في بيتنا مراهق .. عود يقوي ويشتد مصارعا مغريات ومثبطات فيضعف مرة ويستعيد قوته مرة ويضغط علي أصابنا مرات وقد ينجرف فتتعقد مهمة إصلاحه .. وفي كل الأحوال فإن مشاكله أكبر من أن تترك أو يستهان بها أو تعالج بعصبية أو جهل وعلينا أن نناقشها دون خجل وفي إطار العلم والشرع ودون تهويل أو تقليل وربما تكون أكبر مشكلات تلك الفترة هي الغريزة الجنسية التي تشتعل في هذه المرحلة العمرية وقد تشكل منزلقا خطرا في وجود المؤثرات السلبية الكثيرة التي تحاصر المراهق والمتمثلة في مواد إعلامية ك'الكليبات' الإباحية أو المسلسلات التي تحض علي الانفتاح التام دون ضوابط شرعية أو العري الذي أصبح متاحا في الشوارع وعلي الأرصفة إضافة إلي المواقع الإباحية علي الانترنت وهو ما قد يؤدي إلي انحراف جنسي وقد يؤدي الجهل والخجل من مواجهة الأبناء ببعض الأمور إلي أخطاء شرعية فادحة أو يؤدي الكبت مع تلك الضغوط إلي مظاهر عنف غير متوقعة.

