جاك تيلور
كانون أول \ ديسمبر 1990

 

 

أوراق الموساد المفقودة ...
قصة سرقة أوراق من الموساد عام 1975 و من مجريات عملية تتبع الموساد لسارق هذه الأوراق نجحت الموساد في استرداد نسخة منها و قتلت مدير مكتب وكالة المخابرات المركزية الأمريكية المدعو" ريتشارد ديك ويلش"عندما سعى للحصول على نسخة منها و من ثم وصول هذه الأوراق الى الكاتب الذي اختار لنفسه اسم جاك تيلور الذي اشترى هذه الأوراق من عميل للموساد الإسرائيلي يدعى" نيت جولدمان " لصالح وكالة الاستخبارات الأمريكية
و هذه الأوراق حسب قول نيت جولدمان :
انها إرشادات و توجيهات بسياساتنا و برامجنا يجري تعديلها كل سنة , أو شيء من هذا القبيل .
و اتفق مع المؤلف على بيعها بسعر فائدة 100 ألف دولار سنويا و حسب قوله أن هذا المبلغ لن يكلف العم سام شيئاً ....

مادة أوراق الموساد الاثنى عشر المفقودة :
1- الإرهاب
2- استقطاب و تجنيد القادة
3- جمع التبرعات
4- حقول نفط سيناء
5- أرض إسرائيل
6- العرب
7- هجرة اليهود
8- الأسلحة النووية
9- حروب المستقبل
10- أقصى حدود الأمن
11- العداء للساميّة
12- كيف يغدو النفط مجزياً ؟.
و هي اثني عشر محاضرة قدمت داخل أجهزة الموساد ضمن مستوى قيادي معيّن .

Jack Taylor
the taxi papers
israel's bluprint for empire

britich library cataloguing in puplic data
printed in england by masland ltd ., tiveron , devon

 

 

 

 

 

 

 

إن القصة إما أن تكون خيالا بدون كاتب أو حقيقة بدون شاهد. لقد تمت كتابتها, أو بالأصح تم البحث فيها, بواسطة موظف بمكتب الاتصال الخارجي الأمريكي وإليه يعود الفضل في تحويل الكتابة إلى تقرير رسمي. هذا الرجل والذي أطلق على نفسه اسم جاك تايلور, قام خلال السنتين الماضيتين بإرسال مخطوطته من 15 إلى 20 دار نشر في الولايات المتحدة الأمريكية والمملكة المتحدة, وجميعها رفضت أن تنشرها. عندما وصلتني, أجملَ الكاتب معها حتى ردود الرفض التي وردته, والتي أجمع غالبيتها على أن الكتابة إما كانت ركيكة أو بدت كخدعة- وأن في كلتا الحالتين, فإن الإسرائيليين لا ينجزون أعمالهم بهذه الكيفية, أو حتى إذا فعلوا, فإنهم سيجعلون حياة من يكتب عنهم "غير سارة". أشار بعض ممن رفضوا نشر قصته إلى أنها كانت مشوقة ولكنها كانت قصيرة جداً, وبالتالي فلن يتمكنوا من تسويقها.

 

بعد قراءتها, أَقِرُّ بأني أتفق مع غالبية الانتقادات المرفقة. فالكتابة لم تكن راقية, وبالتأكيد فإن أمر تصديقها صعب جداً. ثم فكرت كم قارئ كان بإمكانه السفر مع البروفسور هاوكينج إذا حاول المحافظة على اهتمامهم بثمان مئة صفحة بدلا من مائتين؟ (يقصد الناشر بهذا أن أغلب القراء يفضلون الكتابات القصيرة, وقد تفوتهم مواضيع مهمة جدا إذا ما كُتِبَت بتفصيل مطول).

 

أنا أيضا عملت في مكتب الاتصال الخارجي الأمريكي, وقد تقاطعت دروبنا أنا وجاك مرات عديدة, وقد كان هذا هو العذر الذي أعطاه لي لاختياره لي لأكون ناشر كتابه.

