إن ما حدث في رفح على الحدود المصرية لاينبغي ابدا بأي حال من الاحوال ان يمر مرور الكرام كما حدث من قبل مرارا وتكرارا في جميع الاحداث الدموية التي شهدتها البلاد منذ اندلاع الثورة ،

فما جاء في التصريحات الصادرة من مؤسسة الرئاسة ومن الرئيس نفسه ونقلا عن بعض القادة العسكريين ما يفيد بأنه لابديل عن العمل بصرامة وحزم في الكشف عن ملابسات الحادث وخفاياه وملاحقاة الجناة وانزال اشد العقاب بمرتكبيه...

ان النكسة التي حدثت في غروب شمس يوم الاحد السابع عشر من رمضان  تنبأ بواقع وخيم يطل علينا جميعاً واضعاً الشعب المصري امام اختبار صعب وحقيقي حول امكانية توحيد الصف الداخلي لمواجهة ماهو قادم من تحديات ومشكلات قد تجلب
شتاءاً سريعا يخفي اثار مااطلقنا عليه اسم الربيع ! ،

وكانت ولاتزال شبه جزيرة سيناء مطمع الكيان الصهيوني منذ ابد الدهر . فالتعامل السلبي السطحي الساذج من القيادة المصرية فيما يخص حدودها واستقرار وسلامة اراضيها قد افضى الى ماافضى اليه وان الوضع الراهن ف المنطقة الحدودية بين مصر واسرائيل له اعتبارات اخرى وحسابات معقدة مهما حاولت القوى الغربية إيهام العالم بأن الوضع في سلام بين الدولتين فنحن وهم على علم يقين تام ان ارض الله لن تُبقي سوى فرقة واحدة ابدا ما احيانا الله ..

ان الكيان الصهيوني برغم تاريخه الاسود الحافل بالدماء والقتل الا انني اعتقد انه اكثر جبناً من ان يرتكب مثل هذه الحماقات في هذا التوقيت الحساس الذي يعصف بالمنطقة ، قد يمولون ، يساندون ، يدعمون ولكنهم ليسوا في حاجة للقيام بمثل هذه العمليات الانتحارية . ولعل في قتلهم المستمر لجنودنا الابطال من القوات المسلحة على حدودنا المشتركة سنويا دليل شافي على انهم لايقاتلون الا من وراء جدر مُحصنة فكان القنص وسيلتهم القذرة لقتل من يشاءون من خير اجناد الارض تزامنا مع تراخي وترهل وضعف القيادة العسكرية المصرية أمام ضغوطات الادارة الامريكية والاعتذارات الملفقة المستفزة من الجانب الاسرائيلي .


وفي تحليلي الشخصي ان ماحدث لم يكن وليد الصدفة فقد كانت هناك عمليات منظمة ومدروسة استهدفت خطوط امداد الغاز المصري للاردن واسرائيل في الاشهر القليلة الماضية،حدث ذلك اكثر من مرة وفي كلِ تراخت القيادة المصرية ولم تولي الامر القدر الكافي من الاهمية  ،،،
الامر الذي اصبح اكثر مايشبه بالعادة والتقليد في عالمنا العربي عامة وفي وطننا خاصة حيث اننا لانحرك ساكنا الا بعد حدوث الكارثة ووقوع البلاء وكأننا اقسمنا على ذلك ! فكانت الكارثة اقرب الى الحدوث حتى ننتفض ونستفيق ! ..

وعلى الجميع ان يعي جيدا ان قطاع غزة يعد بمثابة منطقة شديدة الخطورة فهيا مستهدفة من قبل قوات الاحتلال بالقصف او بالاعتقال والقتل متى شاءت ردا على من يطلقون العابهم النارية تجاه صحراء المستوطنين الصهاينة !
كما تتخذه العديد من الفصائل الفلسطينية الجهادية والكتائب الاستشهادية ارضا خصبة له وقد يرجع ذلك نظرا لوصول الامدادات المختلفة من الانفاق المصرية الفلسطينية والمعابر التي تم فتحها مؤخرا بمنتهى البلاهة والتنبلة ،وان مايخفى على كثيرون ممن يضللون الشعب الان بترهاتهم وافكارهم العقيمة وتحليلاتهم الساذجة أن تاريخ الفصائل الفلسطينية ملطخ بالدماء والغدر والخيانة .

فإلقاء اللوم على العدو الصهيوني في كل سقطة ونكسة عربية لهو التخلف بأم عينه ! وإن دل ذلك على شيء فلا يدل الا على الجهل والضلال والضعف والجبن وقلة الحيلة . فلم نعطي عدونا اللدود حقه ! واستخفينا به ! فاستهزأ هو بنا وتجرأ علينا .


