موقع الدكتور: مـحـمـد الـشـعـراوى الشـال

الدراسات العليا، كلية الخدمة الإجتماعية، جامعة حلوان.


البيئة والإنسان علاقات ومشكلات من منظور اجتماعي

المقدمة:
واجهت البشرية منذ بداية الوجود ألوانا متعدد من التلوث ومن الكوارث الطبيعية منها البراكين والزلازل والسيول والصواعق، ومع حرص الإنسان على البقاء فقد بدأت محاولاته لتجنب تلك المخاطر أو تحجيم آثارها وذلك من خلال العمل على وضع الخطط المناسبة التي يمكن من خلالها تحقيق الأمن والاستقرار له والمجتمع الذي يعيش فيه ومواجهة هذه الكوارث المتوقعة والملوثات البيئية، حيث يتطلب التخطيط لمواجهتها والفهم الدقيق للمخاطر الطبيعية والصناعية التي ظهرت بفعل إنسان هذا العصر.
ولقد برزت في السنوات الأخيرة أهمية العمل مع البيئة والحفاظ عليها لما لوحظ من تعرض بعض الدول الآسيوية والإفريقية وكذلك بعض دول العالم الغربي لكثير من مظاهر التلوث والكوارث الطبيعية ومنها السيول والأعاصير والحرائق والبراكين والزلازل ومن هذه الدول مصر واليمن والسودان والهند وسيرلانكا واليابان وأمريكا والصين(عبداللطيف،1999م،ص3).
كما كانت الخسائر المادية والبشرية الناجمة عن التلوث الهوائي والمائي والضوئي والسمعي والأخلاقي فادحة ولا تقدر بثمن لأنها تتعلق بالإنسان نفسه وقيمة الأخلاقية وهذه يصعب تقديرها ماديا وان قدرت فهي تشمل أثمن ما في الوجود وهو الإنسان صانع الحضارة والفكر والتقدم بكل مظاهرة (عبداللطيف،1999م،ص3).
وتشير البحوث إلى أن العالم العربي قد تعرض لكثير من جوانب التلوث ولكثير من الكوارث المتعلقة بالزلازل بلغت ثلاثة وثمانين زلزالا خلال الفترة من 1700م إلى 19994م وبما أن المملكة العربية السعودية من المجتمع العربي فهذا يعطي دلالة واضحة أنها تتأثر بما تتأثر به هذه الدول من جوانب عدة ومن أهمها التلوث البيئي لذا كان هذا البحث عن البيئة والإنسان علاقات ومشكلات من منظور اجتماعي وما يتضمنه من عرض للمشاكل التي يسببها الإنسان هذا العصر بيديه من خلال امتلاكه التكنولوجيا على بيئته وعدم وعيه بذلك بالإضافة إلى وضع الحلول الفعالة لمواجهة ما يترتب على مشكلات البيئة من أضرار اقتصادية واجتماعية.

أهداف البحث:
الهدف العام لهذه البحث هو التعرف على العلاقة بين البيئة والإنسان في المجتمع السعودي، وينطلق من هذا الهدف العام مجموعة من الأهداف الفرعية هي:
1. التعرف على وعي أفراد المجتمع بالمشكلات البيئية ومدى ارتباطها بصحة الإنسان وسلامته وكيفية تحرك الإنسان لمواجهة هذه المشكلات.
2. التعرف على قدرة أفراد المجتمع وإمكاناتهم وقدرة المؤسسات غير الحكومية والحكومية على مواجهة مشكلات البيئة المحيطة بهم.

أهــمـيـة البحث العلمية والعملية:
تنبع أهمية هذه الدارسة علمياً من ندرة ما كتب عن الإنسان وعلاقته ببيئته وكذلك إثراء علم الاجتماع العام بشكل عام وعلم اجتماع البيئة بشكل خاص بنتائج هذا البحث بالإضافة إلى الأخذ بالمستلزمات العلمية التي تجعل نتائج هذا البحث من حيث التعميم أكثر قابلية وتجعل مفاهيمها من حيث التفسير أكثر شمولية.
كما تنبع أهمية هذه الدارسة عملياً من كونها تستهدف في نهاية المطاف التوصل إلى حلول مناسبة وآليات عملية لجعل تلك الحلول قابلة للتنفيذ، وذلك للحد من هذه الظاهرة والتخفيف من مترتباتها مثل تكوين الوعي البيئي للأفراد والجماعات والمجتمعات من خلال توضيح الحاجات الإنسانية والمشكلات البيئية وكيف يمكن مواجهة هذه المشكلات وإشباع الاحتياجات، بالإضافة إلى تعريف المواطن بحقوقه البيئية سواء كانت اجتماعية أو اقتصادية وكذلك قيامة بواجباته نحو الحفاظ على العناصر الطبيعية الموجودة بالمجتمع من ثروات ظاهرة أو باطنه وكيفية الاستفادة منها بأسلوب لا يضر بسلامة البيئة بالإضافة إلى تكوين وعي بيئي للأفراد والجماعات.

