جارى التحميل
استخدم زر ESC أو رجوع للعودة
يمكن مكافحة التلوث النفطي بواسطة البكتيريا أي بواسطة حل بيولوجي باستخدام البكتيريا، حيث وجد بعض العلماء أن عدداً من الأحياء الدقيقة المجهرية التي تستطيع تحليل المواد النفطية يمكنها أن تقوم بتحويل البُقع النفطية إلى قطرات دقيقة جداً في الماء.
وقـد استخـدمت بعض شركـات البترول والمختـبرات الكيماوية المتخصصة في بعض البلاد الغربية هذه الأحياء المجهرية علـى نطاق واسع في معالجة البقع النفطية فـي البحار والمحيطات التي تَسرب النفط إليها من الناقلات إما بكسر الناقلة أو ما أشبه ذلك .
التحلل البيولوجي للنفط :
تحوي مياه البحر على العديد من الحيوانات الطفيلية وذات الحجم المتناهي الصغر. و تقوم هذه الكائنات بتحليل النفط ومشتقاته إلى مواد قابلة للذوبان في المياه بشكل كامل أو شبه كامل. و بالتالي فإن هذه الكائنات المائية تحول النفط المتسرب إلى ثاني أكسيد الكربون وماء.
وهناك أنواع عديدة منها لكن لكل نوع محدد وظيفته المحددة في عملية تحلل المركب النفطي.
وبالرغم من ذلك فإن هناك مركبات نفطية تقاوم هذه العملية وبالتالي لا تتحلل. وتعتمد عملية التحلل البيولوجي بشكل تام على تواجد المغذيات لهذه الكائنات و أبرزها النيتروجين و الفوسفور في المياه، درجة حرارة مناسبة ومستوى الأوكسجين في المياه.
وحيث إن عملية التحلل البيولوجي تعتمد بشكل أساسي على وجود الأوكسجين فإن هذه العملية تتم فقط في منطقة التماس بين التسرب النفطي و مياه البحر لأن الأوكسجين غير موجود في تركيبة النفط.
تكون البقع النفطية بواسطة التحلل الطبيعي أو الكيميائي يزيد مساحة البقع النفطية وتاليا اتساع المنطقة التي تتاح فيها عملية التحلل البيولوجي.
بكتيريا مُحللة للنفط :
أدى جنوح ناقلة نفط واندلاق كميات كبيرة من النفط قبالة شواطئ بريطانيا عام 1967 ، إلى تكثيف الجهود من اجل البحث عن طرق لحل مشكلة تلويث البحار بالنفط. وقد أدى استعمال المعالجات الكيماوية آنذاك لحل هذه المشكلة إلى بعثرة النفط بدلاً من تحليله.
أمّا اليوم، فمن المعروف أنّ أنجح طريقة لتحليل النفط هي بواسطة بكتيريا لها القدرة على استغلال مركبات الكربون الموجودة في النفط كمصدرٍ للطاقة اللازمة لها.
لماذا لا تنجح البكتيريا الموجودة في الطبيعة من تحليل طبقات النفط في البحار، بسرعة كافية؟
وتوجد في الطبيعة بكتيريا محللة للنفط ولكنها تكثرفي مياه البحر الملوثة بالنفط بشكل دائم. تحتاج هذه البكتيريا إلى عناصر كثيرة بينها: مغنيزيوم، فوسفور ونيتروجين. يوجد المغنيزيوم في مياه البحر بكميات كافية، غير أنّ الفوسفور والنيتروجين يوجدان بكميات محدودة. وقد اقترح الباحثون حلاً لهذا النقص بواسطة تطوير "سماد" يحتوي على مركبات الفوسفور والنيتروجين. يلتصق هذا السماد بطبقة النفط الطافية على سطح الماء ممّا يوفر للبكتيريا المحللة عنصري الفوسفور والنيتروجين اللازمين لها.
