الدكتور أحمد عبد الظاهر أستاذ القانون الجنائي بجامعة القاهرة

 

 

الشركة ذات المسئولية المحدودة

بين تحديد مسئولية المساهمين وضمان حقوق المتعاملين

 

الدكتور/ أحمد عبد الظاهر

أستاذ القانون الجنائي المساعد بجامعة القاهرة

 

مقدمة

 

الشركة ذات المسئولية المحدودة هي إحدى أنواع الشركات التجارية. وتعرف اختصارا (ش. ذ. م. م)، ويمكن الاكتفاء بالحروف الثلاثة الأخيرة، بحيث يكون الاختصار (ذ. م. م). وعبارة «الشركة ذات المسئولية المحدودة» هي الترجمة الحرفية للعبارة الإنجليزية (Limited Liability Company)، واختصارها (L.L.C). وكذلك، يطلق في اللغة الانجليزية على الشركة ذات المسئولية المحدودة عبارة (Company With Limited Liability)، واختصارها هو (W.L.L).

 

            وطبقا لما هو مستقر في التشريعات المقارنة، تتألف الشركة ذات المسئولية المحدودة من شخصين أو أكثر، بشرط ألا يزيد عدد الشركاء فيها على خمسين شريكا. وتنتقل حصة الشريك فيها إلى الورثة أو من يوصي لهم بأي حصة (المادة 218 من قانون الشركات التجارية الاتحادي لدولة الإمارات العربية المتحدة؛ المادة الرابعة من قانون الشركات المصري رقم 159 لسنة 1981 بشأن شركات المساهمة والتوصية بالأسهم وذات المسئولية المحدودة).

 

والشركة ذات المسئولية المحدودة– كما هو واضح من اسمها– تتسم بأن مسؤولية الشريك عن ديونها والالتزامات المترتبة عليها وخسائرها بمقدار حصته في رأس مال الشركة. ويركز هذا المقال على بيان هذه الخاصية، والآليات التي لجأ إليها المشرع من أجل ضمان عدم التعسف وسوء استغلال الشركاء لهذه الخاصية، الأمر الذي يكفل ضمان حقوق المتعاملين. ومن ثم، نرى من الملائم تقسيم هذا المقال إلى مطلبين: يتناول الأول المبدأ الخاص بتحديد مسئولية المساهمين في الشركة ذات المسئولية المحدودة. أما المطلب الثاني فيتعلق بالآليات التشريعية لضمان حقوق المتعاملين.      

 

المطلب الأول

تحديد مسئولية المساهمين

 

     تنص المادة (218) الفقرة الثانية من القانون الاتحادي رقم (8) لسنة 1984م في شأن الشركات التجارية لدولة الإمارات العربية المتحدة على أن «لا يسأل أي منهم (أي الشركاء في الشركة ذات المسؤولية المحدودة) إلا بقدر حصته في رأس المال...». وقد ورد النص على ذات الحكم في المادة الرابعة من قانون الشركات المصري رقم 159 لسنة 1981 بشأن شركات المساهمة والتوصية بالأسهم وذات المسئولية المحدودة.

 

            وتطبيقا لذلك، قضت محكمة تمييز دبي بأن «من المقرر– في قضاء هذه المحكمة– أن الشريك في الشركة ذات المسئولية المحدودة لا يكون مسؤولا عن ديونها إلا بقدر حصته في رأسمالها، فليس لدائنيها من ضمان إلا ذمتها دون ذمم الشركاء الشخصية، وأنه طالما أن الشركاء قد أوفوا بحصصهم كاملة عند تأسيس الشركة دون مجاوزة في تقدير قيمة الحصص العينية، فإنه لا يجوز مساءلتهم بعد ذلك. ويمتنع على الدائنين أن يوجهوا إليهم أي مطالبة تتعلق بديون الشركة، ويسري هذا المبدأ حتى ولو لم يتم تجديد الرخصة التجارية للشركة. إذ أن تجديد الرخصة هو إجراء تنظيمي لا يترتب على تخلفه تغيير الشكل القانوني للشركة الذي سبق أن قيدت به في السجل التجاري» (حكم محكمة تمييز دبي، 13 مارس سنة 2006م، الطعن رقم 428 لسنة 2005، تجاري، مجموعة المكتب الفني، العدد السابع عشر، حقوق، الجزء الأول، من يناير إلى يوليو 2006م، ص 500).

 

     والخاصية آنفة الذكر تشكل إحدى الخصائص التي تقرب بين الشركة ذات المسئولية المحدودة وبين شركات الأموال. بيان ذلك أن الشركة ذات المسئولية المحدودة تعتبر في مركز وسط بين شركات الأشخاص وشركات الأموال، بحيث تكون لها خصائص مختلطة تكون بمثابة مزيج بين بعض الأحكام الخاصة بشركات الأموال وبعض الأحكام الخاصة بشركات الأشخاص. فبعض أحكام الشركة ذات المسئولية المحدودة يخدم الاعتبار الشخصي مما يقربها إلى شركات الأشخاص، كما هو الشأن في الأحكام الخاصة بتحديد عدد الشركاء، وعدم قابلية الحصص للتداول بالطرق التجارية، ومنع الالتجاء إلى الاكتتاب العام، وإمكان استرداد الشركاء للحصص، وجواز اتخاذ عنوان  يتضمن اسم شريك أو أكثر رغم المسئولية المحدودة لكل منهم. من ناحية أخرى، فإن البعض الآخر من خصائص الشركة ذات المسئولية المحدودة يقترب من شركات الأموال. ولعل أهم هذه الأحكام هو المسئولية المحدودة لكل شريك بقدر حصته لا تتعداها إلى أمواله الخاصة.  