وقد نشرت مجلة 'دير شبيجل' الألمانية دراسة حديثة ضمن تحقيق عن ثورة جنسية قادمة في البلدان الإسلامية أوضحت تلك الدراسة أن الباكستانيين يقعون في المرتبة الأولي للباحثين عن كلمة جنس علي محرك البحث جوجل يليهم في المرتبة الثانية المصريون مشيرة إلي ممارسة الافعال الشائنة في شوارع بعينها حددت منها أحد شوارع الزمالك بمصر وبنظرة سريعة علي بعض الحوادث في الفترة الأخيرة كحادث اغتصاب شاب اختبأ في دورة مياه أحد المساجد لثلاث صغيرات علي التوالي وفي أيام مختلفة كن يقضين حاجتهن أثناء حفظهن للقرآن بالمسجد أو إصرار فتي وفتاة علي تقبيل بعضهما أمام المارة علي كورنيش النيل حتي استدعي المارة الشرطة وحكمت محكمة قصر النيل علي كل منهما بغرامة مائة جنيه إلي غير ذلك من الحوادث التي تشير بأصابع الاتهام إلي ما قد يفعله الجنس إذا بقي كوحش غير مروض في مجتمعنا الذي يميل بطبيعته إلي التدين وبمراهقينا الذين يتخبطون دون تمييز بين الخطأ والصواب.
وربما كان علينا في البداية ان نحدد أسباب الداء وهو ما يضع أيدينا عليه د.الناصر المغربي استشاري الأمراض النفسية والعصبية قائلا: انه مع غياب الدور التربوي والتعليمي للمدرسة ومع وجود وسائل الإعلام التي تمثل قوي سلبية ليست تحت سيطرة أحد فإن هذه القوي تنفرد بالأولاد لأن الولد لم ير مثلا أعلي ولا تعليما جيدا وكل ما بقي له ان يجلس علي النت ويحتقن جنسيا والمنظمات غير الحكومية التي كان يفترض بها أن تلعب دورا هاما في رعاية هؤلاء الشباب الذين لا يجدون ما يفعلونه ولا ينشغلون بعمل اجتماعي أو نشاط رياضي أو تثقيفي.
ومع تدرج الإعلام باحتراف في إزالة حياء الشباب وإطلاعه علي كل ما كان غامضا مبهما فإذا أضفنا إلي كل ذلك الاحباط السياسي وعزوف الشباب عن المشاركة السياسية نتيجة الفساد الذي استشري في حياتنا السياسية مع ضعف سيطرة الأسرة وانعدام التواصل والحوار في ظل الظروف الاقتصادية السيئة التي تساهم في جعل هذه الفئة من الشباب مهمشة وليست في بؤرة الرعاية الاجتماعية والنفسية وهو ما يفتح الباب علي مصراعيه لكل أنواع التطرف سواء كان جنسيا أو دينيا أو فكريا.
وتضيف د.هبة قطب أستاذ الطب الجنسي والشرعي بطب القاهرة وعضو الأكايمية الأمريكية للطب الجنسي ان هروب الآباء من الإجابة عن استفسارات أبنائهم في الصغر حول القضايا الجنسية وخجلهم من ذلك يتسبب أيضا في مشاكل كثيرة حيث يلجأ معظمهم إلي مصادر رخيصة تمدهم بمعلومات خاطئة تؤثر بشدة علي حياتهم الصحية والجنسية وقد يؤدي الأمر إلي حالات اكتئاب وعزلة خصوصا البنات في مرحلة البلوغ وقد يصل الجهل بالشاب والفتاة إلي درجة انه لا يعرف انه قد احتلم أو انها قد حاضت وهو ما يستلزم الطهر بالاغتسال وهو ما يجعل حوار الآباء معهم ضرورة لإعلامهم بهذه المتغيرات ومطالبتهم بقراءة كتب الفقه للتعرف علي كيفية التعامل معها، وتضيف د.هبة ان الشباب من سن 41 إلي 22 قد يكون لديهم الهرمون المثير للرغبة الجنسية عاليا جدا ومع وجود مغريات وفضائيات نجد اننا أمام شخص متهيج جنسيا وقد يمارس العادة السرية بإسراف أو يدخل نطاق الممارسات الجنسية المحرمة أو يدمن مشاهدة المواقع المخلة إلي غير ذلك من أوجه الانحراف الجنسي التي تؤثر سلبا علي كل حياته وتصف د.هبة روشتة الوقاية قائلة ان أول شيء هو أن نربي الضمائر قبل الأجساد بإشعار الطفل ان الله يراقبه لان الخوف من الوالدين ينتهي في عدم وجودهما .. أما الشعور بمراقبة الله له فهو المانع الحقيقي من الوقوع في الخطأ في أي وقت .. وتري د.هبة ان الخطوة التالية علي طريق الوقاية هي التوءمة بين العلم والدين فلابد أن يعرف المراهق ان الله سبحانه وتعالي قد حرم الزني لأن هذا الزني مضر صحيا ويؤثر علي السعادة الزوجية في المستقبل ويمكن حدوث الحمل بسببه والنموذج الإعلامي الذي كان مثارا قريبا موجودا.
وتضيف د.هبة ان عمل كنترول علي مصروفات الأبناء مسألة في غاية الأهمية لأن انفاق الأولاد للنقود بدون حساب يسبب عدم التوازن النفسي ويعود علي عدم الإحساس بالمسئولية فيجب ان يتعود الطفل علي الحرمان والمنح كأن يحرم نفسه من مصروفه لعدة أيام ليقتصد مبلغا يشتري به شيئا كان يريده ولا يستطيع شراءه بمصروفه وهذا الحرمان والمنح إضافة إلي معرفته بان هذا حرام وهذا حلال وهذا ممنوع وهذا مسموح كل هذه الأشياء تخلق التوازن النفسي الذي يتيح للطفل وللمراهق تقدير الأمور تقديرا صحيحا وتعوده علي الانضباط.
