أشرف سعد الدين عبده - المحامي بالإسكندرية - مصر

authentication required

<!--<!--<!--[if gte mso 10]> <style> /* Style Definitions */ table.MsoNormalTable {mso-style-name:"Table Normal"; mso-tstyle-rowband-size:0; mso-tstyle-colband-size:0; mso-style-noshow:yes; mso-style-parent:""; mso-padding-alt:0cm 5.4pt 0cm 5.4pt; mso-para-margin:0cm; mso-para-margin-bottom:.0001pt; mso-pagination:widow-orphan; font-size:10.0pt; font-family:"Times New Roman"; mso-ansi-language:#0400; mso-fareast-language:#0400; mso-bidi-language:#0400;} </style> <![endif]-->

باسم الشعب

المحكمة الدستورية العليا

 

بالجلسة العلنية المنعقدة يوم الأحد ، الثاني من ينايرسنة 2011 م ، الموافق السابع و العشرين من المحرم سنة 1432 هـ.

برئاسة السيد المستشار/ فاروق أحمد سلطان ......... ..........رئيس المحكمة

و عضوية السادة المستشارين / محمد خيري طه و الدكتورعادل عمرشريف و رجب عبد الحكيم سليم و الدكتورحمدان حسن فهمي و محمود محمد غنيم و الدكتورحسن عبدالمنعم البدراوي ..................... ..............نواب رئيس المحكمة

و حضور السيد المستشار/ حاتم أحمد بجاتو.............رئيس هيئة المفوضين

و حضور السيد/ ناصرإمام محمد حسن..................................أمين السر

 

أصدرت الحكم الآتي

في القضية المقيدة بجدول المحكمة الدستورية العليا برقم 5 لسنة 31 قضائية " دستورية " ، المحالة من محكمة رشيد الجزئية ، بحكمها الصادر بجلسة 30/11/2008 في الدعوى رقم 404 لسنة 2007 مدني جزئي رشيد .

 

المقامة من

1-   السيد/ محمد عبد النبي رمضان إبراهيم .

2-   السيد/ رمضان محمد عبد النبي رمضان .

3-   السيد/ محمد عبد النبي رمضان .

4-   السيدة / علا محمد عبد النبي رمضان .

5-   السيد/ شريف محمد عبد النبي رمضان .

6-   السيدة / إيمان محمد محمد السكري .

7-   السيدة / حنان محمد محمد السكري .

8-   السيد/ أحمد أحمد حمزة السكري .

9-   السيد/ ذكي أحمد حمزة السكري .

10-          السيدة/ حنان احمد حمزة السكري .

 

الإجراءات

بتاريخ السادس من ينايرسنة 2009 ورد إلى قلم كتاب المحكمة الدستورية العليا ، ملف الدعوى رقم 404 لسنة 2007 مدني جزئي رشيد ، تنفيذاً لحكم محكمة رشيد الجزئية الصادر بجلسة 30/11/2008 ، بوقف الدعوى و إحالتها إلى هذه المحكمة للفصل في دستورية الفقرتين الأولى و الثانية من المادة 84 من قانون المحاماة الصادر بالقانون رقم 17 لسنة 1983 المعدل بالقانون رقم 197 لسنة 2008 .

 

و قدمت هيئة قضايا الدولة مذكرتين ،  طلبت في الأولى الحكم برفض الدعوى ، و في الثانية الحكم أصلياً بعدم قبول الدعوى ، و احتياطياً برفضها .

و بعد تحضير الدعوى ، اودعت هيئة المفوضين تقريراً برأيها .

و نُظرت الدعوى على النحو المبين بمحضر الجلسة ، و قررت المحكمة إصدار الحكم فيها بجلسة اليوم .

 

الإجـــراءات

بعد الإطلاع على الأوراق ، و المداولة .

