كثيرا ما يحدث خلافات وهمية بين العروضيين بسبب الخلط وعدم التمييز ما بين الشكل والمضمون في المسألة موضوع الخلاف.
وإنني متفق مع الأستاذ خشان تماما في أن من ينظر إلى شكل وصياغة الرقمي الشمولي من وجهة نظر تقليدية فسوف تظهر لديه اعتراضات كثيرة ؛ لذلك فإنه في حالة إقدام غير الدارس للشمولي لنقد الشمولي ومقارنته بالتقليدي فيجب عليه حينئذ ألا يتعرض إلا للنتائج فقط ؛ وله الحق حينئذ أن يقول إن الشمولي أعطى نتائج خاطئة أو غير سليمة في كذا أو كذا ؛ مثلما قلت أنا عن السبب (لن) في بحر الخفيف مثلا ؛ وليس هذا موضوعنا الآن إنما هو مجرد مثال بصرف النظر عما تنتهي إليه هذه المسألة.
وليس لمن لم يدرس الرقمي الشمولي أن يبدي رأيا في طريقة صياغته إذا ما كانت النتائج صحيحة ؛ ذلك لأن الشمولي قد صيغ على فلسفة مخالفة لفلسفة الصياغة التقليدية.
أما من درس الشمولي فمن حقه أن يبدي رأيه إذا ما وجد تناقضا في الصياغة أو عدم تناسق أو وجد صياغة أفضل لجزئية معينة تجنب الشمولي مشكلة ما ؛ وهكذا.
ويوجد أيضا داخل التقليدي نفسه خلط بين الشكل والمضمون في بعض الأحيان ؛ فمثلا لو قال أحدهم إن مستفعلن ذات الوتد المفروق تقبل الكف ؛ فترى آخر يرد :
كيف إن مستفعلن بها وتد مفروق؟؟ وكيف تقبل الكف؟؟
إن ما تقوله ينطبق على مستفع لن وليس مستفعلن!!
أو ينطبق على (عولات مس)؛ وهكذا تنشأ خلافات وهمية بسبب الخلط بين الشكل والمضمون.
ولهذا أريد أن أقول :
في مجال التقعيد والتأصيل ينبغي أن نستخدم كنية واحدة وهذا مطلب مهم بالفعل.
أما في حالة الشرح أو ضرب الأمثلة أو زيادة التوضيح فلا بأس من استخدام أشكال مختلفة مادام المضمون مفهوما وواضحا.
فمثلا عندما أريد أن أعبر - على سبيل المثال - عن حكم تفعيلة مستفع لن التي في الخفيف أو المجتث فيمكنني أن أستخدم أشكالا عدة للتعبير عن ذلك وكلها صحيحة لأنها تدل على مضمون واحد ؛ بشرط أن يكون هذا الاستخدام للشرح أو التمثيل ولا يكون للتأصيل أو التقعيد - فعند التأصيل أو التقعيد يجب أن نستخدم كنيتها الأصلية (مستفع لن) ؛ وقلت قد نعبر عنها في الشرح بعدة أشكال كالآتي:
1- نقول مثلا : (مستفعلن) التي في الخفيف
2- أو نقول : (مستفعلن) ذات الوتد المفروق
3- أو نقول : (مستفعلن) التي تقبل الكف
4- أو نقول : (مستفعلن) التي في المجتث
5- أو نقول : (مستفعلن) التي لها حكم (عولات مس)
6- أو نذكرها بكنيتها التأصيلية : (مستفع لن) سواء أضفنا لها وصفا أم اكتفينا برسم الكنية على هيئتها الأصلية دون إضافة أي وصف.
كل هذه الأشكال الستة وغيرها تدل على مضمون واحد لأنها جميعا تتحدث عن التفعيلة التي تتكون من سبب خفيف فوتد مفروق فسبب خفيف ؛ ويجب أن ينتبه الإخوة العروضيون إلى ذلك فلا يحدث بينهم خلاف ما دام المضمون واحدا ولا يقعوا في مشكلة الخلط بين الشكل والمضمون فتنشأ بذلك الكثير من الخلافات الوهمية التي نحن في غنى عنها.
إنما يحق لهم مطالبة من يخرج عن الشكل إذا ما كان يضع الشكل الجديد موضع التأصيل والتقعيد فحينئذ يحق لهم أن يقولوا له : تمهل يا أخي ولا يجب أن تستخدم في هذا المجال سوى الكنية الأصلية حتى لا تلتبس قواعد التأصيل والتأسيس.
وإلى لقاء آخر إن شاء الله
دمتم بخير
المصدر: الكاتب : د. عبد العزيز محمد غانم
نشرت فى 5 أكتوبر 2010
بواسطة masry500
عدد زيارات الموقع
111,817
ساحة النقاش