وتلفت د.هبة النظر إلي أهمية اختيار أصدقاء الطفل والمراهق مشيرة إلي الحديث النبوي الشريف 'المرء علي دين خليله فلينظر أحدكم من يخالل'.
مؤكدة ان تحري أهل هذا الصيديق لا يقل أهمية عن اختيار الصديق ذاته الذي ينبغي ان يكون بين الابن وبينه تكافؤ اجتماعي وثقافي وديني فلا يصادق الابن ابن أسرة تلعب القمار مثلا أو منحلة أخلاقيا أو أغني بدرجة كبيرة.
وتري د.هبة ان الفراغ وعدم اخراج الطاقة الجسمانية من أهم أسباب الانحراف بكل أنواعه فلابد من ان تكون هناك رياضة ومن الأفضل ان تكون رياضة تنافسية إضافة إلي شغل أوقات الفراغ.
ويتفق د.عبدالستار فتح الله سعيد أستاذ التفسير وعلم القرآن مع د.هبة مضيفا إلي روشتتها حديث رسول الله صلي الله عليه وسلم: 'يا معشر الشباب من استطاع منكم الباءة فليتزوج فإنه أغض للبصر وأحصن للفرج فمن لم يستطع فعليه بالصوم فإنه له وجاء' مؤكدا أننا نتكلم عن مراهق ليس في سن الزواج إلا اننا لا يمكن ان نغفل أهمية الصوم إضافة إلي استثمار الطاقة البدنية في أنشطة تبني الجسم واستثمار الطاقة الذهنية في أنشطة تشع العقل واستثمار الطاقة الروحية بالعبادة ولا ننسي قول عمر رضي الله عنه 'علموا أولادكم السباحة والرماية وركوب الخيل'.
إضافة إلي عدم تعريضه لمواطن الإثارة وتقوية مشاعره الإيمانية ومعلوماته الدينية مع شغل وقته في عمل اجتماعي كأن نأخذه معنا لزيارة أيتام أو مسنين ونطلب مساعدته في تقديم خدمات لهم أو المشاركة في ندوات أدبية وثقافية وفي الاجازة الصيفية لا بأس من أن يبحث عن عمل مهما كان بسيطا ليعرف قيمة العمل ونصقل شخصيته ويتلاشي وقت فراغه مع إعلامه بمخاطر الانحرافات الجنسية.
وهو ما يوضحه لنا د.أحمد صادق أستاذ الأمراض الجلدية والتناسلية بطب الأزهر والذي يؤكد ان ممارسة الجنس غير المشروع والعياذ بالله قد تؤدي إلي أمراض خطيرة كالسيلان والزهري والهربس التناسلي والإيدز إضافة إلي عدد آخر من الأمراض ينتقل عن طريق الجنس وهذه الممارسات قد تصيب الشخص باضرار نفسية بالغة فهو عندما يتزوج يكون مصابا بالاحساس بالذنب ويفكر ان الله سينتقم منه فيفشل مع زوجته وهذا النوع من الجنس غير المشروع يتشارك مع ممارسة خاطئة أخري و هي إدمان مشاهدة الافلام الجنسية أو مواقع النت التي تبث هذه الأشياء في انه نوع من الاشباع المسروق وغير السوي كالذي يتم في الحلال ويأخذ مجراه الطبيعي مما يؤدي إلي احتقان في الأعضاء وآلام أسفل الظهر والتهابات في مجري البول وآلام البروستاتا وقد يؤدي أيضا إلي عدم اقتناعه بالزوجة لأنه يقارنها بالموديل الذي شاهده والتي تجعله يتعلق بأشياء غير واقعية وهو ما يؤدي في النهاية إلي فشل العلاقة الزوجية وهي نفس النتيجة التي يصل إليها من يسرفون في ممارسة العادة السرية سواء كان ذلك علي مستوي الحياة الزوجية أو علي مستوي الأمراض العضوية كما قد يؤدي هذا الاسراف إلي تعود هذه الطريقة في الاستمتاع وهو ما يجعله يفشل أيضا في علاقته الزوجية وهي معلومات لابد أن نوضحها لأبنائنا.
وتشير د.هبة قطب إلي ان علاج الانحراف الجنسي يكون أصعب بكثير جدا عن الوقاية كما ان عواقبه غير مضمونة ولذلك فإن الوقاية هي أفضل الطرق لتجنب السقوط في هذا المحظور مؤكدة اننا في حالة النموذج المفتوح المنفلت وهو نموذج علاجه صعب ويحتاج إلي إعادة تأهيل نفسي ونموذج مكبوت تسبب أهله في كبته وهذا النموذج بحاجة إلي التأهيل النفسي هو وأهله ثم النموذج الثالث الذي مازال للأهل تأثير إيجابي عليه وهو نموذج كل ما يحتاجه هو التواصل والتفاهم والسماح بمساحة خطأ ومساحة تجاوز حتي نستطيع الخروج به من هذه الأزمة بسلام مؤكدة ان كل حالة لها أسلوب علاج مختلف بحسب المعطيات المحيطة بها وبحسب السلوك الشخصي لتلك الحالة مع عدم إغلاق الباب في وجه من يمارس العادة السرية مثلا بالضغط المستمر عليه لأنه قد يدفعه إحساسه إلي انه يمارس الحرام إلي ان يقول حرام وأنا باعمل حرام فيمتنع عن الصلاة والعبادات وهو ما يؤدي إلي ضياع كامل.
كما لا ينبغي علينا ان نفرط أو نسمح بمشاهدة النت أو الفضائيات التي تعرض المحرمات فهناك أشياء يجب ان نكون فيها في منتهي الحزم ومن لا يعجبه فليشرب من البحر فالحرام والحلال لا ينبغي فيهما الجدال.

  • Currently 113/5 Stars.
  • 1 2 3 4 5
38 تصويتات / 1780 مشاهدة
نشرت فى 8 إبريل 2007 بواسطة maxman

ساحة النقاش

maxman
»

ابحث

تسجيل الدخول

عدد زيارات الموقع

143,119