الموقع التربوي للدكتور وجيه المرسي أبولبن

فكر تربوي متجدد

قراءة التعرف ( النطق ) :

 هناك العديد من الصعوبات التى تواجه تعليم القـــراءة للمبتدئين منها :

* صعوبات ناشئة عن الاختلاف بين الحروف أو اختلاف أوضاع الحرف الواحد : مثال حرف " الباء " يرد رسمه على ثلاث صور هى :

"ب  , ـ بـد ، ـب " كما فى الكلمات"بعض – ضبع – نصب " وأيضا ينطبق هذا الاختلاف فى الرسم على الحرفين الباقيين من الكلمة السابقة وهما العين والضاد.

ويؤدى اختلاف رسم الحروف باختلاف موقعها فى الكلمة إلى رسم الكلمات التى تتطابق فى حروفها وتختلف فى ترتيب هذه الأحرف فى الكلمات " فرح – فحر – رفح – حفر – حرف " تتطابق فى عدد الحروف وأنواعها لكن أشكال هذه الكلمات ومدلولتها يختلفان باختلاف ترتيب هذه الحروف . وقد يرد الحرف على صور مختلفة داخل الكلمة الواحدة كالأحرف المكورة فى " فلفل – سمسم – نحن -  مشمش – محموم . . . . . . . . الخ ".

* نطق الكلمات نطقا صحيحا سليما واضحا معبرا: يصدر الصوت من الجهاز الصوتى للإنسان بمرور الهواء الذى يدفعه الصدر من الحنجرة ، حيث يذبذب أوتارها فيصدر الصوت على صورة زفير وهو الصوت المجهور أولا يذبذبها فيكون على صورة خفيف وهو الصوت المهموس ويستمر إلى أن يخرج من الفم أو الأنف ، والصوت اللغوى يصدر عندما يصادف فى مروره إلى الخارج مضيقا أو سدا يولد صوتا لغويا مناسبا " .

ويعنى النطق السليم الخالى من العيوب الناشئة بسبب خلقى أو نفسى كالتعلم واللجلجة والنهضة والثأثأة واللثغة ، ويعنى النطق الواضح إعطاء كل صوت حقه من حيث المساحة الزمنية التى يشغلها .

والقوة الإخراجية التى تمكن الأذن من التقاطه والعقل من استيعابه ، ويعنى النطق المعبر أن يتناسب نطق الكلمات والجمل مع المعانى الحاملة لها والمعبرة عنها ومع الحالة النفسية لكل من المرسل والمستقبل .

والذى يحدد كل هذا هو المكان والطريقة والأجزاء المشتركة فى إخراج هذه الصورة فبعض الأصوات تخرجها أداة واحدة كأحرف الحلق ، وبعضها يشترك فى إخراجه أداتان من الجهاز النطقى كاشتراك الشفتين والأنف فى إخراج " الميم "بينما لا يؤدى اللسان أى دور فى ذلك على حين نجد حرفا " آخر " كاللام " يتعاون فى إخراجه على صورته الصوتية كل من اللسان والسقف الأعلى للحلق ، بل أن أداة جهاز النطق الواحدة تختلف طريقة عملها من صوت لأخر. حيث يعد اللسان قاسما مشتركا بين كلا من اللام والراء , لكنه يختلف عمله عند نطق كل منها ، فمع اللام يلامس سقف الحلق فى رحلة ذهاب وعودة مع الراء يهتز قرب سقف الحلق محدثا ذبذبات هوائية .

ويمكننا القول أن كل هذا إنما يمثل صعوبة فقط عند الأطفال الذين أصيبوا بعيب خلقى فى جهاز النطق والذين لم يكتمل جهاز نطقهم . أما بالنسبة للأطفال الذين ليس لديهم أى عيوب خلقية فى الجهاز الصوتى فلن يؤدى ذلك الى تقارب بعض الحروف فى الصوت الى الخلط بينهما مثل ( ت ، ط) ، ( ك ، ق ) ، ( ث , ذ ) .

ويجب عليك كمعلم الإكثار من التدريبات والتمرينات التى تهل عملية نطق الكلمات والحروف بصورة صحيحة وسليمة , كما يمكن فصل التلاميذ الذين لديهم عيوب خلقية فى النطق وابلاغ الإدارة بذلك .

