في العصور القديمة عندما كان مجموعة من الأشخاص يرغبون في الذهاب في رحلة استكشافية في مكان ما على الأرض لأنهم كانوا يستخدموا احد أفراد المنطقة كدليل ليرشدهم للطريق الصحيح هذا بالإضافة إلى استخدام البوصلة لتحديد الاتجاهات ولكن ماذا لو فقد هذه الدليل واختفى فكيف ستجد المجموعة الكشفية طريقها لابد أن الأمور ستصبح صعبة، كذلك لو افترضنا ان شخص حصل على قارب بحري وانطلق في البحر ولكن فجأة اكتشف أنه لا يعرف كيف يعود إلى نقطة البداية فهو يحتاج إلى من يرشده، فماذا لو كان مرشدك هذا هو مجموعة من الأقمار الصناعية التي تراقبك باستمرار من خلال جهاز استقبال هذا ما يعرف بنظام تحديد الموقع على الأرض والمعروف باسم جهاز GPS.
والآن بأقل من 100 دولار يمكنك الحصول على جهاز بحجم الجوال يخبرك بموضعك على الأرض في أي لحظة وفي أي مكان هذا الجهاز هو جهاز استقبال GPS والذي يعني نظام تحديد الموقع Global Positioning System.
بدأت وزارة الدفاع الأمريكية العمل لاستحداث نظام عالمي لتحديد المكان لاستبدال نظام (Global Navigation System ) الملاحة بالأقمار الصناعية وذلك لتفادي مشكلتين رئيسيتين الأولى التغطية غير الكافية للأقمار الصناعية ، والثانية العمليات الملاحية غير الدقيقة. ولذلك صمم نظام(GPS) ليوفر تغطية كاملة وبدقة عالية لتغطي الاحتياجات العسكرية بالدرجة الأولى، وتأتي الاحتياجات المدنية بالدرجة الثانية.
إذ أنه هو النظام الرئيسي لتوجيه الملاحة الجوية لأغلب الطائرات المدنية والعسكرية، ليس هذا فحسب بل إن هذا النظام يلعب دورا مميزا في مجالات المساحة، فقد أصبح من أكثر أدوات القياس التي عرفها مهندسو المساحة الجيوديسية دقة على الإطلاق، وأيضا في أنظمة المعلومات الجغرافية أصبح هذا النظام أداة ضرورية لابد منها.
أنظمة تحديد الموقع Global Positioning System (GPS) هي عبارة عن منظومة من 27 قمر صناعي يدور حول الكرة الأرضية (فعليا 24 قمر صناعي مستخدم و3 أقمار احتياطية تعمل في حالة تعطل أي من الأقمار الرئيسية). وأنظمة استقبال المعلومات من GPS تشبه أجهزة الجوال تستطيع تحديد موقعك بدقة في الأبعاد الثلاثة على سطح الأرض. ويكون هذا النظام فعالاً في حالة التواجد في الأماكن المكشوفة فتستخدم في الرحلات الاستكشافية وفي الملاحة الجوية والبحرية وفي التطبيقات العسكرية والتطبيقات المدنية.
فجهاز تحديد الموقع GPS يستخدم في الحروب الحديثة على سبيل المثال في حرب الخليج، هذا الجهاز جعل من الحرب وكأنها لعبة كمبيوتر يقوم فيها المهاجم بتحديد إحداثيات الهدف بدقة والقذيفة الموجهة تعتمد على نظام GPS للوصول إلى الهدف المحدد. فقد شاهدنا كيف يمكن مهاجمة أهداف معينة بدقة متناهية وكأن تلك القذائف ترى وتعرف ماذا تفعل.
