شاهدت طرفا من متابعة قناة الحرة على هامش حفل تنصيب ملكة جمال الولايات المتحدة واسمها ريما فقيه على ما أذكر ، وهي تتكلم بلهجة لبنانية ، مما يدل أنها لبنانية الأصل ، وقد كثرت تعليقات المدح والثناء لها ولطريقة حديثها البسيطة والعفوية ، وطبعا مدح أناقتها ونبلها وحسن تعاملها مع الجميع واستحقاقها لهذا الشرف ، وأنها قد أصبحت قاب قوسين أو أدنى لنيل الشرف الأكبر إذا حالفها الحظ وتوجت ملكة لجمال العالم.

ومما استوقفني كثيرا أحد التعليقات التي قالت إنها قد رفعت رأس العرب والمسلمين في الولايات المتحدة ، ولست أدري ماذا يمكن القول في مثل هذه المواقف ، فهل نركب الموجة ونهنئ ملكتنا الموقرة ، أم نقول الحق ونغضب كثيرا ممن تفرحهم هذه الأمور وتشرح صدورهم ويعتبرونها قفزة كبيرة في طريق التقدم والرقي ؟

إن القوى الفاعلة في العالم على استعداد لتقديم الإغراءات لنا للسقوط في الهاوية ، إنهم لا مانع لديهم من تتويجنا ملوكا للجمال ، أو ملوكا للغناء أو ملوكا للإلحاد ومنحنا ألقابا ومكافآت وجوائز سخية لمن يبدع في هذه المجالات ، ولكنهم عندهم ألف مانع من وصول أحدنا إلى منصب يؤثر في تحريك العالم في اتجاه مخالف لرغباتهم فحينئذ ستقوم الدنيا ولا تقعد ويستخدمون كل ما لديهم بما فيها ما يسمى الفيتو لمنع وقوع ما لا يرغبون فيه.

ومن الواضح أن جميلتنا قد اجتازت مراحل كثيرة حتى تم تتويجها ملكة على كل تلك الولايات ، وبالطبع فإنها لم تصل إلى هذه المرتبة إلا بالتصفيات والمقارنات بينها وبين كل الجميلات من جميع الولايات ، ولا تتم هذه التصفيات والمقارنات إلا عن طريق لجان من الخبراء والمتخصصين والمدققين في كل جزء وكل حركة وكل سكنة وكل لفتة وإيماءة وكل ملبس وأداة زينة فكل شئ مما تملكه كل جميلة هو مادة للتقييم فالأذرع والسيقان والصدر والنظرة والبشرة والأناقة والحديث واللفتة والحركة والسكنة والصوت والتعبير والانفعال كلها تدخل التمحيص والتدقيق والتقييم ولا شيء يمر عبثا ولا شيء يترك هملا.

وفي كل تلك المراحل لا تجد الجميلة ممن حولها إلا كلمات المدح والثناء والإعجاب والتشجيع والتمنيات الطيبة لها وطمأنتها أنها مرشحة للفوز عن استحقاق وجدارة.

وأكاد أجزم أنها لم تسمع من أحد المقربين كلمة تبين لها خطأها ، ولم تسمع من أحدهم نصيحة بوجوب الابتعاد عن هذا الطريق.

وأجد من واجبي أن أقول لها الحق سواء أبلغها هذا الذي أقول أم لم يبلغها ، لأنه على كل حال قد يبلغ بعض السائرات في طريقها أو اللاتي  يفكرن أو يتمنين أن يصبحن مثلها.

أقول لها : أيتها الجميلة هل أنت تريدين الدنيا فقط أم تريدين معها الآخرة ؟ إن كنت تريدين الدنيا فقط ولا تؤمنين بالآخرة أو تؤمنين بها ولا يهمك مصيرك فيها ؛ فهذا الطريق يناسبك فسوف تنعمين وتسعدين وتفرحين بما يجلبه عليك جمالك من مديح وتقدير وثناء ومال وغير ذلك ، ولكن إن فوجئت بعد ذلك بقصر هذه الدنيا فقد تموتين غدا ؛ ثم فوجئت بعذاب أليم فلا تلومي إلا نفسك لأنك اخترت هذا الاحتمال وهو أن مصيرك في الآخرة لا يشغلك ولا يهمك.

أما إن كنت حريصة على أن تنجي بنفسك من عذاب الآخرة وأن تكوني من المنعمات فيها بما لا يقارن بكل نعيم الدنيا الذي يخطر على بالك والذي لا يخطر لك ببال ، ففي هذه الحالة أقول لك يجب أن تراجعي نفسك ألف مرة ، فإن كنت تضمنين حياتك  بما يكفي للتوبة بعد نيل تلك الملذات الفانية فلا بأس إذن أن تتمتعي سنوات ثم تتوبي قبل انقضاء حياتك ، وإن كنت لا تضمنين حياتك لإدراك التوبة وتصحيح المسار فراجعي نفسك فورا ولا تتركيها رهن الأقدار فقد يأتي الأجل بأقرب مما تظنين فلا يفيد بعد ذلك ندم ولا يقبل فدية ولا تنفع شفاعة.

اللهم إني قد بلغت .. اللهم فاشهد.

 

المصدر: الكاتب : د. عبد العزيز محمد غانم
masry500

طابت أوقاتكم وبالله التوفيق

ساحة النقاش

mahdy500
<p>موضوع شيّق.ونصيحة&nbsp; أخوية قد تفيدها.ومن جانب أضيف بان هذا الاختيار قد يكون لبعد سياسي واجتماعي لاستمالة الراي العام العربي .ييوح أن هناك ودّ للجالية .مقابل الاذى الكثير الذي يتعرض له العرب&nbsp; وبالذات في فلسطين .{تهجير.حسار.حروب مروعة}وبمباركة من الادارة نفسها.أيضا نهج يسوفوّن له .للخلاص والبعد عن القيم والشرائع.وخلافه لا يقبل .وكما حدث مع المذيعة اللبنانية فى شبكة&nbsp; cnn كتنافبا لانه كتبت تعبير يمجد أحد الوطنيين .وقد تم ايقافها .بعد 20سنه شغل.</p>

عدد زيارات الموقع

112,773