منذ أيام قلائل احتفل العالم بيوم اليتيم الذي وافق الرابع من شهر إبريل. واليتيم في الإسلام هو:- من مات أبوه وهو صغير أقل من 15 عاماً.

واليتيم في اللغة هو:- الفرد من كل شيء يقال: بيت يتيم، وبلد يتيم،  ومن الناس مَن فقد أباه، ومن البهائم من فقد أمه.

وفي  هذه الأيام نجد أطفال فقدوا آباءهم وهم ما زالوا على قيد الحياة،  قد يكون  هذا الأب قريباً منك أو تعرفه، هذا الأب هو الحاضر بجسده وماله، الغائب  بروحه وعطفه وصداقته، هذا الأب الذي ينحصر عنده مفهوم التربية في الإنفاق  والتعليم فقط.

في حين أن القرآن الكريم يحرص على أن تسبق التربية التعليم، ويذكر كلمة التزكية بدلا من كلمة التربية.

قال تعالى:  { كَمَا  أَرْسَلْنَا فِيكُمْ رَسُولًا مِنْكُمْ يَتْلُو عَلَيْكُمْ آَيَاتِنَا  وَيُزَكِّيكُمْ وَيُعَلِّمُكُمُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَيُعَلِّمُكُمْ  مَا لَمْ تَكُونُوا تَعْلَمُونَ } ( سورة البقرة: الآية 151).

 يقول الشيخ عبد الرحمن بن ناصر السعدي في تفسيره: (ويزكيكم ): أي: يطهر أخلاقكم ونفوسكم، بتربيتها على الأخلاق الجميلة، وتنزيهها عن الأخلاق الرذيلة ).

  فمن سيقوم بتلك التزكية إن لم تكن أنت أيها الأب القدوة في القول والعمل.

  يقول الشاعر العربي:

وينشأُ ناشئ الفتيان فينا    ***      على ما كانَ عَودهُ أبـوهُ

أما  الأب الذي ينحصر وجوده في المنزل على تناول الطعام ومشاهدة الأخبار، و ترك  مسئولية التوجيه والتربية على الأم وحدها، بحجة أنه لا يرى أولاده كثيراً،  وهذا الوقت لا يريده أن يتحول لنصائح وتوجيه لأبنائه، حتى لا يكرهونه،  وبالتالي يتركهم يفعلون ما يشاءون، ويقولون ما يشاءون، وإذا أراد أحدهم  مساعدة نادى على الأم وبحضرته !!! مثل هذا الأب هو الحاضر الغائب، فالتربية  مسئولية مشتركة بين الأب والأم.

فالابن المسلم هو: حامل  رسالة السماء إلى الإنسانية كلها، لهذا فالأمر عظيم وجلل يحتاج لإعداد  أبناء يكونون قادرين على حمل الرسالة، وحفظ الأمانة، وقيادة الإنسانية  كلها.

تقوم التربية على أمرين هامين هما:-

الإكرام والتأديب:  يقول الرسول صلى الله عليه وسلم ( أكرموا أولادكم وأحسنوا آدابهم ).

   وكان  صلى الله عليه وسلم، مثالا للمودة والعطف والحنان مع أولاده وذريته، ومع  أطفال المسلمين، فكان الصحابة إذا زاروه في بيته خرج إليهم وهو يحمل حفيده  الحسن على كتفه، وكان  صلى الله عليه وسلم  يداعب ولديه الحسن والحسين،  ويلاعبهما، وكان إذا سجد يركبان فوق ظهره، ويقبلهما كثيراً ويحنو عليهما.

ودور الأب يتفوق على دور الأم في تربية الأبناء بعد السنوات الثلاث الأولى من عمره وفي هذا يقول الرسول صلى الله عليه وسلم: ( ما نحل والد ولده أفضل من أدب حسن ).

ولأهمية التربية في الصغر يقول الإمام الغزالي: ( الصبي أمانة عند والديه وقلبه الطاهر جوهرة نفيسة ساذجة خالية من كل نقش وصورة وهو قابل لكل نقش ).

