|
|
عمرو خالد |
ما بين الإجابات الدبلوماسية.. والناقصة، والإشارات الموحية جاء الحوار مع عمرو خالد.. الرافض وصفه بالداعية.. والذي فضل خلاله الابتعاد تماماً عن السياسة والمؤسسة الدينية الرسمية، وعلاقته بالسلطة.
ورغم لهجته الحريصة قال خالد: «الشعوب العربية لا تتعايش مع الأنظمة الحاكمة.. والداعية الحقيقي قد يلتقي بالسلطة أحياناً»، وعرج إلي برنامجه «دعوة للتعايش» فقال: «استعنت بتامر حسني لأني أدعو إلي التعايش.. وأنا مش مِغسِّل وضامن جنة».
وانتقد المؤسسات العربية واصفاً إياها بأنها تفتقد البوصلة مثل الأسر والأفراد في مجتمعاتنا، وختم حواره معنا بالرد علي منتقديه قائلاً: «القافلة تسير...»، و«فأما الزبد فيذهب جفاء وأما ما ينفع الناس فيمكث في الأرض».. فإلي التفاصيل..
.. لماذا الآن «دعوة للتعايش»؟
- لأنه توقيت صراع، فهناك أجيال من الشباب وجدت الكبار في حالة صراع سواء في العراق أو لبنان وحتي في بيوتهم، ومن ثم فهؤلاء الشباب بعد وقت معين سيبدأون في رؤية الكبار وكأنهم ليسوا كباراً، فلو الشباب شعر بأن الكبار «صغار» فستنهار لديه القيم، ولو انهارت القيم لن تكون هناك جدوي من أي شيء، فمثلاً شاب لديه ١٧ عاماً دخل المسجد فوجد الكبار يتشاجرون،
وذهب إلي منزله فوجد والديه يتشاجران، وقرأ الصحف وشاهد الفضائيات فوجد الناس جميعاً في حالة شجار وصراع، وهو ما يراه أيضاً في الشارع، ومن ثم ففي النهاية لن يكون لهذا الشاب أي كبير، والشجار دائماً علي قضايا يمكن للناس أن يتحاوروا حولها، صحيح أن هناك قضايا مصيرية لابد من الاختلاف عليها، والدعوة للتعايش ليس معناها ألا نختلف، فالدعوة للتعايش تقول: «لابد أن نختلف.. ولكن لابد من الاحترام والاستماع لوجهة النظر الأخري».
.. الاختلاف في إطار التعايش؟
- نعم نستمع لبعضنا البعض، والنظر إلي وجهة النظر الأخري، المشكلة هي أن تضع الحق في كفة وهواك في كفة، وتفضل دائماً مصلحتك وهواك علي الحق، فتكون مستعداً للجدل لأنك لا تبحث عن الحق، فخوفي أن تخرج أجيال كل ما تستمع إليه هو كيف نشتم بعضا؟ وليس كيف نختلف؟ أي ضياع أدب الاختلاف وهو ما يؤثر علي القيم.
.. التعايش بين أي أطراف.. بين الأديان والحضارات أم علي مستوي المجتمع نفسه؟
- في هذا البرنامج يبدأ الموضوع من داخلنا كمسلمين، بمعني أن تكون العائلة هي البداية في ظل افتقاد التعايش وهو ما تجسده زيادة حالات الطلاق مؤخراً، حتي جيل الآباء والأبناء الذي أنتج إدمان الشباب للمخدرات وزواج البنت عُرفياً ولجوء الشاب للعنف في ظل الفجوة بين الآباء والأبناء، ثم مساجدنا ثم المسلمين والمسيحيين والشيعة والسنة، والعراق ولبنان، فالقماشة واسعة وتصل أيضاً إلي المسلمين والغرب.
