أشرف سعد الدين عبده - المحامي بالإسكندرية - مصر

<!--<!--<!--[if gte mso 10]> <style> /* Style Definitions */ table.MsoNormalTable {mso-style-name:"Table Normal"; mso-tstyle-rowband-size:0; mso-tstyle-colband-size:0; mso-style-noshow:yes; mso-style-parent:""; mso-padding-alt:0cm 5.4pt 0cm 5.4pt; mso-para-margin:0cm; mso-para-margin-bottom:.0001pt; mso-pagination:widow-orphan; font-size:10.0pt; font-family:"Times New Roman"; mso-ansi-language:#0400; mso-fareast-language:#0400; mso-bidi-language:#0400;} </style> <![endif]-->

بيان الأزهر و المثقفين

لدعم إرادة الشعوب العربية

( فتوى العصر بجواز عزل الانظمة الظالمة )

 

أصدر كبارعلماء الأزهر الشريف بمشاركة بعض المثقفين و القانونيين ، بياناً أوفتوى اشتملت على  تبيان حقائق هامة تتعلق بالوضع الراهن لمصر خاصة و للأمة العربية عامة ، سواء فيما يتعلق بالشعوب أو الحكام ، و كيفية الاعتراض على الأنظمة الظالمة و ضوابط ذلك و حدوده ، و كذا الواجب الملقى على عاتق الحكام في التعامل مع شعوبهم و من يعارض حكمهم أو مسلكهم ، و ضرورة الاستجابة لمطالب التغيير المشروع لما هو خير و أصلح للأحوال العباد ، و أخطر ما ورد في البيان إجازة عزل الحاكم المستبد الظالم ، و ذلك بشروط معينة ، و هو بيان يمكن اعتباره من أهم ما صدرفي العصرالحديث من فتاوى أو بيانات ،و يمثل البيان عدو حميدة مطلوبة لدور الأزهر الشريف في الحياة بمختلف مناحيها ، و استعادة لدوره الرائد في البلاد ، و الذي طالما حاول النظام السابق تغييبه و إهداره ، و لأهمية مطالعة كل مواطن لهذا البيان  ، فقد كان لزاماً نشره حتى يتبين الخيط الأبيض من الأسود من الحق في الظروف التي تحيا فيها البلاد و العباد ، و هاكن نص البيان ، و يليه تعقيب الشيخ الدكتورالعلامة / يوسف القرضاوي مادحاً فضيلة الشيخ الدكتور/أحمد الطيب شيخ الأزهر، و ذلك كالتالي :

 

نص البيان التارخي للأزهر الشريف

 

"   انطلاقاً من إدراك كبارعلماء الأزهر الشريف ، و مجموعة المثقفين المشاركين لهم ، لمتطلبات المرحلة التاريخية المفصلية ، التي تمر بها شعوب الأمة العربية في نضالها المشروع للحرية و العدالة و الديمقراطية ، و استئناف مسيرتها الحضارية ، و استلهاماً لروح التحررفي الإسلام ، و القوانين الفقهية لمشروعية السلطة ، و دورها في الإصلاح و تحقيق المقاصد و المصالح العليا للأمة ، و اتساقاً مع مواقف الأزهرالشريف ، و قادة الفكرفي مصرو الوطن العربي ، في دعم حركات التحرر من المستعمرالغاشم و المستبد الظالم ، و إيماناً من الجميع بضرورة يقظة الأمة للأخذ بأسباب النهضة و التقدم ، و تجاوز العثرات التاريخية ، و إرساء حقوق المواطنين في العدالة الاجتماعية ، على أساس راسخ من مبادئ الشريعة و أصولها ، بما تتضمنه من حفظ العقل و الدين و النفس و العرض و المال ، و سد الطريق أمام السلطة الجائرة التي تحرم المجتمع العربي و الإسلامي من دخول عصر التألق الحضاري ، و التقدم المعرفي ، و الإسهام في تحقيق الرخاء الاقتصادي و النهضة الشاملة ، انطلاقاً من كل ذلك ؛ فإن المجموعة التي أصدرت وثيقة الأزهر ومثلت مختلف ألوان الطيف الفكري في المجتمع المصري ، قد أدارت عدة حوارات بناءة ، حول ما حققته الثورات العربية من تفاعل خصب ، و تجاوب حميم بين مختلف المشارب و التيارات ، و توافقت على جملة المبادئ المستمدة من الفكرالإسلامي ، و الطموحات المستقبلية للشعوب العربية ، و انتهت برعاية الأزهرالشريف إلى إعلان ضرورة احترام المواثيق التالية :

