<!--<!-- نشر بجريدة نهضة مصر العدد 990،992 بتاريخ 27،30 يونيه 2007م
وجريدة العالم اليوم العدد4982 بتاريخ 7/7/2007م
السيد مشالي
نظرة علي السياسة الخارجية المصرية..
من غزة.. الي جوبا..!!
رغم تحفظاتي علي بعض سياسات حكومتنا الرشيدة … إلا أن هناك كلمة حق تقال بالنسبة للسياسة الخارجية المصرية.. بخصوص ما يدور من غمز ولمز بين السطور في بعض المقالات.. بأن مصر تدور في فلك السياسة الأمريكية..تابعة.. لا متبوعة..!!
فإن ما حدث في السودان ، وفي فلسطين يستوجب وقفة المنصفين ليقولوا كلمة حق ..فيما إنتهجته السياسة الخارجية لمصر في هذين النموذجين كمثال.
ومن أخطر ما قرأت أخيرا - لكاتب نكن له من الإحترام الكثير.. صور ما حدث في فلسطين علي أنه "مؤامرة أمريكية إسرائيلية مصرية " لخدمة أبو مازن وللخلاص من حماس ..!!
وهو أمر جد خطير .. يستوجب المسائلة الأدبية علي الأقل..
ومن واقع تجربة شخصية عشتها في جنوب السودان خلال هذا الشهر ، ومن معايشة بعض الفصائل الفلسطينية وحوارات مع مسئولين من فتح وحماس 00 تتضح الحقائق التالية :-
أولا - أن لمصر ثوابت في سياستها الخارجيـة وخط واضح
ينحاز للحق والعدل والشرعية ، ويدعم عملية السلام
ودفعها الي الأمام من أجل إستقرار وأمن وسلام
المنطقة .
ثانيا - أن مصر لا تتخلي عن قضايا أمتها.
ثالثا - التوافق ما بين أهداف السياسة الخارجية والقدرات
المصرية.
رابعا - لا للمغامرات الخارجية فالأولوية للداخل المصري.
وهذه السياسة في إتجاه معاكس تماما للخط الأمريكي ..!!
ففي الشأن الفلسطيني - كل المعطيات تؤكد أن مصر قد إنتهجت نهجا يتسق ومصالح القضية الفلسطينية ، وكذا الأمن القومي المصري.. ولو لم تتخذ مصر هذا الموقف لظلت علامات إستفهام وتعجب ماثلة أمام أعيننا..
فموقف مصر من القضية الفلسطينية لا يستطيع جاحد مهما أوتي من قوة الحجة وجلاء البرهان - أن يجحد ما قدمته مصر من تضحيات في سبيل قيام الدولة الفلسطينية ولإسترداد الأرض والعرض ..
ولكن ما حدث في غزة مؤخرا – كان يستوجب أن تقف مصر بتاريخها ، وشموخها وقفة تصحيح مع الأخ والصديق .. وإتخذت النهج الذي يحفظ للقضية الفلسطينية حيويتها ، وديناميكيتها . وكان موقفها متسقا مع هذه السياسة رغم تعارضه مع السياسة الأمريكية.. ففي موقف الحصار الأمريكي لحكومة حماس - تجاوبت كافة الدول والمنظمات العالمية مع السياسة الأمريكية في حصارها والذي كانت نتائجه تجويع الشعب الفلسطيني – عدا مصر التي كانت هناك ببعثتها , ووفدها الأمني لمحاولة إصلاح الأثار المدمرة للقضية الفلسطينية وتخفيف معاناة المواطن الفلسطيني الذي أصابه الكثير من جراء سياسات ونهج حماس والتي كانت تدار من علي منابر المساجد ومن خلال خطبة الجمعة لرئيس الحكومة إسماعيل هنية.. وإستخدام الأسلام السياسي والفتاوي المفصلة من أجل التفرد بالسلطة- ومهما كانت النتائج ولو علي حساب معاناة شعب بأكملة .. وتحملت مصر كل هذا فسياستها مع الشرعية دائما ..
و عندما إنقلبت حماس علي الشرعية .. وإستباحت الدم الفلسطيني ومثلت بالجثث بصورة لا إنسانية بل أسقطت العلم الفلسطيني لترفع رايات حماس .. وتعدت حتي علي البعثة المصرية وأسقطت العلم المصري ، ونصب الشهداء المصريين في غزة.. فكان لابد لمصر أن تتخذ موقفا واضحا.. فأمنها القومي - خط أحمر.