مـفـاهـيـم البحث:
البيئة مصطلح شائع الاستخدام في الأوساط العلمية، كما يشيع استخدامه أيضا عند عامة الناس، وفي ضوء تلك العمومية نجد تعاريف عديدة تختلف باختلاف علاقة الإنسان بالبيئة، فالمدرسة بيئة، والجامعة بيئة، والمصنع بيئة، والمجتمع بيئة، والعالم كله بيئة.
كذلك يمكن النظر إلى البيئة من خلال النشاطات البشرية المختلفة، كأن نقول، البيئة الزراعية، الصناعية، الثقافية، الصحية، الاجتماعية، السياسية، الروحية.
ومهما كانت النظرة إلى البيئة ومجالاتها، فإن التعاريف الواردة بشأنها هي كالآتي:
1. البيئة هي الإطار الذي يعيش فيه الإنسان، ويحصل منه على مقومات حياته من غذاء وكساء ودواء ومأوى، ويمارس فيه علاقاته مع أقرانه من بني البشر.
2. نعني بالبيئة كل ما هو خارج عن كيان الإنسان، وكل ما يحيط به من موجودات، فتشمل الهواء الذي يتنفسه، والماء الذي يشربه، والأرض التي يسكن عليه ويزرعها، وما يحيط به من كائنات أو جماد. وباختصار هي الإطار الذي يمارس فيه حياته وأنشطته المختلفة.
3. البيئة بالمعنى العلمي المتداول تتمثل في ثلاث جوانب رئيسية، جانب اقتصادي واجتماعي، وجانب فيزيائي (طبيعي.(


الفصل الثاني
الإطار النظري والدراسات السابقة
1. مقدمة
2. التفاعل بين الإنسان والبيئة
3. التعليم البيئي
4. التنمية... وغياب الوعي البيئي
5. التربية... وغياب الوعي البيئي وأثره على المجتمع
6. الآثار السلبية للإنسان على البيئة والمجتمع

مقدمة :
إن الاختلال البيئي الموجود الآن يتحمل مسئوليته المجتمع البشري ككل على مستوى دول وهيئات صناعية وإنتاجية وتجارية وأفراد ودور الفرد في الإضرار بالبيئة وحمايتها دوراً فعال جداً نظراً لأنه عنصر أساسي في كل الحالات.
تقع مسؤولية حماية البيئة أو الإضرار بها على عاتق:
* الدول.
* المؤسسات والهيئات الإنتاجية والصناعية والتجارية.
* الإنسان أو الفرد.
والطرف الثالث " الإنسان " هو العنصر الأساسي في تحمل المسئولية وأي مثال يومي بسيط يمكن أن يؤكد ذلك، فعندما يتخذ قرار بإنشاء مصنع من قبل دولة أو مؤسسة صناعية أو من قبل أفراد بالتأكيد يعلم الجميع بأن هذا المصنع ستنتج عنه بعض المخلفات الصناعية " مياه ملوثة على سبيل المثال " وبدراسة كيفية التصرف بهذه المخلفات من قبل المؤسسين تكون هناك أمامهم عدة خيارات :
1. ضخ هذه المياه في مكان مخصص بجانب المصنع.
2. ضخ هذه المياه إلى الصرف الصحي.
3. معالجة هذه المياه لتتناسب مع الصرف الصحي.
4. معالجة هذه المياه وإعادة استعمالها.
ولكل خيار من هذه الخيارات مزاياه وعيوبه على الأشخاص والمصنع والبيئة ويكون الإنسان هو دائماً صاحب القرار في كل الحالات السابقة ويعتمد القرار المتخذ من قبل شخص أو أشخاص على مدى ثقافته البيئية من حيث معرفته بالبيئة والأشياء التي تضر بها ووعيه البيئي وحرصه على حماية البيئة و من هذه النقطة بدأ التفكير في إعداد هذا البحث لتسليط الضوء على " البيئة والإنسان علاقات ومشكلات من منظور اجتماعي " .