.. ولكن هذه الدعوة لا تنفصل عن السياسة؟
- بالتأكيد فهي تلمس السياسة ولكن الموضوع في النهاية قضية فكرية، «فالدعوة للتعايش» لا يطرح موقفاً سياسياً بل طريقة تفكير للأجيال المقبلة، فنحن نكرر هذه الجملة كثيراً في دعوتنا وهي أن يبحث المرء دائماً عند حواره مع الآخر عن منطقة مشتركة بينك وبينه حتي يتم توسيع دائرة الاتفاق وتقليص دائرة الاختلاف،
وكيف يوجد المرء هذه المنطقة؟.. وأقوم بعمل هذا الأمر في برنامج من خلال «الحدوتة» التي أكرمني ربنا بالتميز فيها، حيث أحكي قصة حياة الأئمة الأربعة من منظور جديد لم يطرح من قبل في أي كتابات عنهم،
حيث أطرح قصتهم من منظور أنهم أئمة التعايش في الحوار والقدرة علي التفاهم والاستماع إلي الآخر، وهو ما تجسده مقولة الإمام الشافعي «رأيي صواب يحتمل الخطأ ورأي غيري خطأ يحتمل الصواب»،
وكذلك إنشاء الإمام أبوحنيفة مدرسة حوارية لمدة ٣٠ عاماً لإخراج مسائل فقهية، نصفها كان مخالفاً لآرائه الشخصية، لأنه اختار الحوار وكان ذلك عام ٨٣ هجرية، وهناك أيضاً الإمام مالك الذي رفض تعميم فقهه أيام الخليفة المنصور، وقال للخليفة «لا تفعل، فأصحاب رسول الله تفرقوا في البلاد، وعند كل قوم علم وفهم فإن جمعت الناس علي رأي واحد تكن فتنة، فاجعل الناس تطمئن إلي ما تطمئن إليه»، فماذا تقول في هذه الرؤية المنفتحة.
.. وعلي مستوي البيوت؟
- علي مستوي البيوت، الإمام أحمد بن حنبل قال «تزوجت امرأتي منذ ٣٠ سنة، فما اختلفت معها في كلمة إما أن أرضيها وإما أن ترضيني»، ومن ثم ففي حياة هؤلاء الأئمة «ثراء» للقدرة علي التفاهم، وقد تقول لماذا اخترت هؤلاء الأئمة للدلالة علي التعايش؟
وأجيب أولا بأن هؤلاء الأئمة لو أرادوا صراعاً أو شجاراً لجعلوها «حمامات دم» لأن لكل منهم أتباعاً متمسكين بآرائهم جداً ولكنهم اختاروا الحوار، وثانياً أوجه رسالة للغرب للرد علي قولهم بأن سبب جمود المسلمين هو فقههم وأئمتهم، وأؤكد لهم أن أئمتنا هم أئمة الانفتاح، وأعطي رسالة للمسلمين بألا يجروا إلي غيرنا، فالماء العذب لدينا، وهنا أضرب مثلا بأنه عندما يلتقي ماء النيل بماء البحر في رشيد،
فالماء العذب يدخل إلي داخل البحر دون أن يختلط به، وكان هناك مركب صيد مصري دخل في البحر وظن من عليه أنه يسبح في الماء المالح، وكانوا قد فقدوا الماء العذب وكانوا عطشي فطلبوا الماء من سفينة أجنبية فقال لهم قائدها لا تبحثوا عن الماء لدينا، فالماء العذب تحتكم،
وهو ما أقوله في برنامجي، فالدعوة للتعايش تأتي من جذورنا، فدعوتي للتعايش لا تعني الذوبان أو فرض ثقافة الغرب علينا أو أن تأخذ أرضي وتطلب بعدها أن تتعايش معي، فهذا ليس تعايش، فالتعايش معناه الاحترام لكن تضربني علي «قفاي» وتطلب بعدها التعايش، فهذا أمر مرفوض.
.. ألا تري أن استعانتك بالمطرب «تامر حسني» لغناء مقدمة ونهاية البرنامج قد تسيء إلي الفكرة بالأساس؟
- ألا يقبل ربنا التوبة؟
.. نعم يقبل التوبة.