 

أما بالنسبة لي, فكل ما أردته كان هو الثمن المادي إذ كنت على مرتب تقاعدي بسيط. أعتقد أني أخبرته أيضا أن عليه أن يحذر أن يُقتل, وكان هذا هو السبب في اختياره لاسم مستعار. اتفقنا أن نتقاسم الأرباح بالتساوي, ووعدته أني لن أنشر اسمه الحقيقي تحت أي ظرف من الظروف. "الوكالة" كانت تعرفه وسيعرفون أني لست سوى "متفرج برئ".
أخبرني: "إن الموساد لها ذاكرة طويلة, ولا أريد أن أكون أنا من يثيرها".]

 

 

 

 

 

 

روبرت بوميروي- أبريل 1992 . (الناشر(

 

 

الباب الأول من كتاب أوراق التاكسي – رواية جاك تايلور:

 

لقد مرت 14 سنة منذ حادثة "اوراق التاكسي". في يناير 1990 كنتُ في واشنطون. كانت السماء ملبدة بالغيوم, وكان ذلك اليوم من تلك الأيام التي تود فيها لو كُنتَ بالقاهرة أو بالقدس, أو في أي مكان يمكنك الجلوس فيه تحت الشمس.

 

رن الهاتف, كان صوتا من الماضي, ولم أصدق مسامعي. كان صديقي قد تقاعد منذ بضعة أشهر, وقد رجع لتوه من إجازته لينتقل إلي بيته الجديد في كاليفورنيا. كنت أنا أيضا في طريقي إلى التقاعد بعد 35 سنة من العمل مع "الوكالة", سألته: "ولماذا كاليفورنيا بالذات؟"

 

لم يشأ أن يتحدث على الهاتف, فالجواسيس هكذا- يكرهون الهواتف, ويمتنعون حتى عن ذكر الساعة إذا سألتهم عن الوقت! ولكن أذكر أني عندما أخبرته أن هواتفنا هي أكثر الهواتف أمنا في العالم, رد علي بنكتة من نُكَتِهِ اليهودية: "آمنة! ومن يهتم بهذا؟ ما يهمني هو أنني أنا من سيدفع ثمن هذه المكالمة."

 

إلتقينا في مطعم صغير. لقد عملنا معا في الماضي لمدة تقارب الثلاثين عاما, غالبا في "نفس الجانب من السور". ولكن عندما يتعاون عميلين سريين معا, فأن هذا لا يعني أن يتقاسما جميع أسرارهما, كلاهما يُظهر فقط ما يكفي ليجد ما يحاول الطرف الآخر إخفاؤه. لم أحتجْ إلى مدة طويلة لأعرف ما الذي أراده الإسرئيلي مني. الحكومة الإسرائيلية لا تدفع جيدا لمتقاعديها. ولذا, فإن صديقي كان يريد مالاً, أي بمعنى آخر: كان لديه ما يبيع. كنت أعلم أن مكالمته لم تكن لأجل الصداقة أو حنينٍ للأيام الماضية معا, ولذا فقد أحضرت معي جهاز التسجيل الصوتي ووضعته بيننا وبدأتُ في التسجيل. وما يلي هو النسخة الكتابية للمحادثة بيننا:

 

[قلت له: "هيا, آت بما عندك, قد لا يكون عندي المبلغ الذي ستطلبه, ولكني سأرى ما لديك, وإن أعجبني, فسأقدم عرضي".

 

رد عليّ: "لن تستعمل إسمي؟"

 

قلت: "بالطبع لا, هيا ماذا عندك, وماذا تريد؟"

 

بدأ يُذَكِّرني بقضية الطالب الإنجليزي وسائق التاكسي اليوناني, والحقيقة فقد فاجأني, لم أكن أتوقع أن يتحدث عن تلك القضية القديمة البالية. أضاف:" بدايةً, إنَّ قصة الإنجليزي كانت صحيحة. نحن وحدنا فقط من تتبعها لأننا كنا نعرف أنها صحيحة".