 وقد كثرت الأمثال التي  تشير إلى هذا المعنى مثل:

- من أدب ولده صغيراً سر به كبيرا.

- التعليم في الصغر كالنقش على الحجر.

- اطبع الطين ما كان رطبا واعصر العود ما كان لدنا.

ويقول علماء التربية المعاصرين: بادروا بتعليم الأطفال قبل تراكم الأشغال، وإنه وإن كان الكبير أوقد عقلا، فإنه اشغل قلبا.

وقد أورد كل من بينسون وجيلبريس و إيسبيلاند في كتابهم ما يحتاجه الأطفال للنجاح في حياتهم عدة قواعد هي:

- الدعم: يحتاج الصغار إلى الدعم والرعاية والحب من أسرهم والأشخاص الآخرين في حياتهم  حتى تنمو شخصيتهم بشكل سوي.

- التمكين أو التقدير: يحتاج الصغار إلى أن يتم تقديرهم من قبل المجتمع الذي يعيشون فيه وأن يتم  منحهم الفرص للتعاون مع الآخرين وحتى يتم ذلك يجب أن يكونوا في أمان  ويشعروا بالطمأنينة.

- الضوابط والتوقعات: يحتاج الصغار إلى وضع حدود ثابتة وواضحة لسلوكياتهم وتوقع السلوك الإيجابي منهم حتى يعتادوا عليه.

- الاستغلال البناء للوقت: يحتاج الصغار إلى وقت أطول مع أشخاص بالغين  يعتنون بهم ويعملون على تنمية  قدراتهم الإبداعية والمهارية  وذلك من خلال وقت مثمر مع العائلة والمشاركة  في الأنشطة المختلفة ولا سيما الدينية.

- الرغبة في التعلم: يحتاج الصغار إلى تنمية  ارتباطهم ورغبتهم في التعلم طول العمر ولا يأتي ذلك إلا بالقدوة من الوالدين.

- القيم الإيجابية: يحتاج الصغار إلى تنمية قيم راسخة بداخلهم ترشدهم عند الاختيار وأخذ القرار.

- المهارات الاجتماعية: يحتاج الصغار إلى المهارات والقدرات التي تؤهلهم للقيام باختيارات إيجابية، وبناء علاقات اجتماعية، تؤهلهم للنجاح في الحياة.

- الهوية الإيجابية: يحتاج الصغار إلى إحساس قوي بقوتهم، وغايتهم، وقيمتهم، وأن يشعروا بالأمل في المستقبل. 

فمهما  كانت انشغالاتك أيها الأب فابنك أو ابنتك في حاجة إليك لتبنيه وتربيه  وتزكيه، في حاجة إليك  ولو لدقيقة واحدة،  لتكون حاضراً في خاطرهم  ووجدانهم، لا تتركهم ينسوك وأنت حاضر، فمهما كان عملك بالغ الأهمية فلن  تكون مثل رسول الله صلى الله عليه وسلم.

وأخيراً أولادك  هم مرآتك التي يراك الناس بها، فضلاً عن أنهم أمانة ستسأل عنها أمام الله  عز وجل، فعن ابن عمر رضي الله عنهما، عن النبي صلى الله عليـــــه وسلم  قال: ( كلكم راع،وكلكم مسئول عن  رعيته، والأمير راع، والرجل راع على أهل بيته، والمرأة راعية على بيت زوجها  وولده، فكلكم راع، وكلكم مسئول عن رعيته ) متفق عليه 

أسأل الله عز وجل أن يعيننا على تربية أولادنا.

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

المصدر: بقلم:- حكام أحمد سالم
  • Currently 19/5 Stars.
  • 1 2 3 4 5
7 تصويتات / 80 مشاهدة
نشرت فى 27 إبريل 2011 بواسطة malkelmogazy

ساحة النقاش

عدد زيارات الموقع

2,710