حيث إن الوقائع – على ما يبين من حكم الإحالة و سائر الأوراق – تتحصل في أن السيد/ منشاوي غانم جابركان قد أقام الدعوى الموضوعية بداية في 14 /12/2004 ، أمام محمكة رشيد الكلية ، و قيد برقم 478 لسنة 2004 مدني كلي رشيد ، بطلب إلزام المدعى عليهم أن يؤدوا له مبلغاً مقداره خمسة عشر ألف جنيه ، مقابل أتعابه عن الأعمال القانونية التي باشرها لصالحهم كمحام ، و وكيل عنهم أمام جهات القضاء المختلفة بموجب توكيلات عامة رسمية ، و ذلك بعد أن رفضوا سداد هذا المبلغ إليه ، و بجلسة 4/11/2007 ، أحيلت الدعوى إلى محكمة رشيد الجزئية للإختصاص ، و أعيد قيدها برقم 404 لسنة 2007 مدني جزئي رشيد ، و عند نظرها ارتأت المحكمة أن المادة 84 من القانون رقم 17 لسنة 1983 المشار إليه ، فيما تضمنته فقرتاها الأولى و الثانية من أحكام تتعلق بتشكيل لجنة لتحديد أتعاب المحامي عند الخلاف مع الموكل حول تقديرها ، و مباشرتها لاختصاصاتها ، فيه شبهة مخالفة الدستور، و من ثم فقد أوقفت الدعوى و أحالت أوراقها إلى المحكمة الدستورية العليا للفصل في دستورية هذا النص .

 

و حيث إن البين من استعراض تاريخ النص المحال أن المشرع كان قد أورد في المواد من 83 إلى 87 من قانون المحاماة الصادر بالقانون رقم 17 لسنة 1983 تنظيماً لأتعاب المحامي و أوضاع حسم الخلاف بشأنها عند حدوثه ، و عهد بمقتضاه في المادة 84 مهمة فض النزاع إلى لجنة نقابية يشكلها مجلس النقابة الفرعية التي يتبعها المحامي المتضرر، و بناء على طلب منه ، على أن تتولى اللجنة مهمة الوساطة بين المحامي وموكله ، فإذا لم يقبل الطرفان ما تعرضه عليهما من توصية ، فصلت اللجنة في موضوع الطلب خلال ستين يوماً على الأكثر بقرار مسبب ، و إلا جاز لكل من الطرفين أن يلجأ مباشرة إلى المحكمة المختصة ، كما وضع المشرع في الماد 85 من القانون ذاته تنظيماً للطعن في قرارات تلك اللجان ، مقتضاه عدم جواز الطعن فيها إلا بطرق الإستئناف أمام المحكمة الإبتدائية التي يقع بدائرتها مكتب المحامي إذا كانت قيمة الطلب خمسمائة جنيه فأقل ، و إلى محكمة الإستئناف إذا جاوزت هذه القيمة ، على أن يتم ذلك خلال عشرة أيام ، و لا يكون التقدير نافذاً إلا بانتهاء الإستئناف ، أو صدور حكم فيها ، و كان قد طعن بعدم دستورية هذه الأحكام أمام المحكمة الدستورية العليا ، في القضية رقم 153 لسنة19 القضائية ، و قضت المحكمة بجلسة 5/6/1999 ، بعدم دستورية الفقرتين الأولى و الثانية من المادة 84 السالف الإشارة إليها ،و بسقوط فقرتها الثالثة ، و المادة 85 من القانون رقم 17 لسنة 1983 المشارإليه ، و قد استندت المحكمة في ذلك إلى أن اللجنة التي خولها المشرع الفصل في النزاع يخلو تشكيلها من العنصر القضائي ، و تنتمي إلى التنظيم النقابي كلية ، بما يثير الشكوك حول حيدتها و استقلالها ؛ فضلاً عن أن المشرع لم يكفل لطرح النزاع أمامها الضمانات الجوهرية للتقاضي ، بل قصراللجوء إليها على المحامي دون موكله ، مرهقاً بذلك مباشرة الحق في التقاضي ؛ ممايزاً – في مجال ممارسة هذا الحق – بين المواطنين المتكافئة مراكزهم القانونية ، دون أن يستند هذا التمييز إلى أسس موضوعية تبرره ؛ و معتدياً على استقلال السلطة القضائية ، و في توجه للمشرع لعلاج الأوضاع بعد صدور هذا الحكم ، فقد أصدر القانون رقم 197 لسنة 2008 بتعديل بعض أحكام قانون المحاماة ، متضمناً تعديل المادتين 84 و 85 منه على النحوالآتي :

 

المادة (84 ) :

للمحامي أو للموكل إذا وقع خلاف بينهما بشأن تحديد الأتعاب أن يتقدم بطلبه إلى لجنة مكونة من رئيس محكمة ابتدائية رئيساً و أحد قضاتها عضواً ينتدبهما رئيس المحكمة الابتدائية التي يوجد بها مقر النقابة الفرعية ، و عضوية أحد أعضاء مجلس النقابة الفرعية يصدر بتعيينه قرار من مجلس النقابة الفرعية المختصة لمدة سنة قابلة للتجديد .

