يرجع ظهور الأثاث إلى عصر ما قبل التاريخ مع انتقال المجتمعات الأولى إلى الاستقرار، عندما اتخذ الإنسان مسكنه في الكهوف والمغاور وفوق مجاري الأنهار، وافترش جذوع الأشجار والأغصان وصنع منها مصاطب وفرشاً لراحته ونومه. وكان تطور الأثاث سريعاً عند المجتمعات التي احتاجت إلى مساكن مغلقة أو مسقوفة بسبب الأحوال المناخية، وكان أسهل أسلوب لتوفير مثل هذا الأثاث رصف الحجارة في مداميك وتسوية سطوحها وترك فراغات بينها (كوات) لتستعمل خزائن لحفظ الأشياء، أو تنضيد الأغصان وأوراق الأشجار للجلوس والنوم. ثم تبينت الحاجة إلى صنع قطع أثاث منفصلة سهلة التحريك والنقل، وساعد على ذلك توافر مواد تتمتع بالمتانة وخفة الوزن وسهولة التعامل معها، وهذا ما تثبته الأرجوحات الشبكية والحصر والحشيات المملوءة بالقش والمقاعد الخشبية الصغيرة التي لا مساند لها ومساند الرأس والرقبة والصناديق التي تستعملها القبائل البدائية في إفريقية وأوقيانوسية وأمريكة حتى اليوم، وكانت الأقوام البدائية تختار لأثاثها أكثر المواد مواءمة للشكل المطلوب بعد تشذيبها بأدوات حجرية أو معدنية، ومع تطور النظم الاجتماعية والمعيشية وتطور أدوات التصنيع وأساليبه ظهرت أنماط جديدة من الأثاث تتوافق مع حاجات الإنسان. وكان أثاث أكثر المجتمعات الرعوية والزراعية في إفريقية جنوبي الصحراء الكبرى وفي مناطق أعالي النيل يتألف من قطع بسيطة قليلة الزخارف سهلة الحمل، وكثير منها منحوت من قطعة خشب واحدة أو من الحجر، وكانت أجزاء قطع الأثاث تنحت غالباً بأشكال هندسية أو على هيئة أعضاء الحيوانات، ومن ذلك مثلاً مسند رقبة خشبي يعرف باسم «تلم» Tellem في دولة مالي منحوت على هيئة سلحفاة، وهي حيوان مقدس هناك. وكثيراً ما يكون للكراسي والمقاعد وغيرها من القطع المعدة للجلوس معنى شعائري أو قيمة شخصية، وهناك كراسي عروش كثيرة في إفريقية، بعضها مستوحى من أنماط الأثاث الأوربي، مخصصة للزعماء، كما هو شأن مقاعد زعماء القبائل اللوبا Luba في زائير، ولهذه الكراسي قوائم نحتت على هيئة إنسان حامل caryatid، أو قوائم حيوان.
أما السُّرُر فكانت مجرد حشيات متواضعة من العشب الجاف وجلود الحيوانات وغيرها، ويستعمل الماليزيون البدائيون سريراً مسطحاً من لوح خشبي محمول على أربع دعامات ذوات شعبتين. من جذوع الشجر، وكانت السرر تطلى أحياناً بالألوان الأسود والأحمر والأبيض، وفي جزر الأدميرالية سُرُر مزخرفة ذوات قوائم منحوتة على هيئة البشر أو السمك ولها مساند للرقبة. وكان الصيادون الأستراليون يحملون أطفالهم في مهود من الخشب تشبه القارب. وكان السكان الأصليون في أمريكة يستعملون جلود الحيوانات المحشوة بالعشب (أمريكة الشمالية) أو الحصر المصنوعة من ألياف سعف النخل للنوم والجلوس، أما السرر إن وجدت فتتألف أساساً من أغصان نحيلة متشابكة تستند إلى ركائز ذوات شعبتين. كما استعملت السطوح الحجرية للنوم بعد فرشها بجلود الحيوانات.
واستعملت أيضاً الكراسي والمقاعد المصنوعة من القصب المجدول ومقاعد الحجر المحمولة على قواعد مخروطية، كما استعملت الصناديق المدهونة والأرائك المصنوعة من خشب الأرز المزينة بأشكال حيوانية.