<!--<!--<!--[if gte mso 10]> <style> /* Style Definitions */ table.MsoNormalTable {mso-style-name:"Table Normal"; mso-tstyle-rowband-size:0; mso-tstyle-colband-size:0; mso-style-noshow:yes; mso-style-parent:""; mso-padding-alt:0cm 5.4pt 0cm 5.4pt; mso-para-margin:0cm; mso-para-margin-bottom:.0001pt; mso-pagination:widow-orphan; font-size:10.0pt; font-family:"Times New Roman"; mso-ansi-language:#0400; mso-fareast-language:#0400; mso-bidi-language:#0400;} </style> <![endif]-->

كيف تصبح محاميا؟
في مصر الأمر بسيط في الثانوية العامة لا تجهد نفسك كثيرا. بأقل مجهود يمكنك أن تتحصل على مجموع يخالف معدلات كليات القمة و تدخل كلية الحقوق و في بطن سعادتك بطيخة صيفي.
دخلت الكلية لا تتعجل الأمر يمكنك أن تقضي سنوات الدراسة الأربع بعيدا تماما عن القانون اللهم إلا في الشهر الأخير. لن يجهدك أساتذة القانون بسماع محاضرتهم لأن باب المدرج مفتوح. إذا قررت الحضور ما عليك إلا أن تنصت و تدون إن أردت و استطعت ما يقوله الأستاذ المحاضر. يمكن الانشغال عنه في بعض الأحيان دون أن تكون مصدر ازعاج و حسب درجة تقبل الأستاذ لهذا السلوك. لن يطلب منك أستاذك بحثا و مراجع و هو لا يحب أن تناقشه أو تسأله لأنه متعب و لا يحب وجع الدماغ و لديه ما يكفي من المسئوليات الإدارية و الأسرية و كثير منهم جدوله مزدحم بسبب مكتبه الشهير و موكليه أصحاب الملايين، إذن لن تقضي ساعات طويلة في المكتبة تراجع أحكام القضاء أو تقارن و تحلل كتب الفقه و التشريعات.
بعد أن تحصل على شهادة التخرج توجه إلى نقابة المحامين و بعد استيفاء مجموعة من الأوراق- إثبات شخصية، موقف من التجنيد، صحيفة حالة جنائية..الخ- سيتم استدعائك لحلف اليمين و تتسلم بطاقة العضوية بعد دفع الاشتراك و الرسوم السنوية. تبدأ عضويتك بالنقابة كمحام جزئي تحت التمرين لمدة سنتين تقوم خلالهما بكل أعمال المحاماة تحت اشراف محامي أكثر خبرة و غالبا ما تقوم بالأعمال السطحية و الملتوية التي ترقي لمستوى من هم أسبق منك خبرة أو تلك التي يعف عنها بعض أصحاب الضمائر التي تؤنبهم فيكتفون بإحالتها إلى من هم تحت إشرافهم! و بعد مرور السنتين تنتقل إلى درجة المحاكم الابتدائية و من بعدها الاستئناف و أخيرا النقض. إذن يبدو الأمر بسيطا و ساذجا و هو ما انعكس على صورة المحاماة و الأداء الضعيف و غير المحترف للمحامين. أعتقد أن هناك حاجة ملحة لإعادة النظر في إعداد المحامين. دعنا ننظر أولا خارج مربعنا ثم نعود لبعض الترشيحات في سبيل اعداد أمثل للمحامي المصري.

كيف تصير محاميا في فرنسا
؟
أولا يجب أن تحصل على شهادة الإجازة من كلية الحقوق – الالتحاق بالكليةلا يعتمد على المجموع و إنما على مقابلة شخصية و أداء مدرسي لائق- أو دبلوم معادل لها.
ثانيا: يجب أن تنجح في اجتياز امتحان الالتحاق بمركز الاعداد المهني الجهوي بعد سنة من الاعداد الدراسي المكثف.
ثالثا: تلتحق بمدرسة الاعداد المهني التابعة للنقابة التي تنوي التسجيل بها- المحامي يمارس مهنته في نطاق جغرافي محدود و ليس مطلق و هو نطاق يتحدد بذات حدود الاختصاص الجغرافي لمحكمة الاستئناف التابع لها المحامي –هناك قواعد تنظم التمثيل المتبادل بين المحامين من نطاقات جغرافية مختلفة- تستمر الدراسة بالمدرسة سنة دراسية تنتهي بامتحان مهني متقدم تحصل بموجبه على شهادة القبول المهني
رابعا: يعقب ذلك تدريب إجباري يمتد سنتين و ينتهي باعداد تقرير مفصل عن فترة التدريب و الأعمال التي قمت بأدائها و يمكن للنقابة مساءلة المشرف على التدريب

كيف تكون محاميا في كندا؟
يجب الرجوع إلى قوانين كل مقاطعة لمعرفة الشروط التفصيلية. لكن لنأخذ مثلا بمقاطعة كيبك. تجمع المقاطعة بين تراثين قانونييين الأول فرنسي لاتيني و الثاني أنجلو-أمريكي. لذلك غالب كليات الحقوق في المقاطعة لا تطلب شهادة جامعية كشرط التحاق بكلية الحقوق عدا جامعة مكجيل التي تشترط الحصول على شهادة جامعية للالتحاق بها مع وجود استثناءات للمتميزين من طلبة المدارس العليا.
بعد الحصول على شهادة الليسانس، تتقدم إلى مدرسة نقابة المحامينلعمل امتحان تحديد مستوى. تصدر على أساسه لجنة التقييم نصيحة بعمل برنامج الدراسة المطول أي 8 شهور أو الاكتفاء بدراسة مكثفة 4 شهور.
الدراسة مكثفة للغاية و نسبة النجاح ليست مرتفعة خاصة مع تغيير البرنامج العام الماضي.
بعد اجتياز امتحان مدرسة النقابة هناك تدريب إجباري مدته 6 شهور. تنتهي باقرار مدرسة النقابة فترة اعدادك و تحيل الملف إلى النقابة لانهاء اجراءات التسجيل و حلف اليمين لتمارس بعدها مهنة المحاماة في المقاطعة.