لقد تم تطوير هذا النظام على مدار عشرين سنة في الولايات المتحدة الأمريكية منذ 1973 وبميزانية تقارب عشرات المليارات من الدولارات. نظام الـGPS يتكون من مرسل ومستقبل أما المرسل فهو عبارة عن شبكة عمل أقمار صناعية تدور حول الأرض على ارتفاع 19300 كيلو متر مرتين في كل يوم. موزعة على 8 مستويات دوران كل مستوى يصنع 55 درجة مع المستوى الآخر ويوجد كل مستوى ثلاثة أقمار صناعية
لماذا نستخدم ثلاث أقمار وليس قمر واحد فقط؟
تخيل أنك فقدت الاتجاهات تماما في أحد المناطق في الصحراء وعندما قابلت أحد الأشخاص سألته أين أنا الآن؟ فأجابك أنت على بعد 500 كيلو متر من مدينة س، لا شك أن هذه المعلومة لن تفيدك كثيرا في تحديد موقعك بدقة لأنك تستطيع رسم دائرة حول مدينة (س ) نصف قطرها 500 كيلومتر من مدينة (ص) فهنا تصبح الأمور أسهل لأنك ستكون في أحد نقطتي التقاطع بين الدائرتين حول مدينتي (س) و(ص) وتحتاج إلى معلومة إضافية من شخص ثالث لتعرف بالضبط أي النقطتين أنت موجود الآن على الأرض
معلومة واحدة من شخص تعطي أبعاد كبيرة لمكان تواجدك على الأرض.
معلومتان من شخصين تحدد مكانك بدقة أكثر.
ثلاث معلومات من ثلاث اشخص تعطي مكانك بالضبط.
وبهذه الفكرة تعمل الأقمار الثالثة لتحديد موقعك على سطح الأرض حيث يصنع كل قمر سطح كروي ومن تقاطعات هذه الأسطح مع سطح الكرة الأرضية يتم تحديد الموقع بدقة كبيرة.
تقاطع الأسطح الكروية عن الأقمار الصناعية الثالثة مع سطح الأرض يعطي نقطة هي المكان الموجود فيه جهاز الاستقبال GPS
كل قمر من الأقمار الـ 24 يرسل باستمرار على نفس التردد إشارة كهرومغناطيسية محملة على موجة ترددها 1575MHz كل قمر صناعي له شفرة معينة Code خاصة به ترسل مع الإشارة الحاملة وبالتالي يمكن لأي قمر صناعي يلتقط هذه الشفرة أن يحدد مكان وزمان تواجد هذا القمر.
أما المستقبل فهو جهاز في حجم راديو صغير يحتوى على دوائر إلكترونية معقدة يتحكم بها ميكروبروسسر Microprocessor متطور يقوم المستقبل بتحديد الموقع باستخدام طريقتين مختلفتين الأولى تعتمد على إزاحة دوبلر Doppler Shift للإشارات الكهرومغناطيسية المرسلة من الأقمار الصناعية وهذه الإزاحة تكون ناتجة عن السرعة النسبية بين الأرض والأقمار الصناعية.
أما الطريقة الثانية وتعتمد على قياس التأخير الزمني بين الإشارات الكهرومغناطيسية الواصلة من الأقمار الصناعية.
هذه المعلومات المستقبلة من الأقمار الصناعية تدخل إلى الميكروبروسسر وتتحد مع المعلومات المخزنة عن كل قمر صناعي من حيث مداره وسرعته وموقعه وبعد عدة عمليات حسابية يحدد المستقبل موقعه على سطح الأرض ويظهر النتائج على شاشة العرض.
ولدقة حساب الموقع فإنه يجب إدخال العديد من العوامل في الاعتبار على سبيل المثال تأثير الغلاف الحيوي على الإشارات المرسلة وكذلك تأثير مجال الجاذبية الأرضية على الإشارات حيث أن الجاذبية الأرضية تعمل على ازدياد ترددها كلما اقتربت من الأرض، ولهذا فإن نظام الـGPS يعتمد وبشكل كبير على عمليات حسابية معقدة جدا قبل أن يخبرنا بالموقع وهذه العمليات ينفذها الميكروبروسسر.
كثيرون جدا الذين يستخدمون هذا النظام مثل البواخر الكبيرة وحتى القوارب الخاصة تستعين بالــ GPS لتحديد موقعها في البحار والمحيطات كذلك شركات النقل تستخدم هذا النظام لتحديد مواقع سياراتها فمثلا شركات السيارات الأجرة في أوربا تستخدم الـــ GPS حتى ترسل أقرب سيارة متواجدة بجوار صاحب الطلب.
وقريبا سيكون مثبت في كل سيارة جهاز مستقبل يقوم بإرشاد السائق إلى أسهل الطرق ليصل إلى مقصده وسيكون مزود بخرائط الكترونية لشوارع العالم
أما في مجال الطائرات فاستخدام هذا النظام يمكن من السماح للطائرات بالطيران على مسافات متقاربة من بعضها البعض للتخفيف من الازدحام الملحوظ في المطارات.
ساحة النقاش