التفاعل بين الإنسان والبيئة:
سوف يتناول الباحث هذه العلاقة من ناحيتين هما كالتالي:
أولا: العلاقة بين الإنسان والبيئة :
الإنسان كائن متميز في البيئة وهو أكثر الكائنات تميزا فيها فهو يتفاعل مع نظامه البيئي، فيحول ويعدل ما يحيط به ليتناسب مع متطلباته و احتياجاته، ويكوّن النظام البيئي في هذه العملية الإبداعية ويضع قواعدها و يجني فوائده (عبيد,2000م, ص165) .
إلا أن الإنسان الذي وضع نفسه خارج إطار أنظمته البيئية، بدأ التأثير على المحيط الحيوي نتيجة وضعه الجديد والتطور التقني المتسارع , مما جعل للعديد من استثمارات الإنسان جوانب تخريبية دون أن يدرك عواقب هذا الاستغلال , وقد وصل الإنسان اليوم إلى مرحلة حرجة تستدعي التأني وتفهم ما حدث , ويحدث للأنظمة البيئية تحت وطأته و عندما يختل التوازن البيئي لا بد من إجراء التعديلات والتغذية الراجعة التي تعيد البيئة إلى التوازن المناسب و بعد إجراء التعديلات والتوازن المناسبين بين الموارد التي يتعامل معها الإنسان (المدخلات) وبين ما ينتج عن نشاطاته (المخرجات) ليصون البيئة ويحسنها.


تعليق:
فنجد الإنسان السعودي خلال العقود الماضية قد طور نفسة وفق لاحكام البيئة التي يعيش بها فنجده قبل الطفرة لم يكن يعتمد على التقنية مثل الوقت الحاضر ومن وجهة نظري لم يستفد الفرد في المجتمع السعودي من هذه التقنية بل اضر بالبيئة فمثلا هناك سيارات تعبئ بالبنزين وهي مصنعه لذلك فيقوم بعض الأفرد في المجتمع السعودي بتعبئتها بالديزل وهذا مضر للهواء ويساعدهم في ذلك بعض المؤسسات الحكومية والخاصة.

ثانيا: تطور علاقة الإنسان مع البيئة:
مرت علاقة الإنسان مع البيئة بمراحل تطورية عكسية التدرج فيؤدي إلى ظهور المشكلات البيئية , ويمكن أن نميز بين ثلاث مراحل من تاريخ تطور المجتمعات البشرية وهي :
1. مرحلة الصيد وجمع الغداء و تشكل أطول فترة من تاريخ الجنس البشري، وكان الناس رحلاً يسعون وراء غذائهم , وكان التأثير على بيئتهم صغيرا جدا نظرا لصغر حجم جماعاتهم و بدائية تقنياتهم وترحالهم من منطقة لأخرى وقد ساعد اكتشاف النار على إحداث تلك الجماعات أضرار أشد على بيئاتها
2. مرحلة الزراعة :مارس المزارعون الأوائل أسلوب الزراعة باقتلاع الغطاء النباتي و حرثه ثم زراعة الأرض وقد جدد المجتمع الزراعي بقاءه بتدجين النباتات والحيوانات فشكل تحولا هاما في علاقة الإنسان مع البيئة لأن ذلك ساعد على استمرار و إقامة قرى دائمة .
3. مرحلة الصناعة :تطورت المجتمعات الزراعية في أوربة والولايات المتحدة بعد الثورة الصناعية ،إلى مجتمعات صناعية أحدثت آثارا هائلة , فقد زاد الطلب على الطاقة وتطورت وسائل النقل بشكل سريع ونتج عن ذلك زيادة استغلال المواد غير المتجددة مما أدى إلى تلوث الماء والهواء والتربة وزادت النفايات الكيماوية غير القابلة للتحلل كالبلاستيك وأحدث إنشاء الموانئ وتحطم ناقلات النفط أضرارا فادحة بالكائنات المائية وقضى على أنواع كثيرة منها (عبيد,2000م, ص166).


التعليم البيئي:
التعليم البيئي هو ذلك النظام الذي يهدف إلى تطوير القدرات والمهارات البيئية للأفراد المهتمين بالبيئية وقضاياها، والذي من خلاله يحصلون على المعرفة العلمية البيئية والتوجيهات الصحيحة واكتساب المهارات اللازمة للعمل بشكل فردي أو جماعي في حل المشكلات البيئية القائمة والعمل أيضا قدر الإمكان للحيلولة دون حدوث مشكلات بيئية جديدة،وسوف يتحدث الباحث هنا عن أهداف التعليم البيئي حسب بيان Tbilisi لعام 1977م وهي على النحو التالي:
1. التوعية: مساعدة الأفراد والجماعات في اكتساب الوعي والحس البيئي في التعامل مع الأمور والقضايا البيئية.
2. المعرفة: مساعدة الأفراد والجماعات في اكتساب الخبرات البيئية المتنوعة والحصول على المعلومات الأساسية حول البيئية، مفاهيمها ومشكلاتها.
3. التوجيهات: مساعدة الأفراد والجماعات في اكتساب مجموعة من القيم والمبادئ ذات العلاقة بالبيئة، والتحفيز على المشاركة الفعالة في تحسين وتطوير وحماية البيئة.
4. المهارات: مساعدة الأفراد والجماعات في اكتساب المهارات اللازمة لتمكينهم من تحديد وتعريف المشكلات البيئية وإيجاد الحلول المناسبة لها.
5. المشاركة: المساعدة في تطوير قدرات الأفراد والجماعات على المشاركة الفعالة وعلى كافة المستويات في حل المشكلات والقضايا البيئية المختلفة.

