يعتبر شهر رمضان دورة إيمانية مثالية للمسلم ،تختلف عن باقي العبادات، لإنها عبادة ليست فردية بل تشمل جميع المسلمين والمكلفين غير المعذورين،مما يعطي المسلم تشجيعا على تأديتها، سيما أن العادات الاجتماعية تعاملت مع عبادة الصيام باهتمام شديد يختلف عن تأدية باقي العبادات، وهذا الجو الإيماني يعطي تشجيعا روحيا للمسلم، يساعده على العودة إلى الله متحلياً بالصبر ومثابرة على تأدية باقي العبادات ، وأهمها تلاوة القرآن ، التسبيح ، والمحافظة على صلاة الجماعة.
ومع الأيام الأولى لهذا الشهر الفضيل يبدأ الإنسان بالتغلب على شهواته وصعوبة الصيام ويتكيف فيما بعد مع القيام بالواجبات الدينية ، وأهمها قيام الليل –صلاة التراويح، ومساعدة الفقراء و المحتاجين، والخلاص من آفات الغيبة ، ومخاصمة الآخرين ، والخلاص من بعض العادات أهمها التدخين .
هذا الحضور الروحي الذي يصنعه شهر رمضان للأسف يبدأ بالتلاشي اعتبارا من يوم العيد، فتقل تلك الصفوف التي كانت تملا المساجد في صلاتي الفجر والتراويح ، ولا نعود نشاهد الشباب يقرؤون المصاحف منتظرين إقامة الصلاة، وتختفي المساعدات التي كان يتبرع بها الأثرياء والمؤسسات والأفراد ، وكأن الفقراء لا يجوعون سوى في رمضان.
صحيح أن رمضان له قيمة عالية تختلف عن باقي الأشهر وتتضاعف فيه الحسنات ويحاول العبد المحافظة قدر الامكان على تقبل جوعه وصيامه وزيادة أجره عبر ملازمة الصيام بالإعمال الصالحة واستغلال المغفرة التي يعطيها الله للتائبين في أيامه ولكن هذا لا بعني أن الخير يتوقف مع نهاية الشهر، ليعود العبد إلى الابتعاد عن الاجتهاد في تقصي أبواب الخير، والمحافظة على السنن ،والتي تجعله دائما متحكم في نفسه ويسهل عليه تأدية الفرائض وتجنب المعصية، أما عندما يترك العبد التقرب إلى الله عبر الصدقة والسنن فانه يصبح فريسة سهلة للخطيئة ،/ ويضيع على نسفه مضاعفة الحسنات .
يجب أن يتمعن العبد في صعوبة الصيام في النهار وما يلاقيه من فرحتين أولاهما عند إفطاره كل يوم مع أذان المغرب ، والفرحة الكبرى في يوم العيد وقد صام شهر كامل وقام ليله، وهذا ما يذكره في الحياة الدنيا والعمل بها، بما يرضيا الله وما سيقابله من أجر عندما يلاقي ربه ،فالصيام يشبه الحياة والإفطار أو يوم العيد هي حصاد عمله ،إما نادماً على تقصيره أو سعيدا بعمل الخير.
ما أجمل العمل في شهر رمضان عندما يستمر لما بعد هذا الشهر الفاضل، فتظل المساجد ممتلئة بالمصلين، ولا ينهي أو يقللها العبد من أعمال الخير بعد نهاية الشهر الفضيل.
وللأسف فاني في كل عام ألحظ تدفق كبير من الناس على العبادة مع بداية الشهر سيما الصلاة في المساجد ، وسرعان ما يقل هذا الحماس مع مرور أيام الشهر ،بعد أن يمتلئ المسجد في اليوم الأول ،يتقلص العدد تدريجيا ، والغريب أن ما يجب حدوثه العكس فقد كان النبي يضاعف عمله مع مرور أيام رمضان ليصل إلى العشرة الأواخر ،فيعتكف في المسجد ويشد مآزره ، ويضاعف من تقديم الصدقة .
دعونا نقرر في قلوبنا أن ما بعد رمضان هو استمرار للعمل الذي حافظنا عليه ،فالله سبحانه وتعالى كلفنا في تلك الأعمال طوال العام وليس في شهر واحد، وهناك أوقات وأعمال يتضاعف بها الأجر ويستجاب فيها الدعاء في غير رمضان ولا تعلم أي نفس متى تلاقي الله. فيجب أن نظل مستعدين لملاقاة الله ونحن متمسكين بأوامره محافظين على فرائضه وسننه، متجنبين ما نهانا عنه ، ولنحافظ على مساعدة الفقراء وتفقدهم بعد رمضان علنا نطفئ جوع طفل أو نفرحه بثياب جديدة حرم منها بسبب العوز ،فهذه علامة الأمة الإسلامية التي تحافظ على ثوابت وخيرات الدين طوال العام لأن العباد والصدقة لم تكتب فقط في رمضان .
ولنجعل من العيد بداية أخرى لنشر التسامح عمن أذانا أو قطاعنا ولنكن مواصلين ولسنا مكافئين، ، وبداية أخرى للمحافظة على صلة الأرحام والأقارب متحلين بما أنعم الله علينا من مغفرة وعلي روحي في الشهر الكريم .
نشرت فى 9 سبتمبر 2010
بواسطة mahmoude3r
محمود عبد اللطيف
أحب الله و رسوله و ادعو الله ان يعفوا عنا و يكتب لنا حج بيته و يجعل لنا قصر فى الجنة و ان نكون أسرة متحابه فى الله............. »
ابحث
تسجيل الدخول
عدد زيارات الموقع
307,679
ساحة النقاش