Environment & fisheries

الاهتمام بالبيئة ليست ترفا فكريا ولكنة واجب دينى لحياة افضل

القرم أو المانجروف،...... نوع من أنواع النباتات الشاطئية التي تعيش على الماء المالح وهو من العائلة Avicennaceae يوجد منه عدة أنواع ويكثر على شواطىء جنوب شرق آسيا كما يوجد في منطقة الخليج وتعتني الحكومة الكويتية على تكثيره وذلك بإنباته على الشواطئ البحرية المالحة التي يغمرها الماء في حالة المد وينحسر عنها عند الجزر.

يعتبر شجر القرم مفيد للبيئة البحرية والبرية حيث يساعد في تثبيت التربة ويكون مأوى طبيعي للأسماك والكائنات البحرية أضافة لكونها مأوى لتفقيس الطيور وكمصدات للرياح.

 

القرم في التاريخ

عرف نبات القرم منذ قديم الزمان ، فقد جاء ذكره على لسان ابن سينا (.98-38.1م) الذي يعد أول من كتب عن فوائده الطبية ، لذلك اشتق اسمه منه وعرف علميا باسم « اڤيسينيا مارينا AVICENNIA MARINA» ، وقبل ابن سينا ذكره العالم الاغريقي ثيوفراستس الذي عاش في القرن الرابع قبل الميلاد ، أما كتب المعاجم العربية فقالت عنه:

« ماء البحر عدو كل شجر إلا القرم والكندلي»

هذا ما حكاه ابن دريد ، فقد ذكر ابن منظور في لسان العرب:

« والقْرمُ: ضرب من الشجر ، حكاه ابن دريد ، وقال : ولا ادري أعربي هو أم دخيل » وقال عنه ابو حنيفة «القرم ،بالضم .شجر ينبت في جوف ماء البحر ، وهو يشبه الدلب في غلظ سوقه ،وبياض قشره وورقه مثل اللوز والاراك ، وثمره مثل ثمر الصومر » ونقل عنه الجواليقي في كتابه المعرب من الكلام الاعجمي على حروف المعجم وكذلك فعل الفيروز آبادي في القاموس المحيط عندما قال:

«بالضم نبت كالدلب غلظا وبياضا ينبت في جوف البحر » وزاد عليهم ابن سيده في المخصص قائلا: « وهو مرعي للبقر والابل تخوض اليه حتي تأكل ورقه واطرافه الرطبة ويحتطب فيستوقد به لطيب ريحه ومنفعته»

الاهتمام العالمي

بهذا الوصف الدقيق يمكننا ان نخوض في مستنقعات القرم او مساخة المنجروف كما يطلق عليهاالجغرافيون . فقد عرف المعجم الجغرافي هذه البيئة بأنها:

غابة شجيرية أو شجرية تنمو في المناطق الاستوائية أو شبه الاستوائية في أرض طينية رخوة. هذه البيئة الرخوة والتي يغطيها ماء المد عند ارتفاعه كانت تسمي ايضا مانجروف MANGROVE. [1].


هذه النباتات تلقي اهتماما عالميا ، لأنه بات ينظر اليها باعتبارها جزءا من الثروات الطبيعية المهددة بالانقراض ، لذا فان هناك اتجاها عالميا تتبناه الان العديد من المؤسسات والهيئات العالمية للحفاظ على هذه العشائر النباتية النادرة وكان من أوجه هذا الاهتمام العالمي ما أعلن مؤخرا عن تكوين جمعية دولية للنظم البيئية لنباتات " القرم " اتخذت من اليابان مقرا لها ، وذلك بهدف الاستغلال الرشيد لهذه النباتات التي ينظر اليها العلماء باعتبارها ثروة طبيعية يجب الحفاظ عليها.

هذه النباتات ، جمعت خبرة 23 دولة في قارة آسيا وأمريكا الجنوبية للتعاون معا من أجل تحسين الاجراءات اللازمة لحمايتها ، عندما كانت الموضوع الرئيسي للاجتماع الذي عقد مؤخرا في مدينة يوكوهاما باليابان في 22 أغسطس عام .199م ونظمته جهات وهيئات عالمية منها برنامج الامم المتحدة الانمائي واليونسكو وبرنامج نظم بيئة القرم في آسيا والباسفيكي.