- لابد أن نمد أيدينا لمن يريد تغيير نفسه، وهل أنا مسؤول عن أفعاله، لماذا لا أعطيه الفرصة، فإذا كنت أدعو للتعايش فلماذا لا أمد جسراً بدلاً من أن أبني حائطاً؟!
.. عندما تقدم رسالة لابد أن تختار قدوة للشباب حتي فيمن يغني التتر؟
- في النهاية عمرو خالد هو صاحب الموضوع من الألف إلي الياء، ويحاول أن يكون قدوة للشباب، أما فيما يخص الاستعانة بتامر فلماذا لا تقول إنك تجعل شخصاً ما قدوة للشباب في يوم من الأيام، وأسهل شيء أن أقول «مش عاوز وجع دماغ»، وفي النهاية أنا مش مغسل وضامن جنة، ولكن لو مديت الجسر وتامر استجاب ألا يعد ذلك انطلاقة جيدة يستفيد منها المجتمع، نقطة أخري أليس من المصلحة أن تقوم بتوسيع شريحة الخير داخل كل إنسان، فكل ذلك مكسب لأنه كلما زاد الخير قل الشر.
وأنا في النهاية صاحب رسالة دعوية، فمن واجبي مساندة إنسان يرغب في إصلاح نفسه، وإذا لم يحافظ هذا الشخص علي هذه الفرصة ويستقيم عليها، فلست مسؤولاً عنه، فقد قمت بالدور الذي من المفروض أن يقوم به المجتمع.
.. ولكنك خسرت من تجربة سابقة مع أحمد الفيشاوي؟
- عمرو خالد ليس له علاقة بأحمد الفيشاوي سوي أنه فتح له طريقاً وسيظل يفتح طرقاً لآخرين، وأكررها ثانياً «أنا مش مغسل وضامن جنة»، وعمرو خالد ترك مصر بعد أن دل الفيشاوي علي الطريق، ومن ثم انعزل عنه وعن شباب آخرين كان قد أخذ بأيديهم، فكيف تحاسبني الآن، لقد تركت البلد ولا أرغب في أن أذكر كلاماً آخر، يعني أنا تركت البلد وانت جاي تحاسبني دلوقتي بالرغم من أن مسؤوليتي هي أن أفتح طريقاً.
.. دعوة للتعايش، فكرة رائعة ولكن هل تري أن هناك تعايشاً بين الشعوب والأنظمة؟
- هذا الأمر هو الوحيد الذي لم أتحدث فيه بالبرنامج، ومن رأيي لا يوجد تعايش بين الشعوب والأنظمة الحاكمة.
.. ما الأسباب؟
- ثقافة التعايش مفتقدة فلم نأخذها في المسجد أو المدرسة أو التليفزيون ولم نترب عليها كلنا جميعاً سواء حكاماً أو محكومين، فنحن نفتقد هذه الثقافة التي تعد جزءاً أصيلاً في ديننا، فأول درس في البشرية كان «ابني آدم» حيث قتل أحدهما الآخر، كأن أول درس هو ضرورة التعايش في الأرض، ولا يوجد لدينا مثلاً مادة دراسية تسمي التعايش أو حتي يمكن أن نأخذها من التليفزيون، بل علي العكس، فالتليفزيون يعلمنا كيف نتشاجر، فالبرامج الفضائية القائمة علي المناظرة والتسخين تقتل قيمة التعايش، ولا أجاملكم إذا ذكرت أن جريدتكم «المصري اليوم» قادرة علي الاستماع إلي الحوار، وهذا هو لونها.
