من ناحية، وخصائص المعاق من ناحية أخرى. وقد أشارت بعض الدراسات إلى أن الأسر ذات المستوى الاقتصادي والاجتماعي والثقافي المرتفع تفضل وضع أبنائها المعاقين في مؤسسات داخلية؛ لاعتقادهم بتوافر الرعاية الصحية والتربوية للأبناء المعاقين.
وتشير العديد من الدراسات التربوية إلى أنه ليس هناك مبرر منطقي لعزل ذوي الاحتياجات الخاصة عن المجتمع؛ فإن كانوا أقل من العاديين إدراكاً وإنتاجاً واستعداداً للتعلم، وأقل قدرة على التذكر والفهم والتفكير، إلا أن لهم نفس عقول الأفراد العاديين، والاختلاف في درجة الذكاء، فلماذا لا نعتبر المجتمع أسرة كبيرة يعيش فيها الأطفال المصابون بالإعاقة العقلية جنباً إلى جنب مع الأطفال الأسوياء في حياة واحدة مشتركة؟ ولا سيما أن هناك من الأبحاث والدراسات ما أثبتت أن نسبة كبيرة من الأطفال يمكنهم التوافق النفسي والاجتماعي إذا ما أحسن توجيههم ورعايتهم؟! (5).
ساحة النقاش