يظن كثير من العلمانيين وقلة من المنتسبين إلي الإسلام أما غلواً أو جهلاً أن الدين يكبل الإنسان ويقيده بتعاليمه وأوامره فلا يستطيع أن ينطلق في آفاق الحياة ليتمتع بمباهجها وينهل من ملذاتها. ويظن هؤلاء أن هدف الدين أن يزهد الناس في الحياة الدنيا وأن يترفعوا عن نعيمها ومباهجها انتظارا لنعيم في عالم الغيب علي أرض الجنة.

ويمعن هؤلاء في إثبات أن الدين هو سبب تخلفنا وبعدنا عن الأخذ بمظاهر الحياة الحديثة, بل أن الدعوة إلي التحلل من الدين وتركة وراء ظهورنا تأتي دائما تحت هدف واحد هو أنه لا سبيل لنا لكي نلحق بركب الحضارة وأن نصل إلي المستوي اللائق من التمدن إلا عن طريق ترك تعاليم الدين  والتخلص من قوالبه وقيوده.

ومحاولات الإنسان الدءوبة للوصول إلي حياة متكاملة هانئة لا يعكر صفوها كدر, ولا ينغص نعيمها كبت أو كمد, ينهل من لذاتها ويهنأ فيها بأقصى درجات المتاع دون ما منغص يحول دون هذا الاستمتاع، هذه المحاولات قديمة منذ نشأه البشرية,  فالفلاسفة والشعراء والمفكرين سعوا جاهدين من أجل الأخذ بأيدي البشرية للوصول بالحياة الدنيا إلي أقصي درجات الكمال, فلما لم يستطيعوا الوصول إلي هذه الغاية علي أرض الواقع جنحوا بفكرهم إلي عالم الخيال والشعر لعل بنوا البشر يستطيعوا يوماً ما الوصول بواقعهم إلي هذه الغاية المنشودة. وسورة النحل تميزت عن مثيلاتها برسم ظلال الصورة المتفردة للحياة الإنسانية في أكمل صورها، ولقد أشبعت هذه السورة احتياجات الإنسان المختلفة الحسية منها والمعنوية, الأساسية والزائدة في أبهي صورها.

ولقد حاول الكاتب من خلال صفحات هذا الكتاب أن يبين معالم تلك الحياة المثالية التي فهمها من خلال هذه السورة العظيمة, وسوف نجد بعد قراءة هذا الكتاب إجابة عن العديد من التساؤلات التي طرحها الكاتب:

<!--هل يطلب الله منا أن نحيا كما كان العرب يعيشون  أيام  بعثة الرسول صلي الله علية وسلم ؟ وأن تكون حياة المسلمين في كل وقت وعصر مشابه لحياة المسلمين في مكة والمدينة بكل تفاصيلها ودقائقها وبكل معالمها؟؟

<!--هل المطلوب من أتباع الدين أن يتفرغوا جميعاً للعبادة ويتركوا الحياة ومعتركها ويتفرغوا للصلاة والصيام ؟

<!--هل الزهد في الحياة والتحلل من متاع الدنيا والرغبة في الحياة الآخرة والرضا بأقل القليل من الحياة انتظارًا للحصول علي نعيم الجنة في الآخرة هو المطلوب من المسلمين في كل عصر وحين ؟؟

<!--ثم أين نجد الواقع الذي يترجم ويطبق المفاهيم والمعايير التي أمر الله بها في القران عامة وفي سورة النحل خاصة, أين المجتمع النموذجي الذي أخذ بتلك المفاهيم الربانية وأخرجها واقعاً ملموساً لغير المسلمين حتى يحتذوا بها, ثم يكون ذلك حافزاً لهم كي يدخلوا في دين الله أفواجا؟؟ً

 

المصدر: من منشورات دار السلام للطباعة والنشر http://www.dar-alsalam.com/arabout1.asp

التحميلات المرفقة

  • Currently 41/5 Stars.
  • 1 2 3 4 5
14 تصويتات / 762 مشاهدة

ساحة النقاش

عدد زيارات الموقع

2,089