نظرا لأهمية مهنة المحاماة و نظرا للمشاكل الملموسة التي تعطل الأداء الصحيح لواجبات المحامي، فإن الحاجة لاجراءات جديدة لا يعوزها كثير من الأسانيد و التبريرات.
لكن من أي نقطة نبدأ؟
هناك نقطة بداية مهمة لكنها مرتبطة بالنظام الجامعي المصري المشوه و لذلك هي تتعلق باصلاح هذا الأخير. إذ يجب أعادة النظر في معايير الالتحاق بكلية الحقوق سواء من ناحية الكم أو من ناحية الكيف. المسألة لا تتعلق فقط بالقدرة على تحصيل درجات تقييم مرتفعة و لا قدرة على الحفظ عن ظهر قلب، و لكنها على العكس تتعلق بالقدرة على التفكير و التحليل المنطقي و ملكات التعبير و اللغة.
النقطة الثانية تتعلق بالمحتوى الدراسي في كليات الحقوق و اتصاله بالمجتمع و مشكلاته و سوق العمل- سأفرد لهذه المسألة تدوينة لاحقة إن شاء العدل.
يجب أن نعترف أن الدراسة الجامعية لها هدفها و للحياة العملية و التطبيقات ديدنها و متطلباتها. الجامعة مكان لتنمية مهارات التحليل و التفكير و النقد. لا شك أنها مهارات يستعملها المحامي لكنه يستعمل غيرها مما لا توفره الجامعة. فالجامعة تعد جماعة من الطلاب سيكون منهم القاضي و وكيل النيابة و المحامي و رجل السياسة و التخطيط ,,الخ. لكل منهم حاجته و اختصاصه ومهاراته. لذا اعداد كل منهم بشكل منفرد يجب أن يلحق مرحلة الدراسة الجامعية.
إن فكرة مدرسة نقابة المحامين ترسم ملامح محامي المستقبل و تشكل وعيه و تزوده بالمهارات الأساسية التي لا غنى له عنها للوفاء بواجبه. أعتقد أن الأخذ بمدرسة لاعداد المحامين مهنيا سيكون لها مردود طيب الأثر إذا أحسن اختيار برامجها ليعقب ذلك فترة تدريب لمدة سنة على الأكثر.
لماذا يجب أن نهتم و نرتقي باعداد المحامين؟
المحامون صنو القضاء كما علمنا أستاذنا في المرافعات أحمد الصاوي إذ يقول " تجمعهم ذات الغاية و هي تحقيق العدالة و يربطهم نبل المقصد و هو تأكيد سيادة القانون، يعينون القضاة فيقدمون لهم مادة أحكامهم"
إذ كما يقول رجال القانون القضاء ينقسم إلى أولا: قضاء جالس و هو قاضي المنصة الذي يفصل في المنازعات و يقرر الحقوق و الجزاءات، ثانيا: قضاء واقف و هو المحامي الذي يعكف على قضية موكله يدرس القانون الذي يحكمها و ما يثور من مشاكل قانونية و أراء فقهية يناقشها و يسوق الحجج و البراهين فيقدم للقاضي رؤية قد تسهل مهمته و تنير طريقه إلى التطبيق الأمثل للقانون. كما كان يقول أستاذنا الصاوي أن نقاش المحامين أمام القضاء يفضي إلى إثراء المعرفة القانونية.
و يضيف الصاوي أن مهنة المحاماة تستمد مكانتها من سمو مقصدها و لا ينال منها عدم فهم البعض لطبيعتها و لا المسلك السيء لبعض المحامين. فالمحامي ليس كما يتصور البعض مجرد رجل يحسن الكلام و الجدل، سيان عنده الدفاع عن الحق أو الباطل، يستعين بمعرفته ليفلت المجرم من العقاب فالمهم عنده الحصول على أتعابه.
إن دور المحامي مهم و بدونه يفسد ميزان العدالة و لا يتحقق العدل الاجتماعي إذ لا يستوي الناس في فهم القانون و لا يتكافئ الناس في التعبير و الحجة و البرهان. فيتقدم المحامي و هو على علم و إحاطة بالقانون و تملك للبيان و البرهان ليدافع عن حق موكله. يتساءل البعض كيف يدافع المحامي عن مجرم هو على يقين بارتكابه الجرم. هذا التساؤل يتناسى أن الأصل في الإنسان البراءة حتى يثبت العكس. المحامي يقوم بواجبه في الدفاع عن الانسان حتى تثبت إدانته و هو بذلك يقوم بدور مهم في حماية حقوق الإنسان في مواجهة غضب العامة أو السلطة فيقوم حارسا و مذكرا بالقواعد و الأصول القانونية حتى يطبق القانون على النحو الصحيح. أخيرا يجب أن نشير إلى أن صورة المحامي التي يحتفظ بها الناس هي صورة منقوصة تختزل دوره أمام القاضي في قضايا العقوبات و الجرائم. الحقيقة أن مهام المحامي متعددة و متنوعة تبدأ من تمثيل موكله أمام القضاء و جهات الإدارة مرورا بالمشورة القانونية في أغراض الحياة المختلفة و تحرير العقود و إنشاء الشركات و التحكيم و المصالحة بين المتخاصمين..إلخ. ممارسة مهنة المحاماة تطورت مع الوقت فمن مكتب المحامي الفرد الذي يقوم بكافة أنواع القضايا و يحرص على علاقة شخصيه بموكله تماما كطبيب العائلة في الأفلام الأبيض و أسود، بدأ المحامون في التخصص شيئا فشيئا فتجد محامي الشركات و البيوع و محامي الجنايات و محامي حقوق الملكية الفكرية و محامي الضرائب و التشريعات المالية و محامي الأحوال الشخصية و الأسرة..إلخ. كذلك بدأت تتكون شركات لممارسة مهنة المحاماة و هو أمر شائع خاصة في دول النظم الاقتصادية و القانونية المستقرة حيث يكون لشركة المحاماة فروع في مدن و عواصم مختلفة في العالم قد يصل عدد المحامين المشتغلين في بعضها إلى ما يزيد عن 500 محامي فضلا عن المساعدين القانونيين و الإداريين

