...السحر والشعوذة من الأمراض الخطيرة والآفات الفتاكة، التي تودي بصاحبها في الدنيا والآخرة، وينتشر الضرر في المجتمع، فيجعل البعض متعلقا بالسحرة والشياطين، يلجأ إليهم، ويصدقهم، ويعبدهم، فعيش في ظلمات بعضها فوق بعض؛ لذلك جاء الإسلام ببيان حكم السحر والسحرة واضحاً جلياً، يجعل من لديه عقل وبصيرة يعلن التوبة والرجوع قبل الموت والندم، والله عز وجل يفرح بتوبة التائبين ويقبل عباده الصالحين.
وممن أكرمه الله بالتوبة من السحر والشعوذة والرجوع إلى الله التائب/ داود محمد فرحان، من بلاد اليمن، الذي أمضي سنوات من عمره وهو بين الشياطين والمشعوذين، ثم أكرمه الله عز وجل وأنقذه منهم قبل الموت، نسأل الله لنا وله الثبات على الدين والإيمان.
التقينا به أثناء زيارته لقطر وكان معه هذا الحوار:
1- هل لك أن تكلمنا عن نشأتك والبيئة التي كانت حولك في الصغر؟
نشأت في بيئة متأثرة بالسحر، وهذا كان عاملاً رئيسيا في انحرافي، وذلك أن الأسرة لها تأثير كبير، وقد كان والدي يمارس عمل السحر.
2- هل كنت تعرف حكم الشعوذة والسحر قبل دخول هذا المجال؟
لم أكن أعرف ذلك نتيجة الجهل وقلة العلم، بل على العكس كنت أظن أنها كرامات وروحانيات ترتقي بالإنسان.
3- هل هناك أسباب أخرى جعلتك تتجه هذا الاتجاه، أقصد الشعوذة والسحر؟
من الأسباب حب الظهور والبروز والسيطرة والاستعانة بالشياطين في إيذاء الآخرين، وتخويفهم من اجل التمكن منهم وسلب بعض أموالهم.
وهذا طبعا راجع لضعف الإيمان، وتأثير البيئة التي كنت أعيش فيها.
4- كيف كانت التوبة؟ وما أسبابها؟
كان للتوبة و بداية التغير أسباب متعددة، أبرزها تلك الرؤيا التي رأيتها في المنام وأزعجتني كثيرا، ففي منطقة باجل من عام 2001م، وفي إحدى الليالي وقد كنت أعالج بعض المرضى بالشعوذة والسحر، أحسست بالإرهاق والتعب، فنمت، فرأيت كأنني متّ، وقام الناس بكل مراحل تجهيز الميت من تغسيل وتكفين والنقل إلى القبر وأنا أشاهد ذلك كله، وأريد أن أخاطبهم بذلك فلا استطيع، ثم أنزلوني القبر وأنا أطلب منهم عدم دفني، وهم مصرون على ذلك وفرحون، ويقولون هذه فرصة للتخلص منه. ثم بعد انصراف الناس قمت وأنا في مكان مرعب لا يطيقه أحد، حاولت أن أرى أحدا فلم أستطع، ثم رأيت فرجة يأتي منها شيء أسود غيّر ملامح المكان وأصوات قوية مرعبة مثل الرعد، حتى أحسست أن قلبي قد انتزع، وإذا أشخاص يصلون إلي ويسألوني: من ربك؟ من نبيك؟ ما دينك؟ فلم أستطع الكلام، ولم أستطع الهروب، وإذا مثل اليد من نحاس تخرج من الأرض تمسك بي من صدري ترفعني وتهوي بي في قدر به شيء يغلي كالأزفلت، فصرخت بقوة حتى سمعني أهل البيت، واستيقظت من نومي فزعا، فظننت أني قصرت في قرابيني والتزاماتي مع الشيطان، ولكنني لم أفعل شيء من ذلك، فلما عدت إلى النوم رأيت والدي في نفس المكان الذي دفنت به، ويناديني ويحذرني بالهروب، ويدعوني إلى الصلاة والوضوء والصوم والطاعة، وبأنه ما زال لدي فرصة للتوبة.
5- ما الذي عملته بعد هذه الرؤية؟
أعلنت التوبة وبدأت في الصلاة التي ما كنت أصليها، وإن حصل بعض الأحيان فهي مراءاة للناس، وفي بعض الأحيان بغير طهارة، ولا وضوء، يدخل بعضنا مع الناس إلى المسجد على أي وضع هو عليه حتى لو كان جنبا.
6- كيف إحساسك بعد التوبة؟
بالندم والفرح، الندم على التفريط والتضييع وذهاب العمر في الشرك وعبادة الشياطين، وفقدان الإيمان والعبادة، والفرح بالتوبة والإنابة والرجوع إلى الله قبل الموت، وأحسست بقرب الناس وحبهم الصادق لي.
7- إذا عملت مقارنة بين المرحلتين، كيف تراها؟!
لا أستطيع، حيث أنه لا مجال للمقارنة، فالتوبة لها أثر وآثار أعظم من أقارنها بالوضع السابق المظلم الذي كنت عليه قبلها.