وفي حين خرج علينا المدعو اسماعيل هنية واتباعه ليعلن انه ليس بـ فلسطينيا من يقتل جندياً مصرياً ! فـ قبحك الله ايه الكاذب
بل والله انه ليقتل الفلسطيني ويقتل الجندي ويقتلك ان اراد . !! ناهيك عن استماتته في الصاق التهمة باسرائيل بسذاجة وصبيانية !! وفي ذات الوقت يتحدث الزعيم ابومازن ! عن اسفه لسيل الدماء المصرية بإيدِ عربية !! فـ تبا لكم ايها الخبثاء !

وحقيقة لا ادري كيف ينسى هؤلاء الناعقون بالسلام العربي المصري الفلسطيني ماحدث في السنوات القليلة الماضية من جرائم يندى لها الجبين ! حدثت في القطاع المشئوم بين حركتي فتح وحماس، فكان اخرها في العام 2007 حينما تهاوت الجثث وتناثرت الاشلاء وسقط عشرات القتلى من بينهم طفل لم يتجاوز السادسة من عمره !! بل ان الجانبان رفضا وقف اطلاق النار ومحاولات الصلح التي دعا اليها الوفد الامني المصري والذي هدد انذاك بتعليق نشاطه اذا مااستمر قتال الطرفين  ،وفي نفس العام ازداد عدد القتلى بين عامة سكان القطاع مابين سوء استخدام للسلاح او في قضايا الثأر والعوائل والانساب ومابقي منهم فهم قتلى الحركتين الموبؤتيين .


ان هؤلاء الفاسقون يتباغضون ويتناحرون ويتقاتلون من اجل سلطة دنيوية لم تكن لهم يوما ما ولن تكون ماشاء الله وان سكان القطاع العُزّل من العامة لهُم المظلومين حقا بوجود هؤلاء العصابات مدعو الجهاد والمقاومة ،يتقاتلون للبقاء على رأس السلطة ! ومااعظمها في نظرهم من سلطة !!!!
حيث من يصل اليها وينفرد بها ! ينعم بـ كنوز بابل واموال قارون تلك المليارات التي يتبرع بها حمقى العرب سنويا منذ عشرات السنين لهؤلاء الشرذمة قُطاع الطرق المغتصبون الضالون  .

 
فلماذا قاتل هنية على السلطة ! ولماذا قاتل دحلان على السلطة ! ولماذا يبقى عباس في السلطة المزعومة ! واين هذه المليارات !! التي لو وزعت بشرع الله على اهل القطاع دونا عن بقية الفلسطينين لحكموا العالم ! ولرضخت لهم اسرائيل !

لماذا لايتذكر هؤلاء الحمقى الذين يلقون باللوم بمنتهى الصبيانية في كل مرة على الصهاينة بالوقيعة والدسيسة بين فتح وحماس او بين مصر وحماس او بين مصر وفلسطين او ربما بين مصر والجزئر !! ماحدث لـ هنية في اواخر العام 2006 حينما عاد من رحلة صدقات وتسول عربية وحمل معه الاموال وعاد بها الى القطاع ففوجأ بوابل من الرصاص فقتل حينها احد حراسه واصيب نجله !! وحينما ظهر علينا المجاهد النبيل اعلن انه يعلم جيدا من وراء اطلاق النار ! لم يقل حينها انه يتهم اسرائيل ، فالرجل يعلم تمام العلم انهم لو ارادوا ان يقتلوه لنسفوه هو ومن معه ، بل اشار باتهامه متضمنا ابومازن الى عصابات فتح على حد وصفه !!

وخلاصة القول ان العلاقة الوطيدة بين جماعة الاخوان المسلمين المركزية في مصر والتي اعتلت عرش البلاد مؤخرا وأحد اذرعتها في قطاع غزة - حماس - قد اغضبت واضرت بالكثير ممن لاناقة لهم ولا جمل في هذه العلاقة المنفعية !

فكان هدم المعبد على من بداخله اسهل طرق الانتقام واكثرها قذارة وغدرا ،فانعكس ذلك بالسلب على بعض الفصائل والكتائب التي وجدت نفسها مقصاة قصرا عن جملة هذه المنافع فـ كما سبق وان اشرت الى ان السلطة الفلسطينية هيا مطمع حقيقي للعديد من التيارات السياسية المختلفة مهما حاول البعض الوصول لها بطرق دنيئة كإدعاء المقاومة وتطبيق الشريعة والجهاد في سبيل الله .