في مصر الأمر بسيط في الثانوية العامة لا تجهد نفسك كثيرا. بأقل مجهود يمكنك أن تتحصل على مجموع يخالف معدلات كليات القمة و تدخل كلية الحقوق و في بطن سعادتك بطيخة صيفي.دخلت الكلية لا تتعجل الأمر يمكنك أن تقضي سنوات الدراسة الأربع بعيدا تماما عن القانون اللهم إلا في الشهر الأخير. لن يجهدك أساتذة القانون بسماع محاضرتهم لأن باب المدرج مفتوح. إذا قررت الحضور ما عليك إلا أن تنصت و تدون إن أردت و استطعت ما يقوله الأستاذ المحاضر. يمكن الانشغال عنه في بعض الأحيان دون أن تكون مصدر ازعاج و حسب درجة تقبل الأستاذ لهذا السلوك. لن يطلب منك أستاذك بحثا و مراجع و هو لا يحب أن تناقشه أو تسأله لأنه متعب و لا يحب وجع الدماغ و لديه ما يكفي من المسئوليات الإدارية و الأسرية و كثير منهم جدوله مزدحم بسبب مكتبه الشهير و موكليه أصحاب الملايين، إذن لن تقضي ساعات طويلة في المكتبة تراجع أحكام القضاء أو تقارن و تحلل كتب الفقه و التشريعات.بعد أن تحصل على شهادة التخرج توجه إلى نقابة المحامين و بعد استيفاء مجموعة من الأوراق- إثبات شخصية، موقف من التجنيد، صحيفة حالة جنائية..الخ- سيتم استدعائك لحلف اليمين و تتسلم بطاقة العضوية بعد دفع الاشتراك و الرسوم السنوية. تبدأ عضويتك بالنقابة كمحام جزئي تحت التمرين لمدة سنتين تقوم خلالهما بكل أعمال المحاماة تحت اشراف محامي أكثر خبرة و غالبا ما تقوم بالأعمال السطحية و الملتوية التي ترقي لمستوى من هم أسبق منك خبرة أو تلك التي يعف عنها بعض أصحاب الضمائر التي تؤنبهم فيكتفون بإحالتها إلى من هم تحت إشرافهم! و بعد مرور السنتين تنتقل إلى درجة المحاكم الابتدائية و من بعدها الاستئناف و أخيرا النقض. إذن يبدو الأمر بسيطا و ساذجا و هو ما انعكس على صورة المحاماة و الأداء الضعيف و غير المحترف للمحامين. أعتقد أن هناك حاجة ملحة لإعادة النظر في إعداد المحامين. دعنا ننظر أولا خارج مربعنا ثم نعود لبعض الترشيحات في سبيل اعداد أمثل للمحامي المصري.

العدالة غاية الإنسان

 

lawyer88

مكتب العدالة للمحاماه (محمد عثمان ابوبكر) المحام

  • Currently 0/5 Stars.
  • 1 2 3 4 5
0 تصويتات / 376 مشاهدة
نشرت فى 27 يناير 2012 بواسطة lawyer88

<!--<!--<!--[if gte mso 10]> <style> /* Style Definitions */ table.MsoNormalTable {mso-style-name:"Table Normal"; mso-tstyle-rowband-size:0; mso-tstyle-colband-size:0; mso-style-noshow:yes; mso-style-priority:99; mso-style-qformat:yes; mso-style-parent:""; mso-padding-alt:0cm 5.4pt 0cm 5.4pt; mso-para-margin:0cm; mso-para-margin-bottom:.0001pt; mso-pagination:widow-orphan; font-size:11.0pt; font-family:"Calibri","sans-serif"; mso-ascii-font-family:Calibri; mso-ascii-theme-font:minor-latin; mso-fareast-font-family:"Times New Roman"; mso-fareast-theme-font:minor-fareast; mso-hansi-font-family:Calibri; mso-hansi-theme-font:minor-latin; mso-bidi-font-family:Arial; mso-bidi-theme-font:minor-bidi;} </style> <![endif]-->

الاستشارة القانونية ( آلية تكوين الرأي القانوني )

مقدمة:

إن مهنة المحاماة كما هو معروف تمارس من خلال سياقين لا اظنهما إلا متداخلين الأول هو الدفاع عن الحقوق والحريات على تشعبها وتعددها، والثاني تقديم النصح أو المشورة والاستشارة أو الرأي في مجالات القانون من مدنية وجزائية وإدارية ودستورية ودولية

ومن الملاحظ في مجتمعنا أن الاستشارة القانونية بوصفها عملاً من أعمال المحاماة لا تأخذ مكانها المناسب في ممارسة هذه المهنة على عكس ما هو سائد في البلدان المتقدمة، ولعل ذلك يعود إلى تدني درجة الوعي القانوني بين المتعاملين مع المحامين والى أن ذهنية الناس في مجتمعنا تفضل أن تتعامل مع المرض بعد وقوعه من أن تتعامل مسبقاً مع وسائل الوقاية من المرض.

وعليه، يمكن القول إن الاستشارة القانونية في بلادنا لا تحظى بالاهتمام الكافي والمناسب لا من جمهور المتعاملين مع المحامين ولا من معظم المحامين على الرغم من خطورة وأهمية وفعالية هذا النوع من أعمال المحاماة، الذي يمكن أن يوصف بحق انه وقاية- والوقاية خير من العلاج- باعتبار أن الاستشارة القانونية وقاية والدعوى علاجاً.

