منذ الانقلاب العسكري في 2008، وإغلاق صفحة الانتقال الديمقراطي السلس بعملية قرصنة عسكرية وفق المعارضة غير المساندة للانقلاب حينها، أو الحركة التصحيحية، وفق تعبير بعض أطراف المعارضة وكل الموالاة حينها، استقبل جدار الوطن الموريتاني طلبات صداقة كثيرة من أزمات متعددة الأوجه ولم تنجح انتخابات 2009 في اختراق جدار الأزمة بقدر ما أضافت معطيات جديدة ومفردات قوية في قاموس الصراع السياسي في موريتانيا
وبعد 4 سنوات من تلك الانتخابات تجد البلاد نفسها أمام انتخابات أخرى تقاطعها أطراف سياسية وتشارك فيها أخرى.
فأي موقع تحتله هذه الانتخابات في المسار السياسي للبلاد، وهل تضيف لبنة لجدار الحل القصير، أم تضيف درجة جديدة في سلم الاهتزاز السياسي الذي يعصف بالبلاد منذ سنوات ما بعد الانقلابيين
طرح موقع السراج الأسئلة السابقة على بعض المراقبين والمحللين للشأن السياسي وجاءت الإجابات على النحو التالي :
يرى أغلب المراقبين إن هذه الانتخابات لن تضع حد للتجاذبات السياسية المتواصلة بين النظام من جهة و المعارضة بصنفيها الراديكالي و المحاور من جهة أخرى بل ستزيد الأزمة أكثر تعقيدا، بينما يرى البعض الآخر أنها ربما تساهم ولو قليلا في حدوث هدوء في المشهد السياسي يقصي بعض الأحزاب التي رفضت المشاركة.
انتخابات الهدوء
المحامي محمد المامي ولد مولاي اعل يرى أن الانتخابات الحالية "جاءت في ظرفية يحكمها عدم التوافق السياسي بحكم موقف منسقية المعارضة، وفي شكل شابته بعض الخروقات الإجرائية التي تحد من حريتها ونزاهتها وشفافيتها، ومع ذلك واذا ما كنا متفائلين وافترضنا أنها ستأتي بنتائج تمثيلية، فإنها ستكون بداية لعهد سياسي جديد سأسس إما لتوافق وهدوء يقصى الاحزاب التي لن يسمع لها صوت في الانتخابات، أو يؤسس لصراع محتدم أكثر حدة من سابقه، والاخيرة لانتمناها ولانرجوها".
انتخابات الدرجة الثانية
بدوره يعتبر الباحث اسماعيل ولد الشيخ سيديا الانتخابات الحالية هي بمثابة دوري درجة ثانية ؛ نظرا لكثرة اللاعبين المغمورين ؛ ولا أعتقد أنها مخرج من الحالة الإنتقالية التي نعيشها منذ تسيس الجنود وحتى تعسكرت الجماهير".
ويضيف ولد الشيخ سيديا إن دور الحزب سيتراجع على حساب العشيرة ، وقال "إنه سيميل من شارك من مناصري المنسقية اليوم إلى اختيار التواصليين ؛ وقد يتراجع دور الحزب لحساب العشيرة والجهة مما سيؤدي إلى دخول مكثف للعشائر الكبرى والجهات المأهولة إلى قاعة البرلمان؛ كما البلديات".
أما بالنسبة للأستاذ أحمد ولد سالم رئيس منظمة إنصاف للدفاع عن المعلمين فيرى إن هذه الانتخابات كشفت الكثير من الاوراق وعرت الكثير من الشعارات التي كانت ترفع هنا وهناك .
وقال" إن الاحزاب الرئيسية تعمدت "إقصاء وتهميش بعض الشرائح واستبعادها تماما من المواقع الاساسية والمهمة في لوائح الترشح حيث غاب ابناء شريحة لمعلمين عن تلك اللوائح بشكل سافر وتم بدلا من ذلك الارتماء في احضان الزعامات القبلية الروحية والمتربحين من المال العام بشكل لا يدع مجالا للشك في أننا أمام عملية ديموقراطية عقيمة ".
