السلام عليكم ورحمة الله وبركاتة   الوقت وأهميته   الحمد لله و الصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد: فإن الوقت هو حياة الإنسان، فإذا أضاعه فإنما أضاع عمره، والوقت سريع الانقضاء محال الرجوع، وسيعلم الإنسان مدى نفاسته عند ساعة الاحتضار، ولهذا كان الكلام عن الوقت كلاماً له طعمه الخاص. ومع أنه سبق الكلام عن الوقت وأهميته في حياة المسلم، سواء كتابة أو إلقاء. أولاً: أهمية الوقت: تتبين أهمية الوقت في النقاط التالية : 1- جعل الله الوقت نعمة امتن بها على عبادة، فقال تعالى: (( وَسَخَّر لَكُمُ الشَّمْسَ وَالْقَمَرَ دَآئِبَينَ وَسَخَّرَ لَكُمُ اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ ، وَآتَاكُم مِّن كُلِّ مَا سَأَلْتُمُوهُ وَإِن تَعُدُّواْ نِعْمَتَ اللّهِ لاَ تُحْصُوهَا إِنَّ الإِنسَانَ لَظَلُومٌ كَفَّارٌ )) ( إبراهيم:34،33). 2- أن الله أقسم به وبأجزاء معينة منه: فقال: (( وَالْعَصْرِ إِنَّ الْإِنسَانَ لَفِي خُسْرٍ )) (العصر:2،1) . (( وَاللَّيْلِ إِذَا يَغْشَى وَالنَّهَارِ إِذَا تَجَلَّى )) ( الليل:2،1). (( وَالضُّحَى وَاللَّيْلِ إِذَا سَجَى )) ( الضحى:2،1) . (( وَالْفَجْرِ وَلَيَالٍ عَشْرٍ وَالشَّفْعِ وَالْوَتْرِ وَاللَّيْلِ إِذَا يَسْرِ )) (الفجر:4،1). 3- الأسئلة الأربعة التي يسأل عنها العبد يوم القيامة، اثنان منها تخص الوقت: (( لن تزول قدما عبد يوم القيامة حتى يسأل عن أربع خصال: عن عمره فيما أفناه و عن شبابه فيما أبلاه وعن عامه ماذا عمل به وعن ماله من أين اكتسبه وفيما أنفقه)) قال المنذري في الترغيب والترهيب: رواه البزار الطبراني بإسناد صحيح. 4- شعائر الإسلام تثبت قيمة الوقت: فالصلوات الخمس لها أوقات معينة لا تصح قبله، وتحرم بعده إلا لعذر، وكذا صوم رمضان وحج البيت والزكاة وغيرها. ثانياً: مظاهر إضاعة الوقت ممن يظن بهم المحافظة على أوقاتهم : هناك من لا يأبه بضياع الوقت بل يبحث عما يضيع وقته، وليس الكلام عند هؤلاء لأن هؤلاء لم يدركوا أهمية الوقت حتى نطالبهم باغتنامه والاستفادة منه، لكن من الناس من يعرف أهمية الوقت، واقتنع بذلك لكنك تراه يضيع شيئاً من أوقاته، من هذه المظاهر التي تبين لنا إضاعة هؤلاء الأشخاص لشيء من أوقاتهم . 1- الإكثار من قراءة الصحف: يقرأ أكثر من صحيفة بلا غرض، والصحيفة الواحدة يقرأ كل ما فيها ولو كان غير مفيد ، لاشك أن الصحيفة قد يكون فيها شيئا مفيداً لكن فيها أيضاً شيء غير مفيد، فهذا يقرأ كل ما هذه الصحيفة ولو كان غير مفيد، بل يقرأ أكثر من صحيفة حتى وإن تقاربت الأخبار . 2- تتبع الأخبار والتحليلات في كل إذاعة: فهو مع الإذاعة يتتبع الأخبار والتحليلات، ما ذا قالت إذاعة كذا، وما ذا قالت إذاعة كذا، بل ربما سمع الخبر الواحد أكثر من مرة يسمعه في أخبار الساعة كذا وأخبار الساعة الأخرى. 3- إكثار الكلام مع بعضنا بلا فائدة: قد نكثر الكلام مع بعضنا وقد لا يكون لهذا الكلام فائدة، أو ربما تكون له فائدة لكن لا يحتاج إلى كل هذا الوقت، وهذا ربما يكون في: أ- في الهاتف.    ب- وربما يكون بعد الخروج من المسجد، نصلي ثم نتقابل فنقف نتكلم لوقت غير يسير، مع أنه لم يمض وقت كثير على لقائنا السابق.     ج- وربما يكون اللقاء في أي مكان آخر غير المسجد. 4- كثرة استعمال الهاتف بلا فائدة: يجلس عند الهاتف ويكلم هذا ثم يكلم الآخر مع إنه قد لا يطيل مع الشخص الواحد، لكنه يكثر من الأشخاص، وربما أطال مع الشخص الواحد إطالة لا فائدة منها. 5- إطالة الزيارات لبعضنا البعض. 