و على اللجنة أن تتولى الوساطة بين المحامي و موكله ، فإذا لم يقبل الطرفان ما تعرضه عليهما ، فصلت في الطلب بقرار مسبب خلال ثلاثين يوماً على الأكثر من تاريخ تقديمه ، و تسري أحكام قانون المرافعات المدنية و التجارية على ما يتبع أمامها من إجراءات .

و إذا قبل الطرفان ما تعرضه علهيما اللجنة ، حرر ذلك بمحضر يوقع منهما مع رئيس اللجنة ، و توضع الصيغة التنفيذية على محضر الصلح بواسطة قاضي الأمور الوقتية المختص بدون رسوم .

 

المادة (85 ) :

لا يجوز الطعن في قرارات التقديرالتي تصدرها اللجان المشارإليها في المادة 84 إلا بالاستئناف الذي يخضع للقواعد المنصوص عليها في قانون المرافعات من حيث الاختصاص و الإجراءات و المواعيد .

 

و من حيث إنه من المقرر – و على ما جرى به قضاء هذه المحكمة – أن مناط المصلحة في الدعوى الدستنورية –قائمة أو محتملة وهي شرط لقبولها – أن يكون ثمة ارتباط بينها و بين المصلحة في الدعوى الموضوعية ، و ذلك بأن يكون الفصل في المسألة الدستورية لازماً للفصل في الطلبات المرتبطة بها المطروحة على محكمة الموضوع . و هذا الشرط الذي يحدد للخصومة الدستورية نطاقها ، يتغيا أن تفصل المحكمة الدستورية العليا في الخصومة الدستورية من جوانبها العملية ، و ليس من معطياتها النظرية ، أو تصوراتها المجردة . و هو كذلك يقيد تدخلها في تلك الخصومة القضائية ، فلا يمتد لغير المطاعن التي يؤثر الحكم بصحتها أو بطلانها على النزاع الموضوعي ، و بالقدر اللازم للفصل فيه .  و مؤدى ذلك أن يقيم المدعي الدليل على أن ضرراً واقعياً قد لحق به ، و أن يكون هذا الضرر عائداً إلى النص المطعون فيه ، فإذا كان الإخلال بالحقوق التي يدعيها لا يعود إليه أو كان من غير المخاطبين بأحكامه ، دل ذلك على انتفاء المصلحة الشخصية المباشرة ، ذلك أن إبطال النص التشريعي في هذه الحالة ، لن يحقق للمدعي أية فائدة عملية يمكن أن يتغير بها مركزه القانوني بعد الفصل في الدعوى الدستورية عما كان عليه قبلها .  و إذ كان ذلك ، و كان المدعي يهدف من دعواه الموضوعية أن تفصل محكمة المضوع مباشرة في طلبه إلزام المدعي عليهم بدفع الأتعاب المطلوبة ؛ الأمر الذي تتوافر معه مصلحته الشخصية المباشرة في القضاء بعدم دستورية النص المحال ، فيما أوردته فقرتاه الأولى و الثانية اللتين شمهلما قرار الإحالة ، من إلزام المحامي وموكله باللجوء إلى اللجنة المشكلة طبقاً لأحكامه عند إثارة النزاع حول الأتعاب ، بحسبان أن القضاء في مدى دستوريته سيكون له أثره و انعكاسه الأكيد على الدعوى الموضوعية ، و الطلبات المطروحة فيها ، و ولاية محكمة الموضوع بنظرها و الفصل فيها .

 

و حيث إن النص المحال قد عقد الاختصاص للجنة المشكلة طبقاً لأحكامه بحسم الخلاف بين المحامي و موكله حول تحديد الأتعاب ، جاعلاً من تلك اللجنة درجة ابتدائية في التقاضي ، يطعن في قراراتها أمام محكمة الإستئناف المختصة ، بصريح نص المادة 85 من قانون المحاماة السالف الإشارة إليها ، و بذلك ، فقد أصبح تحريك المنازعة أمام تلك اللجنة هو الطريق الواجب ولوجه بداية في مثل تلك المنازعات ، و وفقاً للإجراءات التي رسمها النص المحال ، باعتبار أن هذه اللجنة وحدها هي جهة الاختصاص التي أسند إليها النص المحال – دون غيرها – الاختصاص بنظر تلك المنازعات و الفصل فيها ، و أن اللجوء إلى القضاء إنما يكون للطعن في القرار الصادر عنها في هذه المنازعات ، و من ثم ، فإن الدفع المقدم من هيئة قضايا الدولة بعدم قبول الدعوى لعدم إنغلاق الحق في اللجوء مباشرة إلى المحاكم العادية ، يكون غير صحيح ، و يتعين – تبعاً لذلك – طرحه .

