<!--[endif] --><!--<!--
السيدة المرعبة
تأليف:ماهرمهران
سمع العاملُ طرقاتٍ حادةً وقويةً على باب المدرسة الحديـــــــدى الكبير ، وبتكاسلٍ جر قدميه الناحلتين ، وبنطاله المتهالك ، وهويستند على مقشته حتى وصل للباب ، وفى وقت تصاعد قوةُ الطرقات فتح الباب ، ودخَلَتْ ،وعلى وجهها شحوب نهاية العمر، وعلى ملامحها نامت ضريبـــــــة العمل بمهنة التدريس الشاقة ، وعلى انحناءة ظهرها تربّع الضعفُ وتقرفص المرضُ ..
ـ نظرلها العامل بشفقةٍ ، وتركها تمرُمن أمامه لكنــــها بعد خطواتٍ قليلةٍ إستدارت ، وقالت له :
مخصوم منك تلات تيام
وقبل أن يسألها لماذا ؟ ذكرت له بنبرةٍ متعاليــــــةٍ أنها رئيسة المتابعة بإدارة شرق مدينة نصرالتعليمية ، وأنها دخلت دون أن يسألها أحدٌ عن هويتــــــها ، وأسباب دخولها لهذا خصمت له ثلاثة أيامٍ ، ثم إستدارت ، وصعدت السلم متجهة إلى مكتب مديرالمدرسة الكائن فى أخرالطرقة بالطابق الأول ، ولكن عندما وصلت بداية هذاالطابق كانت الزهوروالزرع والمدرسون والوكلاء والمديرة نفسها فى استقبالها ففور أن أعطت ظهرها للعامل أخرج تليـــفونه المحمول وأبلغ المديرةَ بقدومها ..
ــ أنتشرخبرمجىء هذه السيدة رئيـــــسة المتابعة فى المدرسة انتشارالخلايا السرطانية فى جسد ضعيف المناعة ، فأسرع بعض المدرسيـــــن باستكمال دفترالإعداد ، وبعضهم هرول إلى الفصل ، وبعضهم توقف عن الحديث فى هاتفه المحمول ، وبعضهم أخفى أوانى الشـــاى ، وبعضهم هرول ووضع اللوحات الورقية بجوارصورة الرئيــــــس مبارك ، وبعضهم ذهب ليوصى التلاميذ ، ويذكرهم بأن يجيبوا بالنفى لوسألتهم : هل تأخذون درساً خصوصياً ؟
أما المشرفون والوكلاء ومسئولوالنظافة فخرجوا من مكاتبـــــــهم ، وتركوا أفطارهم وشايهم ، وهرولوا ليلتقطوا الأوراق الملقاة على البلاط بأنفســـــهم
، وليس لهم حديث إلاهذه السيــــدة لكن مس فاطمة وكيلة شئون الطلبة التى تتمتع بفضول زائد عن الحد ضحكت ، وقالت ل(مس) نجلاء وكيلة الطابق الثالث :
والنبى ل هاروح أشوف اللى جننتكم كده بنفسى
حذرتها (مس) نجلاء من خطورة ذلك لكن مس فاطمة لم تكترث بكلامها ، ، ونزلت درجات السلم درجةً درجةً حتى وصلت الطابق الأول ووجدت الرعب فى عيون الجميع ، لم تخف ولم تتراجع وسارت حتى وصلت باب مكتب المديرة وقبل أن تدخل فتحت المديرة الباب وخرجت وهى غاضبة
ــ سألتها مس فاطمة عن سرغضبها فهمست المديرة قائلة : المصيبة اللى جوه دى
ــ أرادت (مس) فاطمة أن تحكى مع المديرة عن هذه السيدة لكن المديرة قالت لها فى همس : هىّ جوه / خشى شوفيها
ــ فى خوف دفعت (مس) فاطمة الباب ودخلت وهيأت نفسها على أن تبدأ فاصل النفاق التى اعتادت عليه ، تبتسم ، تفتح ذراعيها ، تقول : أهلا يا حبيبتى
طبعاً مع تعطيش التاء ، وبالفعل ابتسمت ، وفتحت ذراعيها ، وقالت مما جعل السيدة ترفع رأسها عن الدفاتروالسجلات التى تقوم بمتابعتها جيدا، وفورأن لمحت مس فاطمة وجه السيدة رئيسة المتابعة حتى غضبت بشدة وأمسكت بها بكلتا يديها بقوة وأزاحتها للخارج بعنف وهى تصيح :هوّ أنتى؟!
سمعت المديرة الصياح وجاءت مهرولة وسألت عن سبب هذا الصياح ، وبسرعةٍ وبثقةٍ قالت لها مس فاطمة :(دى مش متابعة / دى على المعاش ليها سنتين / بس هىّ كل يوم كده / تنزل من البيت وهىّ مصدقة
أنها لسه فى الخدمة)
ــ بغيظ المخدوع نظرت المديرة لرئيسة المتابعة ، ووجدتها قد أخذت حقيبة يدها ، وبدأت تخطوخارجة ، وعلى تجاعيد وجهها سالت دموعٌ كثيرةٌ لم ينجح منديلها القماشى القديم فى إخفائها
تمت
ماهرمهران