أما مبادئ التوجيه والإرشاد في التعليم البيئي حسب بيان Tbilisi لعام 1977م حيث يقولون على التعليم البيئي أن:
1. يهتم بكافة جوانب البيئة ويأخذ بعين الاعتبار جميع أنواعها وعناصرها - البيئية الطبيعية والمشيدة, مع مراعاة الأمور الاجتماعية والاقتصادية والسياسية والثقافية والتاريخية والأخلاقية والجمالية.
2. يكون عملية متواصلة ومستمرة حيث يبدأ في المرحلة ما قبل المدرسة ويستمر في جميع المراحل.
3. يحوي على مواضيع متعددة ومترابطة ومنسجمة مع بعضها البعض.
4. يتفحص ويوضح القضايا البيئية الرئيسية من وجهة نظر محلية، وطنية، إقليمية وعالمية حتى يتسنى للطالب التعرف على الظروف البيئية في مختلف بقاع الأرض.
5. يركز على الأوضاع البيئية الراهنة والكامنة مع الأخذ بعين الاعتبار الجانب التاريخي لها.
6. تعزيز وتوضيح قيمة وأهمية التعاون المحلي والإقليمي والدولي في حل المشكلات والقضايا البيئية والعمل على منع تكرارها أو الحيلولة دون وقوعها.
7. يأخذ بعين الاعتبار الجوانب البيئية وبشكل واضح وصريح في مخططات التطور والنمو.
8. يمنح المتعلمين فرصة لتخطيط وتطوير طرق وأساليب تعليمهم وإفساح المجال أمامهم في المشاركة في إبداء الرأي صنع القرار.
9. يربط بين حساسية البيئة، المعرفة، المقدرة على حل المشاكل وتوضيح القيم البيئية لكل جيل، ولكن مع تركيز خاص في المراحل الأولى على حساسية البيئة التي يعيش فيها المتعلمين.
10. يساعد المتعلمين على اكتشاف وإدراك الأسباب الرئيسية لتدهور البيئة وعلامات هذا التدهور.
11. إظهار مدى تفاقم المشكلات والقضايا البيئية وتعقدها، وبالتالي مدى الحاجة إلى تطوير طرق التفكير والتعامل مع هذه القضايا وطرق حلها.
12. يتم استخدام طرق متنوعة للتعلم عن ومن البيئة، واستخدام وأنظمة متعددة لتسهل بلوغ الهدف مع زيادة في التركيز على التطبيقات العملية والمواد الحديثة.

تعليق:
نجد إن المجتمع السعودي مر بمراحل عديدة من مرحلة ما قبل الطفرة إلى المرور بمرحلة الطفرة وما واجهه الفرد السعودي بعد الطفرة إلى أن وصل الفرد السعودي إلى الطفرة الجديدة في الوقت الحاضر وهذا أدى به إلى التعامل وفق ما تعلمه سواء في المراحل الدراسية أو الخبرات التي مر بها فنجد أن التعليم في المدارس أو الجامعات أو خلافة يركز على البيئة ومن الأمثلة على ذلك ما يستقراء ويشاهد أو يلاحظ في شوارع مدينة الرياض مثلا من الإعلان عن ما يسمى " عين الرياض " وهذه بادرة ممتازة للحفاظ على نظافة البيئة.