 

المطلب الثاني

آليات ضمان حقوق المتعاملين

 

تمهيد وتقسيم:

طبقا للمادة (235) الفقرة الأولى من قانون الشركات التجارية الاتحادي لدولة الإمارات العربية المتحدة، «يتولى إدارة الشركة ذات المسئولية المحدودة مدير أو أكثر يتم اختيارهم من بين الشركاء أو من غيرهم بشرط ألا يجاوز عددهم خمسة». ويستفاد من هذا النص أن الشريك في الشركة ذات المسئولية المحدودة قد يكون مديرا لها أو أحد المديرين فيها. ومن ثم، يغدو متصورا أن يسيء الشريك المدير استغلال خاصية تحديد مسئولية الشريك، عامدا إلى الإتيان ببعض التصرفات التي تشكل إضرارا بالمتعاملين مع الشركة. ومن أجل ذلك، حرص المشرع على تقرير بعض الآليات التي تكفل ضمان حقوق المتعاملين. وتتوزع هذه الضمانات ما بين قانون المعاملات التجارية الاتحادي وقانون الشركات التجارية الاتحادي.

 

1. الضمانات الواردة في قانون المعاملات التجارية الاتحادي

طبقا للمادة (808) من قانون المعاملات التجارية لدولة الإمارات العربية المتحدة، الصادر بالقانون الاتحادي رقم (18) لسنة 1992م، «إذا طلب إشهار إفلاس الشركة، جاز للمحكمة أن تقضي بإشهار إفلاس كل شخص، قام باسمها بأعمال تجارية لحسابه الخاص وتصرف في أموالها كما لو كانت أمواله الخاصة». 

 

وتنص المادة (809) من قانون المعاملات التجارية الاتحادي على أنه «إذا تبين أن موجودات الشركة، لا تكفي لوفاء 20% (عشرين في المائة) على الأقل من ديونها، جاز للمحكمة التي أشهرت الإفلاس، أن تأمر بإلزام أعضاء مجلس الإدارة، أو المديرين كلهم أو بعضهم بالتضامن بينهم أو بدون تضامن، بدفع ديون الشركة كلها أو بعضها وذلك في الحالات التي تثبت فيها مسؤوليتهم وفقا لأحكام قانون الشركات التجارية».

 


 

2. الضمانات الواردة في قانون الشركات التجارية الاتحادي

تنص المادة (219) الفقرة الثانية من قانون الشركات التجارية الاتحادي على أن «يجب أن يضاف إلى اسم الشركة عبارة ذات مسئولية محدودة مع بيان مقدار رأسمالها فإذا أهمل المديرون مراعاة الحكم المذكور كانوا مسئولين في أموالهم الخاصة وبالتضامن عن التزامات الشركة فضلا عن التعويضات». والهدف من وراء استلزام ذكر عبارة «شركة ذات مسئولية محدودة» إلى اسم الشركة هو أن يكون المتعاملين مع الشركة على بينة من ذلك عند إجراء معاملاتهم مع الشركة.

 

ويوجب المشرع أن يكون للشركة ذات المسئولية المحدودة رأسمال كاف لتحقيق الغرض من تأسيسها. وفي ذلك، تنص المادة (227) الفقرة الأولى من قانون الشركات التجارية الاتحادي على أن «يكون للشركة ذات المسئولية المحدودة رأسمال كاف لتحقيق الغرض من تأسيسها يحدد من قبل الشركاء فيها، ويتكون من حصص متساوية».

 

وأخيرا، تنص المادة (255) من قانون الشركات التجارية الاتحادي على أن «يجب على الشركة أن تجنب كل سنة 10٪ من أرباحها الصافية لتكوين احتياطي قانوني. يجوز أن يقرر الشركاء وقف هذا التجنيب إذا بلغ الاحتياطي نصف رأس المال». 

المصدر: الدكتور أحمد عبد الظاهر
  • Currently 99/5 Stars.
  • 1 2 3 4 5
28 تصويتات / 8789 مشاهدة
نشرت فى 3 أكتوبر 2010 بواسطة law

ساحة النقاش

adom

انا شريك و مدير في شركة ذ م م في ابوظبي ، رأسمالها 150000 و تم الحكم عليها في قضية تجارية بمبلغ 600000
الشركة لا تملك شيئا ما عدا السيارة

استلمنا حكم التنفيذ و لم نراجع

تم حجز السيارة من قبل المرور

الحكم صادر ضد الشركة فقط

في جميع مراسلاتنا استخدمنا كلمة ذ م م و لكن لم نكتب راس المال في الاوراق و الفواتير فقط مكتوب في عقد التأسيس

هل يستطيعون ان يلزمونني كمدير او شريك بالمبلغ المحكوم على الشركة

snooker

عندي شركة ذم م شريكي المدير الاجنبي هرب وهو مسؤول عن اي شئ مرتبط بتوقيعة وتم ذكر ذلك في عقد التأسيس وعلى الشركه التزامات ماليه ضخمة ما هو الحل وما مدى مسؤليتي انا كشريك مواطن

elmoraly

السلام عليكم يا دكتور احمد نرجوا من سيادتكم موافاتنا بالمزيد والجديد فى هذا الموضوع فى قانون التجاره المصرى

عدد زيارات الموقع

158,108