وتزامن عقد هذا الاجتماع مع اجتماع اللجنة الاقليمية التنسيقية للقرم ، ومع انعقاد الجمعية العمومية الافتتاحية لجمعية القرم ، والمؤتمر الدولي عن الايكولوجي . وكان لهذا الاهتمام العالمي صدى على المستوي الاقليمي والمحلي ، وهو ماحذا أو تزامن مع الجهود التي تجريها الهيئات العلمية الاقليمية في منطقة الخليج العربي وتهدف إلى جانب حماية المناطق الطبيعية إلى اكثار وتنمية نباتات القرم على ساحل الخليج العربي.

هذه النباتات التي تلقى اهتماما بالغا على جميع المستويات المحلية والاقليمية والعالمية ، ماحقيقتها ، ومامحددات نموها ، وأماكن تواجدها ، والعديد من الاسئلة التي يجب أن نتناولها من منظورها العلمي الذي كشف أسرارها ولايزال يبحث في كنهها في محاولة مستمرة للسيطرة على أهم العوامل التي تساعد في اكثار هذه الثروة الطبيعية والحفاظ عليها

الانتشار

يلاحظ أن مناطق تواجد نبات القرم تقع على سواحل البحار والمحيطات الواقعة في المناطق الاستوائية وشبه الاستوائية ، حيث تكون درجة الحرارة مرتفع{ نسبيا ، لذلك فان نصيب المنطقة العربية منه كبير ، فعلي ساحل البحر الاحمر يوجد في كل من مصر والمملكة العربية السعودية، واليمن.


ففي مصر ذكره كل من مصطفي عبد العزيز في كتابه (عالم النبات - دار المعارف مصر 1977م) وشكري ابراهيم سعد (النباتات الزهرية 1984 م) حيث ذكرا أن هذه النباتات تنمو في جزر البحر الاحمر مغمورة في الماء ( في منطقة الغردقة ) وتغطي مساحات شاسعة من سطح الجزر ، وتعد أهم نباتات البحر الاحمر ، وفي المملكة العربية السعودية ذكرها محمود زهران في بحث ألقاه في ندوة الرؤية المستقبلية للتنمية وحماية البيئة - جامعة قطر .198 م بقوله : وفي شبه الجزيرة العربية تنمو نباتات الشوره ( القرم ) على سواحل شبه الجزيرة العربية الثلاث ، وهي ساحل البحر الاحمر من الغرب ، ساحل الخليج الغربي من الشرق وساحل البحر العربي من الجنوب ، وقد وجد أن نوع الافيسينيا مارينا ( القرم ) ينتشر وجوده على السواحل الثلاث.

كما ذكرته فيلوت داكسون في منطقة القطيف بالمملكة العربية السعودية وفي الخليج العربي حددها جاسم محمد الحسن في مقال بمجلة ( العربي 2.3 يناير 1984 م ) بقوله:

بيئة شجر القرم: وهذه بيئة غريبة على الخليج ، حيث يوجد شجر القرم عادة في المستنقعات التي لاتزول عنها المياه ، أما في الخليج فيوجد شجر القرم على بعض شواطيء كل من المملكة العربية السعودية ودولة البحرين والامارات العربية المتحدة وسلطنة عمان وايران . اضافة إلى دولة قطر حيث يوجد على الساحل الشرقي لشبه الجزيرة القطرية ، كما توجد أنواع منه في اليمن والعديد من دول قارة آسيا وأمريكا وأمريكا الجنوبية والمكسيك.

نبات القرم في الخليج العربي

تنتشر نباتات القرم ( أشجار وشجيرات ) على سواحل الخليج العربي ، حيث تتركز في مناطق الأخوار والخلجان الصغيرة في كل من المملكة العربية السعودية وقطر والبحرين والإمارات العربية المتحدة ، وسلطنة عمان على الساحل الغربي ، وفي ايران على الساحل الشرقي للخليج .( كما توجد أيضا على شواطيء البحر الأحمر فى كل من المملكة العربية السعودية ومصر - الغردقة - واليمن) هذه النباتات التى تمثل في مجملها بيئات فريدة من نوعها ، بدأت تجذب الإنتباه إليها ، باعتبارها جزء من التراث الطبيعي المهدد بالانقراض ، لذا فان الاتجاه لصونها وتنميتها ( فى ضوء الجهود التى تبذل تحت ما يسمي بالتنوع البيولوجي ) بات يشكل اتجاها عالميا تقوده العديد من المنظمات والمؤسسات المحلية والعالمية وهو ما تبلور مؤخرا في تأسيس جمعية عالمية للقرم اتخذت من اليابان مقرا لها.