* صعوبات ناتجة عن تعدد أنماط الخط العربى : غالبا ما ترد الحروف العربية على ثلاثة صور, والقليل منها يرد على صورتين أو أربع, وعلى سبيل المثال حرف العين نجده فى أربع صور كتابية فى الكلمات الأربع الآتية : " طلع – عمل- فرع – معك " معنى هذا أن المبتدئ يتعلم على الأقل " 56 " رسما لأحرف العربية الثمانية والعشرين , ولو أننا انتقلنا من اللغة المطبوعة إلى اللغة المخطوطة لوجدنا أن الحرف الواحد تتغير صورة رسمه حسب الخط المكتوب به فحرف الضاد مثلا فى نهاية الكلمة يختلف عن خط الرقعة إلى خط النسخ إلى خط الثلث , وهذا الاختلاف الرسمى فى الحروف باختلاف الموقع واختلاف نوع الخط المكتوب به يشكل صعوبة أمام مبتدئ التعلم.

هذا ويجب على معلم اللغة العربية مراعاة كل هذه الأمور من حيث تجريد الكلمات والتركيز على الحروف المتشابهة الموجودة فى أكثر من كلمة على اختلاف مواضعها ، وتوجيه نظر الدارس إلى أوجه الشبهة والاختلاف ، حيث يمكن للتلميذ بعد أن يمر بمراحل الدراسة والممارسة اللغوية أن يتعرف على الحروف والكلمات سواء أكانت: نسخ أو ثلث أو رقعة أو غير ذلك.

* صعوبات ناشئة عن التشابه بين الحروف : وهذه الصعوبة مرتبطة بالصعوبة السابقة من حيث أن الصعوبات حيث ان الصعوبات الناشئة عن الاختلاف بين الحروف  أو اختلاف أوضاع الحرف الواحد يواكبها صعوبات ناشئة من التشابه بين الحروف وذلك لعدم وجود فوارق واضحة يلحظها   الدارس بين الحروف  فالفرق بين كلمتى "نهر-نهد" تشمل الحرفين الأخيرين فى كلا منهما وهما الراء والدال وقد يختلفان على القارئ بسبب عدم الدقة فى الكتابة  ، وذلك عندما يعلو حرف الراء إلى مستوى السطر أو كما فوق السطر أو تنخفض رأس الدال إلى مستوى السطر ، وقد يأتى التشابه من إغفال للنقط أو انتقاص أو تزويد فيها، فالفرق بين "خرج، حرج"هو النقطة التى تتميز بها الخاء والفرق بين كلمة"تحت" الدالة على المكانية وكلمة "نحت" الدالة على فن معين هو الفرق بين عدد النقط فى كلا من التاء والنون، إن هذة الصعوبات التى ينشأ عنها اللبس عادة ما تواكبها صعوبات فى الممارسة فالأحرف العربية منها ما يكون تحت السطر أو فوق أو مساويا له ، بل ان الحرف الواحد تكون بعض سماته  الأخرى فوقية ، فالجيم مثلا فى الفعل "خرج" يقع نصفها فوق السطر ونصفها السفلى تحته بينما الراء تقع تحت السطر والخاء فوقه ، هذا بالإضافة الى الانحناءات والتعرجات والتقوسات التى تختلف من حرف لأخر، ويجب على المعلم تجاه هذه الصعوبة التركيز على كثرة التدريبات والتمرينات المطلوب أدائها من الدارس ؛ حيث ان الممارسة فيها علاج لتلك المشكلة كما يجب عليك كتابة الكلمات ببنط كبير وواضح .

* عدم مطابقة الرسم الكتابى للصورة الصوتية : ومن هذه الصعوبات أيضا عدم مطابقة الرسم الكتابى للصورة الصوتية أحيانا  وهذا يمثل صعوبة فى القراءة والكتابة مع وتتضح هذه الصعوبة فى زيادة بعض لأصوت التى ليس لها حروف فى الرسم الكتابى كما فى ( هذا- ذلك – لكن ) والتنوين الذى يلحق آخر الأسماء " نطقا لا كتابة كما فى "محمد " أو بوجود بعض الحروف فى الصورة الكتابية , وإهمالها فى الصورة الصوتية كما " عمرو " واللام الشمسية ، بل هناك بعض الحالات يرسم فيها الحرف ويكون له صورتان مختلفتان فى النطق حسب الوضع كتاء التأنيث المربوطة فى " فاطمة " تنطق هاء عند الوقف وتاء عند الوصل .