وقد وجد الباحثون أنّ إضافة السماد تزيد من نجاعة تحليل النفط بواسطة البكتيريا. وفي أبحاث أخرى، وُجد أنّ بعض أنواع البكتيريا المحللة للنفط لها صفة خاصة وهي القدرة على انتاج مواد شبيهة بمواد التنظيف وإفرازها إلى البيئة. تقوم هذه المواد ببعثرة زيوت النفط على شكل قطرات صغيرة وكثيرة تنتشر في طبقة الماء وتكوّن مستحلباً . هذه الحالة، تجعل عملية تحليل النفط بواسطة البكتيريا أكثر نجاعة وتؤدي إلى نمو سريع لعشائر البكتيريا فيلا المناطق الملوّثة.
قدرة التحليل البيولوجي :
أثناء دراسة الشواطئ الملوثة بالنفط، وُجد أنّ إضافة سماد يحتوي على مركبات فوسفور ونيتروجين تؤدي إلى تحسّن بارز في وتيرة التحليل البيولوجي للنفط بواسطة البكتيريا "المحلية"، حتى بدون إضافة مستنبتات بكتيريا نُميت في المختبر. وعلى الرغم من التكلفة الباهظة نسبياً للمعالجة الكيماوية- البيولوجية والتي تشمل إضافة سماد وبكتيريا، فإنّ أفضليتها للبيئة تكمن في كونها وديّة للبيئة.
وتتعرض المواد النفطية التي تجد طريقها إلى البيئة البحرية لما يسمى بالتقنية الذاتية.
فبعد تبخر الأجزاء المتطايرة من النفط فإن الجزء المتبقي يتعرض لعمليات أكسدة مختلفة أهمها عملية الأكسدة البيولوجية التي تتم بواسطة الكائنات الحية الدقيقة التي تعيش في البيئة البحرية .
وتتأثر عملية الأكسدة البيولوجية بعدة عوامل،من أهمها:
1. وفرة الكائنات الدقيقة التي يمكن أن تقوم بعملية التحلل البيولوجي في البيئة البحرية.
2. كمية الأوكسجين الذائب في الماء. فكلما ازدادت هذه الكمية ازداد بالتالي معدل التحلل البيولوجي للنفط .
3. درجة الحرارة المياه، فكلما كانت المياه دافئة كان ذلك أفضل لإتمام عملية التأكسد الحيوي
4. الحالة الطبيعية للمواد النفطية في المياه، فكلما كان تركيز هذه المواد قليلا ًسهل تحللها بيولوجياً.
وتعد البكتيريا والفطريات من أهم الكائنات الدقيقة التي لها القدرة على أكسدة أو تحلل المواد النفطية.
وهذه الكائنات الدقيقة واسعة الانتشار في التربة وفي البيئات المائية.
وقد قام كثير من الباحثين بدراسة هذه الكائنات ودراسة قدرتها على القيام بعملية التحلل البيولوجي داخل المختبرات .
وتستطيع البكتيريا المؤكسدة للمواد الهيدروكربونية الموجودة في النفط أن تهاجم قطرات الزيت في البقع النفطية ، حيث تتكاثر أعدادها حول هذه القطرات، وتقوم البكتيريا بتحليل الغشاء الفاصل بين قطرات المواد الهيدروكربونية والماء, ولذلك فإنه كلما ازداد تحول المواد النفطية إلى قطرات دقيقة جدا ًفي مياه البحر , ازداد السطح المعرض لعملية التحلل البيولوجي . أما الكرات القطرانية أو الطبقات الإسفلتية التي تصل إلى السواحل أو إلى قاع البحر فإنه من الصعب تحللها بيولوجياً.
ويعد الأكسجين عاملا ًأساسيا ًفي عملية التحلل البيولوجي للمواد النفطية, وفي حال غياب هذا العنصر الهام فإن هذه العملية تكون غير مجدية، ولعل هذا ما يفسر لنا عدم تحلل كرات القار التي تهبط إلى قاع البحر .
وقد قام العلماء بالتعرف على نحو 200 مجموعة من الأحياء الدقيقة المجهرية التي تتغذى على مكونات البقع النفطية, وهي تضم إضافة للبكتيريا أنواعا ًمن الفطريات والخمائر، ويمكن تدجين هذه الأحياء في المختبرات العالمية تمهيدا ًلاستخدامها في معالجة البقع النفطية .