ولأن نصيب دول الخليج العربي من هذه الأشجار يعد من وجهة نظر علمية وفيرا ، فان تناول هذه البيئات اعلاميا يشكل بعدا موازيا للجهود التي تبذل بقصد حمايتها، لان التعريف بطبيعة هذه البيئة ، سوف يعمل على نشر الوعي باهميتها ومن ثم يجذب اهتمام القاعدة العريضة من الجماهير ، وتحفيزهم لحماية هذه الأشجار والمشاركة في إكثارها ، وتشكيل رأي عام بأهميتها.

والذي يزور إحدي بيئات نباتات القرم المنتشرة على سواحل الخليج العربي يجد نفسه فجأة أمام غابة طبيعية من أشجار وشجيرات عشائر نباتات القرم التي تمثل في مجملها نظاما بيئيا فريدا (يندر ان نجد له مثيلا في العالم ). واذا ماكان الزائر من هواة الاستكشاف فانه سرعان ماتجذبه تلك الغابة ليخوض بقدميه في التربة الرخوة التي تبزغ منها جذور النباتات المغمورة بمياه الخليج المالحة ، وسط غابة طبيعية تعزف لحنا فطريا رائعا ، معزوفة تشارك فيها أسراب طيور[الفنتير] البيضاء السابحة في سماء الخليج الصافي فوق صفحة مياهه الزمردية.

أسماء

القرم هو الشورى ، حيث يعرفه في كل من مصر والشام بالشوري (بالفتح) فقد ذكره البستاني في معجمه بقوله : " شورى : بالفتح نبات بحري ".

بينما جاء ذكره في الموسوعة العربية الميسرة بتفصيل أوضح ولغة علمية تقول: «شوري » يطلق على نباتات خاصة تنمو في مستنقعات غنية بالدبال ( المواد العضوية ) وتربتها فقيرة بالهواء تتصاعد منها روائح عفنة وغازات فاسدة ، ولها جذور عرضية تنفسية تتجه الى أعلي ، وهي أشجار أو شجيرات استوائية مستديمة الخضرة منها " ريزوفورا مانجل ) ويكثر على الشواطيء وفي المستنقعات شبه الملحمية جنوب فلوريدا والمكسيك والهند الغربية ووسط وجنوبي أمريكا ونبات أفيسينا نيتيدا ، ويكثر على شواطيء البحر الاحمر " والذين يستخدمون اسم المانجروف MANGROVE يقصدون به كل نبات ينمو في مستنقع مائي ( مياه عذبة أو مالحة ) لان المانجروف تعني اجمالا غابات المستنقعات الساحلية . يعرفها على البن ( أسس الجغرافيا المناخية والنباتية .197 ) بأنه اصطلاح يطلق على العشائر النباتية التي تتألف من الاشجار أو الانواع التي تنمو في المستنقعات الصلصالية في الاراضي المنخفضة ، وتتميز أشجار المانجروف بكثرة تشابك الاغصان التي تنمو إلى أعلي أو إلى أسفل في مياه المستنقعات.

القرم والقرام

الذين يستخدمون تعبير القرام على نباتات المستنقعات يقصدون العديد من الانواع فنباتات المستنقعات ليست كلها قرم ولكن هناك العديد من الانواع التي تشكل مجموعات أو عشائر منها عشائر نباتات القرام الذي ينتسب اليها " القرم " حيث يوجد منه حوالي .1 نوع تنتمي إلى .3 فصيلة مختلفة . المعروف منه في الخليج هو نوع أفيسينا مارينا او القرم الاسود.