6- الإكثار من الدوريات: له أكثر من دورية، دورية المسجد، ودورية زملاء العمل، ودورية زملاء التخرج وهكذا، وربما كان الأسبوع مليئاً بها لو أنه كان يفيد فيها أو يستفيد ، لما قلنا فيه إضاعة للوقت، لكن الواقع أنها تكون بلا فائدة وإنما لمجرد الأنس . 7- الاشتغال بالصيد: وأهل الصيد يعرفون كم من الوقت يمضونه في الصيد. 8- الإكثار من الرحلات. 9- الإكثار من سماع الأناشيد: فتجد هذا الشخص لا يكاد يخرج شريط أناشيد إلا وقد استمعه وربما ردد الشريط أكثر من مرة . 10- كثرة المناقشات غير المفيدة : كأن يناقش موضوعاً طرح على الساحة، وتنحصر المناقشة في لماذا طرح ويا ليته لم يطرح، والآخر يدافع عن ذلك، مناقشات عقيمة ياليتها تُخرج لنا فائدة واقتراحات تقدم لصاحب الشأن، وكان الذي يحصل أنه مجرد انتقادات ولوم عقيم . 11- قراءة الكتب غير المفيدة: أو الكتب التي قراءة غيرها أولى منها: كالإكثار من قراءة كتب الشعر والقصص الخيالية و نحوها. 12- النوم بعد صلاة الفجر: دون أن يكون هناك تخطيط مسبق لهذا النوم، قد ينام بعض الأشخاص لأنه ملأ جدوله بالأعمال التي تحتاج منه أن ينام في هذا الوقت، لكن هناك من ينام هذا الوقت كسلاً. 13- مشاهدة أفلام الفيديو المباحة: كحفلات الجامعة والمراكز الصيفية مثلاً، ولا نتكلم مع من يشاهد الأفلام المحرمة لأن هذا لا يهتم بالوقت أصلاً. 14- ممارسة بعض الألعاب الجديدة: التي تستغرق وقتاً كألعاب الكمبيوتر و نحوها. 15- الاجتماع لمناقشة موضوع ما فيأخذ أكثر من حقه: بسبب كثرة المقاطعات والخروج عن الموضوع، وعدم التخطيط المسبق للموضوع، وتحديد ما الذي سيناقش، ولهذا تجد أن الاجتماع يمتد من العشاء إلى وقت متأخر من الليل وكان بالإمكان إنهاؤه بوقت قصير. 16- التمني في السيارة: بعد أن يركب السيارة لقطع مسافة ما يبدأ يتمنى لو أني كذا وكذا، ولو وجدت كذا أو لو اشتريت كذا، ولو أهدى إلى كذا، ولو حصلت على كذا ، وربما يكون التمني في غير السيارة، والتمني يختلف عن التفكير المفيد الذي يثمر نتيجة . 17- الخروج بعد اجتماع مفيد: كحضور محاضرة مثلاً بعد المغرب إلى تناول العشاء معاً في مكان ما، يحضرون المحاضرة ثم إذا انتهت خرجوا للعشاء ويمضون وقتاً غير يسير. ثالثاً: أسباب إضاعة الوقت: 1- ضعف الإيمان: وهذا بدوره يجر إلى: أ- اتباع الهوى: فيكثر مما تهواه نفسه إذا كان مباحاً، فإذا كان يهوى الصيد مثلاً أكثر منه وتتبعه وحافظ على مواعيده لئلا تضيع منه، وإذا كانت نفسه تهوى الرحلات والخروج إلى البر أكثر منه ، مما يضيع عليه وقتاً غير يسير. ب- طول الأمل: يقول الحسن البصري: ( ما أطال عبد الأمل إلا أساء العمل) تفسير القرطبي. ويقول ابن القيم: ( إضاعة القلب من إيثار الدنيا على الآخرة، وإضاعة الوقت من طول الأمل) الفوائد. 2-عدم إدراك أهمية الوقت: يقول ابن مسعود: (ما ندمت على شيء ندمي على يوم غربت شمسه نقص فيه أجلي و لم يزد فيه عملي). وقال الحسن البصري: ( أدركت أقواماً كان أحدهم أشح على عمره منه على درهمه) شرح السنة للبغوي. وكانوا يقولون: من علامة المقت إضاعة الوقت، وإذا لم ينظم وقته فستضيع عيه الأوقات. 3- عدم الانضباط وحب التسيب والراحة: وهذا لن ينظم وقته وإذا لم ينظم وقته فستضيع عليه أوقات غير يسيرة. 4-الافتقار إلى التخطيط: لا يخطط لكيفية قضاء الوقت، فمثلاً إذا كان هناك اجتماع لمسؤول مع موظفيه يأتي للاجتماع دون تخطيط ، ويأتي الموظفون وهم لا يعلمون ماذا سيدور فيه. 5- ضعف الهمة: ومن كان ذا همة لم يرض أن تضيع أوقاته هدراً. 6- القدوة السيئة: يجالس من يقتلون أوقاتهم. 