 

و حيث إن حكم الإحالة نعى على النص المحال إفراده الخلاف بشأن تحديد أتعاب المحامي بنظام قضائي خاص دون مبرر منطقي ؛ و إشركه في عضوية اللجنة الختصة أحد أعضاء النقابة الفرعية الذي ينتخبه زملاءه المحامون في الأصل لرعابة مصالحهم ، دون أن يشرك على التوازي ممثلاً للمدعي في عضوية هذه اللجنة ؛ و تخويله هذه اللجنة أمر الفصل في النزاع بعد توليها الوساطة فيه ، بما يكشف بالضرورة عن رأيها المسبق بشأنه ؛ و إلزامه باختيار العضوين القضائيين في تشكيل اللجنة بالمخالفة للقواعد المقررة في قانون السلطة القضائية ؛ الأمر الذي ينطوي في مجموعه على إخلال بالحق في التقاضي ، و مبدأ القاضي الطبيعي ، و ينال من استقلال القضاء و حيدته ، و يخل بمبدأ المساواة أمام القانون الواجب توافره بين المحامي و خصمه في إطار المنازعة بينهما حول تحديد الأتعاب ؛ و يتعارض تبعاً لذلك و أحكام المواد ( 40 ، 65 ، 68 ، 165 ) من الدستور.

 

       و حيث إن هذه المناعي  سديدة في جوهرها ، ذلك أن الأصل في سلطة المشرع في موضوع تنظيم الحقوق – و على ما جرى به قضاء هذه المحكمة – أنها سلطة تقديرية ، وذلك ما لم يقيد الدستورممارستها بضوابط محددة تحد من إطلاقها ، و تعتبر تخوماً لها لا يجوز اقتحامها أو تخطيها ؛ و أن الحق في التقاضي هو أحد الحقوق الدستورية التي يجوز للمشرع أن يتدخل ، و في دائرة سلطته التقديرية ، بتنظيمها على نحو يكفل بلوغ الغاية منه ، و هي تحقيق العدالة ، ورد الحقوق إلى أصحابها ، دون أن يتجاوز هذا التنظيم حدود غايته ، فينقلب إلى قيد يصيب الحق الدستوري في أصل مضمونه ، أو جوهر وجوده .

 

       و حيث إنه من المقرر كذلك في قضاء هذه المحكمة أن الدستور، في إطار تنظيمه للولاية القضائية ، و بعد أن قرر في المادة 68 منه حق كل مواطن في اللجوء إلى قاضيه الطبيعي ، عهد في المادة 167 بتحديد الهيئات القضائية و اختصاصاتها ، فدل بذلك على أن الحق في التقاضي – في أصل شرعته – هو حق للناس كافة ، تتكافأ فيه مراكزهم القانونية في سعيهم لرد العدوان على حقوقهم دفاعاً عن مصالحهم الذاتية ، و بحيث لا يتمايزون فيما بينهم في مجال حقهم في النفاذ إلى قاضيهم الطبيعي، و لا في نطاق القواعد الإجرائية أو الموضوعية التي تحكم الخصومة القضائية، و لا في مجال التداعي بشأن الحقوق المدعى بها وفق مقاييس موحدة عند توافر شروطها . إذ إنه ينبغي دوماً أن تكون للخصومة الواحدة قواعد موحدة سواء في مجال اقتضائها ، أو الدفاع عنها ، أو الطعن في الأحكام التي تصدر فيها ، و مقتضى ذلك ، أنه يمتنع على المشرع إيلاء سلطة الفصل في منازعات بعينها إلى غير قاضيها الطبيعي إلا في أحوال استثنائية تكون الضرورة في صورتها الملجئة هي مدخلها ، و صلتها بالمصلحة العامة ، في أوثق روابطها ، مقطوعاً بها ، و مبرراتها الحتمية لا شبهة فيها ، و هو ما يتم تحت رقابة هذه المحكمة ، و التزاماً بأحكام الدستور، و ضماناً لعدم الالتفاف حولها، ذلك أن ما قرره الدستور في المادة 167 منه من أن يحدد القانون الهيئات القضائية و اختصاصاتها ، لا يجوز اتخاذه موطئا ً لاستنزاف اختصاص المحاكم ، أو التهوين من اختصاص الدستور بعضها بمنازعات بذواتها باعتبارها قاضيها الطبيعي ، و صاحبة الولاية العامة بالفصل فيها ، إذ أن الاختصاص المقرر دستورياً لأي جهة من جهات القضاء ليس محض حق لهذه الجهة أو تلك ، و إنما هو ولاية خولها إياها الدستور باعتبارها الجهة القضائية التي ارتأى أنها الأجدر بنظر نوع معين من المنازعات ، و الأصلح في التدقيق في الحقوق المتنازع عليها أمامها.