وإذا كان التغيير المتسارع هو سمة هذا القرن وهو قرن التجارة العالمية الحرة التي تزول من أمامها الحواجز الجمركية بين دول العالم، وهو قرن التزاحم بين الأفكار والثقافات التي تحاول دخول عقول الناس في كل بقعة من العالم من خلال فضاء رحب تتصارع فيه القنوات، فإن مهنة المحاماة في بلدنا يجب أن تكون في أوائل المستجيبين لهذا التغيير.

ولعل معظمنا يعرف حجم الطلب على الاستشارات القانونية والمدى الهائل المتقدم الذي وصلت إليه الاستشارة القانونية في أعمال المحامين في أوروبا وأميركا وبقاع أخرى من العالم بحيث أصبحت معظم شركات المحاماة المعروفة والعريقة في العالم هي تلك الشركات التي تتخذ من الاستشارات القانونية نشاطاً رئيساً بل ربما وحيداً لها.

والواضح أن هذا القرن في مجال مهنة المحاماة هو قرن الاستشارات القانونية لا قرن المنازعات القضائية وأن ذلك يعزز بعوامل عديدة منها أن حياتنا اليوم موسومة بطابع الاتصال فائق السرعة وهذه لا تقبل بطء التقاضي سواء كان التقاضي عاماً (قضاء الدولة) أو خاصاً (قضاء التحكيم) كما أن إنشاء العلاقات القانونية والتعامل بين الأشخاص الطبيعيين منهم والمعنويين لم يعد يؤسس على افتراض حسن النية وسهولة التنفيذ والمصداقية.

بعد هذا التقديم السريع ابدأ حالاً في التعريف بالاستشارة القانونية:

أولاً: التعريف بالاستشارة القانونية:

فالمشورة والاستشارة لغة مأخوذتان من الأصل الرباعي شاور، ففي اللغة أشار عليه أمره ونصحه ودله على وجه الصواب، وشاوره في الأمر طلب منه المشورة وفعل استشار إذا كان لازماً أصبح معناه «تبين» وإذا كان متعدياً أصبح معناه طلب منه المشورة)المنجد في اللغة - استشار)

والمشورة والاستشارة فيهما معنى النصح، وغالباً ما تسمى المشورة والاستشارة بالنصيحة وان كانت النصيحة لا تقدم من الناصح إلا بناء على طلب مستنصح والمشورة والاستشارة كما هو النصح والنصيحة من مستلزماتهما الصدق والأمانة والإخلاص، كما جاء في القرآن الكريم سورة الأعراف آية 68: ﴿ أبلغكم رسالات ربي وأنا لكم ناصح أمين﴾، وتطبيقاً لليمين المنصوص عنها في المادة العاشرة من قانون تنظيم مهنة المحاماة.... " وان لا أقول أو انشر مترافعاً كنت أو مستشارا

والرأي مشتق من الثلاثي «رأى» والرأي هو رأي العين كما صور رأي العقل أي النظر بالعين أو العقل (المنجد في اللغة والإعلام) ومن يعطي رأيه فإنما يكون قد أسدى نصيحة بعد إعمال وتمعن عقلي

ومن الناحية القانونية فالرأي القانوني والمشورة القانونية والاستشارة القانونية ثلاث تسميات مترادفة تدل على معنى واحد هو بيان حكم القانون في مسألة ما أو بمعنى أدق بيان حكم القانون في شأن محدود بناء على طلب أو سؤال آخذاً في الاعتبار وقائع محددة.

ولا شك في أن المقصود بالاستشارة القانونية هو بيان حكم القانون لا تقديم النصح للإفلات من حكم القانون.

فعلى الصعيد المهني:

استعمل قانون تنظيم مهنة المحاماة رقم 8/70 في المادة الأولى منه مصطلح الرأي القانوني حيث نصت على:

"
المحاماة مهنة ينظمها هذا القانون وتهدف إلى تحقيق رسالة العدالة بإبداء الرأي القانوني والدفاع عن الحقوق"

كما استعمل مصطلح الاستشارات في المادة 91:

"
لا يجوز للمحامي الذي يتقاضى أتعاب محاماة سنوية أو شهرية عن الدعاوى أو الاستشارات أن يقبل أية دعوى أو يعطي أية استشارة لخصم موكله"

ومصطلح الاستشارات الحقوقية في المادة 112 منه وكل هذه المصطلحات تدل على معنى واحد.

وعلى الصعيد الإداري والعدلي:

وعلى الصعيد الإداري والعدلي فقد وردت عبارات الرأي والرأي الاستشاري والاستشارة في المادتين 46 و47 من المرسوم الاشتراعي رقم 119/1959 (نظام مجلس شورى الدولة) والمادة 8 و9 و10 و11 و12 من القانون الصادر بالمرسوم الاشتراعي رقم 151 عام 1983 والمتعلق بتنظيم وزارة العدل.

وإذا كان المعنى الضيق للاستشارة القانونية هو تقديم أو إعطاء الرأي القانوني بناء على طلب وسؤال فإن المعنى الواسع لتقديم أو إبداء الرأي القانوني يشمل تقديم المذكرات والمطالعات والدراسات القانونية كما يشمل تنظيم العقود ومراجعتها كما يشمل أعمال التحكيم التي يقوم بها المحامي سواء كان في موقع المحكم أو محامياً أمام هيئة تحكيم، والاشتراك في المفاوضات إلى جانب الموكل و يشمل ذلك التقاضي لأن ما يقوم به المحامي في الدعوى ليس إلا إبداء لرأي قانوني أمام المحكمة كما يمكن أن نذهب ابعد من ذلك لنقول إن العمل القضائي الذي يقوم به القاضي ليس في حقيقته إلا من باب الاجتهاد والتفسير للنصوص وما هو إلا إبداء أو كشف لرأي قانوني.

