أحكام العمرة
حج الرسول صلى الله عليه وسلم ثلاث حجج في بعض الروايات وهن : حجتان قبل الإسلام ، والثالثة حجة الإسلام التي
اشتهرت باسم "حجة الوداع" ، وأما عمرات الرسول فأربع هن :
الأولى – عمرة الحديبية : وكانت سنة ست من الهجرة ولم تتم ، لأن مشركي قريش صدوه ، والحكم فيها حكم الاحصار
الذي كان بسببها ، والاحصار : أن يصد المعتمر أو الحاج عن قصده البيت من عدو أو غيره ، ونزلت في الحديبية آية (
فإن أحصرتم فما استيسر من الهدي ) .
والمحصر هو من أحرم بأحد النسكين : الحج أو العمرة ومنع عن طواف البيت إذا كان الإحرام بعمرة ، وعن الوقوف
بعرفات أو طواف الإفاضة في الحج .
وذهب مالك والشافعي إلى أن الاحصار لا يكون إلا من عدو ، أما أبو حنيفة فقد ذهب إلى عموم الاحصار سواء أكان من
عدو أم من غيره كمرض يقعد عن الحركة ، أو موت محرم ، فكل ما حبس أياً كان الحابس فهو احصار . والآية صريحة في
حكمها ، فعلى المحصر أن يذبح من النعم ما في طوقته ، شاة أو بقرة أو جملاً ، ويجوز الاشتراك في البدنة جملاً أو
بقرة .
روى البخاري عن ابن عباس رضي الله عنهم : " أن النبي صلى الله عليه وسلم قد أحصر فحلق وجامع نساءه ونحر هديه
حتى اعتمر عاماً قابلاً " . والآية لا تدل على إيجاب الذبح ، لأن أكثر من كانوا مع الرسول في عمرة الحديبية لم يكن
معهم هدي ، فهو ليس واجباً على كل محصر ، فمن استيسر له الهدي ذبح حيث أحصر .
أما محصروا الحديبية فذبحوا في الحرم على بعض الأقوال ، وفي بعضها الحل ، وكلا الأمرين جائز . فحدود الحرم متصلة
بالحديبية ، ومن اليسير أن يمشي المحصر خطوات فيكون في حدود الحرم فيذبح به .
الثانية - وتسمى عمرة القضية أو القضاة : وقيل في سبب التسمية انها كانت بسبب ماكان في الحديبية من قضية رسول
الله ومشركي مكة ، وقيل : لأن هذه العمرة كانت قضاء عن عمرة الحديبية التي لم تتم بسبب الاحصار . وكانت هذه
العمرة سنة سبع من الهجرة ، وتمت حسب المعاهدة المبرمة بين رسول الله وسهيل بن عمرو عن أهل مكة .
الثالثة – عمرة الجِعْرَانة : وكانت بعد فتح مكة وغزوة حنين سنة ثمان من الهجرة ، ونزل الجعرانة بعد حنين والطائف ،
وكان نزوله بها لخمس ليال خلون من ذي القعدة ، وأقام بها ثلاث عشرة ليلة ، واحرام رسول الله صلى الله عليه وسلم
من الجعرانة كان ليلة الأربعاء لاثنتي عشرة ليلة بقيت من ذي القعدة ، وأدى العمرة ثم عاد إلى الجعرانة ، وأصبح
كبائت بها ، وفي صباح يوم الأربعاء الثامن عشر من ذي القعدة غادر الجعرانة هو وصحبه عائدين إلى المدينة المنورة .
الرابعة – عمرته مع حجته : حجة الوداع .
وكل عمراته صلى الله عليه وسلم كانت في شهر ذي القعدة إلا عمرته الأخيرة ، فقد بدأ بها فيه ، وأتمها في ذي ا
لحجة .
أركان العمرة
وأركان العمرة وواجباتها وكل أحكامها مثل الحج إلا الوقوف بعرفة وما يتبعه من إفاضة إلى المزدلفة فمنى ورمي
جمار ، وتختلف عنه في الميقات الزمني ، فالحج له وقت مخصوص لا يجوز في غيره ، أما العمرة فتجوز في كل أيام
السنة .
ساحة النقاش