 

فكَّرْتُ: إذا كانت الدعارة أقدم المهن, فالجاسوسية لا تبعدها بكثير, وفي كلاهما لا يمكن إخفاء العمر طويلا. وها هو أمامي رجل يرغب ببيعي مستندات معروفة منذ 14 سنة!

 

قلت: "لا أعتقد أنك ستجد أحدا ليشتري ما تعرض, حسب ما أذكر, لقد تم إعتبارها مزورة منذ عام 1976 والآن تحاول أن تقنعني أنها أصلية. على كل حال أين هي تلك الأوراق ؟ "

 

رد عليّ: "تلك الأوراق كانت توجيهات سياسية, يتم تحديثها كل عام. أذا كنت مهتما أستطيع أن أعطيك القصة كاملة, ولك فقط سيكون الثمن 10000 دولار في العام طوال حياتي وسأوقع عقدا بأن أكون مستشاراُ, ولن يكلف هذا العم سام شيئا. "

 

فَكّرْتُ حينها أن أطفئ المسجل, ثم غَيّرْتُ رأيي. قلت له أني سأحاول, ولكن قد يصيبه مكروه. فرد علي: "نحن هنا في أمريكا وليس في إسرائيل. إن شئت أنت ستُقبل, توصية منك فقط تكفي."

 

أجبته بأني لا أستطيع, فلا أحد سيهتم.

 

رد علي: "هل سيهتم أحد بمعرفة من قتل رجلكم ريتشارد ويلش؟"

 

قلت له: "ديك ويلش؟ هل كان يوجد رابط؟"

 

رد:" نعم كان يوجد"

 

مرَّت لحظة صمت رشفت خلالها قهوتي لأهضم هذه المعلومة, ثم سألته:" ولماذا لم يذكر الإنجليزي شيئا عن ويلش؟"

 

هو: " لم يكن يعرف, كل ما كان يعرفه هو أن سائق تاكسي أعطاه مجموعة من الأوراق للترجمة- وهو نفس ما قاله للسفارات وللجرائد. لم يعرف من أين أتت. لقد خمَّنَ أنها صدرت من إسرائيل- ولم يكن هذا إستنتاجا صعباً. بالتأكيد لم يكن يعرف أن ريتشارد كان يحاول الحصول على نفس المستندات. لا نتعقد أنه كان يعرف حتى من كان ويلش. "

 

أنا: "حسب ما أتذكر, كانت هناك مجموعة من الملفات"

 

هو: "يجب أن تفهم أني لا أعرض عليك الملفات المفقودة. لقد تمت إعادتها إلى تل أبيب منذ حوالي 13 سنة. أعتقد أن كلتا الترجمة اليونانية والإنجليزية قد تم إعدامهما. ما أعرضه عليك هو ملخص التقرير عن كيف تمت سرقتها وكيف تم إسترجاعها, وكيف كانت لريتشارد علاقة بالموضوع."

 

أجبته: "هل تمزح؟ لا يمكنك أن تتوقع منا أن ندفع لك الكثير على هذا!"

 

فَرَدَّ عليّ: "لم أطلب مليون دولار, كل ما أطلبه هو نسبة 10% من مئة ألف من الأرباح, وبالمقابل سأقدم خدماتي كمستشار, وهذا لأجلك فقط".

 

كان ردّي: " كل ما أستطيع القيام به هو أن أقدم طلبك للسلطات وهم سيقررون."

بعد أن تأكدت أن المادة كانت جاهزة لديه, إتفقنا على أن أتصل به متى كان لدي رد, وأطفأت جهاز التسجيل, ثم افترقنا. 

 

في اليوم التالي أرسلت إلى رئيسي الرسالة التالية وصنفتها تحت التقارير ذات الأهمية والسرية القصوى:

 

"إلى: مدير مكتب السي آي أي.
من: قسم التقارير, الشرق الأوسط.
الموضوع: مذكرة داخلية: تقرير عملية إسرئيلية.
الإشارة: ريتشارد ويلش.
الرمز: أوراق التاكسي.

