الآن ندلف إلى الحديث عن قوانين الزحاف في الرقمي القياسي ؛ وأنا الآن كما هو الحال في كل مرة أتناول فيها جزءا من العروض الرقمي القياسي ؛ فإنني أكتب من الذاكرة دون الرجوع إلى أي مصدر ولا حتى كتابي في الرقمي القياسي ؛ لأن من يفهم هذا المنهج لا يحتاج إلى الرجوع إلى أي مصدر عند إرادة استخدامه أو مراجعته أو الحديث عنه.

وعلمنا أن الزحاف نوعان : تخفيف وتعرية ؛ وهذا كل ملخص الزحاف : تخفيف وتعرية لا غير.

والتعرية إما أولى أو ثانية أو مزدوجة ؛ يا لليسر والسهولة ؛ وأنواع التعرية الثلاثة تسمى أيضا بالترتيب : تعجيل (ل) أو تأخير (ر) أو تزويج (ج).

فما هي القوانين التي تنظم دخول الزحافات على التفاعيل والبحور ؟؟

يوجد لكل من التخفيف والتعرية قانون في كل منها حالات جواز وحالات وجوب.

أولا - قانون التخفيف :

1- جواز التخفيف :

نعلم أن السبب الثقيل في التفعيلة يليه دائما أخ له خفيف ؛ فإذا سلم هذا الأخ الخفيف من التغييرات جاز دخول التخفيف على الثقيل ؛ أما إذا أصاب الأخ الخفيف أية تغييرات فعندئذ يكون التخفيف واجبا للثقيل.

2- وجوب التخفيف :

كما قلنا يكون تخفيف السبب الثقيل واجبا إذا تعرض أخيه الخفيف للتغيير وأشهر التغييرات هي المزاحفة (التعرية).

ما معنى هذا ؛ معناه أن تفعيلة مثل : 2’32 يمكن أن تتعرض للتخفيف على سبيل الجواز حالة بقاء سببها الخفيف دون تغيير فيجوز أن تصبح هكذا : 322 أو تبقى على حالها هكذا : 2’32

أما لو تعرض خفيفها للتغيير فأصبحت هكذا : 2’31 فإن سببها الثقيل لا بد أن يخفف ولا يبقى على حاله فتصبح التفعيلة هكذا : 312 ولا يجوز أن تبقى هكذا : 2’31

وهذا هو معنى وجوب التخفيف ؛ كذلك إذا تعرض السبب الخفيف في تفعيلة 23’2 للمزاحفة (التأخير) فإنه لا يجوز أن تتحول التفعيلة فتصبح هكذا : 23’1 وإنما يجب تخفيف الثقيل عندئذ فتصبح التفعيلة هكذا : 123

وهذا هو معنى وجوب التخفيف.

ثانيا - قانون التعرية:

إذا كان السبب منعزلا أي لا يجاوره أسباب أخرى ؛ ففي هذه الحالة يجوز زحافه ويجوز تركه سالما ؛ أما إذا كان مجاورا لسبب آخر سواء من نفس التفعيلة أو من تفعيلة مجاورة فعندئذ تتكون حزمة سببية تسمى طبيعية إن كان السببان في تفعيلة واحدة وتسمى مصطنعة إن كانا من تفعيلتين متجاورتين وتخضع الحزمة السببية بنوعيها للقواعد الآتية :

1- الجواز الأكبر:

وهو جواز سلامة الحزمة (22) أو تعجيلها (21) أو تأخيرها (12) أو تزويجها (11)

وهذا الجواز الأكبر لا يكون إلا في تفعيلة العجز السالمة (322) فقط لاغير ؛ وهذا يعني أنه يوجد في البحور التي يشتمل حشوها على هذه التفعيلة (322) ؛ ومن هنا يستطيع من يفهم القياسي أن يستنبط البحور التي تشتمل على تفعيلة العجز بحالتها السالمة ؛ بالطبع بحر العجز السالم ( الرجز) ثم نستبعد البحور المحجمة ثم البحر الثاني هو بحر العجز الممتزج (البسيط) ثم بحران من مجموعة العجز المفروق وهما الأوسط (المنسرح) والأخير (السريع) ، ولماذا استبعدنا الأول (المقتضب)؟ لأنه مجزوء وتفعيلة حشوه مفروقة وليست سالمة.

انظر كيف يسر لنا القياسي الاتجاه فورا نحو بحور العجز واستنباط ما في حشوه من تفعيلات عجز سالمة ؛ فعلمنا أنها أربعة بحور فقط!!

2- الجواز الأصغر ( أو جواز الإفراد ) :

هنا لا يجوز للحزمة إلا السلامة أو الإفراد (أي التعجيل أو التأخير) ولا يجوز التزويج : أي أن الحزمة (22 أو 2’2) يجوز سلامتها (22 أو 2’2) أو تعجيلها (21) أو تأخيرها (12) ولكن لا يجوز تزويجها (11) فهذا الأخير ممنوع.

وهذا القانون يسري على معظم بحور الشعر وهي البحور التي يشتمل حشوها على حزمة سببية خلاف تفعيلة 322 السالمة وخلاف بحري المضارع والمقتضب فهذان الأخيران يخضعان لقاعدة وجوب التخفيف التي سنذكرها بعد قليل.

ولهذا سنجد أن كل البحور التي التي تنطبق عليها تلك الشروط هي :

الهزج - الرمل - الوافر - الكامل - الطويل - المديد - المجتث - الخفيف - المنسرح

وسنجد أن عددها تسعة بحور ؛ وجميعها تم بالاستنباط بفهم المنهج القياسي ودون رجوع إلى أي مصدر.

وقد يقول قائل كيف يكون المنسرح عرضة للقاعدتين معا الجواز الأكبر والأصغر؟؟

نقول : لأن حشوه يحتوي على تفعيلتين إحداهما 322 السالمة وهي موضع الجواز الأكبر والأخرى مفروقة وهي موضع الجواز الأصغر ؛ ولا يوجد بحر غيره عرضة لتطبيق قاعدتين من قواعد قانون التعرية.

3- وجوب الإفراد :

وهذا يكون في بحري المضارع والمقتضب حيث لا يجوز للحزمة السببية بالحشو أن تكون سالمة (22) ولا مزدوجة التعرية (11) وإنما يجب الإفراد أي دخول إحدى التعريتين الأولى أو الثانية على الحزمة أي أن الحزمة تصبح : (21) أو (12).

وإلى هنا يكون حديثنا عن قوانين الزحاف قد انتهى ؛ ولكن نحب أن ننوه أن هذا يدلنا على الجائز والممتنع ولا يدلنا على الثقيل أو الغير مستحسن فقد يكون الزحاف جائزا ولكنه ثقيل مثل مزاحفة السبب الثقيل بصفة عامة ؛ أو تزويج 322 فتتحول إلى 311 فرغم جواز ذلك إلا أنه ثقيل وغير مستحسن.

وإلى اللقاء مع العلل الرقمية إن شاء الله

دمتم بخير

 

المصدر: الكاتب : د. عبد العزيز محمد غانم
masry500

طابت أوقاتكم وبالله التوفيق

  • Currently 35/5 Stars.
  • 1 2 3 4 5
11 تصويتات / 352 مشاهدة

ساحة النقاش

عدد زيارات الموقع

106,022