الدنمارك والنروج تحولتا الى عدوتين خلال ساعات

الانترنت 'تؤجج' صراع الحضارات


تداعيات رسوم الكاريكاتور تطرح تساؤلات حول حدود الحرية في عصر الانترنت.

 

تطرح حملة الاحتجاجات على الرسوم الكاريكاتورية عن النبي محمد (ص) التي اتسمت بالعنف في بعض الدول تساؤلات حول الحد الفاصل بين الحق بالتعبير واحترام الآخر في عالم تحول الى "قرية صغيرة"، بحسب ما يرى عدد من المعنيين بالشأن الاعلامي.

ويرى المسؤول في قسم التحرير في صحيفة "النهار" اللبنانية راجح الخوري ان موجة الاحتجاجات على هذه الرسوم "ناتجة عن تقدم ثورة الاتصالات بشكل هائل في العالم، اذ بات ما يحصل في اي بلد يعرف في كل انحاء العالم بفضل الانترنت" والتلفزيونات الفضائية.

ويضيف "العالم اصبح كقرية صغيرة".

وقال الخوري ان هذا الواقع "يفرض الكثير من التحديات على الاعلام. فهناك تقاليد ومشاعر غير ممكن ادراكها بالسرعة نفسها التي ينتقل فيها الاعلام".

وفي هذا الاطار، يرى رئيس مجلس ادارة صحيفة "الدبور" الانتقادية الاسبوعية اللبنانية جوزف مكرزل "ان الذي رسم الكاريكاتور اولا في الدنمارك فعل ذلك عن جهل. فهو لا يعرف ان الدين الاسلامي يحظر رسم الرسول"، مشيرا الى ان الاعلام الغربي غالبا ما يتعرض للدين المسيحي وللمسيح.

وقال "لذلك لا اظن ان هناك سوء نية في البداية. ولكن بعد ذلك، مع اعادة نشر الرسوم في فرنسا مثلا وفي غيرها من الدول، وبعد ان عرف الجميع بالاحتجاجات وبان الاسلام يحظر رسم الرسول، اعتقد ان الامر تحول الى تجن".

واضاف مكرزل الذي تستند صحيفته الى حد كبير الى الرسوم الكاريكاتورية والمقالات اللاذعة، "كل انسان حر بان يعبر عن رايه شرط ان يلتزم حدود احترام الآخر في حياته الشخصية وحقوقه كانسان بما فيها حرية المعتقد".

من جهته يقول فنان الكاريكاتور ستافرو "نحن في الشرق نتأقلم مع الوضع الذي نحن فيه ونلتزم الحدود".

ويقول ستافرو ان الخطأ الذي ارتكب في اوروبا هو "انهم اخترعوا شخصية للنبي محمد" بينما رسمه محرم بالاسلام.

ويضيف "المسيح نعرف ملامحه وشكله الى حد ما عبر الصور المنتشرة له. وانا لم اتردد في رسم المسيح لدى صدور فيلم 'الام المسيح' الذي لاقى نجاحا كبيرا. رسمته واقفا في الصف ينتظر شراء بطاقة لحضور الفيلم". الا انه رفض المس "بالمقدسات".

ويرى راجح الخوري ان الحل يكمن في ان تفرض وسائل الاعلام على نفسها "التأني والتعمق لمعرفة مشاعر الناس على الاقل في الموضوع الديني".

واوضح الخوري انه لم يتردد في كتابة مقال انتقد فيه عقد مؤتمر في لبنان لدحض المحرقة اليهودية معتبرا ان هذا المؤتمر "يسيء الى مشاعر اليهود. فرغم ان اسرائيل عدو ودولة معتدية على لبنان، ينبغي احترام مشاعر الانسان اليهودي".

ويرى فنان الكاريكاتور بيار صادق ان "الحرية يجب ان تتوقف عند كل ما يتعلق بالله".

ويضيف "انا ارسم 'كلمة' الله ولا يكون في التعليق اي سخرية. لا تجوز السخرية في الدين، ولا يجوز المس بالانبياء".

وروى ان حوارا هاتفيا حادا جرى قبل اسبوع "بيني وبين مسؤول في حزب الله لانني رسمت السيد حسن نصر الله (الامين العام لحزب الله) وقالوا لي ممنوع ان ارسمه. وقلت لهم انا مسيحي وعندما يتعاطى البطريرك نصرالله صفير (البطريرك الماروني) في السياسة ارسمه. لا شيء محرم في الكاريكاتور تحت سقف الله والانبياء، لكنني احترم الاديان".

ويبدو هذا الطرح اشد الحاحا في عالم متعدد يزداد انفتاحا على بعضه وتتسع فيه دائرة الجدل حول "صراع الحضارات" او "حوار الحضارات".

وجاء في مقال في صحيفة "النهار" اللبنانية الاحد بقلم المندوب السابق للجامعة العربية في مقر الامم المتحدة في نيويورك كلوفيس مقصود "في الواقع ليس هناك صراع حضارات لان الحضارة مقاييسها واحدة والسلوك الحضاري يتمثل في حكمة سائدة وانضباط مناقبي وتأكيد لحرمة الكلمة ونمط في التعامل مع الغير يثري ثقافة السلام ويلتزم الانفتاح".

وفي صحيفة "هيرالد تريبيون" الاميركية الصادرة السبت كتبت المحللة السياسية صوفيا سيلاغيي من بودابست "سواء احببنا ذلك ام لا، فاننا اليوم كلنا جيران بحكم الامر الواقع. وهذا يزيد من تحديات العصر لجهة التوصل الى اقامة توازن بين الحق بالحرية الفردية والحق بالحرية الجماعية".

وتضيف "لم تكن حرية التعبير يوما قيمة جامدة بحد ذاتها (...) والاعلام يحتاج الى ان يتطور مع تطور الرأي العام، ويحتاج الى التركيز على المسؤولية وليس فقط على الحرية".

  • Currently 104/5 Stars.
  • 1 2 3 4 5
34 تصويتات / 472 مشاهدة
نشرت فى 20 فبراير 2006 بواسطة mara

ساحة النقاش

عدد زيارات الموقع

937,990