والتقليل من تلك الكلمات بصفة خاصة فى بداية المنهج لا يحدث الخلط وعدم الفهم لدى التلاميذ المبتدئين ، وأما خلال المنهج فلا مانع من التعرض لكل ذلك مع التوضيح لها خلال التدريس. والنقطة التى يجب التركيز عليها هى الاهتمام بحركات الضبط الثلاث " الضمة والكسرة والفتحة " ، وذلك لما يؤدى إهمالها إلى اختلاف نطق الكلمة ومدلولها وعلى المعلم أن يركز على توضيح ذلك خلال التدريس. والنقطة التى يجب التركيز عليها هى الاهتمام بحركات الضبط الثلاث " الضمة والكسرة والفتحة " ، وذلك لما يؤدى إهمالها إلى اختلاف نطق الكلمة ومدلولها . مع التوضيح لها خلال التدريس ؛ وذلك لما يؤدى إهمالها إلى الكلمة مدلولها . ومن المعروف أن هناك الكثير من الكلمات تبين مدى أهمية حركات الضبط. ويجب  كتابة الكلمات مشكلة ليتم نطقها سليما والتدريب عليها لتقويم اللسان وحماية الطفل من الوقوع فى الخطأ.

*الربط بين الكلمات ومدلولتها : من المعروف أن اللغة العربية هى مجموعة من الرموز ذات الدلالات العرفية أو الاصطلاحية، فهى ألفاظ ذات معان يتفاهم بها الأفراد .

والكلمة المنطوقة أو المكتوبة هى عبارة عن مثير اجتماعى له استجابة ذهنية وهى استحضار مدلول الكلمة ، حيث إن المعانى مستورة خفية وهى فى هذا الطور كالميتة يحييها ذكرها فى ألفاظ تبرزها وتدل عليها.

فمثلا إذا نطقت كلمة " شجرة " أمام كل من طفل الثانية وطفل السابعة ورجل أجنبى لا يعرف العربية, فبالرغم من سماع كل من الثلاثة لكلمة شجرة إلا أنه لم يربطها بمدلولها إلا واحد منهم وهو طفل السابعة ؛ ذلك لأن طفل الثانية لم يصل إلى درجة النضج التى تمكنه من ربط الكلمة بمدلولها ، ومع أن  الشخص الأجنبى لديه نضج لغوى لكنه ينقصه معرفة التعارف والاصطلاح الاجتماعى للبيئة العربية التى ربطت بين هذا النوع من النبات وبين هذه المجموعة من الأصوت " شجرة " الدالة عليه . وهذا الربط بين الدال والمدلول فى اللغة البشرية يخضع لعامل الاصطلاح .

فكلمة " جمل " أطلقت على الحيوان المعروف بالجمل بم له من خصائص وصفات إلا أن المجتمع العربى قد أطلق على هذا الحيون هذا اللفظ وتعارفته الأجيال   .

وإذا ما عرفنا أن هذه العلاقة ليست طبيعية ولا تلازمية انتقلنا إلا أنها أيضا ليست منطقية ولا تربوية , أما أنها ليست منطقية فلأنه بالمقارنة بين كلمتى " جمل " و" عصفور " وبين مدلوليهما تجد أن أحرف كلمة " جمل " ثلاث " وأحرف كلمة " عصفور " خمسة أى أن عدد أحرف الكلمة الثانية يكاد يكود ضعف أحرف الكلمة الأولى ، على حين أن حجم الجمل أضعاف أضعاف حجم العصفور . وأما أنها ليست تربوية فلأننا إذا نظرن فى الصعوبات الصوتية الكتابية للكلمتين لوجدنا أن كلمة عصفور بها صعوبات فى النطق وصعوبات فى الرسم تربو كثيرا على ما فى كلمة " جمل " ولذلك أن نراعى هذه النقطة من حيث تأكيد ضرورة الربط بين للفظ ومعناه وكذلك اقتران كتابة اللفظ بمدلوله وأن تكرار ذلك يمكن أن يرسخ فى ذهن الطفل وتنمو عنده عادة الربط بين الشكل والمضمون .

كما يجب اختيار الكلمات المألوفة للتلاميذ والتى تسهل مخارجها وكتابتها وذلك عند بدأ تعلم القراءة والكتابة وبخاصة فى بدية المنهج حتى لا تجتمع صعوبات كثيرة فى وقت واحد  مما يضع التلميذ أمام مجهول واحد وهو الرسم الكتابى لكلمة يسيرة فى النطق بالرغم من كونه يألفها من قبل ذلك .

* إدراك العلاقات السائدة بين وحدات الكلام : الرمز الواحد كالياء أو الفاء أو النون مثلا لا يكون لغة , لأن الرمز المفرد " الحرف " لا دلالة فى حد ذاته ، ومن ثم فالوحدة الأولى للغة هى الكلمة , وهذه الرموز تشير إلى مدلولات حسية أو معنوية أو شعورية . وهذه الرموز تتراص لتكون الوحدة الأولى للغة وهى الكلمة , غير أن هذا التجمع يخضع لنمط محدد مقرون بدلالة معينة .

