هذا ما نختتم به الفصل الثاني من المنهج الرقمي القياسي ؛ وهو كما يبدو من عنوانه حلقة وصل وربط اختنيارية بين دارس الرقمي القياسي وبين العروض التقليدي.
وقولي اختيارية معناه أن كل دارس يمكنه دراسته ويمكنه تركه وتخطيه حسب إمكاناته الذهنية وحسب أهدافه.
فإن كان الدارس يريد فهم العروض لنفسه فقط ولا يريد مناقشته مع الآخرين ولا يهتم بمعرفة ما يقوله الآخرون فيمكنه تخطي هذا الدرس ؛ بشرط أن يكون سلس التعامل مع الأرقام ، وبديهته معها حاضرة بمعنى أنه إن أراد أن ينظم على تفعيلة مثل 223 مثلا ؛ فإنه يقفز إلى ذهنه بسهولة نغمة (نعم لا لا) بطريقة تلقائية.
وأما إن كان يريد التواصل مع الآخرين وفهم مايقولون أو إن كانت الأرقام لا تنقاد له بسهولة في كل الأحوال ؛ فإن عليه في هذه الحالة أن يتواصل مع التقليدي من خلال هذه النبذة.
وفي هذا الصدد نقول الآتي :
عرفنا أن منظومة الصدر والتي تتكون من تكرار التركيب 223 ينشأ عنها عدة بحور بواسطة الإجراءات الأربعة التي تجري عليها ؛ وهذه الإجراءات تعطي بحورا جديدة ذات أجزاء تسمى تفعيلات.
والأن دعنا نتأمل الأجزاء الناتجة عن منظومة الصدر ذات التركيب 223
اجراء التسليم ينتج بحرا به نفس التفعيلة بلا تغيير 223 ونعلم أن 3 ترمز لمتحركين وساكن مثل : نعم ، بلى ، إلى ... وهكذا
وأن رقم 2 يرمز إلى متحرك وسكن مثلا : لا ، لم ، هل ... وهكذا
ورقم 3 يسمى وتدا مجموعا ، ورقم 2 يسمى سببا خفيفا في التفليدي وكذا في القياسي
ولو استبدلنا كل 3 بلفظة (نعم) وكل 2 بلفظة (لا) لحصلنا على التنغيم الصحيح للتفعيلة بل للبيت كله إذا كان يتكوان من تكرار هاتين الوحدتين.
فمثلا تفعيلة 223 نعبر عنها بنغمة (نعم لا لا) أو (إلى من من) وهكذا
ولكن من الآفضل أن نعطيها لفظا خاصا ثابتا حتى إذا ما سمعناه تعرفنا إليه دون تفكير ؛ هذا اللفظ هو (مفاعيلن)
فهذا اللفظ يتكون من (وتد)(سبب)(سبب) = (مفا)(عي)(لن) = (3)(2)(2)
وهكذا في كل التفعيلات يعبرعنها بألفاظ تشتمل على وحداتها ونغمتها ، وفي نفس الوقت تعطيها كنية خاصة بها ومميزة لها تعرفها فورا بمجرد سماعها.
والتفعيلات من حيث الوزن ثمانية أما من حيث الحكم فنزيد عليها اثنتين أخريين كل منهما تتفق وزنا مع تفعيلة مناظرة من مجموعة الثمانية ولكنها تختلف عنها حكما ؛ وسنعرف تفصيل ذلك في وقته المناسب.
والآن نتعرف كيف نعبر عن وزن التفعيلات المختلفة بألفاظ وكنى خاصة بكل تفعيلة :
1- 223 = مفاعيلن
2- 232 = فاعلاتن
3- 322 = مستفعلن
4- 23’2 = مفاعلتن
5- 2’32 = متفاعلن
6- 23 = فعولن
7- 32 = فاعلن
8- 322’ = مفعولات
9- 3’22 = فاع لاتن = فاعلاتن وزنا وتختلف عنها حكما
10- 32’2 = مستفع لن = مستفعلن وزنا وتختلف عنها حكما
ولتوضيح معنى الاختلاف في الحكم نذكر قاعدة وهي أن كل رقم 2 يمكن مزاخفته (يعني حذف آخره) وكل الرقم 3 لا يمكن إدخال أي تغيير عليه في الحشو.
ولذلك فإن مستفع لن تختلف عن مستفعلن في الحكم
كيف؟؟ انظر مستفع لن = 32’2 بينما مستفعلن = 322 انظر كيف أن الجزء الأخير في مستفعلن هو 3 لا يزاحف بينما الجزء الأخير في مستفع لن هو 2 قابل للمزاحفة ؛ وتجد عكس ذلك في الجزء الأوسط من التفعيلة ؛ وبذلك تكتشف بسهولة أنهما متفقتان وزنا ومختلفتان حكما.
ونفس الكلام يمكن قوله في فاع لاتن وفاعلاتن ؛ الأولي = 3’22 والثانية = 232 وتلاحظ بسهولة اتفاقهما وزنا واختلافهما حكما ؛ انظر كيف أن الجزأين الأول والأوسط في كل منهما عكس بعضهما الأخر في قبول الزحاف و عدم قبوله.
وإذا أنت تآلفت مع كنى التفعيلات ستجد نفسك قادرا على استنباط أي بحر والتعبير عنه بتفعيلاته ؛ فعلى سبيل المثال بحر المنسرح وهو الذي يرمز إليه حرف النون في لفظة (ضج فقنع) وهو الحرف الخامس ومعنى ذلك أنه يناظر البحر الخامس في البحور المفروقة أي بحر العجز مفروق الوسط (العامط) وهذا وزنه :
322 322’ 322
وإذا تذكرنا التفعيلات المناظرة سنجدها كالآتي :
مستفعلن مفعولات مستفعلن
انظر كيف استطعنا استنباط الوزن والتفعيلات دون الرجوع إلى أي مرجع
فقط بفهم المنظومات والاشتقاق والتآلف مع كنى التفعيلات.
كذلك ستجد قاعدة سهلة تخبرك عما يجوز من تغييرات ؛ والقاعدة العامة أن كل 2 قابلة للزحاف وكل 3 غير قابلة للزحاف مع وجود قانون ينظم دخول هذه الزحافات على الأسباب المتجاورة التي تظهرها الصياغة الرقمية القياسية في غاية الوضوح.
وسوف يأتي تفصيل ذلك في موضعه إن شاء الله
وإلى اللقاء في الفصل الثالث إن شاء الله
دمتم بخير
المصدر: الكاتب : د. عبد العزيز محمد غانم
نشرت فى 5 أكتوبر 2010
بواسطة masry500
عدد زيارات الموقع
112,762
ساحة النقاش