النظرية البراجماتية.
تعد هذه النظرية منبثقة عن الفلسفة البراجماتية التي تعتبر إسهاما أمريكيا فريدا في الحقل الفلسفي، وهي ترتبط تاريخيا بنظريات متنوعة عن طبيعة الذكاء والإنسان وعمليات التفكير التي تظهر لحل المشكلة.
وقد نمت الحركة البراجماتية نتيجة الاعتقاد بان هنالك علاقة بين الفكر والعمل كما ترجع في الحقيقة إلى الفكر التجريبي البريطاني الذي يركز على المعرفة الحسية حيث يذهب إلى إننا نعرف ما تحسه حواسنا فقط، وقد قام بتطوير هذه النظرية ثلاثة من المفكرين هم بيرس وجيمس وديويوتركز البراجماتية على وظيفة المعرفة ترى إنها نتاج التفاعل بين الإنسان وبيئته كما إنها ليست شكلا نهائيا بل عملية مستمرة وذلك من منطلق أن العقل ناشط ومستكشف اكثر مما هو سلبي ومستقبل كما إنه لا يوجد عالما منفصلا وبمعزل عنه، أي أن الإنسان لا يستقبل المعرفة ولكنه يكتسبها من خلال تفاعله مع الواقع الذي يعيش فيه.
وقد تم تطبيق البراجماتية على التربية من خلال الحركة التربوية التقدمية التي عارضت جمود التربية التقليدية، وتعلن الحركة التقدمية بأن التربية في عملية تطور دائم ولذلك يجب على المربين أن يكونوا مستعدين لتعديل المنهج في ضوء تغيرات المعرفة والبيئة. وتنظر البراجماتية إلى المتعلم على إنه فرد يمر بخبرات كما إنه مفكر ومستكشف وإن الاهتمام والفضول لديه يدفعه إلى التعلم لذا يجب أن نجعل ما يتعلمه الفرد متعلقا بحاجاته واهتماماته الخاصة بدلا من تزويدهم بمعلومات مختارة لهم من الآخرين.
وهكذا تقدم البراجماتية للتلاميذ المنهج الدراسي الذي يحتوي على الخبرات والدراسات البحثية الاجتماعية والمشروعات والمشكلات والتجارب والتي إذا ما تم تطبيقها بطريقة علمية وعملية دقيقة فأنها ستؤدي إلى تحقيق وظيفة المعرفة بالنسبة لكل مجالات المادة الدراسية، ويجب على المعلم البراجماتي أن يوجه ويساعد وأن ينصح المتعلمين وأن يبني الموقف التعليمي حول مشكلات معينة ذات أهمية حقيقية بالنسبة لهم بحيث تؤدي إلى فهم افضل لبيئتهم الاجتماعية والطبيعية مع إعطاء اهتمام اكبر في الوقت نفسه لميول الفرد. وتقترح نظرية المنهج البراجماتي أن يتم تنظيم محتوى التربية وفقا للمشكلات التي يواجهها التلاميذ بحيث يكون المنهج المدرسي لا يعتمد على الكتاب المدرسي بل صورة مصغرة من المجتمع هدفها الرئيسي تدريب التلاميذ على الحياة التعاونية ذات النفع المتبادل والإسهام في إصلاح المجتمع من خلال مسؤولياتها. وهنا يجب أن يحل التعلم من خلال تطبيق أسلوب حل المشكلات بدلا من التلقين للمادة الدراسية وعليه فإن المرونة من أهم خصائص تصميم المنهج البراجماتي كما تركز على التجريب دون التركيز على جزء من المحتوى اكثر من الأجزاء الأخرى، وتنادي بمدخل يدور حول الطفل أو المتعلم بدلا من المادة الدراسية عند تنظيم المنهج. ويعد منهج النشاط أحد التنظيمات المنهجية الحديثة الذي يرجع اصله إلى ديوي حيث أنشاء أول مدرسة ذات نشاط معين عام 1896 كمحاولة تعاونية بينه وبين الآباء والمعلمين والمهتمين بالتربية لتنظيم العمل المدرسي تحت إدارته. ويرى أحد فلاسفة التربية أن أفكار ديوي جيدة ومناسبة لمنهج المدرسة الابتدائية أما بالنسبة للمرحلة الثانوية فيجب أن يؤدي التعليم إلى مستوى عال من التمكن من المحتويات التي لها صلة بالحياة وذلك لأنها تمثل الأدوات الضرورية للقوى الاجتماعية للشعوب.
ساحة النقاش