 

أولاً :   تعتمد شرعية السلطة الحاكمة  من الوجهة الدينية و الدستورية على رضا الشعوب ، و اختيارها الحر، من خلال اقتراع علني يتم في نزاهة و شفافية ديمقراطية ، باعتباره البديل العصري المنظم لما سبقت به تقاليد البيعة الإسلامية الرشيدة ، وطبقاً لتطورنظم الحكم و إجراءاته في الدولة الحديثة و المعاصرة ، و ما استقرعليه العرف الدستوري من توزيع السلطات التشريعية و التنفيذية و القضائية ، و الفصل الحاسم بينهم ، و من ضبط وسائل الرقابة و المساءلة و المحاسبة ، بحيث تكون الأمة هي مصدر السلطات جميعاً ، و مانحة الشرعية و سالبتها عند الضرورة .

 

وقد درج كثير من الحكام على تعزيزسلطتهم المطلقة متشبثين بفهم مبتورللآية القرآنية الكريمة :

( يأيها الذين ءامنوا أطيعوا الله و أطيعوا الرسول و أولى الأمرمنكم  ) سورة النساء الآية رقم 59

 

متجاهلين سياقها الواضح الصريح في قوله تعالى قبل ذلك في الآية التي تسبق هذه الآية مباشرة :

 

( إن الله يأمركم أن تؤدوا الأمنت إلى أهلها و إذا حكمتم بين الناس أن تحكموا بالعدل )

سورة النساء الآية رقم 58

 

مما يجعل الإخلال بشروط أمانة الحكم و عدم إقامة العدل فيه مسوغاً شرعياً لمطالبة الشعوب حكامهم بإقامة العدل ، و مقاومة الظلم و الاستبداد ، ومن قال من فقهائنا بوجوب الصبرعلى المتغلب المستبد من الحكام حرصاً على سلامة الأمة من الفوضى و الهرج و المرج ، فقد أجاز في الوقت نفسه عزل المستبد الظالم إذا تحققت القدرة على ذلك و انتفى احتمال الضرر و الإضراربسلامة الأمة و مجتمعاتها .

 

ثانياً : عندما يرتفع صوت المعارضة الوطنية الشعبية و الاحتجاج السلمي ، الذي هو حق أصيل للشعوب لتقويم الحكام وترشيدهم ، ثم لا يستجيب الحكام لنداء شعوبهم ، و لا يبادرون بالإصلاحات المطلوبة ، بل يمعنون في تجاهل المطالب الوطنية المشروعة التي تنادي بالحرية و العدالة و الإنصاف ، فإن هؤلاء المعارضين الوطنيين لا يعدون من قبيل البغاة أبداً ، و إنما البغاة هم الذين تحددت أوصافهم فقهياً بامتلاك الشوكة و الانعزال عن الأمة ، و رفع الأسلحة في مواجهة مخالفيهم ، و الإفساد في الأرض بالقوة ، أما الحركات الوطنية السلمية المعارضة ، فهي من صميم حقوق الإنسان في الإسلام التي أكدتها سائرالمواثيق الدولية ، بل هي واجب المواطنين لإصلاح مجتمعهم وتقويم حكامهم ، و الاستجابة لها واجب على الحكام و أهل السلطة ، دون مراوغة أو عناد .