 

       و حيث إن الدستور – و على ما استقر عليه قضاء هذه المحكمة – حين كفل مبدأ مساواة المواطنين أمام القانون في المادة 40 منه ، فقد فرض على سلطة التشريع قيداً مؤداه أن لا تقر هذه السلطة تشريعاً من شأنه أن يخل بالحماية القانونية المتكافئة للحقوق جميعها ، سواء في ذلك تلك التي نص عليها الدستور ، أو التي كفلها المشرع ، ومن ثم ، جاء هذا المبدأ عاصماً من النصوص القانونية التي يقيم بها المشرع تمييزاً غير مبرر تتنافر به المراكز القانونية التي تتوافق عناصرها ، فلا تكون وحدة بنيانها مدخلاً لوحدة تنظيمها ، بل تكون القاعدة التي تحكمها ، إما مجاوزة باتساعها أوضاع هذه المراكز أو قاصرة بمداها عن استيعابها ، فتكافؤ المتماثلين في الحماية القانونية مؤداه أن هذه الحماية ينبغي أن تسعهم جميعاً ، فلا يقصر مداها عن بعضهم ، و لا يمتد لغير فئاتهم ، و لا يجوز تبعاً لذلك أن تكون هذه الحماية تعميماً مجاوزاً نطاقها الطبيعي ، و لا أن يقلص المشرع من دائرتها بحجبها عن نفرممن يستحقونها .

 

       و حيث إن استقلال القضاء وحيدته – وفقاً لما استقر عليه قضاء هذه المحكمة – هما ضمانتان متلازمتان لا ينفصلان في مجال العدالة ، كفلهما الدستورفي المادتين 165 و 166 منه ، توقياً لأي تأثير محتمل قد يميل بالقاضي انحرافاً عن ميزان الحق ، و نص الدستوركذلك على أنه لا سلطان على القضاة في قضائهم لغير القانون . وهذا المبدأ الأخيرلا يحمي فقط استقلال القضاء ، بل يحول كذلك دون أن يكون العمل القضائي وليد نزعة شخصية غير متجردة ، و من ثم ، تكون حيدة القاضي شرطاً لازماً لضمان ألا يخضع في عمله لغير سلطان القانون .

 

       و حيث إن المشرع قد استهدف من استحداثه للنص المحال تلافي العيوب التي اعتورت النص قبل تعديله ، و أدت إلى القضاء بعدم دستوريته بحكم المحكمة الدستورية العليا الصادر بتاريخ 5/6/1999 ، في القضية الدستورية رقم 153 لسنة 19 القضائية السالف الإشارة إليها ، فاستبدل باللجنة النقابية لجنة ثلاثية يغلب على تشكيلها العنصر القضائي ، و فتح باب اللجوء إليها للمحامي و الموكل على حد سواء ، و ألزمها في عملها بمراعاة الإجراءات و الضمانات القضائية المقررة ، مخضعاً القرار الصادر عنها للطعن القضائي طبقاً للقواعد العامة ، و على الرغم من أهمية الإصلاحات التي أتي بها المشرع في هذا الشأن ، فقد بقي تدخله قاصراً عن تحقيق شرط الحماية القانونية المتكافئة بين المتماثلين في مراكزهم القانونية ، فقد ميز المحامي عن موكله بوجود ممثل للأول دون الثاني في عضوية اللجنة الثلاثية ؛ كما خص الخلاف بينهما حول تحديد الأتعاب ، وهو خلاف بين أصيل و وكيل في إطار عقد الوكالة – بتنظيم خاص قائم بذاته ، و مختلف في مضمونه عما تخضع له غير ذلك من المنازعات فيما بين الأصيل و الوكيل بأجر، خاصة في النقابات المهنية الأخرى ، من قواعد حاكمة ، وذلك على الرغم من اتحاد هذه المنازعات جميعها في جوهرها ، وتماثلها في طبيعتها ؛ وهو ما يعد افتئاتاً على ولاية المحاكم العادية في نظر هذه المنازعات ، و انتهاكاً لاستقلالها تبعاً لذلك ، و قد جاء ذلك ، في غيبة من أية مبررات منطقية ، أوضرورة ملجئة ، من شأن اجتماعها أن تسمح للمشرع بإحداث هذا التمييز غير المبرر في اصله .

