المزارع السمكية تساهم فى حل أزمة القمح فى مصر
إعداد
م./ أحمد إبراهيم حمدين
الهيئة العامة لتنمية الثروة السمكية – مزرعة أسماك برسيق
مما لا شك فيه أن مشكلة رغيف الخبز فى مصر كانت ولا زالت هى القضية الرئيسية فى مصر، حيث تحول الحصول على رغيف الخبز إلى معركة حقيقية يفقد فيها ضحايا من من الفئة الكادحة من المصريين.
وبعدما كانت مصر سلة للقمح فى عهد الرومان فإنها قد تحولت إلى أكبر مستورد للقمح فى العالم. حيث أنها أصبحت تستورد حوالى 60% من احتياجاتها الغذائية من الخارج.
لا ينكر أحد أن مشكلة القمح فى مصر ليست وليدة اليوم بل هى نتاج عقود متعاقبة فلقد بدأت المشكلة فى ستينات القرن الماضى عندما كانت مصر تلجأ إلى أمريكا لسد احتياجاتها من القمح، وقد كان عدد سكان فى مصر فى تلك الفترة حوالى 30 مليون نسمة، وبالتالى نجد تفاوتاً بين هذا الرقم، وعدد سكان مصر حالياً، حيث يقترب العدد من الثمانين مليون نسمة وبالمقارنة بين الرقمين فإننا سوف نلتمس العذر لحكومتنا الرشيدة ولكن هذا لا يصلح فى حالة دولة مثل مصر يولد بها طفل كل 23 ثانية طبقاً للإحصائيات، ويشير بعض الخبراء إلى الزراعة خارج مصر كوسيلة لتحقيق الزيادة فى الإنتاج المحلى، وكان يقصد السودان، حيث أنها تمتلك مساحات قابلة للزراعة تصل إلى حوالى 30 مليون فدان تتوافر لها مياه الرى سواء عبر مياه النيل أو الأمطار، والبعض الآخر يقول لا بد من زيادة إنتاجية الفدان ( التوسع الرأسى)، وغيرها من الآراء التى تحترم جميعاً، والذى يثير العجب أنه لم يلتفت أحد إلى المزارع السمكية يمكن أن تكون حجر أساس لحل هذه المشكلة، وذلك لخلوها من الأسماك فى فترة ليست بالقصيرة (من نوفمبر إلى إبريل)، وتصبح المزارع جافة تماماً، وذلك لإنخفاض معدلات النمو لمعظم أسماك المزارع السمكية فى تلك الفترة، بجانب تأثرها الشديد وخاصة أسماك البلطى بانخفاض درجة الحرارة (أقل من 8 درجة مئوية)، حيث ينتج عنها نفوق كميات كبيرة من الأسماك تصل لحد الكوارث فى بعض الأحيان. لذلك فنحن نقول لا بد من استغلال المزارع السمكية فى هذه الفترة خصيصاً والتى من حكمة الله عز وجل أنها فترة زراعة القمح، علماً بأن لدينا الخبرات الفنية والأيدى العاملة المدربة القادرة على تحويل أغلب هذه المساحات فى هذا التوقيت كل عام إلى محاصيل زراعية منتجة بعد أن ثبت إمكانية زراعة القمح والبقوليات بها، حيث تعم الفائدة على الشريكين (التربة والقمح) فيستفيد القمح من تربة المزارع الغنية بالعناصر الغذائية، والمياه المحملة بفضلات الأسماك مثل الأمونيا والنترات والتى تعمل على التسميد الطبيعى للقمح دون الحاجة إلى التسميد الطبيعى للقمح دون الحاجة إلى التسميد الكيماوى، والذى يكلف المنتج أكبر من طاقته، وخصوصاً فى هذه الأيام، ومن هنا تعم الفائدة على المنتج خاصة وعلى الشعب المصرى عامة، أما الشريك الآخر وهو التربة فيستفيد من جذور القمح فى زيادة المادة العضوية (الدبال) والتى تعمل على الإحتفاظ بالماء لفترة أطول من المعتاد Field capacity وبالتالى توفير كمية المياه المستهلكة نتيجة التسرب. ومما يثير العجب، والدهشة أنه كيف لم ينتبه أحد من الباحثين أو الدارسين أو المسئولين إلى ملاحظة هذا الأمر من قبل علماً بأننا بلد زراعى يعانى مشكلات نقص الغذاء وعلى رأسهم مشكلة القمح، وكيف نستورد هذه الكميات الهائلة ولدينا قيمة مزدوجة تتمثل فى أحواض المزارع السمكية والتى تبلغ مساحتها 350 ألف فدان فى مصر، والتى تخلو لفترة طويلة يصادف خلوها موسم زراعة القمح مما يعطى الفرصة كاملة لضرب عصفورين بحجر واحد وهما استغلال هذه الأحواض فى زراعة القمح لسد العجز والناحية الأخرى إعداد هذه الأحواض لفترة جديدة من إنتاج الأسماك، حيث تصبح أرضية الأحواض بما اكتسبته من بقايا محصول القمح تربة خصبة لنمو الحشائش الغضة والتى قد تتغذى عليها بعض الأسماك مثل مبروك الحشائش وخلافه، وفى حالة زيادة الإنتاج من القمح يمكن أيضاً استغلال بعض من المحصول لتغذية الأسماك (ضمن تركيبة العلف) بدلاً من بعض المكونات الأخرى، والتى تعتبر أكثر تكلفة وأقل قيمة غذائية من القمح، ومن ناحية أخرى يجدر ذكرها، وهى فتح باب العمل أمام فئة كبيرة من الشباب مما يساعد على تقليل نسبة البطالة فى مصر، حيث يتسع المجال هنا لآلاف الأيدى العاملة.
إذاً فالفائدة جمة والمشروع فرصة عظيمة يجب استغلالها دون تكاسل أو تسويف، وها نحن قد أوضحنا بفضل الله الجوانب الإيجابية لهذا المشروع ولا نحسب أن هناك جنباً سلبياً واحد يعوق هذا المشروع العظيم.
ساحة النقاش