ومع فشل حماس في السيطرة المطلقة على القطاع بعد ان اتخذت منه مخبأ لها من بطش اليهود ظهرت هذه العصابات الفسلطينية المسلحة التي قاتلت من قبل على السلطة الفلسطينية والتي تتبنى افكارا ضالة عن الجهاد ولا تحركهم الا المادة فلو علموا دينهم حقا مافعلوه .

فلماذا يذهب البعض ويشرد ويستخف بقدرات عدو صهيوني لعين متمرس في عالم الاجرام والقتل التي تفوق كل هذه الترهات والتي ومع بالغ الاسى لا تصدر الا من العرب المسلمين ! ..فعلينا ان نلوم انفسنا اولا واخيرا دونما القاء اللوم على من نعلم عنهم جميعا انهم اخبث اهل الارض ..


انسينا مجازر الاقصر ! تفجيرات طابا والازهر ! قتلى دهب شرم الشيخ ! واحداث الحسين وميدان عبدالمنعم رياض !! انسينا ؟ ام ان اسرائيل ايضا تقف وراء كل هذا !؟! انسينا الدماء التي نريقها سنويا مابين حوادث ثأر ! او حوادث سرقة او حتى حوادث طرق ! ام ان اسرائيل ايضا كان لها دور تاريخي في صفر المونديال !!! او ربما مولت ناجي عطاالله ليسرق بنكها !! او لعلها وضعت امتحان الفيزياء لتلامذة الثانوية العامة غدرا وظلما !!

ان الدماء في عالمنا العربي لم تعد لها حرمة ! ولعل مافعله الحكام العرب بشعوبهم خير دليل على ذلك .

فوالله الذي لا اله الا هو لو فطن العرب لموهبتهم في خلق الفتن واحيائها والدفاع عنها وقاموا بتصديرها لاسرائيل لهزمناهم شر هزيمة !

ان الشعوب العربية اصبحت اهلاً للفتن والخراب والدمار ،ضرّهم اكثر من نفعهم ناقمون بائسون مستضعفون نسوا الله فنسيهم واعمى قلوبهم سعوا في الارض فسادا ،حرموا الحلال وحللوا الحرام عزلوا دينهم عن دنياهم فاستمالوا الشبهات واستهانوا المحرمات واستباحوا دمائهم واعراضهم وغدروا ببعضهم ...

حتى انهم اقدموا على اتباع بني اسرائيل انفسهم والسير على خطاهم !! فتجدهم يطالبون بتطبيق مايحلو لهم من شرع الله ويتركون وينكرون مالايحلو لهم ! فيطالب البعض بالقصاص فيمن قتلوا ولا بديل عنه كما يقول الله وكما شرع ! ويسب ويلعن ويقاتل من اجل القصاص  !! فإن طبقنا القصاص واردنا تطبيق شرع الله وسنة نبيه !! قاتلوا وحاربوا ونادوا بالحريات والاعتصامات والاضرابات وسنوا السنتهم واعدوا عدتهم لمواجهة دين محمد وكأنهم الخوارج والمرتدين اللذين حاريهم خليفة رسول الله وابا بكر واصحابه ولم يترك لهم حريتهم ! كما ازعم ان هؤلاء الحمقى قد يطلبونها لهم الان !!!


كيف يعقل ان يتهم العرب اسرائيل بتدبير هذا الحادث وهم من وضعوا ايديهم بمحض ارادتهم في ايدي حليفهم الاول الامريكان !! كيف يعقل ان يذهب البعض بعيدا في مدح الرئيس المصري واصفين ماحدث بانه ماهو الا تخطيط وتدبير صهيوني من اجل افشال برنامج المئة يوم ! كيف يعقل ان نكون بهذه السذاجة وهذا الجهل والغباء ! فوالله لو نفذ الرئيس ماوعد به فقط ! وماجاء على لسانه وخاطره فقط ! لنجح نجاحا منقطع النظير لم تشهده الامة العربية منذ مئات السنين !!!
كيف يعقل ان يتبجح البعض ويمجدوا في القتلة والفجرة الذين يدعون الاسلام والجهاد في سبيله لمجرد انهم على فصيل واحد وعلى عقيدة واحدة !!

وكأننا كالصبية نلقي اللوم على اقرب من نمقته ! ونتخاذل وننسحب ولانتحمل عواقب الامور ! فكونوا رجالا وتحملوا مااقدمتم عليه والا فاصمتوا واستمروا في خبثكم وضلالكم فضحكم الله جميعا ...