القرم ومقبرة الانسان

عرفت بيئة نباتات القرم بتربتها الرخوة السائبة بابتلاعها كل من يقوده حظه السيء للتوغل فيها ، لانه سرعان مايغوص بكل جسمه في مقبرة من الطين (الوحل) فكثيرا ما دفن فيها الكثير من الرحالة الذين تأخذ بألبابهم بحثا عن المجهول فيقعون في شباكها. ولذلك أطلق عليها اسم MANGROVE أي مقبرة الإنسان.

بيئة نباتات القرم

تلعب العوامل البيئية كمحددات للنمو وانتشار نباتات القرم في العالم دورا كبيرا وهو مايؤكد العبارة التي تقول أن النبات يختار بيئته ، فالملاحظ أن نباتات القرم تنتشر في المناطق الاستوائية والمدارية ( مابين مدار الجدي والسرطان ) حيث الحرارة مرتفعة نسبيا ، فتتأثر نباتات القرم أساسا بعامل درجة الحرارة ، وهو العامل الذي يفسر وجودها في هذا الحزام الحار الاستوائي الرطب . ووجد أن المناطق التي تنمو فيها نباتات القرم عادة ماتكون مفككة رخوة عديمة التهوية يطلق عليها الجغرافيون مساخ المستنقعات الطينية ، لانها تكون غنية بالمواد العضوية التي كونتها بقايا النباتات المتحللة التي امتزجت بحبيبات الطين التي تجرفها السيول ، هذه المستنقعات تكون ذات رائحة عفنة نتيجة تركز غاز ثاني أكسيد الكبريت الناتج عن العمليات الحيوية التي تقوم بها البكتريا اللاهوائية في تحليلها لبقايا النباتات اضافة إلى تركيز غاز النيتروجين الذي يميز رائحة التربة ، هذه التربة له قوام أسمنتي تبدو من أعلي بيضاء لكنها سوداء داكنة في الاعماق . أما نمو النباتات في هذه المياه فهناك اعتقاد بأن النبات يتحمل قدرا من تركيز الاملاح الا أن درجة الملوحة في أماكن نموه تكون أقل منها في أعماق البحر ، ففي مقال لابتسام خلف ( آفاق علمية ابريل 91 ) تقول أبرز مميزات تواجده ، وجوده إلى جانب واحة نخيل مما يؤدي إلى تصريف مياه الري مباشرة إلى الخليج وبذا تنخفض الملوحة ، فقد وجدت أن درجات ملوحة في مناطق نموه تتراوح بين .3 - 37 ألف جزء على أنها في المناطق الاخري من شواطيء البحرين قد تزيد على 55 ألف جزء. وفي دراسة مشتركة عن السبخات في شبه جزيرة قطر ( محمود عاشور وآخرون - .199 ) أعزت الدراسة انتشار النبات إلى احتمال أن تكون هذه المناطق تتسرب اليها بعض المياه العذبة ، اما من خلال شقوق أرضية أو بعض المياه التي تحملها الاودية الضحله أو من مخلفات المصانع كما هو الحال في منطقة أم سعيد . ومن الشواهد التي تؤيد ذلك ماورد في كتاب امارة قطر العربية لمؤلفه الشيباني ( 1962 ) ، أن من معالم مدينة الخور عين تسمي " عين حيتنان " وهي نبع دائم في جهة الشمال الغربي ، بنيت له بركة تردها الدواب للشرب ثم تنصرف إلى البحر ، وعندما تسقط الامطار في خور المدينة من المرتفعات من هذه العين فيتراجع ماء البحر ويصبح خور البحر عذبا إلى مسافة كيلومترين تقريبا ، وهذه العين بالطبع تشير إلى أن مياه الامطار المتساقطة في المنطقة كانت تنساب منحدرة لتختلط بمياه البحر اوتنحصر في منطقة الشاطىء حيث تنمو نباتات القرم ، فتخفف بالتالي من تركيز الملوحة مما يلائم انتشار ونمو النبات . وهناك اعتقاد بوجود خزانات جوفية للمياه العذبة في هذه المناطق ، تتسرب منها المياه فتخفف بدورها من تركيز الملوحة في هذه المناطق وتكون مناسبة لنمو النباتات ، الا أنه اعتقاد لم يختبر علميا وعمليا . ومن العوامل البيئية التي تتحكم في نمو نباتات القرم ما أوضحته الدراسة التي قام محمد عبد الرازق ( مجلة جامعة قطر للعلوم - العدد .1 ) حيث أظهرت الدراسة أن زيادة شدة الاشعاع تؤدي بشكل عام إلى انخفاض نسبة حيوية البادرات ( النباتات الصغيرة ) عنها تحت قوة اشعاع أقل شدة .