التنمية... وغياب الوعي البيئي:
إن غياب الوعي بالعلاقة التي تربط بين التنمية والمحافظة على البيئة هو السبب الرئيسي في تدهور البيئة وانهيار التنمية واعتلال صحة الإنسان لقد أساء الإنسان استعمال قدرته في تغيير بيئته في سبيل تحقق أقصى استغلال ممكن لها دون النظر إلى إن هناك كائنات حية أخرى تشاركه المعيشة في هذه البيئة وتنتفع معه بمكوناتها مما أدى إلى اختلال التوازن الطبيعي وتهدد حياة الكائنات الحية بما فيها الإنسان نفسه (شحاته،2000م،ص95).
ومن الثابت إن جشع الإنسان وطمعه تحت مبرر التقدم والرقي جعل الروح المصلحية تتملكه في علاقته مع البيئة فلم ينظر إليها إلا على أنها مصدر للخامات التي يجب إن يحصل عليها في أسرع وقت, وبأقل ثمن بل انه لم يتورع عن إلحاق الضرر بأخيه الإنسان في سبيل تحقيق مصالحه وأهدافه. ولعل النظريات الاقتصادية التي صاحبت الثورة الصناعية في الغرب خير دليل على أنانية الإنسان إذ لم تهتم بمصير الأمم والشعوب الأخرى أو البيئة بقدر اهتمامها بحساب الخسارة أو الربح فغابت عنها الضوابط الأخلاقية والإنسانية التي يجب إن تحكم تصرفات الإنسان عند اضطلاعه بمسئولية تعمير الأرض واكبر دليل على ذلك نظرية الاتكالية التي نشأت في الغرب بهدف جعل الأمم الأخرى في حاجة دائمة إليه ليقوم باستغلال لها إلى أقصى حد ممكن.
فالصناعة في الدول الكبرى قامت وما زالت تقوم على استنزاف الموارد الطبيعية للدول الفقيرة دون اهتمام بالعواقب التي تمثلت في إفقار بيئات تلك الدول والإخلال بالتوازن الطبيعي لها والذي يمتد أثره ليشمل العالم كله.
ومن الأمور الخطيرة والتي يجب ذكرها قيام الدول الصناعية الكبرى بتصدير مخلفاتها السامة ونفاياتها النووية إلى البلاد الفقيرة مستغلة حاجة تلك البلاد إلى المواد الغذائية والأدوية والتقنيات الحديثة كذلك تقع المسئولية الكبرى في تلويث مياه البحار والأنهار والبحيرات والمحيطات على عاتق الدول الصناعية الكبرى بسبب ما تطرحه مصانعها من نفايات ومخلفات تمتد تأثيراتها الضارة إلى شواطئ البلدان الفقيرة ففي البحر الأبيض المتوسط تمتلك الدول الأوروبية الساحلية نحو 90% من المصانع المقامة على شواطئه حيث تصب ثلاثة من انهار هذه الدول في هذا البحر.
وفي الحقيقة فان القول بان الدول الصناعية هي المصدر الرئيسي لتلوث البيئة واختلال توازنها, لا يعني إن الدول الفقيرة لا نصيب لها في إحداث المشكلة العالمية فهذه الدول تعاني من كثير من مظاهر الأزمة البيئية التي تتمثل بشكل واضح في مشاكل : التصحر , والزحف العمراني على الأراضي الزراعية والذي كون ما يعرف بالغابات الأسمنتية في المدن الفقيرة والاستخدام غير الرشيد للمواد الكيميائية وتلوث الهواء وتلوث مياه الأنهار والبحار وانقراض الكثير من النباتات والحيوانات.

تعليق:
نجد أن الدولة السعودية رعاها الله بدأت تأخذ خطوات جدية في التعامل مع التنمية ولكن بما يحافظ على البيئة التي نعيشها, والسبب في ذلك أن الدولة تريد تنمية مواردها في الوقت الحاضر ولكن ليس على حساب الأجيال القادمة وهذا ما يطلق عليه التنمية المستدامة فهي عملت من خلال هذا المفهوم لتجنب الإضرار بالبيئة من اجل تحقيق عوائد مادية وكما تحدثت سابقا أن الإنسان هو من اخترع التقنية ولكن لم يوجها بالشكل الذي ينبغي له في عدم الإضرار ببيئته فمثلا نجد أن دولة ألمانيا تفاجأت أن اقتصادها في خطر والسبب يعود إلى أنها كانت تتاجر ببيع أشجار الغابات....وقد وضعت خطة للتنمية المستدامة وهي قطع مساحات من الأشجار وزرع هذه المساحات بأشجار أخرى لكي تنمو ثم قطعها من جديد وهكذا فهي ألان لم تضر باقتصادها ولم تضر بالبيئة فعملت ما يسمى صيانة مواردها وهكذا الحال يطبق في المجتمع السعودي.