وقد وجد بعض الباحثين أن عددا ًمن الأحياء المجهرية التي تستطيع تحليل المواد النفطية يمكنها في الوقت نفسه تحويل البقع النفطية إلى قطرات دقيقة جدا ً في الماء, ومن أمثلة هذه الأحياء الدقيقة البكتيريا التالية :
-
Pseudomonas.
-
Arthrobacteria.
-
Cornybacteria.
وقد استخدمت بعض شركات البترول والمختبرات الكيميائية المتخصصة في فرنسا وغيرها هذه الأحياء المجهرية ـ على نطاق تجاري واسع ـ في معالجة البقع النفطية في البحار والمحيطات
. ولكن تبقى لهذه الطريقة مساؤها أيضا ً, ومنها بطء فاعليتها في حالة الكوارث النفطية الكبيرة التي تغطي مساحات مائية واسعة . كما أن لهذه الأحياء آثار جانبية ضارة تتمثل في استهلاكها لكميات كبيرة من الأوكسجين في أثناء قيامها بعملية التحليل البيولوجي, وهو أمر يؤدي إلى اختناق الأحياء المائية الموجودة تحت البقع النفطية.
إستخدام العوامل الحيوية في تسريع التحلل الطبيعي للنفط :
مما سبق , يمكننا أن نعرّف التحلل الحيوي بأنه عملية تحطم فيها الكائنات الحية المجهرية - مثل البكتريا , الفطور , الخمائر - المركبات المعقدة إلى مركبات بسيطة , من اجل الحصول على الغذاء والطاقة .
بينما تعرّف العوامل الحيوية بأنها مغذيات أو أنزيمات أو الكائنات الحية المجهرية التي تزيد من سرعة التحلل الطبيعي للنفط .
فالنفط قابل للتحلل الحيوي الطبيعي ولكن بشكل بطيء , فقد تستغرق العملية أسابيع , أو شهور, أو سنوات , ومن المعلوم أن الإزالة السريعة للنفط من المياه تعتبر أمراً صعباً , لكنه مطلوب من أجل التقليل قدر الإمكان من الضرر البيئي المحتمل على مناطق حدوث الانسكاب .
لذلك تم العمل من أجل تسريع عملية التحلل البيولوجي للنفط , وقد تم التوصل إلى تقنيات تسرع من عملية التحلل البيولوجي من خلال إضافة مواد إلى البيئة البحرية مثل المحسنات أو البكتريا , الأمر الذي يؤدي إلى تسريع عملية التحلل البيولوجي .
وفي أغلب الأحيان يستعمل التحلل الحيوي بعد طرق الإزالة الميكانيكية للنفط .
وهناك طريقتان للمعالجة الحيوية للنفط هما:
(1)التنشيط الحيوي :
في هذه الطريقة يتم إضافة مواد مغذية مثل الفوسفور أو النتروجين إلى البيئة الملوثة , من أجل تحفيز نمو الكائنات الحية المجهرية التي تقوم بعملية تحطيم النفط , حيث تتحكم كمية المواد المغذية المضافة بنمو الكائنات الحية عند إضافتها بكميات معينة فيزداد عدد الكائنات المجهرية بسرعة وبالتالي تزداد سرعة الانحلال الحيوي للنفط .
(2)الإكثار الحيوي :
وهو إضافة الكائنات الحية المجهرية إلى الأحياء المجهرية الموجودة أصلاً في الماء . وفي بعض الأحيان تضاف أنواع غير موجودة فعلاً . إن الغرض من ذلك هو زيادة أعداد وأنواع البكتيريا التي تقوم بعملية تفكيك النفط .