يكاد العقل يشذ !
والجميع يعلم ان الحرية والعدالة ومن خلفها ما وصلوا الى كرسي الحكم دونما مباركة من الادارة الامريكية التي فرضت كلمتها على الشعب وعلى العسكر وعلى المنطقة كلها ! وعلى العرب اجمعين ! دونما عناء او جهد يذكر !

ومن هي الادارة الامريكية !! انها اكبر حليف لاسرائيل في العالم ! بل هيا اسرائيل ذاتها !! فالله المستعان على جهلكم وتخلفكم وضلالكم !!!

سيدي الرئيس اود ان اُذكرك بقسمك الذي اقسمته أمام الله وأمام الأمــة على ان تكون رئيسا لكل المصريين وان المرشد العام للحزب الذي قام بترشيحك للرئاسة قد احلك من بيعته وبايعك بالامامة . ولقد عاهدت نفسي ممتعضا بأن اصدق هذه الكلمات لان ديني يأمرني ويوجب عليّ تصديق من حلف بالله ، ولقد عاهدت نفسي ايضا بتعاليم من ديني ان ابايعك في السراء والضراء على الحق والباطل مالم تأمر بمعصية الله وعهدي بك انك من حفظة القرآن وعلى خلق حميد ، واعلم تماما انك تستشعر عظمة المسئولية تجاه الشعب المصري وان دماء من قتلوا غدرا وظلما وعدوانا تحتسبها في رقبتك انت وقيادات الجيش ولن تجف حتى تنزلوا بالفعلة عقاب الله الذي يشف صدورنا اجمعين .

واني استشعر انك قد خلطتم اموركم الحزبية والعقدية والفكرية بأمور الدولة المصرية ! فشأنكم بحركات الجهاد والمقاومة الفلسطينية المزعومة لاشأن لـ مصــــر وشعبها به وان قسمك الذي اقسمت اصبح محل الشك والريبة ، فلا تجر مصـــــر الى ان تدفع ثمن عنجهيتكم ولاتختبؤا خلفها ، وان كنتم تظنون انكم تنصرون القضية الفلسطينية بالسلاح والمال وكسر الحدود والسيادة المصرية فأنتم كاذبون وانتم تعلمون ! فلا تصوروا ذلك للعامة ولا توهموهم بأوهامكم فانتم لاتساندون الا احدى فرقكم هناك كواجب الزمته إياكم "الجماعة" .

السيد الرئيس للمرة الثانية انبه ان معتقداتكم الحزبية والفكرية ماهي الا قضيتكم الخاصة ولا شأن لـ مصـــر بها لاشأن لـ مصـــر بها ، لاشأن لـ مصـــر بها . اللهم بلغت اللهم فاشهد . ( كما اقسمت فـ اعمل )

وإن اكثر مايحز ف نفسي الان ان اعداء الوطن قد فطنوا اخيرا
الى ان خراب مصر ودمارها لن يكون بغزوها او بقتالها فهؤلاء القوم يقرؤن التاريخ جيدا ويتعلمون منه ويعلمون عن المصريين  ما لانعلمه عن انفسنا من حمائد اندثرت وانتهت ...

ولكنهم فطنوا اخيرا ان خراب مصر ودمارها لن يتأتى الا بايدي المصريين انفسهم فقدمت لهم الاحزاب الساقطة الفاسدة والشباب الضال الخاو والاعلام المضلل الكاذب ونخبة الصفوة وجهلاء هذه الامة اقصد مثقفيها ، خدمة جليلة وانجازا كبيرا عجز عن الحصول عليه اكثر الغزاة دهاءا ومكرا على مر التاريخ ...

ان مايحدث في مصر الان من انقسام في الصف من تخوين واتهامات وانتهاك للحرمات باسم الدين تارة وباسم مصر تارة  ومن معسكرات بين هذا وذاك ومعتقدات يدين بها هذا ويكفر بها ذاك ، سينعكس يوما ما بالسلب على الوحدة المصرية ليست الاسلامية القبطية فقط ،بل وحدة الصف المصري اجمع واذا لم نعي جيدا خطورة مانحن فيه فسيأتي علينا زمان اسود احسبه للاسف قريبا وشيكا قد يعصف بحضارنا ومستقبلنا الى مالا يعلمه الا الله .


رحم الله شهداء الواجب .. واقتص ممن قتلهم غدرا وعدوانا وحفظ الله مصر واهلها وجعلها ذخرا للاسلام والمسلمين  وحفظ جندها وولاة امورها ووفقهم لما فيه خير وصلاح للأمة .

 

المصدر: مقال شخصي .

ساحة النقاش

مصطفى ابوزيد

maigm
مواطن مصري . »

ابحث

تسجيل الدخول

عدد زيارات الموقع

5,275