8- من خلال التجربة التي عايشتها، ما أسباب كثرة ذهاب الناس إلى المشعوذين والسحرة في بعض المجتمعات؟
السبب الرئيس هو الجهل وقلة العلم، وضعف الإيمان، وعدم معرفة مدى خطورة الذهاب إلى المشعوذين والسحرة، والبعض يتهاون في النصوص التي تحذر من الذهاب إليهم، ويأتي في نفسه أنها زيارة واحدة وتنتهي الأمور، ولا يعلم أن هذه المرة هي بداية الانزلاق والوقوع في حبائلهم والتعلق بهم.
أيضا البيئة لها تأثير وكلام الناس الجهال وثنائهم على المشعوذين بأنهم أصحاب كرامات وعلم.
9- كيف يمكن التمييز بين المشعوذ وبين الذي يعالج بالرقى الشرعية ؟
المشعوذ له علامات تعرفها من أول وهلة، مثل ادعائه معرفة بعض الأمور الغيبية التي توحيها له الشياطين، فيذكر أشياء عن المريض قبل أن يتكلم، فيخبره بقصته ومرضه وعن سبب مجيئه، واستخدام الرموز والتمتمات، وعدم مراعاة الضوابط الشرعية.
بينما صاحب الرقية الشرعية ليس بحاجة إلى إدعاء علم الغيب، وقراءته واضحة مسموعة معروفة لا يخفيها أو يتمتم بها، ويراعي الضوابط الشرعية، فلا يلامس المرأة الأجنبية ولا يخلو بها، ولا يستخدم التمائم، ويربط المريض بالله والتعلق به، ويعلِّم المريض ويوجهه إلى رقية نفسه بنفسه، بخلاف المشعوذ.
10- ما هي نصيحتك للسحرة والمشعوذين؟
أدعوهم إلى الله والتوبة مما يقومون به، وأن هذا العمل يناقض الإسلام الذي أكرمنا الله به، وأن السحرة حلفاء أعداء الإسلام ومناصرين لهم، وأن التعامل مع الشيطان ذل وهوان وفقر ومهانة وخزي في الدنيا قبل الآخرة، ويكفي أن الإنسان يعيش مكروه عند أهله، ومن رآه يبتسم له ابتسامة حقد وكره وغيظ وكذب.
11- ما هي نصيحتك لمن يذهب إليهم؟
الالتزام بالكتاب والسنة ففيهما الكفاية، والرقية الشرعية تغني عن الذهاب إلى السحرة والمشعوذين، وأفضل الرقى أن يرقي الإنسان نفسه بنفسه، وقد أصبحت الوسائل المعينة على ذلك كثيرة ومتعددة ومتاحة.
12- ما هي أبرز الجهود الدعوية التي تقوم بها الآن؟
الذهاب إلى بعض المناطق المتأثرة بالسحرة والمشعوذين، ثم دعوة من أستطيع منهم إلى التوبة والرجوع إلى الله عز وجل، ثم تحذير الناس من أعمال المشعوذين، والحمد لله هناك نتائج طيبة وقبول وتجاوب عند الناس حتى من بعض السحرة أنفسهم.
فقد كنت في حضرموت قبل مدة بسيطة لمدة أسبوع في عدد من الأماكن ورأيت تجاوباً طيباً، وهناك تعاون معي من قبل الجهات المسؤولة، حيث تم بفضل الله القبض على عدد من السحرة، وبعضهم تاب إلى الله، وصار يخبر عن بعض السحرة الآخرين.
وأسعى إلى بذل جهود أكبر والذهاب إلى مناطق أكثر وعلى نطاق أوسع عند توفر الوسائل المعينة.
وأنا بفضل الله أشرف على مركز به مسجد للدعوة وتعليم القرآن وتحفيظه، والناس في إقبال، ويوجد الآن حفظة للقرآن عندنا بالقرية التي كان بها أكثر من ستين ساحر، وبعضهم من أبناء السحرة أنفسهم.
13- هل يوجد صعاب وعقبات اعترضتك في طريق التوبة والدعوة إلى الله؟
نعم فبعد التوبة وصلت إلى مرحلة الصدام مع الشياطين، الذين كادوا لي وبذلوا قصارى جهدهم لتراجعي عن التوبة، ولكن الله ثبتني وأعانني عليهم.
وهناك بعض التهديدات من بعض السحرة وممن لهم مآرب ومصالح بالدعوة الشيطانية، تلك التهديدات عبر الانترنت والجوال، والتي وصل بعضها إلى التهديد بالقتل.
إضافة إلى أن بعضهم صار يشكك في توبتي ورجوعي ويسعى إلى بث ذلك عبر الانترنت، كوسيلة ضغط.
14- من هم أبرز المشايخ الذين ساندوك ووقفوا معك؟
-محمد علي نجم الدين الآنسي، رئيس مركز البحوث والدراسات الإسلامية بجامعة الإيمان.
-الشيخ حمود هاشم الدارحي، عضو مجلس الشورى في التجمع اليمني للإصلاح، وخطيب جامع رئيس الجمهورية.
-سعد حنتوس، رئيس دار القرآن.
-صالح حنتوس. وغيرهم من العلماء والدعاة.
ونسأل الله الهداية للجميع والحمد لله رب العالمين.
منقول من موقع :
http://www.islamweb.net/ver2/archive/readArt.php?lang=A&id=133643
<!--~-|**|PrettyHtmlEndT|**|-~-->
نشرت فى 10 يوليو 2006
بواسطة makkawy
عدد زيارات الموقع
89,078
ساحة النقاش