ولكن يبقـى لهذه الطريقة مساوئها أيضاً، والتي منها بطء فعاليتها في حالة الكوارث النفطية الكبيرة التي تغطـي مساحات مائية واسعة، كما أن لهذه الأحياء آثاراً جانبية ضارة تتمثّل فـي استهلاكهـا لكميات كبيرة من الأوكسجين في أثناء قيامها بعملية التحليل وهو ما يؤدي إلى اختناق الأحياء المائية الأخرى الموجودة تحت البقع النفطية، خصوصاً الأحياء المائية الصغيرة جداً، والتي هي طعمة سائغـة للحيوانات الكبـيرة فـي البحر مثل الحيتان والأسماك وما أشبه ذلك.
كما إنه يمكن استخدام البكتيريا في مكافحة التلوث النفطي للتربة، مثل استعمالها في البقع النفطية البحرية، حيث تستخدم أنواع خاصة من البكتيريا القادرة على أكسدة النفط وتحليله وتكون البكتيريا في شكل مستحضر تضاف إليه توليفة مـن الأمـلاح المعدنية كغـذاء، ويُرشّ هذا المستحضر بواسطة الطائرات المروحية أو سائر الوسائل، وذلك فوق التربة الملوثة للبقعة النفطية.
وهناك تجارب في هذا المجال أُجريت فـي روسيا حيث استخدمت نحو غرامين مـن هذا المستحضر لمعالجة مساحـة ملوثـة بالنفط بلغت مساحتها (1000 كيلومتـر مربع)، ويمكن للبكتريا المذكورة في هذا المستحضر أن تلتهم ما يربو عـن (20) عنصراً مـن العناصر النفطية بما فـي ذلك المواد الإسفلتية .
ولا يتأثر المستحضر البكتيري بالظروف الجوية، لأنّ مفعوله لا يتغيّر في درجات الحرارة الـتي تتراوح بـين (70 ـ 50) تحت الصفر المئوي، كما وليس للمستحضر المذكور آثار بيئية ظاهرة ضارة عند استخدامها في معالجة التربة الملوثة بالنفط .
وهناك تجربة أجريت علـى هذا المستحضر حيث قام قسم من العلماء بصبّ حوالي (12.5 كيلو جراماً) من النفط على المساحة الخاضعة للتجربة، ثم رشّوا هذه المساحة بعد تلوثها بالمستحضر البكتيري، وبعد شهرين اكتست المنطقة بالعُشب ممّا دلّ على تنظّف المنطقة تنظّفاً كاملاً .
ويمكن استخدام هذه التقنيّة فـي معالجة البُرك النفطية التي تتكون عادة حينما يحدث أي تدمير للآبار النفطية، كما حدث في صحراء الكويت عقب تفجير صدام لآبارها سنة 1411هـ (1991م).
ومن التجارب أيضاً ما يتعلق بالبقعة النفطية التي تقدر بنحو 15 ألف طن من الفيول (زيت الوقود الثقيل)، والتي تسربت إلى بحر لبنان بعد قصف خزانات محطة توليد الطاقة في الجية على بعد 30 كيلومتراً جنوب بيروت في 13 و15 تموز (يوليو) 2006، كانت أبرز مشكلة بيئية خلفها العدوان الاسرائيلي على لبنان. وهي امتدت شمالاً مسافة لا تقل عن 150 كيلومتراً، وبلغت الساحل السوري، واعتبرت « أسوأ كارثة بيئية » تحل بالبحر المتوسط.
وقد أبدت الجامعة اللبنانية الأميركية استعدادها لجلب واستنبات نوع مطور من البكتيريا المحللة للنفط لاستخدامها في عملية تنظيف بيولوجي للشواطئ الرملية. وقال الدكتور فؤاد حشوة، عميد كلية الآداب والعلوم وأستاذ الميكروبيولوجيا في الجامعة ، ان بحر لبنان وشاطئه سينظفان تلقائياً الى حد كبير خلال أقل من سنة، خصوصاً بحركة الأمواج في فصل الشتاء، « ولكن بعد عمليات التنظيف الفيزيائي والكيماوي تأتي المعالجة البيولوجية التي تسرّع التنظيف ولا تتطلب إلا مواد بسيطة كالنيتروجين والفوسفور
ساحة النقاش