التربية... وغياب الوعي البيئي وأثره على المجتمع:
تمثل التربية البيئية محوراً مهماً من محاور مناهج العلوم في التعليم العام، وهي من التجديدات التي ظهرت في السبعينيات من القرن الماضي نتيجة للممارسات الخاطئة للإنسان مع بيئته، وإساءة استغلال مواردها، ما أدى إلى العديد من المشكلات البيئية.
يقول شلبي "بدأت الحاجة إلى التعليم البيئي بصورة عالمية، حيث أقرها مؤتمر ستوكهولم الذي عقد تحت إشراف منظمة اليونسكو العام 1972م، وكان من أهم توصياته: وضع برامج البيئة في مراحل التعليم المختلفة. كما أوصى مؤتمر تبليسي 1977م بضرورة التصدي لمشكلات البيئة والعمل على النهوض بها من خلال توجه تربوي تعليمي".
ويقول إبراهيم مطاوع "إن التعليم البيئي نمط من التعليم ينظم علاقة الإنسان ببيئته الطبيعية والاجتماعية والنفسية، مستهدفاً إكساب الأطفال والشباب خبرة تعليمية واتجاهات وقيم خاصة بمشكلات بيئية وواجبات ببيئته، تضبط سلوك الفرد إزاء الموارد البيئية، بحيث تصبح الإيجابية والفعالية سمة بارزة في سلوك الفرد".
كما يقول بدران والديب " لم يعد من المستطاع حل مشكلاتنا البيئية بجهود ارتجالية، وإنما عن طريق جهود علمية جادة تقوم على الدراسة الصحيحة والتخطيط السليم، وهذا لا يكون من خلال الهدف أو المعلومات وحدها، بل بتأثير ما يكتسبه الإنسان من مهارات واتجاهات وما يستخدمه من أسلوب تفكير في تفاعله مع البيئة.
تعليق:
ومن هنا نجد أن مناهج العلوم المطورة للمرحلة التعليمية، قد اتخذت المنحى البيئي منطلقاً لها على الرغم من ضآلة المشكلات البيئية، التي أثرت على مجالات حياتنا الاجتماعية والاقتصادية والتربوية، والتأهيل البيئي الذي تكاد تفتقده هذه المناهج، ما سبب خللاً في ملائمة هذه المناهج للمتغيرات الحادثة في المجتمع السعودي.
وعلى العكس من هذا نجد في مناهج العلوم العلوم المصرية تركيز على الوضع البيئي بدرجة كبيرة، لذلك فإن الوضع يتطلب النظر في الموضوعات البيئية، وبخاصة في هذه المرحلة التعليمية التي تعتبر بداية تكوين الاتجاهات والقيم البيئية حتى تتلاءم مع حاجات ومشكلات بيئتنا السعودية ، لتعمل على مساعدة الطالب او الموظف السعودي في السيطرة على بيئته.

الآثار السلبية للإنسان على البيئة:
لقد دأب الإنسان منذ وجوده على الأرض إلى تعميرها ، ومحاولة تحسين ظروف بيئته ومعيشته بها ، وفي سبيل تحقيق هذه الغاية ، انتهج الإنسان نهجا ً غريبا ً ، لم يراع التوازن البيئي . وبسب جهل الإنسان بديناميكية ذلك التوازن، وسوء تقديره، نتج هذا التخريب الكبير الذي أحدثه و يحدثه في بيئته.فلقد صاحب ظهور المدن ونموها وتزايد عدد سكانها ، وقيام الصناعات المختلفة فيها بروز وظهور مشكلة كيفية تصريف المخلفات الناتجة عنها وفي البداية وجد الإنسان إن أسهل الطرق للتخلص من تلك المخلفات هو ربط شبكات المجاري الخاصة بالمنازل و المصانع بمجاري الأنهار أو بشواطئ البحار ولكن ومع مرور الوقت أصبحت تلك الأنهار و البحار ملوثة مما اثر على الكائنات الحية نباتيه أو حيوانيه التي توجد بها حيث هلكت أعداد كبير منها واختفت أنواع منها ولقد اتضح إن مياه المجاري ومخلفات المصانع تحتوي على كميات كبيره من المواد الكيميائية السامة و النفايات الأخرى التي قضت على معظم إشكال الحياة في مياه تلك الأنهار و البحار . كما يعمد المزارعون إلى استعمال المبيدات بكميات كبيرة للقضاء على الحشرات و الآفات التي تصيب مزروعاتهم و المبيدات ما هي إلا مواد ومركبات مصنعه كيميائيا ً ولذلك فإن الإفراط في استخدامها يؤثر على التربة والنباتات المزروعة وعلى الحيوان و الإنسان من خلال السلاسل الغذائية ومن المؤكد إن عدم مراعاة قواعد السلامة أو عدم اتخاذ الاحتياطات اللازمة في أثناء عمليات التصنيع يسهم بدرجة كبيره في تخريب البيئة وإتلافها ومن أمثلة ذلك (شحاته،2000م،ص97) :
1. الغازات السامة و الإشعاعات الخطرة المتسربة من المصانع والمفاعلات النووية
2. غرق الناقلات العملاقة المحملة بالنفط
3. الحرائق التي تتسبب في تدمير المنشآت و الأبنية.
وهكذا ، نجد إن الإنسان بإهماله وسؤ تخطيطه وتقصيره يسهم في تلويث بيئته بل وتخريبها بالإضافة إلى ما سبق ، فقط ظهر مع بداية القرن العشرين نوع من التلوث لم يكن معروفا ً من قبل وهو الضجيج أو الضوضاء .وهي عبارة عن الأصوات الصادرة عن استخدام الآلات الثقيلة و المكآئن و الآلات الحديثة ، أو ما تصدره وسائل النقل و المواصلات نتيجة إدارة محركاتها من أصوات مزعجه ولقد اتضح إن الضوضاء يمكن إن تسبب في تغير المحتوى الهرموني للدم ، مما ينتج عنه ازدياد في نبضات القلب، وضيق في الأوعية الدموية واتساع في بؤرة العين.