لماذا تنمو في الاخوار

الملاحظ أن مناطق انتشار نباتات القرم هي مناطق الخلجان الصغيرة ، ويعزي ذلك ايقاع وديناميكية نظام المد والجزر ، حيث يتسم نظام المد والجزر في الخلجان بالهدوء والانسيابية ، وهو ما يسمح بنظام غمر أكثر ملائمة لجذور النباتات ، حيث يتطلب نمو أشجار القرم بيئة محمية منحدرة وضحلةوهي بدورها تتشبث في الارض تقاوم الانجراف ويؤكد محمود زهران في مقال له ( مجلة العلم والتكنولوجيا - العدد السادس ) على أن عامل المد والجزر في البحار هو أحد العوامل الهامة التي لاتؤثر فقط على نمو هذه النباتات ، بل تؤثر كذلك على اتساع رقعة غطائها الخضري على الساحل ، وقد وجد أن أنسب المناطق الساحلية لغزارة هذه النباتات هي الخلجان المحمية من الامواج العالية والمد القوي ، حيث تعمل تلك العوامل على نزع البادرات الصغيرة لنباتات القرام وعلي هدم التربة . ويعد هذا العامل بحق هو أهم محددات انتشار النبات ، لذا فان أي اتجاه لاكثار نباتات القرم يجب أن يعطي عامل التكوين الساحلي أهمية مناسبة لانه يمثل المدخل الاساسي لدراسة بيئة الموقع . وفي ظل هذه العوامل القاسية من ارتفاع في درجة الحرارة والاشعاع الشمسي والملوحة وتفكك التربة ( الوحل ) واضطراب مياه البحر ، وندرة المياه العذبة ، فان أشجار القرم أو الشورى أو ابن سينا ، تكيفت مع هذه الظروف ولاتزال في كفاحها أو تطولها يد التدمير بحجة التنمية أو التجميل . أو تقع فريسة للتلوث النفطي.

بيئة نباتات القرم

قبل أن ندخل إلى دقائق هذا النظام البيئي الفريد ، سوف يشير إلى ملاحظات قمنا بتسجيلها من زيارتنا المتكررة لمجتمع القرم في بيئته الطبيعية بمدينة الذخيرة . ومنطقة رأس مطبخ بالقرب منها بين الخور والذخيرة . لانهما منطقتين أكثر كثافة من جهة ، ويمثلان البيئة الاصلية له على ساحل شبه الجزيرة القطرية .لان الذي يقترب من منطقة أشجار القرم في " الذخيرة أو رأس مطبخ ويخوض في تربته فانه سوف يلاحظ أول مايلاحظ أنه أمام عالم خاص ، بيئة غير التي تركها وراءه ، شجيرات متشابكة الاغصان ، يعمل ارتفاع بعضها إلى أربعة أمتار ، تظلل عشرات البادرات الصغيرة التي تنمو متقاربة بين جذور النبات ،يداعب أغصانها نسيم بارد فتهتز له أوراق النبات الخضراء " المتربة " عندما تتلألأ تحت أشعة الشمس بلونها الفضي المشوب ببياض الملح ، الذي تفرزه الاوراق الرمحية ، للتخلص من الملح الزائد عن طريق غدد صغيرة يعرفها علماء النبات " بالغدد الملحية " أما الاوراق التي تقف في نهاية الاغصان على الاشجار المرتفعة فانها تكشف عن لونها الاخضر الداكن ، بينما مئات الثمار الصفراء تلوح من بعد وكأنها زيتونات خضراء ناضجة ، واذا مانظر الزائر تحت النباتات يجدها متناثرة هنا وهناك بعد أن انشقت جبتها عن لحمها الذي سرعان ماينفتح بفعل حركة المد والجزر عم مصراعين يبزغ منهما قمة صغيرة نامية في استحياء ( يلاحظ أن الثمار تنضج على الشجر في أشهر أغسطس ، سبتمبر وأكتوبر ). هذه الاشجار يعيش في كنفها كائنات حية تعترك الحياه من أسماك وديدان وقشريات . يأكل كل منها الاخر ليعيش ، بدءا من أوراق النباتات التي تسقط على التربة لتحللها البكتريا لعناصرها الاولي إلى القشريات التي تنتقل في الوحل متخذة منه مأوي تارة وملاذا للحماية والغذاء أخري ، وأسماك كبيرة تأتي لتضع بيضها على جذور الشجر حتي تنقص الالاف المؤلفة من الاسماك الصغيرة ، لتعيش فترة حضانتها في كنف أشجار القرم في هذا النظام الرائع من التكافل المعيشي ، لانها في تفاعلها مع النظام تعيش في دورة الحياه السرمدية . التي ترعاها شجرة " القرم " التي تعد واحدة من حوالي .1 نوع تنتمي إلى .3 عائلة مختلفة من نبات " القرم " . هذه الملاحظات تدفعنا إلى التعرف على ديناميكية نظام البيئة في أشجار القرم . وهو ماسيجعلنا نلجأ إلى الدراسات والمشاهدات السابقة.

