يعيش على ارض الأقصر طبقا لاخر تعداد للسكان ما يزيد عن 25 ألف مواطن نوبي مصري هم أهالي قرية منشية النوبة الذبن هاجروا من أسوان منذ عام 1933 عند بداية تنفيذ أعمال التعلية الثانية لخزان أسوان ليعيشوا في قرية منشية النوبة التابعة لمركز البياضة بالأقصر التي تقع على بعد 7 كيلو جنوب مدينة الأقصر وتنقسم إلى ستة نجوع هي( نجع الشويشاب – الغربياب – السنبلاب – الأنصار – السكوراب – الولياب )جاءوا إلى الأقصر حاملين معهم ثقافتهم وتراثهم الخاص المميز بكل ما به من لغة خاصة بهم وعادات وتقاليد وأعمال يدوية وحرفية مشهورة في جميع أنحاء العالم .ظل أهالي النوبة طوال هذه السنوات يحاولون الحفاظ على هذا التراث من الاندثار خائفين من مظاهر المدنية وبعدهم الجغرافي عن موطنهم الأصلي فقاموا ببناء معرض نوبي صغير في قرية منشاة النوبة كمحاولة منهم للإبقاء على هذا التراث ولكن كان لهذا المكان مشكلاته العديدة منها ضعف الإمكانيات المادية وبعد المعرض عن مدينة الأقصر مما كان يؤدى إلى صعوبة عملية التسويق والدعاية هذا بالإضافة إلى وجوده داخل زراعات القصب في طريق غير ممهد لحركة الأفواج السياحية
ولكن ومنذ 15 شهر وفى ظل مشروعات خطة التنمية الشاملة التي تشهدها الأقصر حاليا والتي قام بإعدادها البرنامج الإنمائي للأمم المتحدة (U.N.D.P)لتنفيذ أكثر من 42 مشروع تهدف إلى جعل الأقصر اكبر متحف عالمي مفتوح تم البدء في تنفيذ المركز النوبي الحضاري والذي تم تطوير فكرته ليصبح قرية نوبية نموذجية تكون متحف حي مفتوح لعرض طبيعة حياة أهالي النوبة ليتولى مسئولية تنفيذ بناء المشروع جهاز مشروعات الخدمة الوطنية بالقوات المسلحة بتكلفة 15 مليون جنيه.
بدأت فكرة المشروع بتحديد قطعة ارض في واحد من المواقع المتميزة بالأقصر لاقامة مشروع سياحي استثماري يضمن وجود عنصر الجذب السياحي حيث يقع جنوب كوبري الأقصر ليكون في مسار الطريق السياحي الواصل ما بين البر الغربي والبر الشرقي وكذلك الطريق السريع للمسار السياحي الغردقة – قنا – الأقصر – أسوان حيث ستتاح الفرصة لمعظم الأفواج السياحية لاستخدام القرية كمكان للزيارة وللاستراحة أثناء السفر وذلك ضمانا لوجود عنصر التسويق لمنتجات المركز الحضاري الذي تم بنائه على مسطح 600 متر ويتكون من طابقين
الطابق الأول:- يتكون من عدد من ورش العمل حيث يستطيع السائحون مشاهدة السيدات والفتيات النوبيات أثناء صنع المشغولات اليدوية المختلفة التي تشتهر بها الحضارة النوبة ومنها على سبيل المثال
·منتجات الخوص التي يصنع منها الأطباق وحصير وشنط . ومنتجات الخيط من أطباق وطواقي .
·المنسوجات كالتريكو والسجاد والكليم
·الأشغال الفنية كالأواني والتحف المصنوعة من الفخار
ومشغولات الأرابيسك والالباستر والرسم على الزجاج واعمال الخوص
الطابق الثاني :- توجد صالات عرض مفتوحة للمنتجات التي تم صنعها في الدور الأول حتى يتمكن السائحون من شراء ما يرغبوا من هذه المنتجات كهدايا تذكارية
هذا ويتولى الصندوق الاجتماعي مسئولية توفير التمويل اللازم لتشغيل المركز عن طريق توفير الأجهزة والخامات اللازمة لهذه الأشغال كما يقوم بالإشراف على عمليات التدريب التي تتم بالتعاون مع هيئة الجايكا اليابانية عن طريق أحد بيوت الخبرة التابعة لها لتدريب أبناء النوبة العاملين على إخراج المنتج اليدوي بشكل متقن حرفيا بحيث تجمع منتجات البيت النوبي ما بين جمال الفن النوبي وتميز ودقة الإنتاج الياباني.
وبعد مرور ثلاثة اشهر على البدء في بناء المركز الحضاري تم تطوير الفكرة لتصبح قرية نموذجية تحتوى على كافة عناصر الحياة النوبية فتم بناء خيمة نوبية وعمل ركن لرسم الوشم والحناء النوبية الشهيرة للسائحين على أيدي مجموعة من النوبيات المتخصصات في عمل الحناء وركن خاص للتصوير يرتدى فيه السائحون الملابس النوبية لالتقاط الصور التذكارية بها كما تم بناء نموذج مماثل تمام للبيت النوبي مع وجود حظيرة ملحقة بالبيت تحتوى على الفرن النوبي ومكان تخزين البقول كما يوجد أيضا نماذج لمعدات الزراعة كالساقية والشادوف وعدد من دورات المياه .
واستكمالا لمظاهر الحياة النوبية تم بناء مطعم يقوم بتقديم الأكلات النوبية الخاصة كالعيش النوبي والبامية والملوخية المضاف إليها الأعشاب النوبية التي تضفي على الطعام مذاق خاص هذا بالإضافة إلى المشروبات المميزة كالدوم والكركديه .
كما يجرى حاليا بناء مسرح خاص خلف مبنى المركز الحضاري داخل القرية لعرض التراث النوبي وتاريخ الحضارة النوبية و الفنون النوبية من أغاني وحفلات سيتم إقامتها خصيصا للسائحين لإضافة ليلة جديدة لليالي السياحية بالأقصر .
ونظرا للاهتمام الدولي الذي يلقاه ملف الحضارة النوبية والحفاظ عليها كانت هناك متابعة مستمرة من منظمة اليونسكو الدولية للمشروع طوال خطوات التنفيذ للتأكد من الحفاظ على الطبيعة الخاصة للثقافة النوبية وقد أشادت اللجنة بالعمل الذي تم تنفيذه وأكدت موافقتها عليه .
وبهذا المشروع الحضاري نجد أن الأقصر لم تصبح متحف مفتوحا لعرض تاريخ أعظم حضارة عرفها التاريخ هي الحضارة المصرية القديمة الحضارة الفرعونية التي تغنى بها العالم كله وتحدث عنها فحسب ولكنها أصبحت مركز إشعاع ثقافي لتسجيل روافد التاريخ المصري والحفاظ على تراث مصر من الاندثار فلا يكفى أن نقوم ببناء المتاحف التي تحكى تاريخنا وكأن من قاموا بصنع هذا التاريخ لا توجد بيننا وبينهم اى صلة وكأنهم ليسوا أجدادنا ونحن لسنا بأحفادهم بل لابد من البحث في هذا التاريخ وفى هذا التراث لأحيائه مرة أخرى ربما نصنع حضارة كتلك التي كنا نمتلكها آلاف السنين .
للمزيد زوروا موقع البوابة الاليكترونية للاقصر:-
ساحة النقاش