والاستشارة القانونية من الناحية الفنية الصرفة هي محاولة لبيان حكم القانون مهما كان مصدر القانون الذي تعتمد عليه الاستشارة ومن هنا كان كل من القاضي والمحامي يتلخص عمله إما في أعمال النص أو الاجتهاد لتفسير أو تأويل النص وأعماله أو أعمال ما أسفر عنه اجتهاده.

كما أن الاستشارة القانونية من جانب آخر هي محاولة لإفراغ الوقائع في قوالب النصوص أو بمعنى آخر محاولة تحديد النص القانوني الذي ينطبق على الوقائع المعروضة باعتبار النصوص القانونية هي قواعد عامة مجردة يمكن تشخيصها أو شخصنتها عند انطباقها على الوقائع التي تمثل حالات فردية أو شخصية وضعت القاعدة القانونية لتشملها في عموميتها وتجريدها.

ثانياً: المستشار القانوني:

1)
على الصعيد المهني:

تحصر المادة 61 من قانون تنظيم المهنة وتحت باب 1- في الاستشارات والوكالات، مزاولة مهنة المحاماة بالمحامين كما ترسي هذه المادة قاعدة مؤداها انه لا يجوز للمتداعين أن يمثلوا أمام المحاكم بحالات محددة ثم أوردت استثناءات على هذه القاعدة في الفقرة الرابعة من المادة 61 - قضايا الأحوال الشخصية والدعاوى التي لا تزيد قيمتها على مبلغ محدد

وأوجبت المادة 4 من قانون المهنة على من يمارس مهنة المحاماة أن يكون اسمه مسجلاً في إحدى النقابتين وأوضحت المادة 5 منه الشروط الواجب توافرها في من يحق له مزاولة مهنة المحاماة.

وبالطبع فإن الذي يحق له تقديم الاستشارة القانونية أو إبداء الرأي القانوني للكافة لا بد أن يكون محامياً ومستوفياً للشروط القانونية ويمكن كذلك للأستاذ في معهد الحقوق وهذا ما أكدته المادة 112 من قانون تنظيم مهنة المحاماة والتي نصت:

"
يعاقب بالحبس حتى الشهر وبالغرامة من عشر ليرات إلى مئة ليرة كل شخص يعطي استشارات حقوقية دون أن يكون محامياً أو استاذاً في معهد الحقوق"

كما نصت المادة 16 من قانون 62/88 المتعلق بصندوقي تقاعد نقابة المحامين في بيروت وطرابلس على ما يأتي:

:
يمنع على المحامي المتقاعد ....

2-
أن يمارس المحاماة بالمرافعة أو بالاستشارة »

مما تقدم، يتبين أن إعطاء الاستشارة القانونية محصور فقط بالمحامي العامل والأستاذ في معهد الحقوق.

وتوجب المادة العاشرة من قانون المهنة أن يقسم المحامي لدى صدور القرار بتسجليه في النقابة وأن يؤدي أعماله بأمانة وان يحافظ على سر المهنة وعلى آدابها وتقاليدها وان لا يقول أو ينشر أو يترافع أو يعطي استشارة ما يخالف الأخلاق والآداب.

ولهذا حظرت المادتان 90 و91 من قانون المهنة على المحامي أن يبدي أية معونة ولو على سبيل الرأي من أي دعوى سبق وان كان وكيلاً لها أو أن يعطي أية استشارة لخصم موكله والسبب في ذلك يعود إلى ما للاستشارة القانونية من أهمية وخطورة.

وبما أن تقديم الاستشارات القانونية هو من أعمال المحاماة لذلك كان من حق المحامي أن يتقاضى بدل أتعاب مقابل تقديمه هذه الاستشارات وهذا ما يفهم من نص المادة 68:

"
للمحامي الحق ببدل أتعاب عن الأعمال التي يقوم بها ضمن نطاق مهنته.

ومن صراحة نص المادة 82 من النظام الداخلي حيث جاء فيها:

يستوفي الحد الأدنى من الأتعاب كما يلي :

100,000
ل.ل. بدل أتعاب للاستشارة الشفوية.

"750,000
ل.ل. بدل أتعاب عن الاستشارة الخطية

2)
أما على صعيد الاستشارة التي تطلبها الإدارة:

عدلياً:

يوجد في المديرية العامة لوزارة العدل هيئة تدعى هيئة التشريع والاستشارات يرأسها قاض من القضاء العدلي والإداري من الدرجة السابعة على الأقل يعين بمرسوم يتخذ في مجلس الوزراء بناء على اقتراح وزير العدل ويعاونه قضاة عدليون أو إداريون وتتولى هذه الهيئة بالإضافة إلى الجانب التشريعي إعداد وصياغة القوانين والمراسيم والقرارات التنظيمية ومشاريع المعاهدات والاتفاقات الدولية إبداء الرأي في مشاريع القوانين والمراسيم الاشتراعية والمراسيم والقرارات التنظيمية والتعاميم ومشاريع المعاهدات والاتفاقات الدولية واقتراح التعديلات التي تراها ضرورية، وكل ذلك بناء على طلب الإدارات المختصة، كما تتولى هذه الهيئة بناء على طلب الوزير المختص ، تفسير النصوص القانونية وإبداء الرأي في الأعمال والعقود التي يكون للدولة علاقة بها وفي الخلافات التي تنشأ بين إدارات الدولة أو بينها وبين الغير وكذلك بسائر المسائل والمهام القانونية التي يكلفها بها وزير العدل وكذلك ابدء الرأي في المسائل القانونية التي يفرضها عليها المدير العام لوزارة العدل.