 

لقد إتصل بقسمنا عميل إسرائيلي متقاعد عارضا تقرير من الموساد يخص سرقة واستعادة بعض الملفات السرية الإسرائيلية. إني ألفت نظر المدير لما بهذا من علاقة بمقتل ريتشارد ويلش في أثينا: يوم 23 ديسمبر 1975.

 

بالرغم من أني لم أستطع أن أجد في ملفاتنا أي إشارة إلى المستندات الإسرائيلية, يمكنك أن تتذكر أن في ذلك الوقت إستلام مكتبنا في لندن لأوراق أطلقنا عليها إسم "أوراق التاكسي" لأن من أحضرها أخبرنا أنه إستلمها من سائق تاكسي. عندها إتَّصَلَت واشنطون بمكتبنا بتل أبيب في محاولة لتصديق المستندات, فكان الرد سلبا. حينها إتصلنا مباشرةً بالإسرائيليين الذين بدورهم أخبرونا أنهم إستلموا نفس العرض وأنه, بعد المتابعة, تم التوصل إلى أن المستندات كانت تزييفا أخرقاً من قبل طلبة من جامعة أوكسفورد لغرض بيعها والحصول على مصروف جيب لعطلة الصيف. وبهذا أُقفِلَ الملف.

 

اليوم, أعلمني المخبر أن أوراق التاكسي لم تكن مزيفة, بل كانت ترجمة لمجموعة من المستندات الإسرائيلية بالغة السرية, والتي تمت سرقتها وتصويرها بواسطة عميل موساد سابق موثوق به. يُعتقد أنه خطط لتهريبها خارج البلد إما للبيع أو لأنه كان عميلا مزدوجا.

 

المخبر لا يحاول بيعنا صور من هذه المستندات. بل أخبرني أنه رأى منها واحد أو إثنان فقط, وأنه لن يبيعها حتى إذا كانا معه. ما يعرضه هو ترجمة مركزة لتقرير عملية الموساد الذي يحتوي على الكشف على الظروف التي أحاطت بمقتل ريتشارد ويلش وإستعادة الأوراق المفقودة.

 

توصية:

 

الشخص الذي يعرض علينا هذا العرض معروف جدا لدى قسمنا. طوال ال 25 سنة الماضية عملنا معا في عمليات مشتركة. تقديره في الدقة وإمكانية الإعتماد على معلوماته يظل دائما عالٍ: (4/5). وبما أنه مولود بالولايات المتحدة الأمريكية فهو يحمل جنسيتين ويرغب في البقاء بقية عمره في هذا البلد. ما يطلبه هو عقد كمستشار مدى الحياة بمرتب ثابت بقيمة 10000 دولار سنويا.

 

هذا القسم يوصي بقبول العرض. فهذا لن يوضح لنا فقط بعض سوء التفاهم في الماضي بيننا وبين نظرائنا في إسرائيل, بل يمنحنا أيضا ميزة سنحتاجها جدا في مفاوضاتنا المستقبلية. قد نتعلم شيئا قد يساهم في إنقاذ حياة أحد رجالنا في المستقبل. لذا, لندفع "ثلاثون قطعة من الفضة" وننقصها من القيمة السنوية التي ندفعها للموساد! عدالة شاعرية؟

 

بعد أسبوع جاء الرد بالموافقة, إلتقيت بعدها معه ومعي الشيك والعقد, ورجعت ومعي الملف التالي, أرسلت منه نسخة إلى مكتب المدير واحتفظت لنفسي بنسخة, وها هي أمامكم.

 

جاك تايلور. لندن. مايو 1990

 

 

محتوى التقرير:

 

بتاريخ 25 نوفمبر 1975 سقطت طائرة حربية إسرائيلية على صحراء سيناء تحمل 20 راكبا بين جنود وطقم الطائرة, ولقى جميع ركابها مصرعهم. عثر عليها بَدْوٍ عرب في المنطقة وكانوا هم من ساعد اللجنة الإسرائيلية في تحديد موقع الحادث.

