السكان والتنمية
يعد موضوع السكان والتنمية Population and Development واحدا من ابرز الموضوعات الحيوية في الوقت الحاضر والتي تستحق الاهتمام بها والوقوف عندها بشكل مستمر نظرا لبروز مشكلات كبيرة ومعقدة جراء التباين في فهم هذه العلاقة .
كما وتسهم دراسة قضايا السكان والتنمية في فهم العلاقات المتبادلة والمتشابكة بين الظواهر السكانية و التنموية ،وذلك من خلال تركيزها على تحديد وتحليل أثار المتغيرات السكانية على عملية التنمية الاقتصادية والاجتماعية والثقافية والسياسية .
ولاشك أن هذا الأمر يضع أمام المخططين والخبراء ومتخذي القرارات العامة والتنموية ، الإطار الملائم والخلفية العلمية السليمة لصياغة السياسات التنموية والسكانية التي تحقق أهداف التنمية ولاسيما المستدامة منها .
إن سؤ إدارة السكان للموارد واستخدامهم الجائر لها يؤدى بطبيعة الحال الى تزايد اعدد الفقراء و تزايد حجم التباين في الدخل والثروة بين المواطنين و ارتفاع معدل البطالة والجريمة والهجرة والنزوح من الأرياف الى المدن وحدوث تشوهات كبيرة داخل البيئة كالتلوث والتدهور، وغيرها من المشكلات البئية المعاصرة ، وهو ماجعل العديد من خبراء التنمية والسياسين والاقتصادين وقادة الراي الاجتماعي يتجهون الى الاهتمام بهذه القضية ووضعها في اعلى سلم اولوياتهم واهتماماتهم ، ولاسيما بعد التحذيرات المتتالية التي تطلقها التقارير الدولية والمحلية من تفاقم وتداعيات هذه العلاقة في المجتمع اليمني .
وتجدر الاشارة الى اننا يصعب علينا الاشارة الى موضوع التنمية بدون ان نشير الى موضوع السكان او الاشارة الى موضوع السكان بدون الاشارة الى موضوع التنمية ، وذلك لان كل واحد من هذه المفاهيم مرتبط بالاخر ارتباط كبير، ومتاثربه بدرجة او باخرى وقد تصل احيانا هذه العلاقة الى درجة الترابط والتشابك .
بمعنى اخر لايمكننا الحديث عن المشكلات السكانية في معزل عن المشكلات التنموية وخاصة الاقتصادية منها ، ولايمكن باي حال من الاحوال الحديث عن المشكلة الاقتصادية في معزل عن مشكلات التنظيم الاجتماعي والاطار السياسي العام للمجتمع والنموالسكاني ، الامر الذي يقودنا الى النظر للموضوعين معا وفي اطار واحد.
والمالثوسيون من اليمنيين يرددون دائما ان مشكلتنا تكمن في النمو السكاني وفي تزايد اعداد السكان ويوردون معدل نمو 3.2% ، باعتباره معدل مرتفع التهم مخصصات التنمية ، ولم ينظرو الى الموضوع من زواياه المتعددة .
ان هذه النظرية أي الملثوسية لم تاخذ في الاعتبار الموارد الاخرى التي يمتلكها المجتمع ، والتي من الممكن ان ان تسهم في رفع مستوى المعيشه ، كما ان رؤية مالثوس نفسه افترضت ثبات الخبرة الفنية والمستوى التكنولوجي ، والذي حدث الان هو العكس تماما ، أي تزايدت الخبرات وتطورت التكنولوجيا بشكل مدهش بحيث تمكنت العديد من الدول من تقليل الفجوة بين السكان والتنمية كالاردن وماليزيا وسلطنة عمان وتونس والمغرب في اسرع وقت .
وهناك وجهة نظر أخرى لغير المسئولين ينظرون الى الموضوع من خلال الأتي : -
ان التزايد في النمو السكاني في اطار ظروف اقتصادية وسياسية معينة ، قد يوفر شروطا ملائمة لامكانية زيادة حجم القوة البشرية ومن ثم زيادة القوة العاملة التي تسمح بامكانيات اوسع لاستغلال موارد البلاد وثرواته ، ورفع مستوى الانتاج والدخل والتسريع من عملية التنمية الاقتصادية والاجتماعية المستدامة .
وهومايشير الى ان النمو السكاني سابق وممهد للنمو الاقتصادي ، وان الضغط السكاني يؤثر على الحوافز الفردية ويشجع على تحسين اساليب وطرق الانتاج على الدوام وبالتالي يتحسن مستوى الانتاج.
.كما يجب ان نؤكد ان النمو السكاني يقف خلف وراء الثورة الخضراء لمواجهة نقص الغذاء بل وكان بالفعل وراء عملية التسريع بالتصنيع لكن هذا النمو يجب ان يتسم بالنوعية والمهارة والخبرة ويتسلح بالعلم والمعرفة .
ان ضعف الادارة وتخلفها قد اسهم بشكل ريئس في ايجاد خلل كبير في العلاقة بين السكان والتنمية بل وصلت هذه العلاقة الى حالة يرثى لها بحيث اصبحت المشروعات التنموية الجاري تنفيذها غير قادرة على ردم تلك الفجوة بفعل عوامل عديدة .
الامر الذي يجعل من وجود جهاز اداري مهني اخر( يختلف عن الجهاز الحالي) امر ضروري لادارة العلاقة بين السكان والتنمية على نحو ايجابي شريطة ان يعطى هذا الجهاز الصلاحيات و الوقت الكافيين لانجاز مهامه .