المنظومة الحيوية

نظام بيئي بديع ذلك الذي تقف في وسطه أشجار القرم ، عالم مليء بالحياه والتفاعل والتكافل وتبادل المنفعة ، علاقات غاية في التعقيد يحكمها نظام أبدعه الخالق ، كائنات تعيش في عالم بديع حقا واذا ماأردنا التعرف عليه فاننا سنقرأ معا ماجاء في كتاب مقدمة في علوم البحار البيولوجية ( محمد أمين - جامعة قطر ) تحت عنوان بيئة نبات الشورى ( القرم ) mangrove ecosystem. بيئة نبات الشورى ( القرم ) تحتوي على خليط من الكائنات الارضية والمائية ، فهناك العديد من أنواع الطيور تسكن أعالي الاشجار وهناك الثعابين والبرمائيات الارضية والحشرات ، أما الحيوانات الارضية فمنها الاسماك البرمائية mud - skipper التي تستخدم زعانفها الصدرية للمشي على الطين ، أو للتعلق على جذور النباتات ، بينما تبلل خياشيمها من وقت لاخر منعا للجفاف ، ويوجد أيضا السرطان العازف fiddler crab الذي يعيش تحت السطح أثناء موجات المد ، أما البرنقيلات والرخويات ثنائية الصراع والديدان والغلاليات فتعيش ملتصقة على الجذور ، وهناك الاسماك والرخويات الطليقة والقشريات تجد مأواها بين الجذور وفي الشقوق والرواسب المحيطة بالنباتات ، كما يوجد العديد من السرطانات والرخويات الدفينة وبعض الاسماك القاعية التي تعمل على تقليب الرواسب فتزيد من دوران الاملاح المغذية اللازمة لعملية البناء الضوئي.

ونبات الشورى (القرم ) لايستهلك في البيئة البحرية مباشرة ولكن تظهر أهميته بعد سقوط الاوراق وتحللها ودخولها إلى السلسلة الغذائية على هيئة مواد دبالية تستتهلكها الحيوانات التي تتغذي على تلك الموا فتضيف إلى رصيد المواد العضوية في هذه البيئة وتشهد أشجار القرم أفراح الاسماك الكبيرة التي تأتي اليها للتزاوج ثم ماتلبس أن تترك بيضها على جذوعها حتي تفقس في مأمن وهي أشجار القرم وعلي جذوعها وأغصانها السفلي يلتصق ويعيش الكثير من يرقات الاسماك والربيان والمحار . هذه كانت رحلتنا الاولي إلى عالم " القرم " ولاشك أنها تمثل استكشافا أوليا لهذه النباتات التي أصبحت تشكل موضوعا هاما على المستوي العالمي وفي الرحلات القادمة سوف نستكمل استكشافنا لها في محاولة لرصد الجهود المبذولة لحمايتها واكثارها مع الاشارة إلى المشروع الذي يجري حاليا بالتعاون مع مركز البحوث العلمية والتطبيقية بجامعة قطر وكل من وزارة شئون البلدية والزراعة واللجنة الدائمة لحماية البيئة ، مع جولة هنا وهناك في مستنقعات القرم في دول الخليج العربية . خاصة في البحرين والسعودية وسلطنة عمان والامارات العربية المتحدة . الا أنها ظلت دائما شيئا غير مألوف . لإن السؤال المحير يقول : كيف تعيش هذه النباتات دون غيرها في مياه الخليج المالحة؟