 

المفاجأة غير المتوقعة كانت عند عدَّ الجثث: فقد وُجدت جثة زائدة. كانت ملابس الجثة رثة وكان صاحبها بدون حذاء. في البداية كان الجنود سيدفنونه في الصحراء على إعتبار أن الجثة الحادية والعشرين كانت لبدوي مجهول شاء حظه التعس أن يكون في المنطقة وقت وقوع الطائرة, ولكن الموقف تغير حين إنتبه أحد المفتشين لنعومة يَدَيّ الجثة وكذلك لطريقة الختان النظيفة والواضح أنها كانت على يد أحد الأحبار اليهود وليست من عمل جزار بدوي. ومع التقصى من المطار الذي أقلعت منه الطائرة المنكوبة, إتضح أنها فعلا كانت تقل راكبا إضافيا قد توقف بطائرة صغيرة للتزود بالوقود قبيل إنطلاق الطائرة الحربية, ولكنه تمكن من إقناع كابتن طائرة النقل العسكرية بأن يقله على متنها مع ركابه.

 

سرعان ما تبين أن هذا الراكب كان يعمل في قسم الأرشيف للموساد بتل أبيب, وقد تقاعد منذ فترة وجيزة. حسب القوانين الإسرائيلية, لم يكن مسموحاً له بالخروج من إسرائيل حتى تنقضي مدة خمس سنوات من تاريخ تقاعده. أثار خروجه من إسرائيل قبل إنقضاء المدة القانونية شكوك لجنة التفتيش, فقد كان من الواضح أن الرجل كان ينوي التسلل خارج إسرائيل بدون علم السلطات, مما شكك السلطات بأن الرجل ربما كان ينوى تسريب ملفات من الأرشيف. وهكذا بدأت مهمة البحث عن أغراضه الشخصية التي كان يحملها معه.

 

بعد أيام قليلة وصل بلاغ إلى تل أبيب عن حادثة إطلاق نار على عربي كان يحاول العبور من بوابة رفح بعُجالة مما أثار شكوك الحراس بأنه كان يخفي شيئا ما, فأطلقوا عليه النار وأردوه قتيلا, ولكنهم بعد أن قام الجنود بتفتيشه وتفتيش شاحنته لم يجدوا لديه ما يخفيه. ولكن لفت إنتباههم لباسه, فقد كان يلبس جاكيت من ماركة عالمية لا يمكن لراعٍ بدوي في صحراء سيناء أن يمتلكها, وكذلك فقد كان حذاؤه مميزا, فقاموا بتسليم الجثة لأهله.

 

عند سماع تل أبيب بهذا الخبر, إنطلق مخبريها للبحث عن الراعي المقتول ليجدوا أنه قد تم دفنه. فاستُخرجت جثته من القبر ليجدوا الجاكيت معه في القبر بينما كان الحذاء غير موجود. أقام المخبرين الإسرائيليين الدنيا وأقعدوها, وقاموا باستجواب الكثيرين من بدو المنطقة, فتبع ذلك أن أحضر مجهول الحذاء ليرميه أمام مركز شرطة تل أبيب, وقد كان جزء من الكعبين منزوعا وكانا الكعبين مفرغين, كما كُتب على نعل الحذاء باللغة العربية: "إلى الجحيم يا ايها اللقطاء".

 

خلال نفس الفترة, تأكد للموساد خطورة الملفات المسروقة وتبين ضرورة إستردادها وإلا فإن "إسرائيل ستضيع من جديد".

 

قد تعتقد أننا نبالغ بهذا التعبير, وربما تكون على حق, وبالرغم من أن كل ما رأيته بنفسي من تلك الملفات لم يكن سوى موجزاً ملخصاً لبعض منها, إذ أني لم أرها كلها, ولكن صدِّقني حين أصفها بأنها ديناميت! أي شخص يرغب في الإضرار بإسرائيل كان سيدفع ثروت طائلة ليحصل عليها.

