وكان من طقوس عيدهم أن يذهب الناس للمعبد الكبير حيث يسجدون للأصنام من دون الله ويسجدون للملك النمروذ ويطلبون منه أن يطيل أعمارهم ... ثم يذهب الملك بالسفينة ليعبر نهر الفرات فينقل تمثال الإله نانا لمعبد آخر على الضفة الأخرى من نهر الفرات ... وبعد انتهاء مراسم الإحتفال بإلههم نانا ..يعودون لنفس المعبد ... وقرر إبراهيم أن يكيد قومه ويعلمهم أن آلهتهم لا تضر ولا تنفع ... فقال لأخيه لما دعاه بعد فترة تفكر .. قال إني سقيم ... إي أنه اعتذر عن الذهاب معهم ... وجاء يوم العيد وانتظر ابراهيم الناس المزدحمون في المعبد حتى انتهوا من مراسمهم وعبروا الفرات خلف ملكهم لينقلوا تمثال إلههم نانا ... ولما ذهب كل قومه خلف الملك وتركوا المعبد خاليا دخل إبراهيم فوجد القوم وضعوا أمام الأصنام مالذ وطاب من الأطعمة والأرغفة واللحوم المشوية ... فقال للأصنام في استهزاء مالكم لا تأكلون ... ألا تنطقون ... ثم قام وكسر جميع الآلههة التي يقدسها قومه إلا كبيرهم ... الذين يسمونه مردوخ فقد وضع في يده القدوم الذي كسر به الأصنام ثم ترك المعبد وانصرف ... ولما عاد الناس بعد أداء طقوس عيدهم وجدوا الأصنام محطمة ... فغضبوا أشد الغضب وتسائل النمروذ من الذي فعل هذا بآلهتكم .. فقالوا له ليس هناك إلا شخص يذكرهم بسوء واسمه إبراهيم ... فأمرهم أن يأتو به ... فأتوا به ... فسأله النمروذ هل أنت الذي فعل هذا بآلهتنا ... فقال إبراهيم بل فعله كبيرهم هذا ... فسكت القوم برهه ... وهم يتسائلون ... أحقا غضب كبير الآلهه على باقي الأصنام فحطمها ثم عادوا لأنفسهم سريعا وقالوا ... إنهم لا ينطقون فكيف يتعاركون .. وهنا بدأ يحاورهم إبراهيم ... .. أفتعبدون ما تنحتون ... والله خلققكم وما تعملون ...أفتعبدون من دون الله مالا ينفعكم شيئا ولا يضركم , أف لكم ولما تعبدون من دون الله أفلا تعقلون..قال له الملك : من إلهك الذي تدعوا إليه ? فيقول إبراهيم :- رب السموات والأرض وما بينهما . فاعبده واصطبر لعبادته فقال كبير الوزراء في خبث: إله غير النمروذ ... إنه إلهنا العظيم فيقول الملك : إن كنت في ريبة من أني ربك فقل لي من هوربك .
يقول إبراهيم :- إن ربي يحي ويميت .
يقول النمروذ: أنا أحيي و أميت , فيقول إبراهيم :- كيف تحيي وتميت ?
يرد النمروذ : آخذ الرجلين قد استوجبا القتل في حكمي فأقتل أحدهما فأكون قد أمته واعفو عن الآخر فأتركه فأكون قد أحييته .
يقول إبراهيم :- إن الله يأتي بالشمس من المشرق فأت بها من المغرب .
( فبهت الذي كفر وهاج الكهنة وصاحوا في الناس ... إنتصروا لآلهتكم ... ارجموه احرقوه .. وإلا غضبت عليكم الآلهة .... فيصيح الناس ... ارجموه احرقوه )
النمروذ : ابنوا له بنيانا ... واجمعوا له الحطب ... وليحرق جزاء كفره بآلهتنا وتكذيبه لنا ...
فأخذه الجنود ليسجن تمهيدا لحرقه ...
**
( أمر الكهنة الناس أن يزيدوا صلواتهم للأصنام حتى ترضى وأن يتبرؤا مما فعل إبراهيم ... وجمع الناس كمية من الحطب مهولة ... حتى أن المرضى كانوا ينذرون أن يجمعوا الحطب لإبراهيم إن شفتهم آلهتهم )
واختاروا أرضا صلبة منخفضة أحاطوها ببناء من حجارة على مساحة كبيرة جدا كما يحاط البئر ... ووضعوا فيها ما جمعوه من حطب ... وصنعوا له منجنيقا ليقذفوه منه إلى النار .... وجاء اليوم الذي ظن فيه الكفرة أنهم ينتصرون لآلهتهم ... ووضعوا إبراهيم عليه السلام في المنجنيق بعد أن قيدوه .... واشعلوا نارا عظيمة في تلك المحرقة المهولة .
فأمر الله النار ( يانار كوني بردا وسلاما على إبراهيم ) .. وقذفوا إبراهيم في النار ... فلم يحترق إلا قيده وظل فيها يسبح الله ويحمده ويشكره ... فصاح الناس إنه حي ... إنه يتحرك ... فعجب النمروذ وصعد في برج عالي ليشاهد بوضوح فوجده حي يتحرك في النار ويسجد لله شكرا ... فتملكه العجب ... وخرج إبراهيم من النار .... بعد أن بين الله لخلقه أنه قادر على كل شئ ...خرج إبراهيم من النار وهوسليم معافي ليس به أي أذى .. خرج إبراهيم من النار والناس يقولون نعم الرب رب إبراهيم ...لقد آمن إبراهيم بالله وحده لا شريك له ونبذ الكفر ورفض الشرك ... وتحدى عقول قومه وحاجهم ليعلمهم فظلموه فصبر وثبت وقرروا إلقاءه في النار فلم يأبه ولم يخاف ... لم يكن يريد إلا وجه الله تعالى ... ولم تكن هذه نهاية قصة إبراهيم عليه السلام بل كانت البداية ... كانت بداية دعوته للناس بعد أن ترك قومه ورحل من بينهم إلى حيث يشاء الله , يدعوا الناس لسبيل ربه بالحكمة والموعظة الحسنة وكان له بين الناس قصص ومواقف نذكرها لا حقا بإذن الله
ساحة النقاش