وأضاف ولد سالم إن غياب المعارضة الفاعلة عن المشهد سيؤدي الى المزيد من التجاذبات السياسية الحادة في المرحلة لمقبلة ما يقد يؤدي بنا الى العودة الى المربع الاول ".
أزمة جديدة..مشهد جديد
بدوره الدكتور إبراهيم الدويري فيعتقد أن هذه الانتخابات ستزيد من إرباك المشهد السياسي لدى كل الأطراف فللأغلبية شؤونها المزمنة في البحث عن رضى الجنرال وكيفية التشكل من جديد"، كما أرى أن المعارضة بشقيها أيضا في وضع لا تحسد عليه من ناحية التفكك الداخلي وعدم المصداقية فيما بينها".
ويرى الدكتور إن الرئيس محمد ولد عبد العزيز هو المستفيد الوحيد من لضعف المعارضة ولتنفاس الأغلبية والعشائر على نيل رضاه المتقلب،"
كما يعتقد أن حزب تواصل الإسلامي قد يستفيد في "إيصال بعض أطره لمناصب تنفع الناس وتنفع الأطر في التكوين والخبرة، كما أن قراراه شجاع من الناحية السياسية محرج من الناخية العاطفية".
اختلالات ديمقراطية
بينما ترى الدكتورة خدجة بنت سيدينا إن الأزمة السياسية ناتجة عن اختلالات بنيوية في ديمقراطيتنا، و تضيف منت سيدينا إن هذه "الاختلالات تأتي من حيث عدم وعي المواطن ، تدني المستوى المعيشي ممّا يجعله عرضة الإغرآت، غياب المواطنة و مفهوم الدولة، الانتماء القبلي على حساب الأحزاب ممّا افرغ هذه الأخيرة من مضمونها،عدم إستقلالية القضاء،وغياب مبدأ فصل السلطات".
وقالت منت سيدينا إن هذه الانتخابات امتازت بعدة أمور من أهمها حيث سخرت الدولة وسائلها لصالح حزب الإتحاد من أجل الجمهورية كما لوحظ عدم حياد الحكومة وإستعمالها أساليب الترغيب والترهيب كما كثر الحديث عن خرقات فى عملية التصويت وعدم إستقلالية اللجنة المستقلة للإنتخابات وكذا مرصد حقوق الإنسان.
الحل
ترى الدكتورة منت سيديا إن والحل يتمثل فى" حوار شامل بين الفرقاء السياسيين و مراجعة الآليات الدمقراطية وتفعيل دور الأحزاب من تنظير لبرامج هادفة يحظى فيها الوطن والمواطن بالأولوية، كما يجب توخي الكفاءة فى إختيار المرشحين و ينبغي حياد الحكومة ووسائلها فى العمليات الإنتخابية ثم الإبتعاد عن التعامل القبلي وكذا على جميع الأحزاب الداعمة للرئيس أن تنصهر فى حزب واحد داعم للرئيس. كما يجب العمل على إصلاح تلك الاختلالات البنيوية المذكورة أعلاه".
أما الباحث اسماعيل ولد الشيخ سيديا فيرى أن الحل يكمن في فتح حوار مباشر بين فرق الدرجة الأولى وتقديم تنازلات كبرى؛ من كل الأطراف حول خطة تنموية شاملة توفر توازنات سياسية ومؤسساتية؛ وتأخذ بعين الاعتبار ما سيسفر عنه الاقتراع من رسائل مباشرة أوغير مباشرة"
ولكن ورغم كل الآراء و التكهنات و التحليلات عن دور الإنتخابات في إنهاء الأزمة السياسية تبقى حقيقة واضحة، هي أن هنالك مشهد سياسي جديد يتم تشكيله.
<!--EndFragment-->