 

في النهاية وصلنا تقرير من مخبر بأن بحاراً يونانياً أحضر أفلاما من حيفا تحصل عليها من عربي في مقهى, توجهنا للمرفأ, إلا أننا وصلنا متأخرين, فالسفينة كانت قد أقلعت قبل وصولنا بيوم.

 

قد يبدو أمر الحصول على ميكروفيلمين من الأمور المستحيلة. فكل يوم الآلاف من العرب يتنقلون بين غزة وتل أبيب وحيفا. لذلك فقد عززنا الحراسة على البوابات هناك وعلى المنافذ البحرية في تل أبيب وحيفا. وكذلك, فقد نشرنا بين الناس عرضا سخيا لمن يحضر لنا فيلمين أشعنا أنهما كانا ذي أهمية تاريخية.

 

لن أطيل في ترجمة التفاصيل, وسأنقل باختصار الأحداث التالية على لسان العميل الإسرائيلي:

 

... إستطاع عميلينا من العثور على الفيلمين ولكن ليس قبل أن يتمكن أحد المصورين في اثينا من تحميضهما وطبعهما, وأخبرهما أنهما كانا يحتويان على صفحات من كتابة لم يستطع أن يتعرف عليها. كذلك فقد أخبرهما أنه قد أعطى الطبعات لسائق تاكسي حضر لإستلامها, وأنه على الأرجع كان في طريقه للبحث عن مترجم ليتعرف على اللغة وليترجم الصور إلى اللغة اليونانية.

 

هكذا تمكنا من الحصول على الأفلام لنبدأ في مهمة البحث عن الصور المطبوعة وأي نسخ منها بأي لغة أخرى.

 

طلب سائق التاكسي من أحد المترجمين أن يترجم ما بالطبعة, ظنا منه أنا كانت تحتوي على معلومات عن حفريات في صحراء سيناء, وكان يطمع في بيع المادة المترجمة لشخص ذو إهتمام بالحفريات أو الآثار ليحصل على مبلغ مالي بدلها.

 

أوصلنا البحث إلى شخص يحمل حقيبة لكي يستلم الترجمة, وأطلق عميلينا أعيرة نارية على هذا الرجل ظنا منهم أنه كان يحمل بحقيبته الأوراق المسروقة وأردوه قتيلا ليجدوا بها كمية كبيرة من الدولارات بدلا من المستندات. كان هذا الشخص هو "ريتشارد والش" وقد قُتِلَ خطأً, على أنه البائع وليس الشاري.

 

وبعد أسبوع من مقتل العميل الأمريكي, أعلنت مجموعة مجهولة مسؤوليتها, وهكذا أُعفِيَت الموساد من محاولة تبرير الحادث ولم يشك أحد بِصِلتها بمقتل والش.

 

تتبعت الموساد المستندات حتي تم إسترجاعها. وتم كذلك فيما بعد مقتل كلا من السائق والبحار في "ظروف غامضة".

 

حسب علمي العملية إنتهت هنا, ولكن يُقال أن نسخة إنجليزية من المستندات لم تُسترد, وهي ما يُطلق عليه "أوراق التاكسي", ولكني متأكد أن لم يتبقى منها سوى الإسم, حيث أننا إشتريناها في عام 1976 . وهكذا أقفِلَ الملف.

 

ميامي, ديسمبر 1989 - العميل الإسرائيلي.

