authentication required
رغم أنه علي أرض الواقع تم إلغاء الاشتراكية ولم يعد لها وجود منذ منتصف السبعينيات وتطبيق سياسة الاقتصاد الحر علي مدي العقود الثلاثة الماضية الا ان استمرار مصطلح الاشتراكية في مواد الدستور كان يمثل كابوسا لدعاة الاقتصاد الرأسمالي ورجال الاعمال.
وإقدام الدولة علي الغاء الاشتراكية في التعديلات الدستورية جاء متوافقا مع أطماع عدد كبير من رجال الاعمال لأن تطبيق آليات السوق يدعم نفوذ هؤلاء وسيطرتهم علي الأسواق واحتكارهم لها وبالتالي مزيد من الثروات ولعل هذا ما يفسر تسابق عدد من كبار رجال الأعمال لإقامة مؤتمرات جماهيرية لدعوة المواطنين للمشاركة في الاستفتاء والموافقة علي هذه التعديلات والترحيب بها، وعقدت شعبة المستثمرين التي تضم عددا كبيرا من رجال الأعمال لقاءات واجتماعات في هذا الشأن.
وهذا يكشف لهفة رجال الأعمال وخاصة اصدقاء الحكومة لسرعة خروج هذه التعديلات الدستورية للنور فهي خير ضمان لاستمرار نفوذهم وتكريس سيطرتهم علي الاقتصاد المصري. وهم الفئة الاكثر استفادة من هذه التعديلات.. وما يحدث في سوق الحديد خير مثال علي ذلك. ويكفي ان ارباح شركة عز للصلب قفزت بنسبة 121 % في عام 2006 لتصل إلي 995 مليون جنيه. وكانت الارباح في عام 2005 نحو 450 مليون جنيه.

الطرف الثاني الاكثر استفادة من هذه التعديلات الدستورية وخاصة الغاء الاشتراكية هم اعضاء المجموعة الوزارية الاقتصادية الذين لا يتطلعون سوي لتطبيق سياسات تنال رضا المؤسسات الدولية المالية وتدعم العلاقات مع الولايات المتحدة الامريكية.. وبمقتضي هذه التعديلات فالفرصة ستكون اكبر امام الحكومة للاسراع في برنامج الخصخصة وبيع شركات القطاع العام وتدعيم سيطرة القطاع الخاص. ولن يجرؤ مواطن بعد الأن علي الاعتراض او اقامة دعاوي قضائية بعدم دستورية بيع شركة قطاع عام، فالدستور بعد التعديلات كفيل بحماية الخصخصة حتي ولو كانت هناك تجاوزات او اهدار للمال العام في صفقات الخصخصة.
التعديلات الدستورية سوف تدعم سياسة الدكتور يوسف بطرس غالي وزير المالية الذي بدأ فعلا تطبيق خطة انسحاب الدولة من مشروعات البنية الاساسية والخدمات الرئيسية من خلال تفعيل نظام PPP الذي يتيح الفرصة للقطاع الخاص لإنشاء المدارس والمستشفيات ومحطات المياه والصرف الصحي ومشروعات الكهرباء والطرق.
وانسحاب الدولة من هذه القطاعات يعني تخلي الدولة عن دورها في توفير حقوق المواطنين وخاصة محدودي الدخل من مسكن وعلاج وتعليم وغير ذلك من الخدمات الرئيسية التي كانت تتكفل بها الحكومة.. وكل ما يهدف اليه وزير المالية من تطبيق هذا النظام هو تخفيض عجز الموازنة حتي لو ادي هذا لمزيد من سيطرة القطاع الخاص علي هذه الخدمات والتحكم في عملية تسعيرها ولن يتحمل العبء سوي محدودي الدخل والفقراء، وبالتالي فإن التعديلات الدستورية سوف تكرس نفوذ الاغنياء وتزيد من الفجوة بين طبقات المجتمع.
التعديلات الدستورية منحت فرصة اكبر لوزير المالية لتطبيق خطته في تخلي الدولة عن مسئوليتها عن المواطنين خاصة ما يتعلق بدعم الخدمات الاساسية وكذلك الدعم السلعي ويدعمه في هذا الاتجاه رئيس الوزراء الدكتور احمد نظيف وكذلك وزير الاستثمار الدكتور محمود محيي الدين وما حدث في قطاع البترول منذ ايام يؤكد ذلك.
حيث فوجئت الاوساط الاقتصادية بقرار غريب وعجيب يقضي بتشكيل هيئة وزارية للاشراف علي قطاع البترول تضم في عضويتها كلا من وزراء المالية والاستثمار والتجارة والكهرباء والتنمية الادارية في حين جاء المهندس سامح فهمي كمقرر لهذه المجموعة التي يهدف تشكيلها للاشراف علي عملية الانتاج والتوزيع.
واعتبر الكثيرون ان تشكيل هذه المجموعة بمثابة بداية لتقليص سلطات وزير البترول وربما تتصاعد المواجهة وينجح تحالف وزراء المالية والاستثمار والتجارة في الاطاحة بالمهندس سامح فهمي وزير البترول خاصة ان الفترة الماضية شهدت خلافات فيما يتعلق بدعم المنتجات البترولية التي بلغت فاتورته اكثر من 40مليار جنيه وهو الامر الذي يمثل قلقا لموازنة وزير المالية. كذلك كانت هناك خلافات بين وزيري البترول والاستثمار بشأن خصخصة شركات البترول.
والتعديلات الدستورية اعتبرها البعض بداية لإطلاق يد تحالف وزراء المالية والاستثمار والتجارة لإدارة الاقتصاد المصري بما يتواكب ومطالب وضغوط المؤسسات الدولية. وما يؤكد هذا التصريحات التي اطلقها المهندس رشيد محمد رشيد الاربعاء الماضي حول السياسة الجديدة لتسعير الطاقة.
التعديلات الدستورية سوف تكرس سياسة الحكومة وتدعمها في حربها ضد الفقراء.. تلك الحرب التي سوف تتصاعد خلال الفترة القادمة تحت دعوي تطبيق سياسة الاقتصاد الحر وآليات السوق.
واذا كانت المجموعة الاقتصادية تراهن علي ان هذه التعديلات من شأنها توفير المناخ الجيد للاستثمار فإن المؤشرات كلها تؤكد عكس ذلك وما حدث يوم الاستفتاء بالبورصة دليل علي ذلك حيث تأثرت حركة التعاملات نسبيا وسجلت المؤشرات تراجعا نسبيا في اليومين التاليين الثلاثاء والاربعاء.
رهان الحكومة ايضا علي ان هذه التعديلات قد تساهم في جذب الاستثمار يعتبره بعض الاقتصاديين رهانا خاسرا لأن الاقتصاد الحر لاينمو الا في ظل حرية سياسية.. وطالما كانت هناك قيود علي الحريات فهذا لن يساهم في تدفق رأس المال الاجنبي الذي تهدف اليه الحكومة.




نقلا عن صحيفه الاسبوع <!-- stamps hack --><!-- / stamps hack --><!-- / message -->
  • Currently 75/5 Stars.
  • 1 2 3 4 5
25 تصويتات / 930 مشاهدة
نشرت فى 21 إبريل 2007 بواسطة mamado

ساحة النقاش

عدد زيارات الموقع

174,269