نباتات القرم ثروة طبيعية

لانستطيع أن نتحدث عن أهمية نباتات القرم ( الشورى ) كثروة طبيعية دون أن نشير إلى أهميتها كنظام بيئي يتفاعل مع المنظومة البيئية العالمية ، وكمصدر حيوي لانتاج الاكسجين ، لان كل شجرة من أشجار القرم هي بمثابة مصنعا لانتاج الاكسجين ، كما أنها تعمل في الوقت نفسه كجهاز تكييف يرطب جو المنلطق التي تحيط بها والتي عادة تكون في أشد الحاجة إلى هذه المكيفات الطبيعية ، نظرا لارتفاع درجة الحرارة ، هذه النباتات التي تنمو على السواحل البحرية في المياه المالحة تقف على الحد الفاصل بين اليابسة والماء تقاوم انجراف التربة ، وتآكلها ، لانها بكثافتها تعمل كمصدات للامواج التي تتكسر عليها ، فتعود ثانية إلى جوف البحر دون أن تضر بالتربة القريبة من الساحل . لان نظام امتداد الجذور من هذه الاشجار ، والذي يأتي من أسفل إلى أعلي ويبدو بازغا من التربة كالاوتاد أو العصي مشكلا سياجا حاميا للتربة يقاوم موجات النحر التي يحدثها البحر في زفيره وشهيقه . هذا عدا دورها كعامود فقري للنظام البيئي الذي تقوم عليه ، لانها تمثل في هذا النظام محورا رئيسيا للحياة الفطرية التي يعج بها من كائنات حية دقيقة لانراها وكائنات حية بحرية تأوي اليه وتعيش في كنفه . لان أوراق هذا النبات التي تخوض اليها للدواب " لتقرمها " من الحين للآخر بين وجباتها الرئيسية عندما تكون في حاجة إلى مذاق مالح ( وكأنها تعتبرها مقبلات شهية ) هذه الوريقات الخضراء عندما تسقط أسفل النبات على التربة المبللة بماء البحر ، سرعان ماتتلقفها بكتيريا المستنقعات التي تجهز عليها لتحللها إلى عناصرها الاولي ، مشكلة بذلك مادة عضوية غنية بالدبال ، هذه المادة الدسمة من وجهة نظر الاسماك الصغيرة والقشريات والرخويات والكائنات الاولية من طحالب وغيرها . غذاء يقوم عليه النظام الحيوي بأكمله ، لذا فانها تعد بحق أم السلسلة الغذائية التي تبدأ بها . وتدور من خلالها الحياة الفطرية في هذا المستنقع الرائع . الذي يعج بالحياه.

والى جانب ذلك فانها تعد من وجهة نظر طبية مصدرا هاما لبعض الهرمونات إلى جانب وجود مركب الكيومارين في اجزائها والذي يعد مصدرا هاما ايضا في تركيب العديد من العقاقير الطبية .وقد ذكر ثيوفراستس THEOPHRASTUS عام 5.3 ق.م ان مستخلص البادرات كان يستخدم قديما كمقوي جنسي للرجال ، وهو ما اكده ايضا ابن عباس النباتي عام .123م واضاف : ان مستخلص هذه النباتات به مواد فعالة تفيد في علاج امراض اللثة وامراض الكبد.المصدر المعرفة

اعداد م /لبنى نعيم

 

  • Currently 30/5 Stars.
  • 1 2 3 4 5
10 تصويتات / 1746 مشاهدة
نشرت فى 10 أكتوبر 2011 بواسطة lobnamohamed

ساحة النقاش

المهندسة/ لبنى نعيم

lobnamohamed
»

ابحث

تسجيل الدخول

عدد زيارات الموقع

862,806