وتعرض الاستشارة على المدير العام قبل إيداعها المرجع الذي قبلها وللمدير العام أن يوافق عليها أو أن يطلب إعادة النظر فيها بعد بيان الأسباب وفي حال الإصرار عليها يكون للمدير العام أن يحيلها أمام الهيئة الاستشارية العليا فتبتها بشكل نهائي وهذه الهيئة برئاسة المدير العام لوزارة العدل وعضوية كل رئيس هيئة التشريع والاستشارات ورئيس هيئة القضايا ورئيس معهد الدروس القضائية، كما يمكن لمجلس الوزراء في القضايا البالغة الأهمية أن يطلب صدور الرأي الاستشاري عن الهيئة الاستشارية العليا التي ينضم إليها رئيس مجلس شورى الدولة واثنان من رجال القانون يعينهم مجلس الوزراء ويترأس الهيئة عندئذ وزير العدل وتنص المادة 14 من المرسوم 151 إن الإدارة غير ملزمة بالرأي إلا أن مخالفتها له يجب أن تحصل بقرار معلل تبلغ صورة عنها إلى وزارة العدل.

2-
إدارياً:

إن مجلس شورى الدولة يقوم بجانب من أعماله بالدور الاستشاري.

وحسب نص المادتين 46 و47 من المرسوم الاشتراعي رقم 119/1959:

"
يساهم مجلس الشورى في إعداد القوانين فيعطي رأيه في المشاريع التي يحيلها إليه الوزراء ويقترح التعديلات التي يراها ضرورية (مادة 46)"

وجاء في المادة 47/ فقرة 2/ من المرسوم المذكور: " يمكن أن يستشار مجلس شورى الدولة في مشاريع المعاهدات الدولية ومشاريع التعاميم وامتيازات المصالح العامة ودفاتر الشروط العامة".

وهنا استشارة مجلس الشورى هي اختيارية لا إجبارية.

أما الأمور التي تطلب فيها استشارة المجلس وجوباًً بمقتضى الفقرة الأولى من المادة 47 من المرسوم الاشتراعي 119 المعدل بالقانون الصادر 1971:

يجب أن يستشار مجلس الشورى في مشاريع المراسيم ذات القوة التشريعية وفي مشاريع النصوص التنظيمية التي ترمي إلى تأمين تطبيق القوانين وفي جميع المسائل التي نصت القوانين والأنظمة على وجوب استشارته فيها باستثناء المشاريع والمراسيم المتعلقة بتعديل تعريفة الرسوم الجمركية

وإذا كانت اللغة هي وسيلة الاتصال مع الآخرين فعلى المحامي أن يحسن استعمال هذه الوسيلة فــي مرافعاتـــه وتقديمــــه لآرائـــــــــه القانـونيــــــــــــــة خاصة وان الصياغة القانونية للنصوص تعتمد على المعنيين اللفظي والاصطلاحي، فتمكن المحامي من اللغة العربية أمر جوهري في إبداء الرأي القانوني لأن الوصول إلى رأي في الذهن شيء والتعبير عن هذا الرأي شيء آخر فإن لم يتقن المستشار التعبير عن رأيه يكون قد فشل في إبداء الرأي.

كما أن معرفة المستشار القانوني ودرايته بلغة أجنبية حية غير لغته العربية تجعلانه أكثر قدرة ودراية في إبداء الاستشارات القانونية لا لمجرد إمكانية إطلاعه على أنظمة قانونية أخرى ولكن لأن كل لغة تحمل في طياتها اسلوب تفكير يختلف عن اللغات الأخرى، فضلاً عن التزاحم الحاصل في أيامنا هذه بين الأفكار والثقافات وما يسمى هذا القرن بقرن التجارة العالمية الحرة والارتباط العضوي للاستشارات القانونية بها.



ثالثاً: طلب الرأي القانوني

إن طلب الرأي القانوني لا بد أن يكون صادراً عن شخص، متضمناً وقائع محددة تستلزم بالضرورة الإجابة على سؤال فحواه ما هو حكم القانون في الوقائع المفروضة أو في المسألة المعروضة إذ أن الواقعة أو الواقعات هي جوهر طلب الرأي القانوني ولا يمكن القول بوجود هذا الطلب دون وجودها.

ولا بد أن تكون الواقعات المعروضة صحيحة وليس معبرة عن وجهة نظر طالب الرأي ونعني بصحة الواقعات أن تكون حقيقية.

ولا بد من أن ننبه إلى أن اختلاف الواقعات يؤدي حتماً إلى اختلاف الرأي القانوني كما أن عدم ذكر جميع الواقعات ذات العلاقة قد يؤدي إلى إعطاء رأي قانوني في غير محله فالرأي القانوني يدور وجوداً أو عدماً وصحة وخطأ مع الوقائع المعروضة.

ولا بد أن تكون الوقائع المعروضة محددة واضحة خالية من الاحتمال فطلب حكم القانون وإعلانه لا يكون إلا في وقائع أخذت مكانها في الماضي أو تأخذ مكانها في الحاضر، فالوقائع التي لم تأخذ أحد هذين المكانين لا يمكن تسميتها بالوقائع لأنها لا تقع فعلاً وبالتالي لا يمكن إعلان حكم القانون بناء عليها إلا إذا كان المطلوب رأياً مستقبلياً في وقائع على فرض حدوثها، وطلب حكم القانون في مسألة ما لا بد أن يكون في صيغة سؤال سواء أكان هذا السؤال بسيطاً أم مركباً، وكلما كان السؤال أكثر وضوحاً وتحديداً كانت مهمة إبداء الرأي أكمل، فأسئلة مثلاً: - نرجو إبداء مطالعتكم القانونية ؟ نطلب معرفة حكم القانون ؟؟ وما هو رأي القانون في كذا ...؟ كلها أسئلة عامة غير محددة والأسئلة الواضحة والمحددة والتي تساعد على إبداء الرأي القانوني هي من قبيل:

1-
هل يحق للموظف المذكور الحصول على مكافأة نهاية خدمة عن المدة من إلى؟؟

2-
هل يجوز لفلان أن يرفع دعوى تعويض عن الضرر الذي لحقه نتيجة الحادث المذكور والذي وقع بتاريخ؟؟

3-
هل يجوز لمن لم يحضر جلسة مجلس إدارة الشركة أن يصوت على المسائل المعروضة فيها عن طريق الهاتف؟؟



رابعاً: آلية تكوين الرأي القانوني:

إن آلية تكوين الرأي القانوني تمر بمراحل:

1-
تحديد الوقائع:

عندما تصبح لدينا وقائع كافية ومنتجة وصحيحة نكون قد حصلنا على المادة الأساسية التي يعتبرها المستشار القانوني الحجر الأساس في تكوين الرأي القانوني الصحيح فيبدأ بالتعامل مع هذه الوقائع ليحللها إلى عناصرها المختلفة، وتحليل الواقعة يكون بالعودة بها إلى عناصرها المختلفة.

فإذا كانت الاستشارة مثلاً حول مدى مسؤولية شركة تأمين عن سرقة أثاث منزل، فلا بد من أن تكون السرقة قد حصلت فعلاً وان هناك بوليصة تأمين تلتزم بموجبها الشركة أن تغطي السرقة وان مدة البوليصة كانت سارية المفعول بتاريخ وقوع السرقة.

فالرأي القانوني السليم هو الذي يعطى بناء على ثبوت هذه العناصر لا على افتراضها أو افتراض بعضها، وتبسيط الواقعة لا يكون إلا إذا كانت معقدة أو مركبة، وتكون الواقعة بحاجة إلى تبسيط إذا كان لا يمكن الرجوع بها إلى عناصر بسهولة، كأن تكون الاستشارة المطلوبة مثلاً عن من هو المسؤول عن أضرار وقعت لسيارة أثناء حادث سير اشتركت فيه أكثر من سيارة فلا بد هنا من معرفة كيف حصل الحادث والاطلاع كذلك على الرسم الخاص بالحادث وتحديد المشاركين فيه، وذلك كله لمعرفة الوقائع ولمعرفة إلى من يتم نسبتها من المشاركين في الحادث.

وإذا تم تحليل الوقائع وتبسيط المركب والمعقد منها أصبح في مقدورنا القول إن الوقائع أصبحت محددة، أي أن تحديد الوقائع يكون من خلال تحليلها وتبسيطها.

2-
تحديد المطلوب:

يشترط في ما هو مطلوب أن يكون متعلقاً بالوقائع المعروضة مرتبطاً بها حتى يمكن الإجابة عليه (إبداء الرأي القانوني)، وغالباً لا تستطيع الجهة طالبة الاستشارة، تحديد السؤال فيكون هنا من مهمة المستشار افتراض السؤال في ضوء الوقائع المنتجة والكافية والصحيحة، أي أن المستشار يفترض نفسه مكان الجهة طالبة الرأي ويطرح على نفسه السؤال الذي كان على الجهة طالبة الرأي طرحه.

وفي بعض الأحيان قد تجتهد الجهة طالبة الرأي فتقدم هي الرأي القانوني للمستشار وتسأل عما إذا كان هو الرأي الصواب أم لا ولا يقتصر دور المستشار هنا بالإجابة بنعم أم بلا بل لا بد أن يحدد الأسباب التي دعته إلى الإجابة سواء بنعم أم بلا.

وقد يكون السؤال بسيطاً أو مركباً فيكون بسيطاً إذا كان منصباً على طلب حكم القانون في مسالة ما محددة ويكون مركباً إذا كان سؤالاً رئيسياً يتفرع عنه سؤال أو أسئلة فرعية.

مثال ذلك، أن يرد إلى المستشار سؤال عن مدى مسؤولية الشريك المتضامن في شركة التضامن تجاه دائني الشركة، حيث يتفرع عن هذا السؤال سؤال آخر هو ما مدى إمكانية التنفيذ على أموال الشريد المتضامن الخاصة ومتى يمكن تنفيذها ؟؟



3-
تحديد الحقل القانوني:

إن مسألة تحديد الحقل القانوني للوقائع سواء أكان عاماً أم خاصاً تحتاج إلى دراية ومعرفة من قبل المستشار القانوني، وتتطلب إلماماً بالنظام القانوني بكامله ولهيكلية هذا النظام وفي نفس الوقت مواكبة التشريعات الناظمة لمختلف العلاقات والتعديلات التي تطرأ عليها بين الحين والآخر كما تتطلب منه الانتباه إلى موقع القانون هل هو قانون عام أم قانون خاص.

فقانون التجارة هو قانون عام إذا نظرنا إليه من ناحية أنه ينظم الأعمال التجارية، ولكنه قانون خاص بالنسبة إلى لقانون المدني الذي ينظم أصلاً كافة المعاملات كما أن تحديد الحقل القانوني الخاص لا يعني بالضرورة عدم الالتفات إلى الحقل القانوني العام في حال وجود الحقلين، فقد تنتمي الوقائع في جانب منها إلى كل من الحقلين وهذا الأمر من الأهمية بمكان عندما نأتي إلى مرحلة تطبيق النصوص على الوقائع أو إفراغ الوقائع في قوالب النصوص.

وتعد المراحل السابقة كلها مراحل ضرورية وتمهيدية لبدء ميكانيكية تكوين الرأي القانوني، فإذا تم تحديد كل من الحقلين العام والخاص أم تم تحديد حقل واحد هو الذي تنتمي إليه الوقائع بدأت عملية البحث عن النص أو النصوص ذات العلاقة بالوقائع.



