الموقع التربوي للدكتور وجيه المرسي أبولبن

فكر تربوي متجدد

الطَّلاقة اللفظية من أهم مهارات اللغة العربية التي تُشير إلى الإبداع لدى المتعلم، فهي السبيل الأوَّل للمتعلم في التواصل مع الآخرين، فلم يَعُد تعليم اللغة العربية قاصرًا علي حفظ واستظهار القواعد النَّحوية وفقط دون إبداعٍ لمُسايرة عصر المعرفة؛ لِذا أصبح الإبداع ضرورةً مُلّحةً في العملية التَّعليميَّة في شتَّى مراحلِها، وهذا يُساعد المتعلمين على التفاعل فيما يسمعون ويقرأون؛ لذلك ينبغي الاهتمام في العملية التعليمية.

أولًا: مفهومُ الطَّلاقة

الطَّلاقةُ لغةً: طَلِق اللسان وطُلق وطَلْق وطليق: فصيح، وقد طلق طلوقةً وطلوقًا، وفيه أربع لغات: لسان طَلِق ذَلِق، وطلِيق ذلِيق، وطُلْقٌ ذُلْقٌ؛ وفيه حديث الرحم: تكلَّم بلسانٍ طَلْق، أي ماضي القول سريع النُّطق (ابن منظور، 1999، 190).

الطَّلاقة اصطلاحًا: تُعني قُدرة المُتعلِّم على توليد عددٍ كبير من الفِكَر عند الاستجابة لمُثيرٍ مُعيَّن، والسُّرعة والسُّهولة في توليدِها (ريم سعدون، 2014، 449).

تُعدُّ الطَّلاقة أحد المحاور الرَّئيسة للإبداع التي يجب تدريب التلاميذ عليها وتنميتها لديهم، وقد أشار جيلفورد إلى أنَّ الطَّلاقة هي النَّجم الذَّهبي للإبداع، وهي: القدرة على توليد عدد كبير من الأفكار، أو البدائل، أو المترادفات، أو المشكلات سواءً اللفظية، أو غير اللفظية عند الاستجابة لمثير معين "مُشكلة أو سؤال ما" والسرعة والسهولة في توليدها (عطا أبو جبين، 2011، 67).

كما عرَّفها مُحمَّد نوفل ومُحمَّد سعفان، (2011، 95) بأنَّها: القُدرة على إنشاء أو توليد عدد كبير من الأفكار، أو التصورات، أو البدائل، أو حلول للمشكلات عند الاستجابة لمُثير، أو سؤال مُحدد في مُدَّةٍ زمنيةٍ مُحددة. وأشار سيد عبد العزيز (2013، 290) إلى أنَّ الطَّلاقة هي التفكير المُتأَهِّب أي القدرة على استدعاء أكبر عدد ممكن من الفِكَر المُناسِبة في فترةٍ زمنيةٍ مُعينةٍ، ومن ناحيةٍ أخرى قدرته على إنتاج فِكَرٍ عديدةٍ لفظيَّةٍ – حرَّة مفتوحة – ليس لها نهاية

وقد اهتمَّ عددٌ من الباحثين والدارسين بمهارة الطَّلاقة؛ إذْ تُعدُّ إحدى المهارات الذهنية التفكيرية التي تُسْهِم في تقويم البناء المعرفي، وتنمية الأنشطة الذهنية المتنوعة، وتُساعد الفرد في الانتقال بسهولةً من الذَّاكرة طويلة المَدى إلى الأفكار والخبرات ذات الصلة بالموقف الذي يواجههُ الفرد، وهذا بدوره يُعينُه على التفاعل السَّريع مع أيَّة مُشكلة أو موقف ومن ثمَّ مُعالجتها بطرُقٍ ذهنيةٍ مُتنوعة (مُوفق بشارة، 2010، 340). وتُعرَّف الطَّلاقةُ اللغويَّة بأنَّها: قدرة المتعلم على إنتاج عدد كبير من البدائل أو المترادفات أو الأفكار في فترة زمنيةٍ مُحددة، وذلك مقارنةً مع أقرانه استجابة لمشكلاتٍ لغويةٍ أو لمُثيرٍ لغوي (عبد الرازق محمود، 2008، 254).

وتُشير ريم عبد العظيم (2016، 223) إلى أنَّ الطَّلاقة في جَوهرِها عملية تذكر واستدعاء للمعلومات المُتوافرة في البناء المعرفي للمتعلم من خبرات أو مفاهيم أو حقائق، مع العمل على إعادة تنظيمِها ترتيبِها لتكوين أنماط واستجابات مُتعددة، كما أنَّ الطَّلاقة تستلزمُ الوَفْرة والمُلاءمَة مَعًا، فالوَفْرة وحْدَها غير ذات دلالة على الطَّلاقة إذا لم تكن مُلائِمة لموْقف التداعي.