 

 

 

 

 

 

 

 

ملاحظة من الكاتب (جاك تايلور):

 

منذ لقائي مع العميل الإسرائيلي, وقراءتي لتقريره المختصر أعلاه, إستنتجت أنه لابد أن المستندات كانت ذات أهمية قصوى إلى درجة إستعداد والش لشراءها بذلك الثمن والذي أراه مرتفعا حتى في يومنا هذا, فقمت بتحريات لاستخراج ملف أوراق التاكسي من أرشيف محفوظات ال سي آي ولكني لم أفلح. بل قيل لي أنها قد تكون قد أُعدمت. ثم خطر ببالي أن أبحث في أرشيف الجرائد في لندن, ووجدت ظالتي. لم يكن بها الكثير, فقد بدت لأول وهلة وكأنها تقارير عامة عن مواضيع مثل العداء للسامية, عوائد البترول, الهجرة, إلخ.. وأُرْفِقَت تلك التقارير رسالة كان بها عرضاً للبيع لنسخة المستندات المترجمة بالإنجليزية. لم يكن بالرسالة أي تاريخ أو توقيع. أشار صاحب الرسالة إلى أنه إنجليزي وأن لديه النسختين اليونانية والإنجليزية للبيع. خمنت أنه من الأرجح أن يكون صاحب العرض من الذكاء لكي يعرف قيمة المستندات ليعرضها بذلك الثمن الباهض في ذلك الوقت, وفكرت أنه من المحتمل أن يكون من سكان أوكسفورد المقيمين. فذهبت لأوكسفورد, ووضعت إعلانات في أماكن مختلفة مبديا فيها رغبتي في شراء الأوراق المعروضة مع عنوان يمكن الإتصال بي به. وفعلا نجحت خطتي, وبعد ثلاثة أيام كانت لدي نسخا من التقارير الإثنى عشر, وقد سرَّني ذلك بالرغم من "الثقب" الذي أحدثته في جيبي. وها أنا الآن أضعها بين أيديكم.

 

جاك تايلور- أوكسفورد, أكتوبر 1990.

الورقة الأولي: الإرهاب

 

إن الإرهاب هو السلاح النموذجي. إنه رخيص, سهل الإستعمال, صعب أن يُكتشف, سريعٌ ومميت, ومع هذا كله فهو قادرعلى إنتاج أرباحا سياسية ومادية لأمد طويل بعد أن يكون الفعل نفسه قد نُسِيَ. كان, ومن المحتمل أن يكون, دائما سلاحنا الأكثر فعالية. في نفس الوقت, لا يمكننا الإعتراف بأننا نستعمله. يُعتبر الإرهاب نوعا من الحرب القذرة وغير المُشَرَّفة - كما لو كانت هناك حروبا أخرى غير ذلك!

 

إذا كان هذا هو ما يريده مواطنونا وأصدقاؤنا, فنحن أيضا نستطيع أن نكون واقعيين وأن ندّعي بأنه لم يحدث ولن يحدث أبدا أن نزلنا للحضيض باللجوء إلى إستخدام هذا السلاح. من هنا فصاعدا سنستمر بنفس الكيفية كما فعلنا دائما, ولكن سنكون أكثر هدوءا بما يخص هذا الموضوع.

 

هذا ينقلنا إلى المطلب الأول والأمتن: الإنكار!

 

لندع هؤلاء المتهورين أمثال الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين, الجيش الجمهوري الإيرلندي, الجبهة الإنفصالية الأسبانية, وباقي المغفلين والهواة الآخرين يتباهون بأعمال العنف التي يقومون بها. كم ربحوا من الأرض والحلفاء والمكاسب بتلك الطرق؟

 

المطلب الثاني هو, ومتى أمكن: إجعل جانبا جديداً - حليفاً أو عدواً – يقوم بالعمل القذر بدلا منك. المطلب الثالث هو, ركز على العمليات المربحة. الإنتقام والزهو قد يرضى غرورك, ولكنهما لا يفعلان شيئا لأجل ثروتك, أمنك, قوَّتك وحجم بلدك أو الخير لأبناء بلدك.

 

تجد بالقائمة التالية ما نأمل أن ننجز عن طريق الإرهاب:

 

أولا: إسكات, ثم إضعاف, وأخيراً إزالة عدونا.

 

ثانيا: إنزال الرعب في قلوب الشعوب غير اليهودية, وتثبيط عزيمتها وإفقارها, مع الهدف النهائي لإقصائها عن الأرض التي نرغب في إحتلالها ثم ضم هذه الأرض إلينا.