.. ما مظاهر غياب التعايش؟
- المظاهر تبدأ بالطلاق علي أسباب تافهة مروراً بانشغال الآباء عن الأبناء وانتهاء بالخناقات في المساجد علي رفع اليدين أو إنزالهما وهو حكم من الأحكام الفرعية، وهناك قاعدتان أرجو تسجيلهما، القاضي عياض يقول «أعلم أن مدار أحكام الشريعة علي الألفة بين المسلمين خاصة وبين الناس عامة»، فالغيبة والنميمة والجدال حرام لأن مدار أحكام الشريعة علي الألفة، والثانية تتمثل في أن الإمام الشافعي يقول «يجوز الاقتداء بالمخالف في الفروع من أجل ألفة المسلمين» لأن الألفة فرض، ولكننا مفتقدون هذه الثقافة.
.. هل التعايش مظهر من مظاهر الديمقراطية أم أعلي منها؟
- أعتقد أنه أعلي من الديمقراطية لأنه مرتبط بجذور التفكير والرؤية للآخر في العموم.
.. ألا تتحمل المؤسسة الدينية الرسمية جزءاً في المسؤولية عن غياب التعايش؟
- هذه ليست مسؤولية المؤسسة الدينية وحدها، فالأمر وظيفة مجتمع، في «دعوة للتعايش» نحن نضرب جرس إنذار، فلابد أن نكون واقعيين، فالبرنامج لن يغير مفاهيم الناس، وهذا الجرس مجرد إنذار لكي ينتبه الناس إلي أن هناك خطراً علي قيم الجيل المقبل، وحرام أن نحمل المؤسسة الدينية المسؤولية، أو نتوقع نتائج مبهرة من البرنامج، فلو أن «المصري اليوم» وضعت ضمن مستهدفاتها قضية الحوار والتعايش، فبالتأكيد ستحقق أثراً، وهكذا لو كان الأمر من برنامج تليفزيوني أو عالم أو خطبة جمعة أو مادة دراسية في وزارة التربية والتعليم والمؤسسة الدينية، ومن ثم فالمسؤولية مشتركة بين الجميع.
.. هل يمكن أن يعيش شعب دون بوصلة؟
- لا بالطبع.
.. هل لدينا حالياً هذه البوصلة.. لا أقصد علي المستوي الديني.
- أريد أن أقول لك أكثر من ذلك، فهل يمكن أن تعيش أسرة دون بوصلة، وهل يمكن أن يسافر شخص علي طائرة دون أن يعرف وجهتها، وملاحظتي علي كل الأسئلة أنني أريد أن أوسع الموضوع من البعد السياسي إلي البعد الاجتماعي والوطني والعربي، فحتي علي المستوي الشخصي نحن نفتقد البوصلة، ما هي أهدافي ورغباتي، فعندما نقول إن الأسرة مفتقدة البوصلة والفرد مفتقد البوصلة أعتقد أن مؤسسات كثيرة مفتقدة البوصلة.
.. دائماً ما تقدم أفكاراً ناعمة مثالية لكنها في النهاية تنتهي دون تأثير؟
- أعتقد أنني أقدم العكس، فمنذ أن بدأت كان لدي في كل برنامج هدف أريد تحقيقه، بدءاً ببرنامج «نلقي الأحبة»، الذي كان حواديت مثالية عن الصحابة، ولكنها كانت دعوة للارتباط بالجذور، نعم كانت ناعمة وقيل إنها كانت سطحية غير أن هدفي كان هو النزول إلي الشباب،
والتأكيد علي فكرة تذكر جذوره وأجداده «عمر وخالد بن الوليد و.....»، وفي «صناع الحياة» لم يكن فكرة ناعمة فكان دعوة للعمل، «حتي يغيروا ما بأنفسهم»، في حرب العراق لم تكن فكرة ناعمة، وفي «علي خطي الحبيب»، كانت دعوة لتقليد النبي في العمل والاجتهاد، فلا أريد أن أخدر مشاعر الناس بكلام بسيط، وكون الكلام بسيطاً فهذه نعمة من الله لكي تصل إلي الشاب وست البيت، لكن في الآخر، هو ما الذي تهدف إلي تحقيقه.
.. هل قرأت دراسة الدكتور أحمد زايد عميد آداب القاهرة عن صور الخطاب الديني المعاصر؟
- سمعت عنها، ولم أقرأها ولكن طلبتها لكي أقرأها.