 

        و حيث إنه بالإضافة إلى ما تقدم ، فإن النص المحال قد عهد إلى اللجنة الثلاثية بماشرة الوساطة بين أطراف النزاع المعروض عليها ، و ألزمها بعرض تصوراتها لفض النزاع عليهم ، فإن لم يقبلوا بها ، قامت اللجنة بالفصل في النزاع ، و إذ كان ذلك ، فإن قرار اللجنة يأتي بالضرورة متأثراً بالرأي الذي سبق أن أبداه أعضاؤها في مرحلة الوساطة ؛ الأمر الذي يتناقض و أسس مباشرة العمل القضائي و ضوابطه ، و ينال بالضرورة من حيدة القضاء و استقلاله ،  بالمخالفة لأحكام الدستور.

 

       و حيث إنه لا يقيل النص المحال من عثرته التذرع بالوضعية الخاصة للرابطة التي تجمع المحامي بموكله في إطار قدسية مهنة المحاماة ، و دورها في تحقيق العدالة في المجتمع ، ذلك أن هذه الخصوصية أياً ما كانت أهميتها ، لا ينبغي أن تؤدي الأثار التي ترتبها إلى تعطيل أحكام الدستور، و المساس بالحقوق التي كفلها .

 

        و ترتيباً على ما تقدم ، و متى كان النص المحال قد تجاوز الضوابط الدستورية المقررة على ما سبق بيانه ؛ و أخل بالحق في التقاضي ، و حق المواطن في أن يحاكم أمام قاضيه الطبيعي ، و الحق في مساواة المواطنين أمام القانون ، و مبدأ استقلال القضاء ، و ذلك بالخروج على أحكام المواد ( 40 ، 65 ، 68 ، 165 ) من الدستور؛ فإنه يتعين القضاء بعدم دستوريته ، مع القضاء بسقوط نصي الفقرة الثالثة من المادة 84 ، و المادة 85 من القانون رقم 17 لنسة 1983 المشارإليه ،معدلاً بالقانون رقم 197 لسنة 2008 ، و ذلك لارتباطهما بالنص المقضي بعدم دستوريته ارتباطاً لا يقبل الفصل أو التجزئة .

 

فلهذه الأسبــــاب

       حكمت المحكمة بعدم دستورية نصي الفقرة الأولى و الثانية من المادة 84 من قانون المحاماة الصادر بالقانون رقم 17 لسنة 1983 معدلاً بالقانون رقم 197 لسنة 2008 ، و بسقوط نص الفقرة الثالثة من المادة ذاتها ، و المادة 85 منه .

 

أمين الســـر                   رئيس المحكمة

 

 اشرف سعد الدين المحامي بالإسكندرية

0126128907

 

 

المصدر: الجريدة الرسمية
lawing

أشرف سعد الدين المحامي بالإسكندرية 0126128907

  • Currently 15/5 Stars.
  • 1 2 3 4 5
5 تصويتات / 1165 مشاهدة

ساحة النقاش

أشرف سعد الدين عبده - [email protected]

lawing
»

ابحث

تسجيل الدخول

عدد زيارات الموقع

1,957,665

راسلنا على الاميل

نرحب بكل الزائرين للموقع ، و نتمنى لهم أن يجدوا ما ينفعهم و يحتاجون إليه ، و لمن أراد التواصل معنا أوالاستفسارأو تقديم الاقتراحات الخاصة بالموقع و محتوياته ، عفلى الرحب و السعة ، و ذلك على الاميل الخاص بالأستاذ / أشرف سعد الدين المحامي :
[email protected]