4-
تحديد النص الواجب التطبيق:

بعد تحديد الوقائع والحقل القانوني نصل إلى كيفية الوصول إلى القاعدة القانونية (النص) التي تطبق على المسألة داخل الحقل القانوني المحدد والذي هو بالضرورة احد فروع القانون العام أو الخاص، وحتى يمكن تصوير عملية الرجوع إلى القواعد القانونية لتحديد القاعدة القانونية (النص) الذي يحكم المسألة موضوع طلب الرأي القانوني.

نفترض أن السؤال المطروح هو عن نزاع حول إخلاء مأجور فكيف يمكن الوصول إلى النص الذي يحكم هذه المسألة ؟ فلا بد هنا أن نتذكر أن عقد الإيجار من حيث الأساس هو من العقود التي نظم أحكامها قانون الموجبات والعقود وأن قانون الإيجار ذو علاقة بالموضوع أي أن هناك قانونين يتعلقان بالإيجار وأنه من أجل الوصول إلى النص القانوني الذي يحكم المسألة لا بد من أن تكون الوقائع المعروضة محددة لجهة تاريخ عقد الإيجار وسبب الإخلاء ليصار إلى اختيار أي من القانونين.

وإذا حصلنا على القوانين ذات العلاقة بموضوع طلب الرأي القانوني فإننا نكون قد وضعنا حجر الأساس الذي منه نصل إلى النص (القاعدة التي تحكم الموضوع) نبدأ بعدها بفحص هذه النصوص باحثين عن الخصوصية المطلوب الرأي فيها مراعين مبدأ الخاص والعام من جهة والنص السابق واللاحق من حيث تاريخ السريان من جهة أخرى فنقدم مثلاً نصوص قانون الإيجار على نصوص قانون الموجبات والعقود والتي تعارضها بنزاع يدور حول ايجاره خاضعة لقانون إيجار استثنائي وإذا توصلنا إلى تحديد النص (القاعدة القانونية ذات العلاقة بالمسألة المطروحة إعمالاً للقواعد السابقة) أصبحنا أمام مرحلة كيفية تطبيق النص أو النصوص (القواعد القانونية) على الوقائع حيث لا يكفي أن نحدد الحقل القانوني أو القانون أو النص الذي يحكم الوقائع التي بين أيدينا لنقول إن هذا القانون أو هذا النص هو الواجب التطبيق على هذه الوقائع بل لا بد من إنجاز إجراءات عدة لنستوثق أن القانون المذكور أو النص المذكور هو الواجب التطبيق فعلاً على هذه الوقائع، فلا بد مثلاً من أن نعرف أولاً أن القانون أو النص الواجب التطبيق لا يزال ساري المفعول، فلم يعدل ولم يلغ بقانون أو نص لاحق من حيث زمان الصدور، فإذا كان القانون أو النص قد تم تعديله أو إلغاؤه بموجب قانون أو نص لاحق فإن هذا القانون أو النص الأخير هو الواجب التطبيق.

ومن الواضح أانه لا بد من التقييد بمبدأ تسلسل القواعد يرجع إليها القاضي كما يرجع إليها المستشار القانوني عند إبداء رأيه عند عدم وجود نص في القانون. فالمادة الثانية من قانون أصول المحاكمات المدنية تنص على انه عند تعارض أحكام المعاهدات الدولية مع أحكام القانون العادي تتقدم في مجال التطبيق الأولى على الثانية وعند انتفاء النص نعتمد المبادئ العامة والعرف والإنصاف (المادة 4/ من أ.م.م.).



5-
تحليل النص القانوني:

من المعروف أن القواعد القانونية لها صفة التجديد والعموم وهذا بمفهوم الاستشارة القانونية يجعل منها قالباً تقاس عليه الوقائع المختلفة فما انطبق عليها من الوقائع أخذ حكمها وما لم ينطبق عليها استبعد من التطبيق عليها، وكل قاعدة قانونية تتكون من عنصر أو عناصر وتحليلها يعني ردها إلى هذا العنصر أو هذه العناصر ويستوي في ذلك أن تكون القاعدة القانونية موضوعية أو إجرائية آمرة أم مكملة.

فالمادة 59 من قانون أصول المحاكمات المدنية تنص على أنه:

"
لا يجوز إعلان بطلان أي إجراء لعيب في الشكل إلا إذا ورد بشأنه نص صريح في القانون أو كان العيب ناتجاً عن مخالفة صيغة جوهرية أو متعلقة بالنظام العام وإذا اثبت الخصم الذي يتمسك بالبطلان وقوع ضرر له من جراء العيب"

فالمادة تتحدث عن بطلان الإجراءات، ويُعَدُّ الإجراء باطلاً في حالتين:

-
إذا شابه عيب وكان العيب ناتجاً عن مخالفة صيغة جوهرية أو متعلقة بالنظام العام.

-
إذا نص عليه القانون وترتب عليه ضرر للخصم.

وبتحليل نص المادة المذكورة يمكن أن نبين عناصر ثلاثة:

الأول: وجود إجراء.

الثاني: نص في القانون على بطلان هذا الاجراء أو عيب ناتج عن مخالفة صيغة جوهرية أو متعلقة بالنظام العام.

الثالث: ضرر للخصم ترتب على الإجراء.

أما جوهر الإجراء وتمييزه عن غيره وما هو مفهوم القانون، فهل يشمل كافة التشريعات بكافة مراتبها أم هو عمل السلطة التشريعية فقط وما ه�

lawyer88

مكتب العدالة للمحاماه (محمد عثمان ابوبكر) المحام

  • Currently 0/5 Stars.
  • 1 2 3 4 5
0 تصويتات / 240 مشاهدة

ابحث

محمد عثمان ابوبكر محمود عويس عويس الرميس الرميس الجندى

lawyer88
محام حر ..محام بالمجلس القومى للمرأة والشكاوى ....صاحب مكتب العدالة للمحاماه والاستشارات القانونية ..بسيلا ..الفيوم 01119913232..01115180610.. [email protected] »

تسجيل الدخول

عدد زيارات الموقع

7,415