.. في تحليله مضمون ما تقدمه، قال إنك تقدم خطاباً متمسرحاً بمعني «يغلب عليه الأداء المسرحي دون مضمون»، ويخاطب فئة معينة من الجمهور وهم جمهور الفضائيات؟
- وهل أتيحت لي فرصة أخري لأخاطب الناس بعيداً عن الفضائيات، وألم تكن بدايتي في مسجد الحصري في ٦ أكتوبر، قل لي «أروح فين»؟!، وقد يقوم أي شخص بدراسة دون أن يكون لديه إلمام بجميع الأحوال، وأسجل هنا احترامي للدكتور أحمد زايد، وقد قرأت بعضاً من كلامه، وفي هذه الجزئية الخاصة بالأداء قال: «يؤدي أداء مسرحياً للوصول في النهاية إلي فكرة يغرسها في عقول الناس. كما قال إن أكثرهم نجاحا «عمرو خالد» لوصوله إلي الناس..
.. ولكنه قال إنك تمثل لثقافة الاستهلاك بما تقدم من صور في خطابك
- هذا الرأي «فوق رأسي من فوق»، ولكن هناك رأياً آخر للدكتور عبدالوهاب المسيري في تحليله لما يقوم به عمرو خالد عكس رأي الدكتور زايد تماماً فقال: «عمرو خالد يدعو إلي الإنتاج وتحريك الشباب لأن يكونوا مفيدين لبلدهم مصر»، اقرأ كلمات الدكتور عبدالوهاب المسيري وقارن.
.. كتب الدكتور زايد أيضاً أنك تحولت من داعية إلي نجم إعلامي، «طلَّته» مثل طلة نجوم السينما
- أريد أن أسأل سؤالاً: «ما هو المطلوب في النهاية؟!»
.. التأثير...
- داعية ونجم إعلامي، دعنا نركز علي المضمون، فهذا الكلام يشبه «طب إنت ليه لابس بدلة ومش لابس عباية أو جلباب»، عيب أن نتكلم في هذه الأشياء الصغيرة ونترك مضمون الرسالة، وهل هذه الرسالة مفيدة أم غير مفيدة، لكن كلمة «أداء مسرحي، فهذه وجهة نظر أحترمها أدباً.
.. هل لو استمر عمرو خالد في المسجد لكان أكبر تأثيراً من الفضائيات؟
- طبعاً أكيد الفضائيات أكثر تأثيراً، ولكنها لا تغني عن المسجد أو قاعة المحاضرات أو الاتصال الشخصي.
.. هل تسعد بالمسجد أكثر أم بالفضائيات؟
- أنا مدرك دور كل منهما، أعتقد أني فاهم إعلام «شوية علي قدي» وأنا «اتوقفت» من المسجد قبل الفضائيات.
.. هل وضعت أو رسمت منهجاً للبرامج التي تقدمها؟
- نعم راسم صورة.
.. ما هي تفاصيل هذه الصورة؟
- هذه الصورة كما أفهمها مثل الـ «PUZZILE» توضع تباعاً قطعة قطعة، وأول قطعة كانت البرنامج، ومازلت أضعها كما في برنامج «باسمك نحيا» ووضعت قطعة أخري هي التنمية في «صناع الحياة» وهناك قطعة أخري فكرية هي «التعايش» وستوضع قطعة أخري هي الأسرة في رمضان المقبل،
والعنوان الذي يجمع كل هذه القطع هو التنمية بالإيمان ومن أجل ذلك فأنا أستغرب لكلامك كثيراً فقد تكون - وما تزعلش مني - مش متابع كويس أو أنك تأخذ كلاماً من آخرين دون أن تحلله، ولازم هنا أضبطك علشان إنت بتخبط، فإما تشيل كلامك أو تشيل الكلمتين دول.