وهنا أتسائل عن هوية نواب الأخوان الذين إعترضوا علي بيان لجنة الشئون العربية بمجلس الشعب والتي أدانت حركة حماس.. لدرجة أن وصل الأمر الي التراشق بالألفاظ مع حزب الأغلبية ... !!
<!--<!--
كاتب المقال مع وفد مشروعات كهرباء مصر
ومن القضية الفلسطينية الي جنوب السودان - وفي تجربة شخصية - سافرت الي جوبا لدراسة إمكانية الإستثمار والإعمار بإعتبارنا مكتبا استشاريا لبعض المستثمرين من الأخوة العرب.
وكان هاجسي عندما هبطت الطائرة في جوبا إني أهبط في أرض مجهولة.. وإذا بي أفاجأ بتواجد مصري بلا ضجيج.. تواجد الكبير الذي يقدم ..ولا يعلن.. والذي يعين .. ولا يمن.. .. ومتي ؟.. عندما أصبحت الحكومة شرعية ..!!
لم أكن أتخيل ومصر تمر بهذه المحنة الإقتصادية التي لا تخفي علي أحد.. أن تقوم بتقديم منحة 4 محطات توليد كهرباء لإنارة 4 مدن هي عواصم لأهم وأكبرالولايات في الجنوب وهي " واو ، بور ، رومبيك ، وبوامبيو"
ولا أستطيع أن أصف مشاعر وملامح الشكر والإمتنان علي وجه مستر أجوي مقوت شول – مدير عام هيئة كهرباء جنوب السودان ونحن في جلسة تعارف ودية في فندق جنوب السودان ضمت كل من السفير/ محمد منصف - ممثل جامعة الدول العربية في جنوب السودان ، والسيد / خالد عبد الرحيم – القتصل العام المصري في جوبا ، والسادة مهندس حسني الخولي ، والمهندس عبد الرحمن أبو العز ، والمهندس أنور هيبة – المسئولين عن إنجاز مشروعات الكهرباء في جنوب السودان ، ومدي الحماس والفخر والهمة في قرب إنجاز هذه المشروعات..
هذا عدا المشروعات الأخري التي بدأت تدخل حيز التنفيذ في مجالات التعليم والصحة والري والطاقة الزراعية.. وعلي رأس هذه المشروعات فرع لجامعة الأسكندرية بجوبا وإنشاء مدارس فنية ، ومركز تدريب حرفيين ، والمساهمة في تطهير مجري نهر النيل في جنوب السودان ، وإنشاء مستشفي ضخم في مدينة " واو" ومجموعة من العيادات الطبية في الجنوب ..
وللقارئ العزيز أن يعلم مدي تأثير ذلك علي شعب طيب شقيق عاني من ويلات الحروب لمدة 20 عام أوصلت هذه البلاد الغنية التي تحوي في باطنها الثروات والخيرات ..الي حالة مزرية لا طرق ، ولا كهرباء ، ولا مياه نقية ، ولا أي نوع من الخدمات الصحية والتعليمية ليفترس شعبها الفقر، والمرض ، والجهل ..
أعلمتم سر الحكمة في أن لا تنساق مصر الي مغامرات وحروب مدمرة تنقلها الي عصور مظلمة... وأن السلام خيار لابد منه..
وطبعا لا يختلف إثنان علي أن ما تنتهجه مصر من سياسة في جنوب السودان يتنافي ، و يتعارض تماما مع سياسة العقوبات ، والحصار الذي تفرضه واشنطون علي السودان...
فكيف تتهمون مصر أنها تابعة للسياسة الأمريكية .. !!
ونصيحتي للأخوة المصريين ، والعرب بالتوجه الي جنوب السودان فالأوضاع قد إستقرت بعد إتفاقية السلام بين الشمال والجنوب ، وتوقيع وثيقة تقسيم الثروة بين الرئيس البشير ونائبة الأول سلفا كير ، ورئيس حكومة جنوب السودان ، ونسبة الخطورة تكاد تتلاشي ، وحوافز وضمانات الإستثمار مغرية .. فالكل يتطلع الي الأعمار والتنمية.. فالأرض هناك غنية وخصبة وتحتاج الي عشرات المشروعات الأستثمارية التي تبشر بعوائد ربحية عالية تعود علي المستثمر وأهالي الجنوب بكل الخير وتؤكد وترسخ الوحدة والسلام.. وطبعا لايخفي علي أحد أن التواجد المصري في الجنوب ضرورة حتمية – إنسانيا ، وأمنيا فالجسد واحد .. مش كده ولا أيه...
القاهرة 22/6/2007م