 

ثالثا: غرس روح التفوق في نفوس أهلنا, وروح الكراهية تجاه الناس الذين سنزيح.

 

ملاحظة:

 

توجد ورقة سياسية أخرى عن التطوير الشعبي تشرح لماذا يُفضَّل دائما وجود أقلية عربية. هذه لها علاقة باليد العاملة ولتشكل وسادة واقية بين يهود المنطقة الأصليين واليهود القادمين من أوروبا الشرقية.

 

يكفي هنا سرداً لأهداف الإرهاب, ولننظر الآن إلى صنفين عامَّين لهذا الجانب:

 

الأول: إيجابي, وهو العمليات التي ننفذها بأنفسنا. كنا نعتمد على قدر معين من المساندة من هيئات حكومية بحكومات أخرى أو حتى مخابرات أجنبية, ولكن بعد أن حصلت بعض الحوادث "غير السارة", فإننا نميل إلى العمل لوحدنا متى كان الأمر ممكنا.

 

الثاني: سلبي, وهو إرهاب المستقبل. هنا نقنع غيرنا – ويا حبَّذا لو كان هذا الذي نقنعه هو عدونا الحقيقي – ليقوم بالمهمة لأجلنا. نستطيع أن نستخدم طمعه, غروره, رغبته في الإنتقام أو مثاليته التي في غير محلها. وقد نستخدم خلطة من هذه الدوافع. هذا يعتمد على الكيفية التي نلعب بها دورنا ودرجة سذاجة ضحيتنا.

 

آخر عامل يمكننا تقريره هو إذا ما أردنا لعمليتنا أن تكون علنية أم سرية. كذلك, حتى إذا ما قمنا بأنفسنا بجميع عملياتنا, فإننا سنعلن مسؤوليتنا عن البعض منها فقط, بينما سنتكتم عن البعض الآخر.

 

بالرغم من إعترافنا بخطف آدولف آيتشمان فإننا بالطبع لم نعترف أبداً باغتيالنا لأشخاص أمثال "بيرنادوتي" (كان مفاوض الأمم المتحدة في فلسطين, تم إغتياله على يد إرهابيين يهود بتاريخ 17 سبتمبر 1948) أو فوريستار أو روبرت كينيدي, بالرغم من أن تلك العمليات خدمت مستقبل إسرائيل بشكل يفوق الوصف.

 

نظريا, أي عملية يتم تنفيذها عن طريق "الوكالة" (الموساد) يجب أن تتم بعلم وبموافقة رئيس الوزراء.
تختلف الحقيقة أحيانا عن النظرية. بعض رؤساء الوزراء أمثال بن غوريون كانوا يريدون معرفة كل شئ, بينما آخرين, مثل جولدا مائير فَضَّلوا أن لا يعرفوا.

 

إذا ما قمنا بعملية بشعة مع معرفتنا بأنها ستواجه معارضة حتى من ناسنا وصحافتنا, فإن رئيس وزرائنا سينفي أنها حدثت أو أن كان لديه أي علم مسبق بها.

 

إنها القصة القديمة: للنجاح آلاف الأباء, بينما يظل الفشل يتيما !

أنظر إلى بعض من عملياتنا, الناجحة منها والأخرى. هذا التمرين يجب أن يجيب على بعض الأسئلة عن لماذا قمنا ببعض الأمور وربما كيف كان بمقدورنا أن نقوم بها بشكل أفضل.

 

لنأخذ حالة أدولف آيتشمان[7]. بمجرد أن إنتشر الخبر بأنه ل�

المصدر: جاك تايلور
  • Currently 0/5 Stars.
  • 1 2 3 4 5
0 تصويتات / 287 مشاهدة
نشرت فى 7 يوليو 2012 بواسطة maprouk007

ساحة النقاش

مبارك حمدى ابوزيد

maprouk007
»

ابحث

تسجيل الدخول

عدد زيارات الموقع

5,763