<!-- <td align="right">2005-07-21</td> --> <!-- <td align="right">  14/6/1426 هـ </td> -->
 

كلنا يحب الستر ، وكلنا يكره أن يفضح ، وفي الحديث الذي رواه مسلم ( ومن ستر مسلما ستره الله في الدنيا والآخرة ) ، ولكن هناك يوما هو يوم الفضائح وإظهار المخازي والقبائح ، إنه يوم القيامة ، قال الله تعالى ( يوم تبلى السرائر ) ، قال ابن كثير رحمه الله " أي تظهر وتبدو ويبقى السر علانية والمكنون مشهورا " وقد صح عن النبي صلى الله عليه وسلم أن الله سبحانه وتعالى يخلو بعبده المؤمن يوم القيامة ويضع ستره فيقرره بذنوبه فيقر ويعترف ، فيقول الله تعالى ( قد سترتها عليك في الدنيا وأنا اليوم أغفرها لك ).

 

وليس كل يفضح ، فمن الناس يفضح ومنهم من يتجاوز عنه ويستر. ولا عجب أن يكون يوم القيامة هو يوم الفضائح، يوم يفضح أناس ليس أمام جماعة أو قبيلة أو أمة من الناس بل أمام الخلائق جميعا ، ولكن العجب أن يوجد منتدى للفضائح على الشبكة الإلكترونية ، يزعمون أنهم يفضحون فلانا وفلانا ، وأخشى أن تكون الفضيحة لهم في يوم الفضائح .

 

إنه من الحيف والجور أن تكون الأعراض سلعة رخيصة تقدم لأجل أن يسجل ذاك الموقع أكبر نسبة من الزوار . كما أنه من إشاعة الفاحشة في الذين آمنوا بث صور خليعة لفلانة أو فلان على رؤوس الأشهاد مع العلم لدى الجميع أن الشبكة الإلكتورنية ليست حكرا على أحد ، حيث يطلع عليها الصغير والكبير والذكر والأنثى قال تعالى ( إن الذين يحبون أن تشيع الفاحشة في الذين آمنوا لهم عذاب أليم) ، كما أنه من الدلالة السيئة والهداية البغيضة إلى طرق الضلال والفساد والله تعالى يقول ( ليحملوا أوزارهم كاملة يوم القيامة ومن أوزار الذين يضلونهم بغير علم ألا ساء ما يزرون ) ، وقال عليه الصلاة والسلام ( من دعا إلى ضلالة كان عليه من الإثم مثل أثام من تبعه  ....... الحديث) إنها الدعوة المشؤومة المذمومة يوم أن يدعى الناس إلى لقطات فاضحة أو أجساد عارية حتى لو كان المعروض من صور الكافرين .

 

إنه الرصيد الأكبر من السيئات يأتون به يحملونه يوم القيامة – يوم الفضائح- على ظهورهم ألا ساء ما يزرون . لقد ارتقى بعض الناس المرتقى الصعب يوم أن رضوا بأن يحملوا أوزار الملايين من أمة محمد صلى الله عليه وسلم على ظهورهم . وصح عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه ما من نفس تقتل إلا كان على ابن آدم الأول كفل منها لأنه أول من سن القتل .

 

لما قتل علي بن أبي طالب رضي الله عنه عمرو بن ود في غزوة الخندق لم يأخذ ما عليه من السلاح واللباس فعوتب في ذلك ، فقال : لقد استقبلني بعورته فأعرضت عنه . إنه التميز والبعد عن الفحش والتفحش والذي عجزت عنه الملايين في زمان التهتك ، لقد كان في جيل رباه محمد عليه الصلاة والسلام فحق لهم أن يتميزوا . إنه ليس من الدين ولا من العقل أن نتتيع العورات وننشر الفساد ونبدي صفحات مطوية ، وفي الحديث ( إن الله ستير يحب الستر ) . أُتي ابن مسعود رضي الله عنه برجل فقيل له : هذا فلان تقطر لحيته خمرا ، فقال : إنا قد نهينا عن التجسس.

 

والسؤال : ما الفائدة من نشر مثل هذه الصور ؟

 

فليست عظة وعبرة ، ولا تذكار ودعوة ، وإنما فساد وإفساد ، لقد أوضح النبي صلى الله عليه وسلم موقف الإسلام من الستر وجلاه عندما جاءه ماعز يعترف بالزنا ، فيعرض عنه يمينا وشمالا ويقول : لعلك قبلت ، لعلك فاخذت . بل الأعجب من هذا كله عندما يقام عليه الحد باعترافه وطلبه ثم تُذلقه الحجارة ويجد ألم الرجم يهرب فيتبعه بعض الصحابة يرجمونه حتى مات رضي الله عنه ، ثم يخبر النبي صلى الله عليه وسلم فيقول ( هلا تركتموه يتوب فيتوب الله عليه )

 

إننا في زمان لسنا بحاجة إلى فضائح أكثر أو أناس يحرصون على الفضيحة فهم كثر ، ولكن بحاجة إلى من يكسو الناس بلسانه لباسا يواري سوءاتهم بحاجة إلى من يحنو على مخطئهم ويحرص على أعراضهم قال تعالى ( يا بني آدم قد أنزلنا عليكم لباسا يواري سؤاتكم وريشا ولباس التقوى ذلك خير .........) الآية

أسأل الله أن يعصمنا من الفتن ومن نزغات الشياطين

  • Currently 15/5 Stars.
  • 1 2 3 4 5
5 تصويتات / 366 مشاهدة
نشرت فى 17 يونيو 2006 بواسطة makkawy

ساحة النقاش

عدد زيارات الموقع

88,311