وممَّا سبق تبين أنَّ الطَّلاقة سِمةٌ من سِماتِ الإبداع ينبغي أن تتوافر في الشخصِ المُبدِع؛ لاسِيَّما ونحن نعيش في القرن الحادي والعشرين المُتَّسِم بصناعة المعرفةِ في شتَّى المَجالات؛ لِذا تَحتمَّ على العمليَّة التَّعليميَّة الاهتمام بتنمية الطَّلاقة ومهاراتها لأجل بناء جيلٍ مُبدعٍ يستطيع التفاعل والمُساهمة مع المُجتمع الذي يعيشُ فيه عن طريقِ الحوارِ المُثمِر والنَّقدِّ البنَّاء، وإبداءِ الرأي في ضوء خبراتِه ومعارفِه، بل ويتعدَّى ذلك إلى إيجاد حلول للمُشكلات المطروحة والمُشاركة في حلِّها،  وهذا هو المأمول من التربية الحديثة.

ثانيًا: أنواع الطَّلاقة اللغويَّة

تعددت أنواع الطَّلاقة، فيُمكِن تقسيمها إلى: (ماهر عبدالبَّاري،2010، 159، وسيد عبد العزيز، 2013، 90)

<!--الطَّلاقة اللفظيَّة أو طلاقة الكلمات: تتمثل في سُرعةِ الفرد في التفكير في تقديم الألفاظ أو الكلمات أو المُترادفات أو نقائضها وتوليدها في نَسَقٍ مُعين، أو هي القدرة على إنتاج أكبر عدد مُمكن من المُفرداتِ ضمن مُواصفات مُعيَّنة في فترةٍ زمنيةٍ مُعينة.

<!--الطَّلاقة الترابطيَّة (طلاقة التَّداعي): هي إنتاج أكبر عدد مُمكن من الكلمات ذات الدّلالة الواحدة، وفيها يربطُ الفردُ بين الكلمات ومدلولات أخرى ذات علاقة بها، ويُصنِّف الكلمات في فئاتٍ مُتعددة.

<!--الطَّلاقة التعبيرية: هي سرعة صياغة الفِكَر السَليمة، وإصدار أحكام مُترابطة في موقفٍ مُحدَّد على أن تتصف هذه الفِكَر بالوَفْرةِ والتنوعِ والغَزارة.

<!--الطَّلاقة الفكرية أو طلاقة المعاني: هي قُدرة الفرد على استدعاء عدد كبير من الفِكَر في وقتٍ مُحدد لِحلِّ مُشكلةٍ ما.

<!--طلاقة الأشكال: هي قُدرة الفرد عل تقديم بعض الإضافات إلى أشكالٍ مُعينة لتكوين صور حقيقية تشمل طلاقة الأشكالِ البصرية في الفنونِ التشكيليَّةِ والسمعيَّةِ في الموسيقى والرموز في اللغةِ والتَّأليف، والطَّلاقة العامَّة التي تتعلق بالمِهَنِ والإعلاناتِ والخطَابةِ والتدريس.

وتناول البحْثُ الحالي تنمية مهَارات الطَّلاقةِ اللفظيَّة للمُتعلمين؛ بهدفِ الوصول إلى مُستوى الإبداع في التفكير والطَّلاقة في النُّطق، وهذا ما تأمَلُ الأساليب التربوية الحديثة الوصول إليه من خِلال العمليَّة التَّعليميَّة.

المصدر: الأَمِير أبو السُّعود عبد الرَّازق ريَّان رسالة ماجستير تربية سوهاج
  • Currently 0/5 Stars.
  • 1 2 3 4 5
0 تصويتات / 130 مشاهدة
نشرت فى 9 نوفمبر 2023 بواسطة maiwagieh

ساحة النقاش

الأستاذ الدكتور / وجيه المرسي أبولبن، أستاذ بجامعة الأزهر جمهورية مصر العربية. وجامعة طيبة بالمدينة المنورة

maiwagieh
الاسم: وجيه الـمـرسى إبراهيـــم أبولـبن البريد الالكتروني: [email protected] المؤهلات العلمية:  ليسانس آداب قسم اللغة العربية. كلية الآداب جامعة طنطا عام 1991م.  دبلوم خاص في التربية مناهج وطرق تدريس اللغة العربية والتربية الدينية الإسلامية. كلية التربية جامعة طنطا عام 1993م.  ماجستير في التربية مناهج وطرق تدريس اللغة العربية »

ابحث

تسجيل الدخول

عدد زيارات الموقع

2,592,324