تعليق:
لو نظرنا إلى حال المجتمع السعودي وعلاقته ببيئته لوجدنا أن هناك أمور خافية على العوام يقوم بها الأفراد داخل المجتمع السعودي وسواء هؤلاء الأفراد سعوديين أو غير ذلك ولكن هم محسوبين داخل هذا المجتمع فلو نظرنا مثلا إلى محلات تصليح السيارات لوجدنا عجب العجاب من استخدام أدوات وآلات رخيصة واصلا لم يرخص لها لدخول السعودية ولكن نظرا لرخصها يتم استخدامها مثل فريون السيارات والأدوات التي تستعمل في السمكرة من معجون وخلافة فهذه كلها تضر بالبيئة وبالغلاف الجوي وبطبقة الأوزون بشكل عام.
ولو ذهبنا إلى المصانع داخل المملكة العربية السعودية لوجدناها تستخدم آلات انتهت صلاحيتها وتم بيعها من قبل الدول الصناعية على الدول النامية ومن ضمن هذه الدول المملكة العربية السعودية وهذه الآلات انتهت صلاحيتها وفق المقاييس البيئية المعمول بها في الدول الصناعية، وهذا فيه ضرر كبير على المجتمع بشكل خاص.

الفصل الثالث
التوصيات والنتائج
1. نتائج البحث
2. توصيات البحث

ملخص لنتائج وتوصيات البحث:
بعد تحديد مشكلة البحث واستعراض الباحث للإطار النظري والدراسات السابقة وما علق به عن المجتمع السعودي في ذلك نجد أن هناك نتائج لهذا البحث وتوصيات لابد من ذكرها ومحاولة العمل بها وذلك للحد من تدهور بيئتنا أو التخفيف من ذلك وهي على النحو التالي:
1. أن مكونات أو معطيات البيئة مهما كانت ضخمة ومتجددة إلا أنها في النهاية محددة ومعرضة بصورة أو بأخرى إذا ما أسيئ استخدامها لخطر التدهور والاستنزاف. كما أنها لا تستطيع أن تستمر إلى نهاية مصدر عطاء متزايد, بل يجب أن ندرك أن هذا العطاء سوف يتوقف في النهاية عند حجم معين وهذا ما حصل في دولة ألمانيا عندما وجدت نفسها في موقف خطر من بيع الأخشاب لزيادة مواردها المالية, وهذا يعني إننا نعيش في عالم محدود الموارد والإمكانات ومن ثم فالنمو السكاني الاقتصادي غير المحدد يصبح مستحيلا فوق هذا العالم وهذا يبرر أهمية التخطيط البيئي كأسلوب امثل للتعامل مع موارد البيئة بأسلوب سوى ومتوازن، وعلى المؤسسات والشركات والوزارات الحكومية التكاتف من اجل التعامل مع بيئتنا في ضل مواردها المحدودة ودون الإضرار بالبيئة بشكل عام والبيئة الاجتماعية السعودية بشكل خاص.
2. كما كشف لنا هذا البحث أن المشكلات البيئية إذا كانت ترجع في أصولها إلى أسباب طبيعية وأخرى بشرية, فقد رأينا أن البيئة الطبيعية خلقها الله سبحانه وتعالى متوازنة وخلق فيها من القدرات الذاتية ما يمكنها من المحافظة على هذا التوازن إذا استخدمت الاستخدام المعقول ومن ثم فهي بريئة كل البراءة من تبعة ما نعانيه اليوم من مشكلات أو كما يقال هي بريئة براءة الذئب من دم يوسف وهذا يعني أن الإنسان هو صانع المشكلات بالدرجة الأولى وانه المسئول أولا وأخيرا عن الإخلال بالتوازن الايكولوجي.ولذا عليه أن يعيد حساباته وسلوكه تجاه بيئته. وألا يكون بتفوقه العلمي والتكنولوجي معول هدم وتخريب لمكونات ومعطيات البيئة، ومن خلال ذلك نود الفرد السعودي إن يتعامل مع بيئته بما ينبغي لكي نعيش جميعا في بيئة متوازنة النمو والعطاء من قبل جميع الأطراف سواء من قبل البيئة أو الإنسان.