ويعد النص اللغوى بناء متكاملا يتكون من وحدات معنوية تبدأ بالجملة . ومن المهم إدراك العلاقات بين كلمات الجملة وجمل العبارات وعبارات الفقرة واحتواء معناها وفهم ما بين السطور .

لذا يجب عند التدريس اختيار الجمل البسطة السهلة على أن تكون الجمل كثيرة إما تتناسب وخصائص القارئ فالجملة البسيطة مادة سهلة , والمادة ذات الجمل المركبة والمعقدة فى مادة صعبة .

* بعض الحروف صائتة , وبعضها صامتة : من المعروف أن بعض الحروف صائتة , وبعضها صامتة ، فمن الحروف الصائتة الواو فى : نور , سوق , عود ومن الحروف الصامتة " ورد , واو , وثب , ومثل الواو فى ذلك الياء والحروف الصائتة فى الهجاء العربى ناقصة فلا يوجد منها إلا حرف المد ، وأما بقية الصوائت فيرمز لها بالحركات ، ويلاحظ أن الحركات لا تكون من بين حروف الكلمة , وإنما تكتب فوق الحروف أو تحتها مفصلة عن الحرف . وكذلك الحركات وبخاصة الأعرابية لا ترسم على الحروف فى الكتابة العربية العادية فى الكتب وغيرها , مما يكتبه الناس فى حياتهم العملية مما يجعل النطق بالكلمات أمرا عسيرا بالنسبة للمبتدئين وأواسط المتعلمين.

ومما سبق يمكن إجمال النقاط التى يجب مرعاتها عند تعليم القراءة والكتابة والمستخلصة من خصائص اللغة العربية فيما يلى :   

<!--النطق السليم للكلمات من ناحية المعلم الذى يقوم بتدريس المحتوى وتدريب التلميذ على النطق الجيد " إخراج الحروف من مخارجها " .

<!--ضبط أواخر الكلمات , والاهتمام بحركات الضبط الثلاث عليها , الضمة والفتحة والكسرة " .

<!--تقديم بعض المفاهيم النحوية والتدريب عليها مثل " فاعل – مفعول " .

<!--تدريب التلميذ على التغييرات الدقيقة التى تطرأ فى بنية الكلمة الواحدة وتغير معناها كضارب ومضروب .

<!--تدريب التلميذ على الربط بين اللفظ ومعناه " كجمل " و" عصفور " باستخدام البطاقات والصور والوسائل المعينة حتى يسهل الفهم .

<!--تدريب التلميذ على استعمال الكلمة الواحدة لأكثر من مدلول " كأسد – وليث ".

<!--الدقة فى اختيار الألفاظ والكلمات ذات الدلالة الواضحة المميزة .

<!--رد بعض الكلمات العامية الى أصلها الفصيح وتقديمها للدارس مثل كلمة " شاف".

<!--تجريد الكلمات والتركيز على الحروف المتشابهة الموجودة فى أكثر من كلمة مع اختلاف مواضيعها , وتعريف الدارس أوجه الشبه والاختلاف مثل " الراء والدال " .

<!--تدريب التلميذ على نطق الحروف المتشابهة فى الصوت مثل " ت-ط-ك-ق, ث-ذ ".

<!--الاهتمام بالحروف الصائتة مثل الواو فى "نور" والصامتة مثل " وثب " وتدريب التلميذ عليها .

<!--كتابة الكلمات ببنط كبير وواضح وخاصة فى المراحل الأولى .

<!--اختيار الجمل البسيطة الواضحة .

<!--تقديم المنهج فى صورة متنوعة مشوقة للتلاميذ من حيث المحتوى , والألفاظ , والجمل .

<!--أن يكون المنهج نابعا من ميول التلاميذ وحياته ومشكلاته.

  • Currently 0/5 Stars.
  • 1 2 3 4 5
0 تصويتات / 188 مشاهدة
نشرت فى 1 نوفمبر 2020 بواسطة maiwagieh

ساحة النقاش

الأستاذ الدكتور / وجيه المرسي أبولبن، أستاذ بجامعة الأزهر جمهورية مصر العربية. وجامعة طيبة بالمدينة المنورة

maiwagieh
الاسم: وجيه الـمـرسى إبراهيـــم أبولـبن البريد الالكتروني: [email protected] المؤهلات العلمية:  ليسانس آداب قسم اللغة العربية. كلية الآداب جامعة طنطا عام 1991م.  دبلوم خاص في التربية مناهج وطرق تدريس اللغة العربية والتربية الدينية الإسلامية. كلية التربية جامعة طنطا عام 1993م.  ماجستير في التربية مناهج وطرق تدريس اللغة العربية »

ابحث

تسجيل الدخول

عدد زيارات الموقع

2,588,427