فهناك نتائج تتحقق، وأنا أحاول ولا أدعي أنني ناجح قوي، ولكن أري بعيني - وعلي موقع عمرو خالد - أن هناك أشياء تحدث في صالح التنمية بالإيمان.
.. هل يواجه الدعاة مشكلة حالياً في الدول العربية؟
- لست موافقاً علي كلمة «الدعاة»، فأصحاب الضمير والفكر في تاريخ البشرية يتعرضون لمشاكل، وأصحاب المبادرات يتعرضون لمشاكل أكبر، لأن الناس لا تري ماذا يفعلون فيكون الأصل «النقد» قبل التفكير في صواب أو خطأ ما يطرح، لأنه لم ير هذه الصورة من قبل، والتاريخ يقول ذلك.
.. ولكن ذلك يتم مع الدول والأمن والأنظمة والحكومات.
-في النهاية هذه قصة حياة متكررة، الأئمة الأربعة لم يكونوا صداميين، ورغم ذلك تعرضوا لمشاكل كبيرة، فهي قصة بشرية ليست مؤقتة أو وقتية.
.. هل الداعية الحقيقي هو الذي لا يلتقي بالسلطة؟
- خطأ.. يلتقي أحياناً ولكن في منطقة المساحة المشتركة وبالضمير ورؤية الخير، وبالنسبة للأئمة الأربعة وجدنا أنهم جميعاً أوذوا وأيضاً التقوا بالسلطة فترات وفترات.
.. ألم يلتق عمرو خالد حتي الآن بالسلطة؟
- ما تعريف الالتقاء وماذا تقصد به؟
.. ممنوع
- أنا موجود في مصر والحوار يتم في مصر.
.. ولكنك لا تستطيع أن تدخل مسجداً، فأنت ممنوع من التواصل مع الناس.
- «ضحك عمرو خالد مقهقهاً» ولم يجب
.. لماذا أنت ممنوع حتي الآن؟
- إنت جاي تسألني أنا؟!
.. بالتأكيد لديك إشارات في هذا الشأن
- أنت تسألني.. شخصي لا يجب أن يُسأل عن ذلك
.. كم عاماً مر علي منعك؟
- حوالي ٥ سنوات.
.. طوال السنوات الخمس، ألم تصل إلي تحليل أو معلومات؟
- أنا تركت التحليل لك.
.. بالتأكيد استفسرت وحللت لماذا أنت ممنوع؟
- دعني أقل كلمة سهلة: «دعنا ننظر إلي المستقبل بشكل أكثر تفاؤلاً «ضحك»، ثم قال: «كلام دبلوماسي جداً.»
.. نعم دبلوماسي جدًا.. دعنا نخوض في أمر آخر.. هل مزاج الشعب المصري يتجه إلي الدين أم لا؟
- الشارع المصري يحتاج إلي حل لمشكلة البطالة ويعيش أكثر اطمئنانًا علي مستقبل أولاده، وهذه أولوية طبيعية لا نستطيع أن نلومه عليها وهذه نقطة اتفاق كبيرة في بلدنا، وتظل مناطق الاختلاف، ولكن البطالة هي نقطة الاتفاق.
.. هذا معناه أننا متجهون إلي الدين أكثر؟
- في رأيي أن البطالة هي أكثر ما يشغل باله ولكن الدين والإيمان جزء من تركيبة مصر منذ فجر الضمير، وجزء من تكوين الضمير في جذورهم هو الإيمان، وفصل ذلك مستحيل، وتخيل عدم وجوده مستحيل.
.. كيف تري اللغط الدائر حاليا حول مادة الشريعة الإسلامية في الدستور؟
- أيا كانت هذه التعديلات، فنحن نريد مستقبلاً أفضل لبلدنا يحيا الناس فيه وهم مطمئنون علي مستقبلهم ومستقبل أولادهم.
.. علاقة الدين بالسياسة، ما هو مفهومك للإسلام السياسي وهل يمكن أن يكون الإسلام حلاً؟
- أنت تسألني عن فكر معين لا أريد الخوض فيه حاليا.