7- التربية الخاطئة منذ الصغر: عدم تعويد الطفل على اغتنام وقته. 8- العادات: هناك بعض العادات اعتادها بعض الناس يكون فيها نوع إضاعة للوقت لاستغراقها وقتاً ليس باليسير، وهذا مثل شرب الشاي بعد العصر والجلوس لذلك، وكذا القهوة صباحاً. 9-عدم معرفة تنظيم الوقت: قد يرغب في الاستفادة من وقته لكنه لا يعرف كيف ينظم وقته، فتضيع عليه الأوقات بلا فائدة. 10- حب الإنسان أن يعمل كل شيء بنفسه: ولا يمكن أن يفوض للآخرين في عمل أي شيء؛ وذلك لأنه يميل إلى المثالية والكمال في الأداء بحيث يتأكد أن تفاصيل الأعمال قد أديت على حسب ما يتصور، ولو أنه فوض بعض الأعمال إلى من يساعده لاختصر أوقات كثيرة يمكن أن يستفيد منها في شيء آخر . 11- قد يكون السبب من غيرك: أ- يزورك صديق ويطلب منك الذهاب معه لقضاء حاجاته، مع أنه لا يستفيد منك إلا مجرد الاستئناس بك وقضاء الوقت. ب- يزورك بدون سابق ميعاد ويطيل الزيارة. ج- يهاتفك ويطيل المكالمة بلا غرض، ويخرج من موضوع إلى موضوع . د- يخلف موعدك، مدة انتظارك له ضاع عليك وقت. هـ- يتأخر عليك في الموعد.    12- قد يكون السبب خارج عن قدرتك: كالازدحام الحاصل في الطريق، وطول المسافات بين الأماكن التي تحتاج إلى الذهاب إليها، كأن تريد شراء شيء فتذهب إلى مكان بعيد، أو تريد حضور محاضرة أو درس فإنك تحتاج إلى قطع مسافة تستغرق وقتاً وهذا يظهر جلياً في المدن الكبيرة كالرياض مثلاً . رابعاً : مما يساعد على اغتنام الوقت: 1- استحضار مراقبة الله للعبد وإحصاؤه لأعماله دقيقها وجليلها: فإذا استحضرت هذا لم ترض أن تضيع دقيقة في غير طاعة الله فضلاً عن أن تضيع في معصية. قال بعض الزهاد: ( ما علمت أن أحداً سمع بالجنة والنار تأتي عليه ساعة لا يطيع الله فيها بذكر أو صلاة أو قراءة أو إحسان). 2- معرفة أهمية الوقت: قال ابن الجوزي في صيد الخاطر: ( ينبغي للإنسان أن يعرف شرف زمانه وقدر وقته فلا يضيع منه لحظة من غير قربة). 3- تنمية الهمة العالية عند الإنسان: وتعويده نفسه على اغتنام الأوقات. 4- تحديد الأهداف التي تريد إنجازها. 5- البعد عن مجالسة قاتلي الأوقات. 6- ترك الفضول في كل شيء: أي ترك التوسع في المباحات. 7- مصاحبة مغتنمي الأوقات. 8- التلذذ بحلاوة كسب الوقت في الإنتاج المفيد: [ تشعر بلذة عندما تنتج شيئاً، كما لو جلست بعد صلاة الفجر وحفظت وجهاً من القرآن، وهذه اللذة ستجعلك تعاود الجلوس مثلاً مرة أخرى، وفي هذا استفادة من الوقت]. 9- تنويع الأعمال التي تقوم بها: حتى لا تمل من العمل، (كان ابن عباس إذا كَلّ من الكلام قال هاتوا ديوان الشعراء ) ، (و كان شعبه إذا ضجر من إملاء الحديث يناشد الأشعار ) تذكرة والسامع. 10- قراءة أخبار مغتنمي الأوقات: وكيفية اغتنامهم لها، (قيمة الزمن عند العلماء). 11-عدم تعويد النفس على عادة معينة: بل عليك أن تعتقد أنك تستطيع أن تغير من روتينك اليومي كما تشاء. 12- الاستفادة من التقنية الحديثة: كالحاسب وبعض أنواع الهاتف، والفاكس ونحوها من الآلات التي تختصر لك شيئاً من الوقت. 13- القناعة التامة بوجوب التغير: أن تقتنع اقتناعاً تاماً أنه لابد من تغيير وضعك. 14- الدعاء بأن يوفقك الله إلى اغتنام الأوقات. 15- معرفة أنك ستواجه صعوبة في التغيير: إذا عرفت أنك ستواجه صعوبة في التغيير كان هذا دافعاً لك إلى الصبر، لأن البداية قد تكون شاقة. من موقع نور الاسلام  

 من ترك شيئا لله عوضه الله خيرا منه


من موقع نور الاسلام
  • Currently 38/5 Stars.
  • 1 2 3 4 5
12 تصويتات / 423 مشاهدة
نشرت فى 25 يونيو 2006 بواسطة makkawy

ساحة النقاش

عدد زيارات الموقع

88,329