 

ثالثاً :  تعد مواجهة أي احتجاج وطني سلمي بالقوة و العنف المسلح ، و إراقة دماء المواطنين المسالمين ، نقضاً لميثاق الحكم بين الأمة وحكامها ، ويسقط شرعية السلطة ، و يهدرحقها في الاستمراربالتراضي ، فإذا تمادت السلطة في طغيانها ، و ركبت مركب الظلم و البغي و العدوان و استهانت بإراقة دماء المواطنين الأبرياء ، حفاظاً على بقائها غيرالمشروع – و على الرغم من غرادة شعوبها- أصبحت السلطة مدانة بجرائم تلوث صفحاتها ، و أصبح من حق الشعوب المقهورة أن تعمل على عزل الحكام المتسلطين و على محاسبتهم ، بل تغييرالنظام بأكمله ، مهما كانت المعاذير من حرص على الاستقرارأومواجهة الفتن و المؤامرات ، فانتهاك حرمة الدم المعصوم هو الخط الفاصل بين شرعية الحكم و سقوطه في الإثم و العدوان ، و على الجيوش المنظمة – في أوطاننا كلها – في هذه الأحوال أن تلتزم بواجباتها الدستورية في حماية الأوطان من الخارج ، و لا تتحول إلى أدوات للقمع و إرهاب المواطنين و سفك دمائهم ، فإنه :

"    من قتل نفساً بغيرنفس أوفساد في الأرض فكأنما قتل الناس جميعاً "

سورة المائدة – الآية رقم 32

 

رابعاً : يتعين على قوى الثورة و التجديد و الإصلاح أن تبتعد كلياً عن كل ما يؤدي إلى إراقة الدماء ، وعن الاستقواء بالقوى الخارجية أياً كان مصدرها ، و مهما كانت الذرائع و التعلات التي تتدخل بها في شئون دولهم و أوطانهم و إلا كانوا بغاة خارجين على أمتهم وعلى شرعية دولهم ، و وجب على السلطة حينئذ أن تردهم إلى وحدة الصف الوطني الذي هو أول الفرائض و أوجب الواجبات ، وعلى قوى الثورة و التجديد أن تتحد في سبيل تحقيق حلمها في العدل و الحرية ، و أن تتفادى النزاعات الطائفية أو العرقية أو المذهبية أو الدينية ، حفاظاً على نسيجها الوطني ، و احتراماً لحقوق المواطنة ، و حشداً لجميع الطاقات من اجل تحول ديمقراطي يتم لصالح الجميع ، في إطارمن التوافق وا لانسجام الوطني ، و يهدف لبناء المستقبل على أساس من المساواة و العدل ، و بحيث لا تتحول الثورة إلى مغانم طائفية أو مذهبية ، أو إثارة للحساسيات الدينية ، بل يتعين على الثوارو المجددين و المصلحين الحفاظ على مؤسسات دولهم ، و عدم إهدارثرواتها ، أو التفريط لصالح المتربصين ، و تفادي الوقوع في شرك الخلافات و المنافسات ، و الاستقواء بالقوى الطامعة في أوطانهم أو استنزاف خيراتها .

 

خامساً :  بناء على هذه المبادئ الإسلامية و الدستورية ، المعبرة عن جوهرالوعي الحضاري ، فإن علماء الأزهر وقادة الفكرو الثقافة يعلنون مناصرتهم التامة لإرادة الشعوب العربية في التجديد و الإصلاح و مجتمع الحرية و العدالة الإجتماعية و التي انتصرت في تونس و مصرو ليبيا ، و لا تزال محتدمة في سوريا و اليمن ، و يدينون آلات القمع الوحشية التي تحاول إطفاء جذوتها ، و يهيبون بالمجتمع العربي و الإسلامي أن يتخذ مبادرات حاسمة و فعالة لتأمين نجاحها بأقل قدر من الخسائر، تأكيداً لحق الشعوب المطلق في اختيارالحكام ، و واجبها في تقويمهم منعاً للطغيان و الفساد و الاستغلال ، فشرعية أية سلطة مرهونة بإرادة الشعب ، و حق المعارضة الوطنية السلمية غيرالمسلحة مكفول في التشريع الإسلامي في وجوب رفع الضرر، فضلاً عن كونه من صميم حقوق الإنسان في المواثيق الدولية جميعاً .

