صدى مصر sada misr

رئيس مجلس الإدارة : بكرى دردير رئيس التحرير: منى منصور

يستفيض التاريخ في إخبارنا عن شخصية الزير الدموية المتلهّفة للثأر ،بينما يشحّ ويكاد يتّسم بالعقر فيما يتعلّق بتقديم الشافي والوافي عن الشاعر الفحل ،إلا ضمن محطات محدودة تحتسب هي الأخرى لفلسفة الانصياع والإذعان لوصية "كليب" الأخيرة بعبارة خطّت بدم مفادها لا تهادن ، وصاحبها يحتضر جراء طعنة غدر تلقّاها من قبل ابن عمّه "جسّاس"، لتتم تصفيته واغتياله بعدّه ملكا. 

بوسعنا تمثل سيناريو حياة العبث والخمر والنساء والتصعلك والمجون واللامبالاة بلا انقطاع ،لولا الصفعة القوية المتجسدة في مقتل وائل شقيق الزير.طارئ ومفاجئة موجعة جدا لم تكن في الحسبان،أربكت حسابات الزير كثيرا وسلمته للصدمة والدموع والتخنّث في طقوس الحداد والحسرة على رحيل بطل ما فتأت تتعاظم ذكراه وتتناسل أطيافه في ذهن هذا المتحول من شاعر عربيد ضال وبلا وجهة أو هدف،إلى وحش مرعب ومقدام و متعطّش للدماء،ومعتقد بقضية الانتقام كمعادل لوجوده هو ،حدّ التأليه. 
إن ما يعرف بحرب البسوس في اندلاعها لما يقارب نصف القرن من الزمن بين قبيلتين عربيتين عريقتين بينهما أواصر قرابة وعرى دم ،بكر و ثغلب.
ظاهريا،بسبب ناقة، تأججت هذه القيامة التي شارفت على إبادة وانقراض نسل وسلالة بأكملها،لكن الضمني يشي بما يلزم أبو ليلي المهلهل بالمسؤولية كاملة،ويوجه أصابع الاتهام للزير كعاقّ وعبثي طالما تهرّب من مشاركة إخوته وسائر فرسان القبيلة تحت قيادة كليب،ومشاطرتهم هاجس التأسيس لمملكة كبرى تلغي الحدود القبلية وتتيح تكتلا و وحدة وقوة عظمى قادرة على مجابهة كل التحديات و التصدي لمعسكري الفرس والروم في نعرتهما التوسعية المعادية للمصالح العربية.
يبدو أنها تدبيرات وترتيبات وتكتيكات غاية في الخطورة و الأهمية،غابت جدواها عن فطنة المهلهل ولم تخطر بباله المأخوذة ببريق الراح وغواية الغيد،أقله في حياة وائل.
لتأتي مرحلة ما بعد اغتيال الملك ، كشاهد على بربرية الزير وشذوذه وشهوته المستعرة للفتك،وكأنه قاتل كليب الرمزي،بإهماله وتهكمه من الحياة والوجود، وهكذا انقلاب الآية،من سلبية وخواء وتسكع ،إلى قناعات مغايرة ومختلفة تماما كما مموهة أيضا من حيث خلع لبوس الإيجاب عليها، تاريخيا.
بالتالي بصم تلك الحقبة من العصر الجاهلي في دنوها من الاندثار ،كونها أتت قبيل بزوغ الإسلام بقليل،و وسمها بأسطورة الزير الذي عاش ثأره الجهنمي لملك شقيق قتله هو من حيث لا يدري،ليفضل له ندما لا طائل منه ، تآكله من الداخل حتى آخر رمق،وقد أنصفه التاريخ كفارس باسل لا يهاب الموت،مسكونا بروح كليب، لا كشاعر أفنى عمره في خدمة قضية فرضها عليه ملك قضى في فجر أحلامه.

luxlord2009

صدى العربية Sada Arabia

  • Currently 0/5 Stars.
  • 1 2 3 4 5
0 تصويتات / 103 مشاهدة
نشرت فى 6 نوفمبر 2016 بواسطة luxlord2009

ساحة النقاش

صدى الأخبار العربية

luxlord2009
Sada Arabic News شعارنا الشفافيه »

صدى العربية

تسجيل الدخول

عدد زيارات الموقع

414,342

صدى العربية

 شارك في نقل الحـدث