.. ولكن المشهد المصري متشابك كثيرًا.
- لقد قلت قبلا الحفاظ علي مستقبل أولاده والقضاء علي البطالة والإيمان.
.. هل هذا يرتبط بالنصوص المكتوبة؟
- لقد انتهيت قبلا من مسألة التعديلات.
.. هل تتابع ما يحدث في مصر؟
- طبعًا.
.. ما هو أكثر شيء أثار مخاوفك علي مصر خلال الفترة الماضية؟
- البطالة وليس خلال الفترة الماضية بل علي مدار السنوات الماضية فالبطالة تأتي بالمخدرات والانحرافات السلوكية والاغتصاب وترك الدين، فلو تحدثنا عن مستقبل التدين فالبطالة خطر علي التدين، فألف محاضرة إيمان لن تؤثر في شخص عاطل،
فكيف تعظني وأبي يعطيني مصروفي، طبعًا وأكررها أكثر شيء يخيفني علي مصر هو البطالة، والرسول صلي الله عليه وسلم يقول: «اللهم إني أعوذ بك من الكفر والفقر» فلماذا ربط بين الكفر والفقر؟ لأن الفقر يأتي بالكفر.
.. تتحدث في دعوة للتعايش عن الحوار- فهل يجري هذا الحوار من القمة إلي القاع أم العكس؟
- لا.. احنا عايزين نبدأ من الجذور، وأنا أتحدث في هذا البرنامج للناس والستات والأزواج.
.. أشعر بأن الفكرة خيالية نوعًا ما بالدعوة إلي التعايش في المستوي التحتي، رغم أن علماءنا والنخبة نفسها غير قادرة علي التعايش.
- «لا يكلف الله نفسًا إلا وسعها».. أنا أتحدث إلي علمائنا والناس، وأستخدم في حديثي إمكاناتي كأداة إعلامية، وأدعو إلي التفكير، ولست خياليا بل أتعامل مع الواقع وأحاول أن أغيره.
.. الحوار مع الفاتيكان من جانب الأزهر؟!
- أوافق علي الكلام الذي أثير بشأن الاعتذار الحقيقي من بابا الفاتيكان، وينبغي أن نتنبه إلي أن هناك فرقًا بين الشعوب وبين متخصص يعي ما يقول، فحوار الغرف المغلقة غير حوار الشعوب البسيطة، ومنزلة الأزهر الشامخة عند المسلمين تجعله يختار الأولي للحفاظ علي مكانته وأداء رسالة مفيدة عالميا.
.. وهل هو قادر علي الحفاظ علي هذه المكانة حاليا؟
- دعني أقل لك كلامًا ليس دبلوماسيا، ولكنه حقيقي ألا وهو أنه ليس من مصلحتنا أن نهون من شأن هذه المؤسسة، بل يجب علينا أن نساعدها لأنها رمز للإسلام ورمز لمصر.
.. ولكنها تحتاج إلي إصلاح خاصة أن هناك نماذج سلبية خرجت منها بدءًا بالميليشيات وانتهاء بالجاسوس.
- لا أحب أن أخوض في ذلك، فالأزهر يحتاج إلي إصلاح ولكن من مصلحة الإسلام ومصر أن يظل الأزهر كبيرًا.
.. هل علمت أن هناك شخصًا يقلدك؟
- نعم ولقد اتصل بي.
.. من هو؟
- مايصحش أقول اسمه، واتصل بي وقال «أنا عملتها بحسن نية» فأنا أحب الكورة جدًا، وعملتها بهزار وماكنتش فاكر أنها ستنتشر بهذه الطريقة، وسلمت عليه وسامحته.
.. هل سمعته وهو يقلدك؟
- نعم
.. هل غضبت من تقليدك؟
- لا لم أغضب.
.. بس قلدك مظبوط.
- نعم قلدني مظبوط وضحكت وغصبًا عني ضحكت.
|
ساحة النقاش