 

سادساً :  يناشد علماء الأزهرو المثقفون المشاركون لهم النظم العربية و الإسلامية الحاكمة يناشدونهم الحرص على المبادرة إلى تحقيق الإصلاح السياسي و الاجتماعي و الدستوري طوعاً ، و البدء في خطوات التحول الديمقراطي ، فصحوة الشعوب المضطهدة قادمة لامحالة ، و ليس بوسع حاكم الآن أن يحجب عن شعبه شمس الحرية ،  و من العارأن تظل المنطقة العربية و بعض الدول الإسلامية قابعة دون سائربلاد العالم في دائرة التخلف و القهرو الطغيان ، و أن ينسب ذلك طلماً و زرواً غلى الإسلام وثقافته البريئة من هذا البهتان ، كما يتعين على هذه الدول أن تشرع على الفورفي الأخذ بأسباب النهضة العلمية و التقدم التكنولوجي و الانتاج المعرفي ، و استثمارطاقاتها و ثرواتها الطبيعية خدمة لمواطنيها ، و تحقيقاً لسعادة البشرية كلها .

 

هذا ، و لا يحسبن أحد من رعاة الاستبداد و الطغيان أنه بمنجاة من مصيرالظالمين ، أو أن بوسعه تضليل الشعوب ، فعصرالاتصالات المفتوحة و الانفجارالمعرفي ، و سيادة المبادئ الدينية و الحضارية النيرة ، و نماذج التضحية و النضال المشهودة عياناً في دنيا العرب ، كل ذلك جعل من صحوة الناس شعلة متوهجة ، و من الحرية راية مرفوعة ، و من أمل الشعوب المقهورة باعثاً يحدوها للنضال المستميت حتى النصر، و ليكف لجاهلون بالدين ، و المشوهون لتعاليم الإسلام ، و الداعون لتأييد الطغيان و الظلم و الاستبداد عن هذا العبث الذي لاطائل وراءه .

 

" و الله غالب على أمره و لكن أكثرالناس لا يعلمون "

سورة يوسف – آية رقم 21

 

اللهم إنا نسألك رحمة تهدي بها قلوبنا ، و تجمع بها شملنا ، و ترد بها الفتن عنا يارب العالمين .

 

مشيخة الأزهرفي :

3 من ذي الحجة سنة 1432 هـ

الموافق 30 من أكتوبرسنة 2011

 

شيخ الأزهر- أحمد محمد الطيب

 

من تعليق فضيلة الشيخ العلامة / يوسف القرضاوي :

 

"  فضيلة الإمام الأكبر:  هذا هو الموقف المنتظرمن الأزهرالشريف ، المعهد العتيق الذي حمل راية الإسلام لأكثرمن ألف سنة ، و هذا هو الموقف المنتظرمن إمامه الأكبرأخينا الدكتورأحمد الطيب ، الذي أرجوا أن يستعيد الأزهرمكانته القديمة تحت لوائه ، و الذي تثبت مواقفكم الكريمة يوماً بعد يوم أنكم إن شاء الله فاعلون ".

 

أشرف سعد الدين المحامي بالإسكندرية

المصدر: مجلة الإزهرالشريف - شهرينايرسنة 2012
lawing

أشرف سعد الدين المحامي بالإسكندرية 0126128907

ساحة النقاش

أشرف سعد الدين عبده - [email protected]

lawing
»

ابحث

تسجيل الدخول

عدد زيارات الموقع

1,957,650

راسلنا على الاميل

نرحب بكل الزائرين للموقع ، و نتمنى لهم أن يجدوا ما ينفعهم و يحتاجون إليه ، و لمن أراد التواصل معنا أوالاستفسارأو تقديم الاقتراحات الخاصة بالموقع و محتوياته ، عفلى الرحب و السعة ، و ذلك على الاميل الخاص بالأستاذ / أشرف سعد الدين المحامي :
[email protected]