عش أفضل !
الحياة بلتة لونية أروع ما فيها وجود كل الألوان الزاهية جنبا إلى جنب مع زميلاتها الداكنة ..فقرمزي ساخن جدا ؛ لأزرق بصفاء السماء ؛ لأسود بكل ما يحمله السواد من كآبه و انغلاق ..
ماذا لو أدركنا من الحياة لونها الأسود فقط ؟ .. أظنها ستكون الحياة المستحيلة .. و هذا ما تفعله بنا نشرات الأخبار ؛ و البرامج الحوارية ؛ لقاءات المسئولين ؛ و و غيرها مما يعتنق مذهب الواقعية شديدة السواد متغافلا أن الإنسان الذي تعتاد عينيه اللون الأسود قد يفقد القدرة على رؤية غيره و بالتالي على إبداع غد بلون مختلف .. تعطينا الأسود بكثافة تعمينا أحيانا عن تمييز غيره من الألوان بل تسحق قدرتنا على محاولة إضفاء ظل مبهج هنا أو هناك ..
أغلب هذه اللقطات تركز على الحدث و ليس على الإنسان صانع الحدث و المتفاعل مع الحدث بقدرته الهائلة على رؤية الأمور بأكثر من زاوية ؛ و بطيف المشاعر الإنسانية شديدة التنوع شديدة الثراء التي تدفع الإنسان نحو تفاعلات متنوعة مع أي و كل حدث .
ولأني أظن أنه لا يمكننا تغافل حقيقة مرورنا يوميا بأغلب الألوان .. فكان هذا الباب محاولة لإلقاء نظرة على الألوان المبهجة في الحياة ؛ و يحمل لنا لمحات تعيننا على السير قدما عندما تنغلق الدنيا بلونها الداكن .. أو تبرز درجات الرمادي بمللها و كآبتها ..
فالحياة بين حلو و كثير مر تحتاج منا لطرق و افكار و تواصل يساعدنا على احتمال قسوتها ؛ و التأقلم مع تفاصيلها .. فهل ينكر أحد ان للحياة مباهجها كما لها شقاواتها ؛ أينكر أحد أننا جميعا مستمسكين بالحياة دون أن نعترف أنها نعمة في حد ذاتها و إن امتلأت بالمشكلات ؛ و التفاصيل المملة ..
أينكر أحد أننا جميعا نتمنى لو ظفرنا ببعض السعادة ؛ و بعض الإضاءات التي تشير علينا بخطوة نحو السعادة ..
نتغافل كثير عن حقيقة أن المشاعر هي المايسترو الذي يقود حياتنا ؛ و ربما نجهل أو نتجاهل أن هذه المشاعر – كما أثبتت دراسات كثيرة – من اختيارنا ..
فعلينا أو نصدق أو لا نصدق أن السعادة اختيار ..
قد تقف مشدوها أمام هذه الحقيقة كما وقفت أنا أمامها أول مرة ؛ و قد تتذمر أو تغضب لزعمي هذا .. أعرف أن الناس وسط الغضب ؛ الخوف ؛ الحزن ؛ و غيرها من أطياف المشاعر السلبية " الداكنة " - قد يرفضون كل زعم بأن هناك طريقة أخرى و وسائل أخرى لم يطرقوها بعد .. و قد يغالون في رفضهم للحد الذي يصبح فيه الاختيار مسألة مستحيلة ..
يعيننا كثيرا أن ندرك أن الظرف لا يتغير ؛ إنما الإنسان بأفكاره هو العنصر القابل للتغير .. لذا لن أناقش هنا تغيير ظرف من الظروف بقدر تركيزي علي تغيير أفكارنا إزاء ما يعترضنا من الظروف ..
و الناس بمشاعرهم و طموحاتهم و إحباطاتهم و أحزانهم و قوتهم و ضعفهم – شغلي الشاغل في الحياة عامة و في هذه الباب خاصة ؛ أجد فيهم اهتماما فائقا يدهشني و يحيرني و يسعدني و أحيانا أيضا يخيفني و يتعسني ..
و لذا أركز في هذا الباب على الإنسان بأفكاره و مشاعره و ما يشكل سلوكه و طرائقه المختلفة لبلوغ أهدافه .
آمل أن ينفتح عقلك و قلبك للتفاعل مع الومضات التي نحاول قذفها لتضىء وسط ظلام لا يمكننا تجاهله .. و أن تتفاعل مع " عصارة تجاربي مع أفراح و أطراح الناس " نحو العيش الأفضل ..
ففي هذا الباب أحاول إعتصار حكمة ما ؛ فكرة ما ؛ مهارة ما للعيش الأفضل .. أعتصرها مما مررت به من خبرات مع مئات الأشخاص الذين استقبلهم أو اكتب لهم لتدريبهم ؛ أو تقديم المشورة لهم أو تعليمهم أفكار للعيش الأفضل .. و بطبيعة الحال من خلال تجاربي الشخصية في محاولاتي المستميتة للعيش الأفضل رغم أنف الواقعية و الألوان الداكنة . و أرحب أيضا باستقبال تساؤلاتكم الخاصة بكيفية العيش الأفضل ..
تابعونا لنسير خطواتنا نحو العيش الأفضل فإلى لقاء ..
نيفين عبدالله
مدير مركز أجيال للاستشارات و التدريب .
القاهرة في 23 يناير 2010
ساحة النقاش