3. كما تبين أن النمو السكاني السريع غير المقنن في كثير من البيئات وخاصة المجتمع السعودي يعتبر سببا رئيسا ومباشرا لمشكلات البيئة، ومن هنا يصبح ضبط النمو السكاني وتثبيته بتخفيض الخصوبة الإنتاجية والوصول بها إلى مستوى الإحلال فقط أو ما يسمى صفر النمو السكاني وبالأخص في الدول النامية، او عمل دراسات اجتماعية بذلك لمعرفة الحلول المقترحة.
4. نجد أن البحوث في مجال البيئة من الناحية الاجتماعية نادرة وعليه نطالب مراكز البحوث في الجامعات والمؤسسات التي تهتم بأمور البيئة ومراكز البحوث الاجتماعية العمل على دراسات حول البيئة من جميع النواحي بشكل عام ومن الناحية الاجتماعية بشكل خاص.
5. كما كشف لنا هذا البحث أن المشكلات البيئية على اختلافها متداخلة ومتكاملة مع بعضها البعض وكذلك أن حلولها أيضا متداخلة فبعض العوامل قد تسهم في حل مشكلة ما قد تكون سببا في خلق مشكلات أخرى. وهذا يؤكد ضرورة تناول مشكلات البيئة مجتمعة وليست منفردة حتى يكون الحل جذريا وسليما إذ يجب أن تحل هذه المشكلة في حضور باقي المشكلات.
هذا وصلى الله على محمد وعلى اله وصحبه أجمعين والحمد لله رب العالمين.


المراجع:
1. عبيد،هاني.(2000م).الانسان والبيئة منظومات الطاقة والبيئة والسكان.عمان.دار الشروق.
2. السمالوطي،نبيل.(1992م).الدين والتنمية في علم الاجتماع اسس النموذج الاسلامي للتنمية وتحليل نقدي للنظريات الغربية.الاسكندرية.دار المطبوعات الجديدة.
3. عبدالمقصود،زين العابدين.(1976م).ابحاث في مشاكل البيئة.الاسكندرية.منشأة المعارف.
4. عبداللطيف،رشاد احمد.(1999م).مهارات الخدمة الاجتماعية في مجال البيئة.الجيزة.مكتبة زهراء الشرق.
5. النجدي،احمد عبدالرحمن واخرون.(2002م).الدراسات الاجتماعية ومواجهة قضايا البيئة.الجزء الاول.القاهرة.دار القاهرة.
6. علام،مجدي.الاعلام البيئي احدث دراسة حول الانسان ومشكلة البيئة وكيف يكون الاعلام حلها.مطابع الاخبار.
7. النجدي،احمد عبدالرحمن واخرون.(2002م).الدراسات الاجتماعية ومواجهة قضايا البيئة.الجزء الثاني.القاهرة.دار القاهرة.
8. شحاته،حسن احمد.(2001م).البيئة والمشكلة السكانية.نصر.عربية للطباعة والنشر.
9. الشرنوبي،محمد عبدالرحمن.(1981م).الانسان والبيئة.الاسكندرية.مكتبة الانجلوا المصرية.

 

 

المصدر: ورقة العمل في علم اجتماع البيئة.... اعداد سعيد الزهراني http://www.ejtemay.com/showthread.php?p=741
malshaarawy

"هذا والله أعلم" "سبحانك اللهم وبحمدك، أشهد أن لا إله إلا أنت، أستغفرك وأتوب إليك"

  • Currently 0/5 Stars.
  • 1 2 3 4 5
0 تصويتات / 9808 مشاهدة
نشرت فى 18 مايو 2013 بواسطة malshaarawy

محمد الشعراوى

malshaarawy
الموقع الرسمى للباحث : مـحـمـد الـشـــعـراوى الدراسات العليا ، كلية الخدمة الإجتماعية ، جامعة حلوان »

ابحث

تسجيل الدخول

عدد زيارات الموقع

716,509