جارى التحميل
استخدم زر ESC أو رجوع للعودة
صيد اللؤلؤ مهنة يتوارثها الأبناء عن الأجداد
|
صيد اللؤلؤ حرفة عرفها أهل الخليج منذ زمن بعيد، و قد مارس الخليجيون القدماء هذه الحرفة بإعتبارها مصدراَ للرزق الذي ساعدهم على تلبية احتياجات الحياة اليومية قبل إكتشاف النفط ، من خلال البحث و التنقيب الدائب في احشاء الخليج العربي. لقد قدر عدد مراكب صيد اللؤلؤ في الخليج سنة 1907 بحوالي أربعة آلاف و خمسمائة سفينة يعمل عليها حوالي أربعة و سبعين الف شخص و تضاعف عدد السفن وأصبح يعمل عليها حوالي نصف المليون سنة 1920واعتبرت مرحلة الأربعينات حداً فاصلاً بين عصرين إقتصاديين هاميّن في المنطقة، عصر اللؤلؤ وتاريخه الطويل و توريث هذه المهنة من الأجداد الى الآباء ومن ثم الأبناء و عصر البترول الذي تدفق على الخليج العربي.
مع التطور الإجتماعي و التكنولوجي الذي أصاب العالم بأكمله شهدت مهنة صيد اللؤلؤ تطوراً كبيراً من حيث مراكب الصيد و الأدوات المستخدمة و تقنية زراعة المحار في أحواض المياه . كانت الأدوات التي يستخدمها الأجداد في غطسهم بسيطة، مناسبة لبساطتهم في تلك الأيام، أما اليوم فهناك العديد من الأدوات المستخدمة التي تتناسب وروح العصر الذي نعيشه. لكن قبل أن يستعمل الغطّاس هذه الأدوات الحديثة لا بد له أن يقوم بعدة تدريبات تحت إشراف متخصصين لكي يمكن العبور الى خط الإحتراف بعد الحصول علىشهادة لأكثر من دورتين تمنح عادة من المركز الرئيسي للغوص الموجود في الولايات المتحدة الأميركية. و من الشروط التي يجب أن تتوافر في المتدرب على الغطس أن يكون لائقاً صحياً و أن يجيد السباحة مع خلوه من أمراض الجيوب الأنفية و الجهاز التنفسي وأمراض ضغط الدم و السكري .أما بالنسبة لتطور عملية زراعة اللؤلؤ داخل المحار فإنها تتم في مزارع خاصة في دول شرق آسيا، و هو في الواقع لؤلؤ طبيعي لكنه ينمو بإشراف وإرادة الإنسان .
و قد برعت اليابان خاصة في تلك الزراعة لمواجهة الطلب المتزايد على هذه السلعة النادرة. و مزارع محار اللؤلؤ مثلها مثل مزارع الأسماك لها أساليبها العلمية الدقيقة في الرعاية و العناية و يقوم مبدأ هذه الزراعة على أساس إدخال حبات من اللآلىء الصغيرة جداً بين أغشية المحار بعد أن تكسى تلك الحبات بقطع حية من غشاء القباء بحيث تسعى المحارة الى التخلص من الجسم الغريب، فإذا لم تنجح إحاطته بداخلها بنفس الإفراز الذي يفرزه قباؤها لتكوين الصدفة . ويتخذ حول الجسم الغريب شكلاً كروياً.
بعد زرع اللؤلؤ في الأصداف يتم إنزالها الى البحر بعمق حوالي 25 راً حتى يحين موعد الحصاد فينزل الغطاسون لجني الثمار.
وهو نفس مبدأ تكوين اللؤلؤ الطبيعي تقريباً حيث يقال أن اللؤلؤ يزهو على جسد النساء لأنه يتغذى بإفرازات جسم الإنسان، و هو حيوان طفيلي تسلل الى المحار، فأفرز المحار حوله إفرازات من صدف املس شفاف يغطي ذلك الكائن الغريب الذي فرض وجوده على حيوان المحار . وهذا ما يؤكده العلماء في بحوثهم عن أصل اللؤلؤ ومراحل تكوينه حيث أن كل لؤلؤة كانت في الأصل حبة رمل ناعمة تسربت الى القباء داخل الصدفة فأزعجت بوجودها حيوان المحار، فأفرز مادة صدفية تدعى " موليسك " و أحاط بتلك حبة الرمل في هيئة طبقات متبادلة، و يصبح لعاب هذا الحيوان لؤلؤاَ عند تصلبه.
و في تحليل لمادة الصدفة المسطحة تبين أنها تحوي على كاربونات الكالسيوم بمقدار تسعة أعشار، والعشر الباقي مواد عضوية و ماء.
أنواع اللؤلؤ
يتنوع اللؤلؤ حسب لونه و حجمه بحيث يصل الى الدانات والحصبات والقماشات وهي مصطلحات بين صيادي اللؤلؤ و تجاره .. يقول خبراء الخليج أن أبيض و أثقل وأكمل نمواً للؤلؤة هو ما يتم صيده في المياه العميقة، فالقيعان الضحلة وإن كانت أكثر إخصاباً وإنتاجاً إلا أن اللؤلؤ المستخرج منها أخف وزناً وتشوبه ظلال من الوان أخرى، وهم ينسبون هذا التغيير في اللون الى أثر ضوء الشمس فيقولون أن اللآلىء التي تنمو بين الجزر والأرض واليابسة الرئيسية عرضة للتشويه، وإن المياه العميقة أنسب لكمال الإستدارة و لجمال الرونق و للصفات التي تجعل من اللآلىء ذات قيمة عالية.
و تعتبر لؤلؤة " عين التمثال " من أحسن أنواع اللؤلؤ التي استخرجت من الخليج العام 1867 على عمق 16 قامة عند جزيرة الشيخ شعيب و قد اشتراها أحد التجار بثمن باهظ و بيعت في باريس بثمن 8000 جنيه استرليني ثم اشتراها احد مهراجات الهند وأخذها الى الهند حيث جعلت عيناَ لأحد التماثيل .
أما الوان اللؤلؤ فهي تتفاوت بين الأبيض الناصع الى الوردي والرمادي، ومن أجمل هذه اللآلىء التي يطلق عليها أسم" اللؤلؤة السوداء "، إلا أنها في الحقيقة رمادية اللون و إن تفاوتت من حبة الى أخرى. بحيث يتم استخراجها حول جزر تاهيتي. و هي ثمرة بحرية نادرة لم يكن سكان تلك الجزر يكترثون لها الى أن جاء المستعمر الأوروبي وفتحوا عيونهم علىقيمتها التزينية، و تتواجد محارتها عادة على عمق سبعين متراً و قد يصل محيط الواحدة منها الى 15 مم .
و يرجع ذكر اللؤلؤ في التاريخ الى العام 2000 قبل الميلاد حين كان الآشوريون يبحرون الى مدينة " ديلمون "ـ البحرين حالياَ ـ للحصول على " عيون السمك "– أي اللؤلؤ . و جاء على لسان المؤرخ الروماني القديم بيليني أن الأسم القديم للبحرين هو " تايلوس " و أن الإحتلال البرتغالي لهذه الجزر كان نتيجة طبيعية لثروة اللؤلؤ الضخمة التي شدت إنتباه "البوكيرك" حاكم الهند البرتغالي – وقتها – في أثناء زيارته الى البحرين .
اعداد م/لبنى نعيم
|
ساحة النقاش